تربية المراهقين بشكل سليم

ما هي أهمية العلاقة بين الأهل والأبناء المراهقين؟ وما هي أفضل أساليب تنشئة المراهقين؟ وهل تعرفون الأخطاء الشائعة التي نقع بها عند تربية المراهقين؟
تربية المراهقين بشكل سليم
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

تعد فترة المراهقة من أصعب الفترات العمرية على الإطلاق بالنسبة للأبناء والآباء؛ فالأبناء في هذه المرحلة يبدؤون بالتمرد على الوالدين، ويسعون لتجربة كل ما هو جديد بدون التفكير بأبعاد هذه التجربة؛ وبنفس الوقت يعاني الآباء من صعوبة في التأقلم مع الحالة الجديدة التي يعيشها أطفالهم. لذلك قررنا في هذا المقال أن نتناول كل ما يتعلق بطرق تربية المراهقين بدءاً من تقوية العلاقة بين الأبناء والأهل وانتهاءً بالأخطاء التي قد نقع بها أثناء تربيتنا لأبنائنا المراهقين.

ما هي أهمية هذه العلاقة؟
إن كنت تعتقد أن العلاقة مع أطفالك ستبقى كما هي لمجرد أنك عززت علاقتك بهم في مرحلة الطفولة، فأنت مخطئ! يحتاج الأطفال في فترة المراهقة إلى علاقة جديدة وخاصة ومختلفة عن تلك التي ربطتهم مع الأهل في فترة الطفولة. تعرف معنا في هذه الفقرة على أهمية هذه العلاقة.

 التنمية الصحية للمراهقين

على الرغم من أن الأطفال في هذه المرحلة العمرية الحرجة سيقضون معظم أوقاتهم مع أصدقائهم إلا أن دور الأهل في هذه المرحلة لا يقل على الإطلاق ولا يخف؛ فقد أثبتت الدراسات أن وجود الأهل في حياة أبنائهم المراهقين يساعد على تقليل مشاركة المراهقين في السلوكيات عالية الخطورة، بالإضافة إلى أن هذه العلاقة تعزز النمو الاجتماعي والعاطفي للمراهقين. ليس هذا فقط، بل إن العلاقة القوية بين الآباء والمراهقين تساعد على نمو المراهقين بشكل سليم وصحي نفسياً وجسدياً وعقلياً.

مراهقو اليوم آباء المستقبل

يبدو أن العلاقات بين المراهقين والوالدين لا تتوقف عند مرحلة عمرية معينة؛ فحتى عند بلوغ الأبناء سن الرشد وخاصة الإناث، ستبدأ علاقة جديدة بالتشكل بين هؤلاء الإناث وأبنائهن! أي أنه يمكن القول بأن العلاقة الصحية والسليمة بين الوالدين والمراهقات، قد تنعكس في العلاقة بين هؤلاء المراهقات وأبنائهنّ في المستقبل. لذلك يمكننا أن نقول لك أن علاقتك بأبنائك في مرحلة المراهقة تحدد حياة أبنائك الأسرية المستقبلية. [2]

animate

طرق بناء العلاقة الصحية
هناك العديد من الطرق التي تساعدنا على تكوين علاقة سليمة بيننا وبين أبنائنا وخاصةً في مرحلة المراهقة؛ لذلك قررنا في هذه الفقرة أن نتعرف على أهم طرق بناء العلاقات في فترة المراهقة الحرجة. تابعوا معنا هذه الفقرة لتعرفوا أكثر عن الموضوع. [3]

  1. تكلم معه: على الرغم من أن المراهقين منغلقين على أنفسهم معظم الوقت ويقضون بقية وقتهم مع الأصدقاء، إلا أنهم يريدون أن يحظوا بالاهتمام من والديهم. قد يكون فتح الحدث في البداية امراً شاقاً، لكن تذكر أن كل ما تحتاجه لفتح حديث مثالي مع ابنك المراهق هو أن تحافظ على حالة الاسترخاء والهدوء! قد يكون سؤال "كيف كان يومك عزيزي؟" المفتاح السحري الذي سيدخلك إلى حياة طفلك بكل تفاصيلها؛ كما ننصحك أن تتناقش معه حول أخبار الأصدقاء والمدرسة وغيرها من الأمور ولكن بشرط ألا تلح عليه بل أن تسمح له بالتكلم براحته لمنعه من الشعور بالضغط.
  2. الاستماع للمراهق: بمجرد أن يبدأ ابنكم المراهق بالحديث قليلاً، سيتوجب عليكم أن تستمعوا إليه مهما طال حديثه ومهما راودتكم الأسئلة؛ تذكروا ألا تقاطعوه وألا تغيروا الحديث، بل اسمحوا له بالاسترسال قدر الإمكان لكي تستطيعوا أن تستنتجوا من طريقة كلامه ومن أسلوبه بالحديث ومن أفكاره كل ما يدور في باله ويحصل معه، لعله بحاجة إلى المساعدة ويخجل من طلبها منكم بشكل مباشر.
  3. ضع القواعد السليمة: مهما كانت علاقتكم بأبنائكم المراهقين قوية، يجب عليكم أن تضعوا القواعد السليمة التي تحدد مسار حياة أطفالكم، وإلا كيف سيميز طفلكم الخيارات الصحيحة من الخيارات الخاطئة. ننصحكم بأن تخبروا طفلكم بطريقة لطيفة أثناء نقاشاتكم بوجهات نظركم حول بعض المواضيع الخاصة مثل التدخين والكحول والمخدرات ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من الأمور؛ ولكن إياكم والصراخ على المراهق، لأنكم ستدمرون كل ما تسعون لأجله بمجرد الصراخ على الطفل.
  4. اقضوا بعض الوقت الجماعي: مهما كبر الأطفال وحتى بعد أن يصبحوا مراهقين وراشدين، سيستمر الأطفال بحبهم لوالديهم، وسيستمتعون بالذهاب معهم في نزهة من فترة إلى أخرى. ننصحك بأن تستمر بالقيام بالنشاطات مع ابنك المراهق من فترة إلى أخرى بدون أن تضغط عليه أو تأخذ كل وقته منه. فأقوى العلاقات تنشأ أثناء النزهات.
  5. ذكره بحدوده: مهما بلغت درجة الصداقة بينك وبين ابنك المراهق، من الضروري أن تستمر بتوضيح فكرة أنك والده وأنه يجب عليه ألا يتجاوز حدوده على الإطلاق، سواء بطريقة الكلام أو نبرة الصوت أو الألفاظ النابية أو غيرها من الأمور التي لا يصح أن يتصرفها الابن أمام والديه.

أفضل النصائح لتنشئة طفل مراهق
هناك العديد من الطرق والنصائح والأساليب من أجل تربية مراهق سليم نفسياً، ولكن بالتأكيد هناك طرق رئيسية لا يمكن الاستغناء عنها على الإطلاق، أليس كذلك؟ ما هي هذه الأساليب؟ هذا ما سنتعرف عليه في هذه الفقرة.

  • أظهر حبك له: إن المشاعر هي المسيطر الرئيسي على حياة المراهقين طوال سنوات مراهقتهم، لذلك من الضروري أن تقضي مع ابنك المراهق بعض الوقت من أجل إظهار المشاعر اللطيفة كالحب والود والاحترام والتعلق تجاه طفلك! لا تستغرب عزيزي القارئ هذا الأمر، فالمراهقون يستمتعون بمشاعر الحب حتى من قبل والديهم.
  • ضع توقعات منطقية: قد يرى أحد الآباء أن ابنه المراهق هو أفضل إنسان في العالم، وهذا حقه، فكل إنسان بوسعه أن يفتخر بابنه بكل تأكيد؛ لكننا نريد أن ننصحك بأن تجعل توقعاتك منطقية قدر الإمكان، وألا تطلب من طفلك أكثر مما يستطيع القيام به. حاول أن تتوقع أمور منطقية سواء كان الأمر يتعلق بالدرجات المدرسية أو بالعلاقات الاجتماعية أو بأي شيء آخر.
  • حدد الأولويات: نحن لا نريد أن تجبر ابنك على القيام بأمر ما لا يرغب هو بالقيام به، بل نحاول أن نساعدك على ترتيب الأولويات في المنزل والمدرسة، مع الأهل والأصدقاء، في الأعمال المنزلية واللعب. حاول دائماً أن تتناقش مع ابنك لتصلا معاً إلى حل وسط مناسب للطرفين، إلا أنه عندما يتعلق الأمر بسلامة الأبناء، بالتأكيد الأمر لن يقبل التفاوض، وسيتوجب عليك أن تضع حداً للموضوع بشكل سريع.
  • القدوة الإيجابية: لطالما ركزنا على هذه الفكرة خلال مقالاتنا السابقة عن الأطفال والمراهقين؛ إن المراهق يحاول تقليد والديه وعكس شخصياتهم، لذلك عندما يدخن ابنك المراهق فربما لأنه يريد أن يقلدك! ومن هذا المبدأ نصيحتنا لكم، أن تكونوا القدوة الإيجابية التي إذا ما استنسخها المراهقون سيسطعون بالمجتمع بأبهى صورة.
  • احترم المراهقين واستمع لهم.
  • اتباع نظام المكافآت عند قيامهم بالعمل بشكل صحيح، يزيد من نضجهم بشكل كبير.
  • إن لم يكونوا على قدر المسؤولية، احرمهم من امتيازاتهم.
  • ضع قواعد ثابتة وواضحة للتعامل مع المراهقين.
  • ساعدهم على تحمل المسؤولية وقدم لهم ما يحتاجونه للنجاح في هذه المهمة.
  • لا تخلف وعودك معهم، وتوقع الأمر ذاته منهم.
  • لا تأخذ تصرفاتهم بشكل شخصي، فالمراهق قد يكون عنيد أو متهور بطبيعة الحال.
  • تأكد من أن أقرانهم جيدون لأن تأثير الأقران على المراهق أكبر من تأثير الأهل.
  • اعلم أن أبناءك المراهقين بحاجة شديدة إليك ولكنهم لا يعرفون كيفية التعبير عن مشاعر الحاجة هذه لأنهم يعتبرونها ضعف.
  • لا تتوقف عن غرس القيم السليمة في نفوس أبنائك.
  • احترم خصوصية المراهقين، ولا تتجسس أو تتنصت عليهم على الإطلاق.
  • أخبرهم بشكل دائم أنك تثق بهم وبقراراتهم وخياراتهم.

ما هي الأخطاء التي يقع بها الآباء عند تربيتهم للمراهقين؟
هناك الكثير من الأخطاء التي قد يقع بها الآباء عند تربيتهم للمراهقين، وللأسف هذه الأخطاء شائعة للغاية ومنتشرة بشكل كبير، على الرغم من أن تأثيرها السلبي على المراهقين واضح للغاية. ما هي هذه الأخطاء؟ هذا ما سنتعرف عليه في هذه الفقرة، فتابعوها معنا.

  • توقع الأسوأ: قد يمر المراهق بمراحل غريبة كتعلقه بالموسيقا الصاخبة  مثلاً أو ارتدائه للثياب الغريبة... إلخ. يتوقع الوالدين هنا أن ابنهم يتوجه إلى الهاوية بالسرعة القصوى، وأنه لن يتمكن من التخلص من هذه الحالة التي يعيشها على الإطلاق، مما يسبب توتر العلاقة بين الآباء والمراهقين، وبالتالي تدمير كل الروابط التي تجمع بينهم.
  • قراءة الكثير من كتب الأبوة والأمومة: هل أنتم من بين الأهالي الذين لا يستطيعون اتخاذ أي قرار يخص تربية أبنائهم بدون الرجوع إلى كتاب خاص بأساليب الأبوة والأمومة؟ إن كانت إجابتك نعم، فيؤسفنا أن نخبرك بأن طريقتك هذه غير مجدية. عليكم كآباء أن تثقوا بغرائزكم وتربوا أطفالكم وفق أسلوبكم الشخصي فقط! من المهم الاطلاع على الكتب وتعلم ما ينقصنا من خبرة، إلا أنه في النهاية تربية الأبناء أمر خاص بكم وليس بالكتب التي تقرؤونها.
  • عدم السماح له باتخاذ قراراته الخاصة: نحن نعلم أنك تريد الأفضل لابنك المراهق، إلا أنه من الضروري للغاية أن تعرف أن طفلك قادر على اتخاذ قراراته الخاصة التي لا تؤثر على أي شخص سواه. بالتأكيد ستبقى بجانبه وستدعمه مهما كانت خياراته، ولكن حتى ولو كنت تعرف أن قراره غير مناسب، دعه يجربه ويستفيد من تجربته الخاصة ليتعلم من أخطائه.
  • تجاهل الأشياء الكبيرة: إن كنت تعتقد أن طفلك يشرب القليل من الكحول أو يدخن سيجارة من فترة إلى أخرى لا تسكت عن هذا الأمر! حتى ولو كان يذكرك بشبابك، لأن هذا لا يعني أن ما كنت تقوم به صحيح ولذلك لا مشكلة من قيام طفلك به! إن كنت تعتقد أن طفلك يحتسي الكحول أو يقوم بالتدخين واجهه بلطف وهدوء وقم بتوعيته حول مخاطر هذه التصرفات.
  • ردود الفعل المتطرفة: قد يجن جنون بعض الأهالي لأي تصرف صغير يقوم به ابنهم المراهق، مما يسبب نزاعات كبيرة للغاية بين المراهق ووالديه؛ وبنفس الوقت، قد يتجنب بعض الآباء أي نزاع مع المراهقين مهما كان تصرف المراهقين سيئاً، خوفاً من دفع الأبناء بعيداً عنهم. كلا التصرفين خاطئ للغاية، ولابد من الموازنة في ردات فعلنا لتجنب تدمير علاقتنا بأطفالنا، وبنفس الوقت لكيلا نسمح لأطفالنا بتدمير ذاتهم.
  • استعمال لغة التهديد بدلاً من لغة الحوار التي يستجيب لها المراهق.
  • تجاهل المراهقين اعتقاداً منا أنهم بحاجة إلى وقتهم الخاص، ولا داعي لوجودنا إلى جانبهم في هذه المرحلة العمرية.
  • التركيز الدائم على سلبيات المراهق، وتجاهل كل الإيجابيات التي يقوم بها في حياته في المنزل أو المدرسة أو المجتمع.
  •  الانتقاد الدائم؛ يجب علينا ألا ننتقد المراهق بشكل مباشر، بل يمكننا أن ننتقد التصرف ونخبره عن البديل أو نتناقش معه حول البدائل الإيجابية.
  • فخ المقارنة السلبي! للأسف يجهل معظم الأهالي أن مقارنة المراهق بشخص آخر من أكثر الأمور التي تؤذي نفسية المراهق، بل إنها تسبب حقداً أعمى تجاه الأهل وتجاه الشخص الذي تتم المقارنة معه.
  • قد يعتقد البعض أن الحرية المطلقة هي الحل المناسب للتعامل مع المراهق، إلا أن هذا الأمر غير صحيح؛ وبالمقابل أيضاً الكبت الشديد لن يحل مشاكل المراهقين على الإطلاق. يكمن الحل في الموازنة بين تقديم الحرية ووضع الحدود.

في النهاية، مرحلة المراهقة فترة عابرة وستمضي، ولذلك من الضروري أن نحافظ على علاقاتنا مع أبنائنا في هذه المرحلة الصعبة لكي نستمتع بها لاحقاً بعد أن يكبر الأطفال.

المراجع