كيف تربي أطفالاً سعداءَ بعد الطلاق؟ كيفية التعامل مع الطفل بعد انفصال الأبوين
الطلاق حدث صعب ومربك للأبناء، ومهما كان عمر طفلك، فإنه عُرضة للعديد من المشاعر السلبية بعد الطلاق، من الغضب والرفض، والشعور بالصدمة، إلى لوم الذات والشعور بالذنب والحزن بدرجاته.
في هذا المقال نسلط الضوء على دور الوالدين في تخفيف الآثار السلبية للطلاق على أبنائهم، ومساعدة الأطفال والمراهقين على الخروج بسلام من أزمة طلاق الوالدين.
يختلف تأثير الطلاق من أسرة لأخرى، ومن طفل لآخر، أحيانًا يشعر الأطفال بالارتياح بسبب طلاق والديهم، وذلك في الظروف القصوى التي يعني الزواج فيها تهديدًا وضغطًا مستمرًا، ولكن غالبًا ما ينتج عن الطلاق اضطرابات عاطفية لجميع أفراد الأسرة، وبالنسبة للأطفال، قد يكون الوضع مخيفًا للغاية ومربكًا ومحبطًا.
وبعيدًا عن الكلمات العامة، دعونا نتعرف على المشاعر التي يعيشها الأطفال بعد طلاق الأبوين بشكل أقرب:
- يصعب على الأطفال الصغار فهم سبب وجوب انتقالهم بين منزلين.
- يشعر الأطفال بالقلق أنه إذا توقف حب والديهم لبعضهما، أنه سيأتي يوم ويتوقف حب والديهم لهم أيضًا.
- قد يقلق أطفال مرحلة المدرسة الابتدائية من أن الطلاق خطأهم، ويفترضون أن الطلاق بسبب سوء تصرفهم أو خطأ ما ارتكبوه.
- قد يصبح المراهقون غاضبين جدًا من الطلاق والتغييرات التي تحدث نتيجة له. قد يلومون أحد الوالدين على انتهاء الزواج، وقد يكرهون أحد الوالدين أو كلاهما بسبب الاضطرابات في الأسرة.
من الطبيعي أن يشعر الأطفال بمجموعة من المشاعر الصعبة، ولكن الوقت والحب والاطمئنان سيساعدهم على التعافي والتجاوز، أما إذا ظل أطفالك يعانون من المشاعر الصعبة فقد تحتاج إلى طلب مساعدة متخصصة.
وجدت الأبحاث أن الأطفال يعانون أكثر في الفترة الأولى بعد طلاق والديهم، وأنه خلال السنة الأولى أو السنتين بعد الطلاق غالبًا ما يعانون من الضيق والغضب والقلق، ولكن أغلب الأطفال يعتادون على روتين الحياة الجديد، ويشعرون بالراحة مع ترتيب وتنظيم حياتهم بشكل جيد بعد الطلاق.
وتطول معاناة بعض الأطفال، ولا يعودون كما كانوا، وقد تواجه نسبة صغيرة من الأطفال مشاكل مستمرة بعد طلاق الوالدين.
لا شك أن الطلاق كحدث خطير يعصف بالأسرة ينتج عنه ردود أفعال مختلفة من الأطفال، منها ما هو طبيعي ومتوقع، ومنها ما يحمل علامات الخطر ويستوجب الانتباه والعلاج السريع.
ردود الفعل التالية طبيعية للأطفال بعد الطلاق:
- الغضب: قد يعبر أطفالك عن غضبهم واستيائهم منك أو من الطرف الآخر، نتيجة لصدمتهم وانتهاء الحياة الطبيعية التي تعودوا عليها.
- القلق: من الطبيعي أن يشعر الأطفال بالقلق عندما يواجهون تغييرات كبيرة في حياتهم.
- اكتئاب طفيف: الحزن حول الوضع الجديد في الأسرة أمر طبيعي، ومن المرجح أن يشكل الحزن المصحوب بإحساس اليأس والعجز شكلًا خفيفًا من الاكتئاب.
يستغرق الأطفال بعض الوقت للتعامل مع مشاعرهم السلبية المتعلقة بطلاق الأبوين، ولكن غالبًا ما يحدث تحسنًا تدريجيًا بمرور الوقت.
علامات الأزمة النفسية عند الطفل بعد انفصال الوالدين
إذا ساءت الأمور بدلاً من أن تتحسن بعد عدة أشهر من الطلاق، فقد تكون هذه علامة على أن الطفل قد تعرض لضغط نفسي يفوق قدرته، وأنه يحتاج إلى دعم إضافي. راقب العلامات التحذيرية التالية:
- مشاكل النوم.
- ضعف التركيز.
- مشكلات كثيرة في المدرسة.
- تعاطي المخدرات أو الكحول.
- الإصابات الذاتية أو اضطرابات الأكل.
- نوبات الغضب المتكررة أو العنيفة.
- الانسحاب الاجتماعي وخاصة ممن يحبونهم.
- فقدان الاهتمام بالأنشطة التي يحبونها.
إذا لاحظت هذه العلامات بعد فترة من الطلاق فناقشها مع الطبيب، ومع إدارة المدرسة والمعلمين.
ينتج عن الطلاق العديد من التغيرات والأحداث التي قد تكون مربكة للطفل، فانفصال الوالدين ليس هو الجزء الأصعب في الطلاق بالنسبة لغالبية الأطفال، وإنما الضغوطات المصاحبة والناتجة عن الطلاق.
ومن المهم أن ينتبه الوالدان للتداعيات الناتجة عن الطلاق ومحاولة تقليل تأثيرها السلبي على الأبناء، ومنها: [2]
- عادةً ما يفقد الأطفال الاتصال اليومي مع أحد الوالدين – وغالبًا ما يكون الآباء- مما يؤثر على ضعف الرابطة بين الأب والأطفال بعد الطلاق، وبحسب دراسة أجريت في جامعة كاليفورنيا (2014) فإن العديد من الأطفال قالوا إنهم شعروا بعد الطلاق بالبعد عن آبائهم.
- يؤثر الطلاق أيضًا على علاقة الطفل بالحاضن، وغالبًا ما تكون الأم هي الحاضنة، وتفيد الإحصاءات بأن الأم الوحيدة/ أو الأب الوحيد يعانون من مستويات أعلى من الضغط مما يؤثر على قدرتهم على التعامل والتحمل، وأشارت دراسة أجرتها جامعة واشنطن (2013) إلى أن الأمهات غالباً ما يصبحن أقل دعمًا وأقل عاطفة بعد الطلاق.
- التغيرات الكثيرة سواء كانت كبيرة أو صغيرة تسبب إجهادا كبيراً للطفل، مثل تغيير المدارس، والانتقال إلى منزل جديد، والعيش مع أحد الوالدين وغيرها من التفاصيل.
- من الشائع أن تحدث صعوبات مالية بعد الطلاق، وكثيرًا ما يضطر الأطفال إلى العيش في منازل أصغر، أو الانتقال إلى أحياء أو مدارس أقل.
- الزواج الجديد للوالدين، والتعديلات المستمرة في شكل الأسرة، فغالبًا ما يتزوج أحد الوالدين أو كلاهما بعد الطلاق، ونسبة نجاح الزيجات الثانية أقل، مما يعني أن الأطفال سيشهدون حالة فراق جديدة وعدم استقرار يزيد مشاعرهم بالقلق، وفي حالة استمرار الزواج فقد ينشأ عنه إخوة وأخوات جدد، وهي تغيرات كبيرة يخوضها الطفل بعد طلاق والديه ترتبط بالكثير من المشاعر والانفعالات.
استعرضنا سابقًا الآثار السلبية للطلاق على الأطفال، وما يمكن أن يواجهوه من آثار نفسية واجتماعية بشكل إجمالي، في السطور القادمة نقدم أهم نصائح الآباء والأمهات وخلاصة تجاربهم لتربية الأطفال والتعامل معهم بعد الطلاق بشكل يقلل من صدمتهم، ويساعدهم على تجاوز تأثيرات الطلاق بسلام.
- لا تتحدث بشكل سيء عن والدتهم/ والدهم، واتفقا سويًا على طريقة التواصل والتعامل وما يخص الأطفال، فهذا الأمر هو كلمة السر في تجاوز الأطفال لأزمة الطلاق بشكل سوي.
- أوفِ بوعودك، وأشعر أطفالك بأنك جديرًا بالثقة، وأن كلمتك واحدة، وامض بهم نحو الاستقرار سريعًا.
- كن مرحًا.. اجعلهم يضحكون كثيراً.
- لا تنس أنه من الناحية الوراثية فإن أطفالك يحملون نصف جيناتهم من طليقتك/ طليقك، لذا فإن كل ما تقوله عنها أو عنه ينطبق عليهم أيضًا.
- كن صريحًا مع أطفالك بشكل يناسب أعمارهم.
- اغمرهم بالحب، وذكرهم بأن الطلاق لا علاقة له بهم وأنه سيكون خيرًا وأن الأمور تتجه نحو الأفضل، دعهم لا يفقدون أبدًا الشعور بالحب والأمل.
- تواصل مع معالج نفسي للأطفال أثناء الطلاق، ولا تنتظر حتى يتم، وجود شخص موثوق يمكن أن يتحدث معه الأطفال أمر هام جدًا، ويساعد على تجنب الكثير من التداعيات الخطيرة.
- تصرف بمسؤولية، مهما كان تعبك فإن قدرة الأطفال على تحمل الإرهاق النفسي والضغوطات أقل، تذكر أن لا ذنب لهم، وأن عليك أن تقف على قدميك وتلملم جراحك لأنك الحائط الذي يستندون عليه.
- اسمح لأطفالك بالوقت الكافي مع الأم/ الأب، إنهم يستحقون ذلك.. لا تحرمهم من ذلك تصفية لحسابات.
تقول الخبيرة النفسية في موقع حلوها سراء الأنصاري ردًا على سيدة تشكو من عدم رغبة طفلتها ذات الثمان سنوات في مقابلة والدها الذي لم رأته لأول مرة مؤخرا نتيجة لانفصال الوالدين: "يجب التعاونبين والدها وبينك لكي يتقرب منها، ويعرف ما تحب أو تكره، ويجب أن تظهري احترامك له وأنه إنسان طيب وتضيفي له بعض البطولات أو المواقف، وتشرحي لها أنه يحبها وكان يسأل عنها، ولكن ظروف عمله حالت دون لقائهم، واعلمي أنها تحتاج لدور الأب في حياتها، وأنه جزء من صحتها النفسية فعلاقتها معه ليست لها علاقة بعلاقتكً معه. وحتى لو اضطررت لشراء الهدايا لها باسمه لتقوية الأواصر بينهما، أو تطلبي منه شراء الهدايا لها". - لا تتبع النصائح سواء من المحيطين أو من الكتب بشكل أعمى، أفضل طريقة لاحتواء أطفالك هي ما تشعر بأنه فعال معهم، ويوافق شخصياتهم.
- كن متعاطفا ومتفهمًا، شجعهم على التحدث وإطلاق مشاعرهم بدلا من قمع مشاعرهم أو التظاهر.
- قبل أن تقرر فكر.. كيف سيؤثر اختياري على أطفالي.
- حاول بكل ما تستطيع أن تضع العداء والمشكلات جانبًا وأن تشارك مع طليقك/ طليقتك في بعض الأوقات لدعم أطفالكما كأسرة واحدة، هذا الأمر يجعل الأطفال يتجاوزون الحزن من التفكك، عندما يدركون أن الطلاق لم يمنع أن يجتمعوا كأسرة واحدة.
- لا تحتاج إلى تبرير موقفك بتشويه صورة الآخر، حتى وإن ألقى الأبناء اللوم عليك، يومًا ما سيدركون الأمر بشكل صحيح.
- تجنب تمامًا أن تشعر أطفالك بالذنب لأنهم يشتاقون أو يفضلون التواجد مع الطرف الآخر.
- لا تنس أن الأبناء هم "الضحايا الأبرياء لفشل الزواج".. وعاملهم وفقًا لذلك.
- لا تستخدم أطفالك أبدًا كسلاح، ولا تعلمهم التجسس، ولا تتحدث بشكل سلبي عن والدهم/ والدتهم حتى ولو مع شخص آخر في مكان يمكنهم سماعك فيه، أو مع أشخاص لا يحفظون السر.
- أحب أطفالك أكثر مما تكره/ تكرهين طليقك.
في النهاية فإنه يكفي الأطفال ما يعانونه من طلاق والديهم وتفكك الأسرة التي تمثل لهم الأمان المادي والعاطفي، لذا فعلى الأبوين أن يحرصوا على تخفيف صدمة الأطفال، وعدم تحميلهم المزيد من الهموم أو إقحامهم في صراعات.