ابني يشتمني؛ الألفاظ البذيئة والشتائم عند الأطفال وكيفية علاجها

لماذا يشتم الأطفال ومن أين يتعلم الأطفال الشتائم والألفاظ البذيئة؟ كيفية التعامل مع الطفل غير المؤدب وأساليب تعليم الطفل احترام أهله والآخرين، وكيفية علاج الطفل الذي يشتم كثيراً أو يستخدم السب والألفاظ البذيئة
ابني يشتمني؛ الألفاظ البذيئة والشتائم عند الأطفال وكيفية علاجها
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

لا بد أن رؤية طفل يشتم أمه أمام الآخرين من الأمور المزعجة للأم وللمحيطين بها، والمزعج أكثر وجود من يشجع الطفل على استخدام الشتائم والألفاظ النابية والبذيئة، فالطفل الذي يشتم ويسب لا يأتي بهذه الشتائم من عنده ولا يخترعها، بل يتعلمها من محيطه، ويعتاد عليها إما نتيجة إهمال الأهل أو حتى تشجيع الطفل على استخدام الشتم.
كيف أتعامل مع طفلي قليل الأدب وما هو علاج الألفاظ البذيئة والشتائم عند الأطفال؟ للإجابة عن هذه الأسئلة التي تهم كل الأمهات والآباء لا بد أولاً من التعرف على أسباب كثرة الشتائم عند الأطفال والمصادر التي يكتسب منها الأطفال الشتائم والألفاظ النابية، ثم آليات وطرق علاج الشتائم عند الطفل وأفضل أساليب تأديب الأطفال.
 

لماذا يستخدم الأطفال الشتائم ومن أين يتعلمون الكلام البذيء

لا نبالغ بالقول أن تعلم الأطفال للشتائم والألفاظ النابية والبذيئة وحتى الحركات غير المؤدبة؛ كل ذلك يعتبر جزءاً طبيعياً من تطور الأطفال أو معظمهم على الأقل، ومن الصعوبة في مكان عزل الطفل عن سماع الشتائم والكلمات البذيئة بشكل تام، بل أنه من غير الصحي عزل الطفل عن محيطه بشكل كامل[1].
ومصادر تعلم الطفل للشتائم والكلام الوسخ أو البذيء لا تعد ولا تحصى، أولها المنزل والعائلة الصغيرة، وليس آخرها البرامج التلفزيونية والمسلسلات، وبناء على ذلك يمكن القول أن الأكثر فاعلية دائماً هو التركيز على فهم الطفل لأهمية التعامل مع الآخرين بأدب واحترام وتعليمه نبذ الكلمات البذيئة والنابية، لأنه مهما فعلنا سيتعلمها بلا شك، والمهم أن يفهم الأسباب  التي تجعله لا يستخدم هذه الكلمات والعبارات المسيئة.

ونذكر لكم أهم وأبرز مصادر تعلم الأطفال للشتائم والكلمات النابية والأسباب التي تدفع الأطفال لاستخدام الشتائم:
1- الأهل والأخوة:
حتى سن الثالثة تقريباً يعتبر الأب والأم والأخوة والأقارب المحيطين بالطفل بشكل مباشر هم المصدر الأول لكل ما يتعلمه الطفل، ولا تخرج الشتائم والألفاظ البذيئة عند الأطفال عن هذه القاعدة، حيث يعتبر الأهل هم المصدر الأول لتعلم الطفل الشتائم، وليس فقط تعلم المفردات السيئة أو النابية وإنما تعلم سلوك الشتم والسب والنعت.
ستسمع أحدهم يقول: نحنا لا نسب ولا نشتم بعضنا لكنه مع ذلك تعلم بعض الشتائم!.
في الحقيقة الطفل عندما يتعلم الشتيمة والكلمة النابية لا يهتم لمن هي موجهة أو إلى أي درجة هي مهينة أو سلبية، بل يتعلمها ويقلدها فقط، فقد يشتم الأب صاحب الدكان فيقول أمام الطفل: ابن الحرام نصب عليَّ. وقد تشتم الأم مصنع الأحذية، ويشتم الأخ الأكبر صديقه، وقد يسمع الطفل كمية كبيرة من الشتائم خلال حوار سياسي بين أبيه وعمه، وهكذا.

2- النمذجة السلوكية والتقليد: ترى نظريات التربية الحديثة أن التعلُّم بالنمذجة من أكثر أنماط التعلم رسوخاً وفاعلية، والمقصود بالنمذجة هو اكتساب الاستجابة والسلوك من خلال الموقف، خذ مثلاً ضحك الأمهات والآباء عندما يستخدم الطفل الشتائم لأول مرة، ثم يدعون الطفل لتكررا الشتيمة أمام الأقارب ليضحكوا، يفهم طفل من ذلك أن الشتيمة تجعله محبوباً، ذا قيمة، وتجعل الآخرين سعداء!.

وهذا ما تؤكده د. هداية الخبيرة في موقع حلوها إذ تقول: الأبناء يتعلمون الشتائم من خلال تقليد من هم أكبر منهم، إما للفت الانتباه أو لأن الطفل يشعر أنه كبير أو لإجبار الأهل على تلبية طلباته، والخطوة الأولى في لعلاج الطفل من الشتائم واستخدام الألفاظ البذيئة هي امتناع الكبار عن استخدامها، وتعليم الطفل التعبير عن غضبه بطريقة لائقة.

3- الفضول والإجابات الناقصة: من الأسباب المباشرة لاستخدام الشتائم بكثرة بين الأطفال هو تجنب الأهل لشرح معنى الشتائم من جهة، وتجنبهم لشرح أسباب منع الشتائم والألفاظ الخارجة من جهة أخرى، هذا الغموض الذي يحيط به الأهل الشتائم يجعلها مغرية أكثر، وعدم فهم الطفل لأسباب المنع ولمعنى هذه الشتائم المسيء يجعله أكثر تمسكاً بها، بل أنه يستخدمها كوسيلة ضغط وإزعاج.

4- المشاكل السلوكية: في حالات معينة لا تكون الألفاظ النابية والشتائم إلا تعبيراً عن مشاكل سلوكية أخرى، مثل الغضب والعدوانية، اضطرابات الشخصية والاضطرابات السلوكية المميزة عند الأطفال، المشاكل والضغوطات الأسرية التي تجعل الطفل محتاراً بكيفية التنفيس عن غضبه وانزعاجه، وغيرها من المشاكل السلوكية، وفي هذه الحالات يجب على الأهل التركيز على علاج المشكلة السلوكية والتعامل مع أسبابها قبل التركيز على سلوك استخدام الشتائم عند الطفل.

من أسئلة القراء الواردة إلى موقع حلوها تقول إحدى الأمهات أن ابنها 5سنوات يشتمها ويضربها ويشتم أخوته ويضربهم وهو غير مهذب أبداً، على الرغم أنه منطوٍ في المدرسة ولا يتكلم ولا يشاغب.
في إجابتها على صاحبة السؤال سألت الخبيرة في موقع حلوها د.هداية عن طبيعة المواقف التي تجعل ابنها يستخدم الشتائم، وسألت عن مدى استقرار الأسرة، وعندما أجابت الأم أنها تعيش مع أهلها وأنها وزوجها منفصلين، أجابت الخبيرة في حلوها: يظهر أن سلوك الطفل فعلاً ناتج عن عدم الاستقرار الأسري والذي خلف لديه توتر وضغط داخلي يظهر على شكل عدوان، فالحل يتجلى بإحاطة الطفل بالحنان والعطف، والاهتمام بحاجاته، حاولي دائماً التقرب منه كمساعدته في مراجعة الدروس، اللعب معه الألعاب المفضلة إليه، إضافة إلى الطلب من الأب دائماً اصطحابه معه في نزهة والتحدث معه، فالاشتياق للأب أيضاً له جانب كبير في مشكلة الطفل كل هذه الأمور ستشعر الطفل بالراحة والطمأنينة وبالتالي بالاستقرار وبهذه الطريقة سيتغير سلوكه.....حاولي من خلال النصائح المذكورة وستجدين نتائج إيجابية على سلوك الطفل.

5- مصادر أخرى يتعلم منها الطفل الشتائم: إذا فرضنا أن الأهل يضبطون لسانهم بشكل مثالي ويمنعون أنفسهم من استخدام الألفاظ النابية والشتائم، ويمنعون كل من يحيط بالطفل من أخوة وأقارب، هل هذا يعني أن الطفل لن يتعلم الشتائم؟!.
بالطبع سيتعلمها من رفاقه، ومن الشارع، من المسلسلات، من الانترنت، من الجيران، من كل مكان، لذلك فإن تقييد مصادر الشتائم غير ممكن فعلياً، والأفضل دائماً كما ذكرنا العمل على توعية الطفل وتربيته على الأدب وتجنب استخدام هذه الكلمات.
 

animate

في البداية وقبل تحديد كيفية معالجة استخدام الطفل للشتائم لا بد أن نقوم بتحديد المشكلة بشكل دقيق، يجب أن نفكر ببعض الأسئلة التي تساعدنا على معرفة الأساليب الأفضل للتعامل مع استخدام الطفل للألفاظ السيئة، وأهم هذه الأسئلة:
- كم يبلغ طفلك من العمر؟
- هل يعلم طفلك معنى الشتائم التي يستخدمها؟
- إلى أي درجة تعتقد أن طفلك يفهم فكرة استخدام الشتائم ويعي مفهوم الطفل المؤدب؟.
- هل يستخدم طفلك الشتائم دون سبب أو لأسباب تافهة؟
- هل يستخدم طفلك الشتائم عندما يشعر بالإهمال أو عندما يريد الحصول على شيء ما؟
- هل تعاني مع طفلك من كثرة الصراخ والغضب والعدوانية إلى جانب السب والشتم؟
- هل يستخدم طفلك الشتائم لتحقيق الاندماج مع الأقران؟
- هل تعتقد أن طفلك تعلم الشتائم من المنزل؟
- هل تزامن استخدام طفلك للشتائم مع ظروف أسرية معينة أو مع تغير ما في حياته مثل دخوله للمدرسة؟
- هل جربت بعض الحلول التقليدية لمعالجة القضية ولم تنجح؟

إن هذه الأسئلة وغيرها ستجعلنا نحدد بشكل جيد إن كان الطفل يستخدم الشتائم نتيجة مشاكل سلوكية أخرى أم أن استخدامه للشتائم مجرد تقليد للآخرين أم أنه يحتاج ليتعلم أساليب أخرى للتعبير عن الغضب غير الشتائم، نتعرف معاً إلى أبرز الطرق والأساليب لتعليم الطفل الأدب وتخليصه من الشتائم.
 

تعتقد الدكتورة هداية الخبيرة في موقع حلوها أن أهم ما يجب التركيز عليه في تربية طفل مؤدب هو الأشخاص المحيطين بالطفل ومن يجيب أن يكون قدوة له، ويجب التفكير بجميع العوامل التي تحيط بالطفل وتؤثر  على سلوكه لعلاج المشكلة من جذورها.

وإليكم أهم نصائح خبراء التربية للتعامل مع الطفل الذي يستخدم الشتائم والألفاظ النابية[2],[3]:
1- كن قدوة جيدة:
بالدرجة الأولى يجب أن يمتنع الأهل عن استخدام أي نوع من الشتائم والإساءات اللفظية سواء الموجهة للأطفال أنفسهم أو الموجهة لغيرهم من سكان البيت أو حتى الموجهة للغائبين، فالطفل لا يتعلم الألفاظ من أهله وحسب، بل يتعلم سلوك استخدام الشتائم منهم وسيجد عشرات المصادر لإغناء قاموس الشتائم لديه إذا كان قد اكتسب عادة الشتم من أهله.

2- تحدث مع أطفالك عن اختلاف القيم العائلية: عندما تتحدث مع طفلك عن ضرورة التوقف عن استخدام لفظ أو شتيمة ما قد يبادرك بالقول "عمي يستخدم هذه الكلمة!"، عندها يجب أن تتحدث مع أطفالك عن اختلاف القيم بين الناس، وأن هناك من يتعامل مع هذه الشتائم ككلمات مسموح بها[4]، ولماذا هذه الكلمات ممنوعة وغير مرغوب بها في أسرتك، يجب أن يفهم الطفل أن منع الشتائم جزء من القانون الخاص بعائلته، والذي لا يجب تجاوزه، اقرأ مقالنا عن وضع قواعد للطفل في البيت.

3- راقب مصادر المعرفة التي يتعلم منها الطفل: في المسلسلات التلفزيونية ستجد الكثير من الشتائم التي تعتبر أقل سوقية من الشتائم الجنسية لكنها تبقى شتائم على أي حال، لذلك يجب أن تختار بعناية ما يشاهده طفلك عبر شاشة التلفزيون أو على يوتيوب، وإذا كان طفلك يستخدم وسائل التواصل الاجتماعي فهو بلا شك سيقرأ مئات الشتائم في التعليقات، وهنا تكمن أهمية تعليم الطفل المفاهيم الأساسية وأفضلية ذلك على محاولة وضعه في فقاعة آمنة.

4- أخبر أطفالك معنى الشتائم التي يستخدمونها: هناك بعض الشتائم التي يمكن أن نشرح معناها للأطفال، وهناك شتائم أخرى قد لا نجد أسلوباً ملائماً لشرحها وخاصة الشتائم الجنسية التي قد يتعلمها الطفل، وعلى كل حال يجب أن يفهم الطفل لماذا هذه الكلمة سيئة ولا يجدر به استخدامه.

5- تجاهل الموضوع قليلاً: إذا كنت قد وقعت في فخ التصفيق أو الضحك عندما استخدم طفلك الشتائم لأول مرة فلا بد من محاولة تعديل استجابة الطفل، هو الآن يعرف أن هذه الكلمة تثير إعجابك واهتمامك، يجب أن تغير هذا المفهوم لديه.

6- وازن بين الثواب والعقاب: معاقبة الطفل على الشتائم أمر ضروري، لكن العقوبة الجسدية أو اللفظية المهينة لا يمكن أن تفي بالغرض، لذلك يجب أن تفكر بعقوبات مناسبة لعمر الطفل ولحجم الخطأ، بطبيعة الحالة يجب أن تبدأ بالتحذير أولاً، وشرح وجهة نظرك، ثم يمكن أن تبدأ بالحرمان من المصروف لفترة معينة عن كل شتيمة، أو اتباع أسلوب العقاب الذي تعرف أنه يناسب طفلك، وسيكون تقديم مكافآت منطقية على استجابة الطفل الإيجابية أمراً جيداً، لكن لا تقع في فخ الرشوة، اقرأ مقالناً عن تربية الطفل الانتهازي والفرق بين المكافأة والرشوة.

7- القواعد عادلة وعامة وتشمل الجميع: نعود إلى النقطة الأهم وهي القدوة، يجب أن يشعر الأطفال أن القواعد المتعلقة باستخدام الشتائم في البيت تشمل الكبار والصغار، تشمل جميع الأخوة والأب والأم، وهي قواعد عادلة ومفهومة ومفسرة بشكل جيد.

8- علم طفلك التحكم بمشاعره والتعبير عن عواطفه بطرق أخرى: فإذا كان الطفل يستخدم الشتائم للتعبير عن الغضب لا بد من منحه بعض الخبرات المتعلقة بإدارة الغضب، وإن كان يستخدم الشتائم نتيجة الإحباط لا بد من التعامل مع سبب  المشكلة، أما إن كان يستخدم الشتائم ليتماهى مع محيطه الاجتماعي فيجب أن يتعلم كيف يرسم حدوداً شخصية له وكيف يكون مستقلاً....إلخ.

أخيراً... كما ذكرنا فإن الشتائم عند الطفل من السلوكيات الشائعة التي يختبرها معظم الأهل في عملية التربية، والطريقة الأفضل للتعامل مع هذه المشكلة هي منح الطفل فهماً جيداً للمنظومة الأخلاقية التي ينتمي إليها، ومنحه ما يحتاج إليه من خبرات ومعلومات حول الفروق بين أسلوب كلام وآخر، وبين طريقة تعبير وأخرى.
كما يجب تعليم الطفل كيف يرد على الآخرين في حال تعرض هو للشتم أو السب، كما ويجب استغلال تعلُّق الطفل بتقمص وتقليد أهله من خلال تقديم الصورة الجيدة التي نتمنى أن يكون عليها طفلنا.
 

[1] مقال "ابني بدأ يستخدم الشتائم: هل يعتبر هذا مؤشراً على وجود مشكلة؟" منشور في healthychildren.org، تمت مراجعته في 9/9/2019.
[2] مقال Kathryn Leehane "تسعة قواعد متعلقة باستخدام الشتائم" منشور في scarymommy.com، تمت مراجعته في 9/9/2019.
[3] مقال "الشتائم عند الأطفال في سن المدرسة من 5-8سنوات" منشور في raisingchildren.net.au، تمت مراجعته في 9/9/2019.
[4] مقال Amy Morin "كيف تعاقب الطفل الذي يستخدم الشتائم؟" منشور في verywellfamily.com، تمت مراجعته في 9/9/2019.