ليس لدي هوايات! كيف أعرف هوايتي وما هي طرق اكتشاف الهواية؟
يمكن تعريف الهواية لغوياً واصطلاحياً أنها النشاط الذي نقوم به بهدف المتعة والتسلية ولا يكون مهنةً أو عملاً، ويتم التمييز عادةً بين الموهبة والهواية أن الهواية لا تحتاج إلى قدرات خاصة ولا تكون فطرية بالضرورة، فيما تولد الموهبة مع صاحبها وتكون قدرة خاصة ومميزة غالباً، ومع ذلك يعتبر الاتصال بين الموهبة والهواية اتصالاً وثيقاً وفعالاً.
لكن كيف تكتشف الهواية؟ وكيف تمارس هواية ممتعة بانتظام؟ ولماذا عليك أن تجد هواية شخصية؟ وما هي أهم أنواع الهوايات التي يجب أن تفكر بها؟ وكيف أجد الوقت لممارسة هوايتي؟ إذا لم يكن لديك هواية حتى الآن سنساعدك بالبحث عن هواية وسنجيبك عن هذه الأسئلة وغيرها خلال هذا المقال.
لا أملك هواية شخصية؟ هل من الضروري أن أمارس هواية؟ وهل الجميع يملكون هوايات؟
الأطفال هم الأكثر مهارة بإيجاد هوايات شخصية لأنهم الأكثر جرأة على التجربة الحرة واكتشاف الذات والمحيط، لكن في مرحلة ما من المراهقة والشباب يتراجع معظمنا عن شغفه بالهوايات، وقد يفقد اتصاله مع هواياته تماماً في المرحلة العمرية الأكبر تحت وطأة العمل والضغوطات اليومية الكثيرة[1].
وعلى الرغم أن ممارسة الهواية بشكل منتظم تنم عن شخص يتمتع بقدر كبير من معرفة الذات وقدر كبير من الذكاء العاطفي، لكن عدم ممارسة الهوايات الشخصية بشكل منتظم لا يعني العكس.
فقولك "ليس لدي هواية" لا يعني أنك تفتقر إلى القدرة على اكتشاف الهواية أو ممارستها، وإنما أنت تحتاج إلى إعادة النظر بروتينك اليومي والبحث عن هواية تناسب شخصيتك، وربما الإلمام أكثر بفوائد هذه الهوايات على الأمد القصير والطويل وأهمية الهوايات الشخصية كجزء من تطوير الحياة المهنية والاجتماعية والوصول إلى جودة الحياة، لنتعرّف معاً خطوةً بخطوة على كيفية اكتشاف الهواية وتنميتها وفوائد الهوايات الشخصية.
كيف أعرف هواياتي واهتماماتي؟ كيف أكتشف هوايتي الشخصية؟ وما هي طرق تعلم الهوايات؟
بعضنا يمارس هوايته دون أن يتذكّر كيف اكتشف هذه الهواية أو تعلمها، بعضنا يتأثر بأشخاص قربين ويتقمص هواياتهم، لكن على الجانب الآخر هناك كثيرون لا يجدون الطريقة المناسبة للبحث عن الهوايات واكتشاف الهواية المناسبة للشخصية، لذلك نقدم لكم في السطور التالية بعض أهم النصائح لاكتشاف الهواية والتعرف إلى الهوايات الملائمة والممتعة:
- تعرَّف إلى فوائد الهوايات: الخطوة التي لا بد من القيام بها في رحلة اكتشاف الهواية الشخصية هي معرفة فوائد الهوايات وأهمية الهواية في حياتنا؛ فمعرفة فوائد الهوايات ستجعلنا أكثر رغبة في البحث عن هواية مناسبة وأكثر التزاماً بممارسة هذه الهواية بشكل منتظم.
ومن الفوائد المهمة للهوايات الشخصية أنها تعتبر مساحة خاصة بعيدة عن الضغوطات اليومية ووقتاً مستقطعاً من سباق العمل والعلاقات الأسرية والاجتماعية، وقتاً شخصياً بامتياز من شأنه أن يخفض الضغط والتوتر إلى أدنى مستوياته.
أيضاً تشير الأبحاث أن الهوايات المختلفة تؤثر بشكل إيجابي على الصحة الجسدية والنفسية، وتؤثر على جودة النوم[1]، كما يستمتع الأشخاص الذين يمارسون هواياتهم بشكل منتظم بعلاقات اجتماعية أفضل وأداء مهني واجتماعي جيد.
ببساطة أنت تحتاج لمعرفة الدافع لتتمكن من البحث عن الهواية واكتشاف الهواية الشخصية التي تناسبك[2]، لذلك يجب أن تتعرف أكثر إلى فوائد الهوايات وأهميتها، وقد قدم لكم موقع حلوها في مقال سابق أبرز فوائد الهوايات، يمكنكم التعرّف إليها من خلال النقر على هذا الرابط. - استعد هوايات الطفولة: كما ذكرنا فإن الأطفال يتميزون بقدرتهم على اكتشاف الهوايات التي تناسبهم لأنهم أكثر حرية وجرأة، ومعظمنا يتذكّر أنه كان شغوفاً بالغناء أو الرسم أو كان يستمتع بشكل كبير بركوب الدراجة الهوائية أو حتى بجمع الأزهار وتجفيفها أو ربما كان يستمتع في طفولته بتركيب البازل والمنمنمات... إلخ، لكنه فقد هذا الشغف أو التعلّق عند انغماسه بدوامة الحياة اليومية وضغوط العمل والتخطيط للمستقبل.
وينصح الخبراء بالعودة إلى مرحلة الطفولة والتفكير بإعادة ممارسة الهوايات والنشاطات التي كانت ممتعة في تلك المرحلة والتي قد تكون ما تزال ممتعة[3]، ربما كنتِ تستمتعين بخياطة الثياب لدميتكِ، وربما كنت تستمتع بجمع الأحجار الجميلة والمميزة من الغابة...إلخ. - حدد نقاط القوة الخاصة بك لتجد الهواية المناسبة: وفي سبيل اكتشاف أنواع الهوايات التي تناسب شخصيتك لا بد من استثمار معرفتك لذاتك وميولك العامّة، بعضنا يميل مثلاً إلى الأنشطة الحركية والبدنية أكثر من ميله للأنشطة الفكرية، وبعضنا يفضل ممارسة هوايته في ركن من بيته أكثر من الهوايات التي تحتاج إلى الخروج من المنزل، وقد تناسبك الهوايات الفردية أكثر من الهوايات التي تحتاج إلى أكثر من شخص...إلخ، يجب أن تضع صفاتك الشخصية بعين الاعتبار، ويمكنك الاستعانة بالاختبارات النفسية واختبارات الشخصية المناسبة لاكتشاف الميول والهوايات.
- تجوَّل في الشوارع والمتاجر بحثاً عن هواية: إذا لم تكن العودة إلى مواهب واهتمامات الطفولة مفيدة؛ عندها عليك أن تتبع واحدة من أفضل الاستراتيجيات للبحث عن الهوايات والاهتمامات، وهي التجوّل في الأسواق والشوارع، النظر إلى واجهات المحلّات واللافتات والإعلانات، تصفح الجرائد ومواقع التواصل الاجتماعي؛ بحثاً عن نشاط يشعرك بالرغبة والشغف لممارسته.
عادةً ما تكون هذه الطريقة فعّالة بدفعك للتجربة، لكن لا تتوقع أن يكون خيارك الأول هو الخيار الصحيح، تابع السطور القادمة لتعرف أهمية الجرأة في اكتشاف الهواية. - جرّب أكثر من مرة لتكتشف هوايتك: الجرأة على تجربة الأشياء الجديدة هي القاعدة الذهبية لاكتشاف الهوايات الشخصية المناسبة، وبغض النظر عن الأسلوب الذي ستتبعه للبحث عن الهواية أو عن الطريقة التي ستتبعها لتقييم الهوايات والمفاضلة بينها، في نهاية المطاف لا بد أن ترمي بنفسك إلى التجربة لتتمكن من اكتشاف الهواية المناسبة[4]، جرَّب وكن جريئاً بتجربتك، واقرأ مقالنا عن طريقة المفاضلة الصحيحة.
- لا تيأس من البحث عن الهواية المناسبة: من الطبيعي أن تجرّب نشاطاً ما ولا تجد ما تبحث عنه، لكن هذا سيساعدك أكثر على تضييق الخيارات، فإذا جرّبت مثلاً الأعمال التطوعية والخيرية وشعرت أنها لست من الأنشطة التي تناسبك يجب أن تبحث عن نمط مختلف من الأنشطة، المقصود أن فشل التجربة يعني زيادة احتماليات نجاح التجربة المقبلة.
تقول الخبيرة في موقع حلوها الدكتورة سناء عبده في إجابتها على سؤال بعنوان (كيف يمكنني استغلال وقت الفراغ ليعود عليّ بالفائدة):"أدعو الشباب والشابات دوماً لتجريب الهوايات المختلفة وللتحقق من مهاراتهم، مثلاً دخول المطبخ وتجربة الطهو، تجربة إعادة ترتيب الغرف وتغيير الديكورات فيها وعمل تصاميم لتحسن مساحتها والاستفادة منها، تجريب الرياضة بأنواعها والرقص، تجريب الرسم والفنون، تجريب الأعمال اليدوية والنسيج والتطريز والخياطة، تجريب الرصد الفلكي، تجريب المبادرات العملية وتدريس الأطفال، يجب أن يبذلوا وقتاً في أي أمر حولهم ومع كتابة ملاحظاتهم ومشاعرهم بصدق ورصد علامات درجة السعادة، وبعد فترة اتخاذ القرار حول أحب الأمور إلى قلبهم واختيار أهم ثلاثة ومن ثم العمل على تطوير الذات فيها للوصول إلى ما يسعدهم ويكون هوايتهم المناسبة". - الهوايات قد تتغير مع الزمن: إن الهواية ليست نشاطاً واحداً يتيماً بالضرورة، فمن الطبيعي أن نجمع بين عدة هوايات أو عدة اهتمامات يكون بعضها أحب إلينا من بعض، وقد تتغير تفضيلاتنا مع الزمن باكتشاف أنشطة جديدة أو فقدان الشغف بأنشطة قديمة مع وجود بعض التفضيلات مستقرةً وثابتةً إلى حدي بعيد، فهذه الدورة الطبيعية للتفضيل والشغف عند الإنسان، لذلك يجب أن نتمتع بالمرونة الكافية لرصد هواياتنا وتطويرها وتنميتها بكل وقت.
كيف أجد الوقت لممارسة هواياتي؟ وكيف أواظب على ممارسة هوايتي؟ ما هي أسرار الاستمتاع بالهوايات بشكل مستمر والاستفادة من الهواية الشخصية إلى أقصى حد؟
مشكلة عدم وجود وقت فراغ كافٍ لممارسة الهواية من أبرز العقبات التي تواجهنا في رحلة اكتشاف الهواية وجعلها ممارسة منتظمة، لكن مهما كنت مشغولاً لا بد من وجود وقت مهدور، كل ما عليك فعله هو إعادة ترتيب وقتك بشكل أفضل لتحصل على وقت خاص لهوايتك.
تقول الخبيرة في موقع حلوها د.سناء عبده في إجابتها على سؤال بعنوان (أكره عملي لأنه يحرمني من ممارسة هواياتي) أن الأولوية لإدارة وقت الفراغ ووقت العمل بحيث يتمكن الإنسان من إيجاد الأوقات المناسبة لممارسة هوايته مهما كان العمل ضاغطاً.
وينصح الخبراء بحساب أوقات الفراغ للأشخاص المشغولين على أساس أسبوعي وليس على أساس يومي، بحيث تستطيع اكتشاف بعض الوقت الضائع الموزَّع على الأسبوع وتقوم بإعادة تجميعه لممارسة الهوايات الممتعة[1].
وإليك بعض النصائح المهمة لإيجاد وقت الفراغ الخاص بالهوايات:
- ابحث عن الأنشطة الاعتيادية غير المثمرة وغير الممتعة واحذفها من جدولك اليومي، من هذه الأنشطة مثلاً تصفح موقع التواصل الاجتماعي أكثر من مرة في اليوم بحكم العادة دون أن يكون هناك متعة استثنائية أو فائدة حقيقية، أو إضاعة الوقت بالبحث عن شيء تشاهده على التلفاز...إلخ
- ابدأ بالهوايات قبل أن يبدأ اليوم، فواحدة من أكثر الاستراتيجيات نجاحاً هي الاستيقاظ قبل بدء اليوم العملي الفعلي وممارسة الأنشطة الممتعة مثل القراءة أو الرياضة المنزلية أو اليوغا أو غيرها، اقرأ مثلاً مقالنا عن إدارة الوقت للأم المضغوطة.
- لا تكن متزمتاً في إدارة الوقت، يجب أن تحافظ على المرونة لتتمكن من التعامل مع التغيرات التي قد تطرأ على جدولك اليومي أو الأسبوعي، وهذا سيساعدك على ممارسة الهوايات في الوقت المناسب إن تبدل مكان الهوايات في الجدول.
- أخيراً... جزء مهم من الاعتياد على الهواية هو تنظيمها، وذلك من خلال تخصيص ركن في المنزل لهذه الهواية مثلاً، أو العناية بالأدوات التي تستخدمها في هوايتك بشكل جيد، هذا سيجعل الهواية تفرض نفسها أكثر على أوقات فراغك.
ذكرنا في مقال سابق أبرز أنواع الهوايات وطريقة تصنيفها، ونذكر لكم هنا بعض الهوايات الممتعة حسب اهتماماتكم وميولكم [5]:
- هوايات ممتعة لمحبي الإثارة والمغامرات
- تسلق الجبال.
- الصيد.
- الرياضات المائية كركوب الزوارق وركوب الأمواج.
- التخييم.
- الأنشطة التي تتضمن تحديات مثل سباقات الخيل والدراجات الهوائية والنارية والجري.
- ألعاب الفيديو الحماسية والجماعية.
- هوايات ممتعة لمحبي الهواء الطلق
- المشي.
- حفلات الشواء.
- مراقبة الطيور.
- جمع أوراق الشجر والأعشاب والفطر.
- جمع الأحجار والحصى المميزة.
- التصوير في الطبيعة.
- هوايات ممتعة لمحبي النشاطات الذهنية والعقلية
- الألعاب الذهنية مثل الشطرنج والكلمات المتقاطعة والألعاب الحسابية.
- الألغاز والأحاجي.
- تعلم لغة جديدة.
- حفظ معلومات عامة مثل العواصم وأسماء المدن والأعلام وغيرها.
- هوايات فنية وإبداعية
- الكتابة والقراءة.
- العزف.
- الرسم.
- النحت أو التشكيل أو إعادة تدوير المخلفات بشكل فني.
- التصوير الفوتوغرافي.
- هوايات اجتماعية ممتعة
الأعمال التطوعية، وتتضمن كثيراً من الأنشطة التي قد تجمع بين الموهبة والعمل الخيري أو خدمة المجتمع، منها مثلاً تسجيل الكتب لفاقدي البصر صوتياً أو بطريقة برايل، الانضمام للجمعيات الأهلية والإغاثية، الاشتراك بما نقوم بإنتاجه من أعمال فنية يدوية بمعارض خيرية....إلخ. - هوايات منزلية
- الطهي من أبرز الهوايات المنزلية.
- البستنة وتنسيق الحدائق.
- تربية الحيوانات الأليفة.
- الديكور وأعمال الإكسسوارات المنزلية.
- هوايات خاصة لمن يعانون من الضغط والتوتر
- جميع الهوايات تساعد على مقاومة الإجهاد والتخلص من التوتر.
- تعتبر اليوغا من أفضل الممارسات بمواجهة التوتر.
- التأمل الحر.
- التمارين الرياضية المنزلية.
- الأنشطة التي تتضمن تفريغاً للطاقة، مثل صالات محاكاة المعارك، أو صالات تكسير الزجاج والأجهزة، لكن يجب مراعاة معايير الأمان والسلامة.
قبل أن تصبح الكتابة مصدر الدخل الأساسي لي كنت أعمل في وظيفتين مختلفتين بوقت واحد لمدة تتجاوز أحياناً 14 ساعة مستمرة لا يفصل بينها سوى وقت الطريق من الوظيفة الأولى إلى الثانية، وكانت هوايتي الأساسية التي أمارسها بشكل شبه يومي القراءة والكتابة.
في مرحلة ما شعرت بحاجة إلى ممارسة نشاط مختلف قليلاً عن الكتابة والقراءة، وأثناء جولة في أحد الأسواق اشتريت لعبة بازل 1000 قطعة بحجم 75×60سم بعد التركيب، وبدأت فعلاً بالعمل على تركيبها لمدة ساعة كل يوم تقريباً، وخلال شهر أنهيت اللوحة، واشتريت ثلاث لوحات مختلفة.
ما أستطيع قوله أن هذه الممارسة البسيطة لعبت الدور الأساسي باحتمال ساعات العمل الطويلة والمجهدة وضغوط العمل المرهقة، وكانت الوسيلة الأساسية لإيجاد الوقت الكافي لهوايتي الجديدة هي إلغاء التصفح اليومي لوسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، فأصبحت أقرأ كل يوم في الطريق بين الوظيفتين لمدة ساعة، وأقوم بتركيب البازل عند العودة للمنزل وفي نهاية الأسبوع.
وأكثر ما كان مفيداً بتركيب قطع البازل أنها تتطلب قدراً من التركيز يجعلني منفصلاً تماماً عن كل شيء، يفصلني عن التفكير باليوم الذي مرَّ ومشاكله، وعن التفكير باليوم التالي ومصاعبه، وعن التفكير بصاحب العمل الأول وتنمره، وصاحبة العمل الثاني وطلباتها التي لا تنتهي...إلخ، كانت ساعة يومية من الصفاء الذهني الكامل لولاها لانهارت قواي وفقدت القدرة على الاستمرار.
أخيراً... يعتبر مجرد التفكير بالبحث عن هواية مناسبة خطوة مهمة، لكن لا بد من اتخاذ إجراءات حقيقية في اكتشاف الهوايات المناسبة لنا، ولا بد من امتلاك الدوافع القوية للاستمرار بالبحث حتى الوصول للهواية المناسبة والمواظبة عليها، نتمنى أن يكون هذا المقال مفيداً لكم، ونتمنى أن تشاركونا تجاربكم الخاصة من خلال التعليقات أو من خلال هذا الرابط.