أسباب وعلاج الخصية غير الهابطة (Undescended Testicle)
الخصية غير الهابطة أو المعلّقة هي الخصية التي لم تنتقل من موقع تشكلها الجنيني في البطن إلى موقعها النظامي في كيس الصفن قبل الولادة. غالباً ما تكون الحالة أحادية الجانب أي أن خصية واحدة فقط هي التي بقيت معلّقة، لكن في 10% من الحالات تكون كلا الخصيتين غير هابطتين[1].
لا تُعد حالة الخصية غير الهابطة من الحالات الشائعة، إلّا أنّنا نشاهدها بكثرة لدى الأطفال الذين ولدوا قبل الأوان.
في الغالبية العظمى من الحالات ستهبط الخصية إلى كيس الصفن خلال الأشهر الأولى من الولادة. في حين يمكن اللجوء إلى لجراحة في المرات التي لا تنزل فيها الخصية لوحدها.
ما هي الأعراض والعلامات التي تنجم عن الخصية المعلّقة؟
إن العلامة الرئيسيّة لعدم هبوط الخصية هو عدم مشاهدتها أو جسها في الموقع المفترض أن تتواجد فيه داخل كيس الصفن.
تتكون الخصيتان في البطن أثناء مرحلة التطور الجنيني. خلال آخر شهرين من مرحلة نمو الجنين تهاجران نزولاً وبشكل تدريجي إلى كيس الصفن، يتم ذلك بعد مرورهما من أنبوب يقع أعلى الفخذ يُدعى بالنفق الإربي. تتوقف هذه العملية أو تتأخّر في حالة الخصية المعلّقة.
ما هي أسباب عدم هبوط الخصية وما العوامل التي تزيد من خطر حدوثها؟
لا يزال السبب الأساسي وراء الخصية المعلّقة غير واضح بشكل تام. تؤثّر مجموعة من العوامل الوراثية، عوامل تتعلق بالحالة الصحيّة للأم وعوامل بيئيّة على إفراز الهرمونات، وعلى التغيرات الجسدية وعلى فعالية الأعصاب التي تؤثّر على تطوّر الخصيتين.
تزيد العوامل التالية من خطر حدوث حالة الخصية غير الهابطة:
- وزن الولادة المنخفض.
- الولادة قبل الاوان.
- وجود قصة عائلة لخصية معلّقة أو لمشاكل تتعلّق بتطوّر الجهاز التناسلي.
- إصابة الجنين بأمراض وتشوهات تؤخّر من تطوره، مثل الإصابة بمتلازمة داون، وجود عيوب بجدار البطن.
- قيام الأم بالتدخين سواءً كان تدخيناً إيجابيّاً أو سلبيّاً.
ما هي المضاعفات والنتائج التي قد تنجم عن الخصية المعلّقة؟
إن تطور وعمل الخصيتين بشكل طبيعي يتطلب تواجدهما في وسط ذي درجة حرارة أقل بقليل من درجة حرارة الجسم. يؤمّن كيس الصفن البيئة الملائمة للخصية حتى تقوم بعملها، تشمل الاختلاطات التي تصيب الخصية الواقعة في مكان من غير المفروض أن توجد فيه ما يلي:
- سرطان الخصية: غالباً ينشأ سرطان الخصية[2] على حساب الخلايا المسؤولة عن إنتاج النطاف غير الناضجة، في حين أن السبب وراء تطور هذه الخلايا إلى خلايا سرطانية ما يزال مجهولاً، لكن من المثبت أن عدم هبوط الخصى يرفع من احتمال تطور سرطان الخصية بشكل ملحوظ.
تكون هذه الخطورة أعلى بالنسبة للخصية المتواجدة بالبطن مقارنة مع الخصية المتواجدة في منطقة أعلى الفخذ، أيضاً تزداد الخطورة في الحالات ثنائية الجانب. العلاج الجراحي للخصية المعلّقة يخفض ولكن لا يزيل نهائيّاً من خطر تطور السرطان في المستقبل.
- مشاكل الخصوبة: إن انخفاض تعداد النطاف، وزيادة عدد الأشكال الشاذة منها ونقص الخصوبة تعد من المشاكل الشائعة التي يعاني منها الرجال ذوي الخصية المعلّقة. تنجم هذه المشاكل عن التطور الشاذ للخصية، كما يمكن أن يزداد الأمر سوءاً في حال عدم تلقي العلاج وبقاء الخصيّة معلّقةً لفترة زمنية طويلة.
من الاختلاطات الأخرى ذات العلاقة بالتوضع الشاذ للخصى غير الهابطة ما يلي:
- انفتال الخصية: نقصد بانفتال الخصية دوران الحبل المنوي[3] الذي يحوي على أوعية دمويّة، أعصاب وعلى الأنبوب الذي يتم عبره نقل النطاف من الخصيتين إلى القضيب. تؤدي هذه الحالة المؤلمة لانقطاع التروية عن الخصيتين.
يمكن في حال عدم علاج هذه الحالة بالشكل والوقت المناسبين أن تفقد الخصية فعاليتها بشكل كامل، يحدث انفتال الخصية بمعدّل 10 أضعاف عند عدم هبوط الخصية مقارنة بالحالة الطبيعيّة.
- الرض: من الممكن للخصية أن تتأذّى في حال بقائها أعلى الفخذ إثر تعرّضها للضغط المطبّق على عظم العانة.
- الفتق الإربي: قد يندفع جزء من الأمعاء باتجاه كيس الصفن إذا كانت الفتحة بين البطن والقناة الإربية (قناة محصورة بين عضلات البطن ومجموعة من الأربطة يمر من خلالها الحبل المنوي وشرايين وأوردة الخصية) رخوة وغير مشدودة.
ما الوسائل المؤكّدة لتشخيص الخصية غير الهابطة؟
قد يقترح الطبيب خيار اللجوء للعمل الجراحي إذا كان هناك شك بأنّ المريض يعاني من حالة الخصية غير الهابطة، ذلك من أجل تأكيد التشخيص وتقديم العلاج بذات الوقت، من الممكن أن يتم ذلك بواسطة الجراحة المفتوحة أو التنظيريّة:
- الجراحة التنظيريّة: يتم إدخال أنبوب صغير يحوي بنهايته كاميرا عبر ثقب يتم إجراؤه في بطن المريض. يفيد تنظير البطن في تحديد ما إذا كانت الخصية موجودة داخل البطن.
يمكن للطبيب أن يقوم بإصلاح حالة الخصية المعلّقة من خلال العمليّة السابقة ذاتها، كما قد يضطر الأمر للخضوع إلى عمل جراحي آخر في حال كان وضع الخصية لا يسمح لها بالنزول لكيس الصفن، قد لا يشاهد الجرّاح الخصية الهاجرة، أو قد يلاحظ بقايا صغيرة من نسيج خصوي غير فعّال ويقوم بإزالته.
- الجراحة المفتوحة: يستلزم الأمر في بعض الحالات إجراء شق أكبر وتحرّي البطن أو أعلى الفخذ بشكل مباشر.
قد يطلب الطبيب إجراء مزيد من الفحوصات في حال لم يكشف عن وجود الخصى بمكانها الطبيعي بعد الولادة بهدف التفريق بين الغياب الكامل للخصية وبين عدم نزولها. قد تؤدي بعض الحالات التي تسبّب عدم تشكل الخصى إلى حصول مشاكل صحيّة خطرة بعد الولادة بفترة وجيزة إذا لم يتم تشخيصها وعلاجها بالوقت المناسب.
الفحوص التصويريّة مثل الإيكو والتصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) غير منصوح بها بشكل عام في تشخيص الخصية غير الهابطة.
ما الخيارات العلاجية المتاحة في حالة الخصية المعلّقة؟
يتمثّل الهدف من العلاج في إعادة الخصية غير الهابطة لموقعها التشريحي الطبيعي داخل كيس الصفن. يفيد تلقّي العلاج قبل إتمام سن السنة في تخفيض نسب حدوث اختلاطات الخصية المعلّقة، مثل العقم والإصابة بالسرطان، فكلّما كان العلاج أبكر كلّما كان أفضل، أيضاً ينصح بالخضوع للجراحة في حال توجّب إجراؤها قبل أن يبلغ الطفل سن ال 18 شهر.
العلاج الجراحي
غالباً ما يتم علاج الخصية غير الهابطة عن طريق الجراحة. يعمل الجراح على سحب الخصية إلى كيس الصفن بحذر وتثبيتها في مكانها، يمكن القيام بهذه العملية إما عبر الجراحة المفتوحة أو عن طريق الجراحة التنظيرية، يعد هذا العمل الإجراء الأشيع على الإطلاق في علاج الخصية غير الهابطة أحادية الجانب، يقارب معدل نجاح هذه العملية ال 100%.
تصبح خصوبة الذكور ذوي الخصية المعلّقة بعد العمل الجراحي مقاربة للطبيعية، لكن تهبط النسبة لتصبح 65% عند الرجال في حال كون حالة الخصية المعلّقة ثنائية الجانب. تخفض الجراحة من خطر الإصابة بسرطان الخصية، لكن لا تنهيه نهائيّاً.
تتدخل عدة عوامل في تحديد حاجة طفلك لإجراء العمل الجراحي، منها الحالة الصحية له ومدى الصعوبة المتوقعة لإنجاز الإصلاح الجراحي. يفضل الأطباء إجراء الجراحة المفتوحة في حال كان عمر الطفل حوالي 6 أشهر ولم يتجاوز ال 12 شهر، من الواضح أن الإصلاح الجراحي الباكر له دور هام في التقليل من نسبة حدوث الاختلاطات.
في بعض الحالات تكون الخصية ناقصة التطور أو غير طبيعية أو متموتة، وهنا يقوم الجراح باستئصال النسيج الخصوي.
إذا كان هناك فتق إربي مرافق للخصية غير الهابطة، يتم إصلاح الفتق أيضاً خلال العمليّة.
يقوم الطبيب بعد الجراحة بمراقبة تطور الخصية، فعاليتها الوظيفية وبقائها في مكانها، تتم المراقبة عن طريق:
- الفحص السريري.
- فحص كيس الصفن بواسطة الأمواج فوق الصوتية.
- معايرة هرمونات الخصية في الدم خصوصاً التستوستيرون.
العلاج الهرموني
يتضمن العلاج الهرموني حقن الهرمون المشيميائي البشريHCG (human chorionic gonadotropin)، يفيد حقن هذا الهرمون في بعض الحالات في نقل الخصية إلى كيس الصفن، لا يتم اللجوء إلى لعلاج الهرموني بشكل اعتيادي لكون فعاليته أقل بكثير من فعالية العلاج الجراحي.
خيارات علاجية أخرى
يمكن اللجوء لزرع خصية صناعية في كيس الصفن بغرض تجميلي وذلك في حال فقد طفلك إحدى خصيتيه أو كلتيهما بسبب غيابهما الخلقي أو عدم نجاتهما بعد الجراحة، تعيد هذه العملية لكيس الصفن شكله الطبيعي، عادة ما يتم إجراؤها في مرحلة الطفولة المتأخرة أو في مرحلة البلوغ.
من المهم أن تراجع الطبيب المتخصص بالعلاج الهرموني (طبيب غدد) في حال عدم امتلاك طفلك لخصية واحدة فعالة على الأقل، ذلك لتعويض النقص الحاصل في الهرمونات التي تنتجها الخصية والمسؤولة عن البلوغ والنضج الجسدي.
ختاماً.. يعد التشخيص والعلاج الباكر للخصية المعلّقة العامل الحاسم في تجنيب طفلك لكثير من الاختلاطات والمضاعفات التي قد يكون بعضها مميتاً، في الوقت ذاته قد يكون لغياب الخصية تأثير هام على نفسية الطفل كشعوره بالقلق والاختلاف عن أقرانه، يجب هنا التكلم مع طفلك وتقديم الدعم النفسي له.
[GRAY’S Anatomy 40th edition the anatomical basis of clinical practice (page1267) -[1
[2] دراسة Hadley M. Wood, and Jack S. Elder سنة 2009 "سرطان الخصية والفصل بين الحقيقة والخيال" منشور في auajournals.org، تمت مراجعته في 27/7/ 2019
[Bailey& Love’s Short Practice of Surgery. 27th Edition (page 125) -[3