التنمر عند الفتيات وعلاج التنمر عند البنات
ما هو التنمر المدرسي عند الفتيات؟ كيف أعلم إن كانت طفلتي تتعرض للتنمر؟ كيف أساعد ابنتي في مواجهة التنمر؟ كيف أمنع ابنتي من التنمر على صديقاتها؟ سنتناول موضوع التنمر المدرسي بين الفتيات في مقالنا لنجيب عن هذه الأسئلة وتفاصيل أكثر.
ما هو التنمر المدرسي عند الفتيات؟ (أسباب التنمر على الفتيات)
كل يوم يتعرض طفل للدفع أو الأذى أو النبذ أو لنوع من الإذلال من قبل أقرانه داخل المدرسة، وشكل الجنس فارقاً عندما يتعلق الأمر بالتنمر، فتنمر الفتيات يختلف بالأسلوب والأدوات عن تنمر الصبيان، حيث أن الصبيان يميلون لاستخدام العنف الجسدي بينما تميل الفتيات للإقصاء وعزل الضحية الأمر الذي يسمى العدوان العلائقي أو "Relational aggression " (نوع من العدوان الذي يحدث فيه الإضرار بعلاقة شخص ما أو وضعه الاجتماعي)، على الرغم من إمكانية استخدام الجنسين لكلا الأسلوبين بنسب مختلفة.
تميل الفتيات للتنمر على غيرهن من الفتيات بشكل غير مباشر أو باستخدام العدوان العلائقي بالاعتداء اللفظي مثل التنابز بالأسماء ونشر الشائعات والقيل والقال والنبذ أو الإقصاء عن المجموعة كما تخفي الفتيات تنمرهن مدعيات الطيبة ما يجعل من الصعب كشف تنمر فتاة على فتاة.
ومثل الصبيان تحتشد الفتيات أيضاً حول قائدة تكون محرك للتنمر وموجهة له، لكن مجموعة الفتيات على عكس مجموعة الصبيان، حيث تتعرض القائد للمنافسة والإزاحة في حال إبداء سلوك مخالف لذا لا يثقن ببعض داخل زمرة المتنمرات ولا للحظة، نتيجة لذلك تشعر الفتاة المسيطرة على حلقة التنمر بالقلق من الخسارة لصالح فتاة أخرى داخل الزمرة نفسها! فحينها ستلتف المجموعة حول قائدة التنمر الجديدة، وأطلق مصطلح "mean girls" أو "الفتيات اللئيمات" للتعريف بزمرة المتنمرات اللواتي يحتشدن حول قائدة.
كما تتعرض الفتيات للتنمر الجنسي من قبل الأخريات مثل: وقوعهن ضحية للإشاعات الجنسية أو تعرضهن للرسائل المهينة والجنسية.
وتميل الفتيات للعمل ضمن خطط مدروسة في تنمرهن! فلا يتصرفن بشكل فردي بل يتجمهرن في مجموعات تنمر عدوانية، بينما قد يكون تنمر الصبيان وليد اللحظة[1].
حسب دراسة حكومية بريطانية منشورة عام 2018؛ الفتيات أكثر عرضة للتنمر من الصبيان في المدارس، فهن يقعن ضحية للتنمر المدرسي ضعفي ما قد يواجه الصبيان من تلقي التنمر الإلكتروني والاستبعاد الاجتماعي، ورغم كشف النتائج أن التنمر بشكل عام قد انخفض، لكن ذلك لم ينعكس على التنمر المدرسي ضد الفتيات، فهو صعب على الكشف كما يصعب على المشرفين رصده وحصره، وبينما تراجع التنمر المتمثل بالعدوان الجسدي، فقد استمر التنمر العلائقي بالازدياد على شكل التنابز بالأسماء والاستبعاد الاجتماعي [2].
يمكن حصر بعض العوامل التي قد تجعل من فتاة ما ضحية للمتنمرات بالتالي:
- عندما تكون مختلفة بطريقة معينة.
- إن كانت نحيفة جداً أو تعاني من السمنة.
- في حال بلوغها بشكل مبكر أو متأخر عن زميلاتها.
- إذا قامت بأشياء أو تملكت أغراض تجعل المتنمرات يشعرن بالغيرة منها.
- عندما تكون أفقر أو أغنى من الفتيات المتنمرات.
- إن بدى شكلها مثل فتاة ضعيفة لا تسطيع مجابهة المتنمرات.
- إن كانت تعاني من مرض مزمن أو كانت من ذوي الاحتياجات الخاصة.
- عندما تعاني من انخفاض تقدير الذات وقلة الثقة بالنفس.
- إذا ظهر عليها حساسية لأي نوع من الطعام.
- في حال كانت جديدة في المدرسة.
- عندما ترتدي الثياب بشكل مختلف عن زميلاتها.
- إن كانت لا تمتلك أي صديقة.
- عندما تبدو غير ذكية أو أذكى من الأخريات[3].
ويكون للمتنمرات أسباب نفسية واجتماعية تدفعهن للتنمر على الأخريات.
كيف أعرف إن كانت ابنتي تتعرض للتنمر؟
للأسف لا يوجد طفل محصن ضد التنمر، وقد يحدث وتكون طفلتك ضحية لهذا السلوك العنيف، فلا تهملي الإشارات وابحثي عن التغير في نمط حياة طفلتك، وسنساعدك ونلخص علامات التنمر على البنت بالحالات التالية:
- إصابة جسدية غير مبررة.
- فقدانها لأغراض أو كتب أو وإكسسوار.
- تعاني من صداع متكرر والألم في المعدة أو تزيف المرض في حجة لعدم الذهاب إلى المدرسة.
- تغير في عادات أكلها مثل: انعدام رغبتها بتناول الطعام أو انقطاع شهيتها أو قد تختزل وجبات النهار بوجبة واحدة كبيرة، لأنها تكون قد امتنعت عن تناول الطعام بين زميلاتها في المدرسة.
- صعوبة في النوم أو تعاني من كوابيس متكررة.
- تراجع في درجاتها أو فقدانها الاهتمام بالوظائف المدرسية وعدم تحمسها للذهاب إلى المدرسة.
- فقدانها المفاجئ لصديقة أو تجنبها للمواقف الاجتماعية.
- شعورها بالعجز عن تحقيق أي شيء أو انخفاض احترام الذات لديها.
- تقوم بأذية نفسها جسدياً أو تفكر وتحاول الهروب من المنزل[4].
قد تكون هذه العلامات خطيرة جداً ومهددة لحياة طفلتك وصحتها النفسية، لأن التنمر ظاهرة سلبية قد تحمل عواقب وخيمة على الطفل، لذا لا تترددي بطلب المساعدة وابحثي أكثر في عوارض التنمر لتقطعي الشك باليقين وتباشري بمساعدة صغيرتك.
كيف أساعد فتاتي في محاربة التنمر؟
في حال حدث ولاحظتي تعرض فتاتك للتنمر المدرسي أو لجأت إليك طلباً للعون اتبعي النصائح التالية:
- لا تبالغي برد فعلك: معظم الأمهات اختبرن الخيانة من قبل ربما كانت صديقتك أو قريبتك ورؤية ابنتك تمر اليوم بموقف من الخيانة بين الأصدقاء، قد يعيد لديك الذكريات المؤلمة، بالتالي رد فعل هو أمر طبيعي لكنه ليس الأنسب لطفلتك، ضعي في بالك أن فتاتك تخشى تخيب ظنك في حال لم تكن اجتماعية أو محبوبة في مدرستها، لذى خففي من قلقها ولا تشعريها بالتقصير إن لم تستطع الوصول لمستوى توقعاتك، وفرصتك الأفضل لتحافظي على شخصية فتاة صحية وقوية، هي أن تنتبهي جيداً إلى أفعالها وتصغي بانتباه إلى حديثها عن مشاعرها.
- استمعي واطرحي أسئلة: عندما تأتي إليك فتاتك لتخبرك عن تعرضها للتنمر اصغي إليها بإمعان وعندما تنهي قصتها باشري بطرح أسئلة مثل "ماذا تعتقدين أنه يجب أن تقوليه في المرة القادمة؟" أو "هل هذا الرد سينجح؟" ساعديها على فهم المعاني خلف مفرداتها وتصرفاتها مثلاً: تبادلي معها الأدوار واجعليها تستنتج المفردات التي بإمكانها مساعدتها في بعض المواقف، خذي بعين الاعتبار بأن أفكارك للمساعدة قد لا تكون مثالية في الوسط المدرسي لذا اسألي فتاتك: "ما الذي يمكنه أن يشعرك بشكل أفضل في هذا الموقف؟" لكن تأكدي من أن يصدر الحل من عقلها هي واشعريها إنها قادرة على حلّ مشاكلها بنفسها، ذلك عن طريق وضع أفكارها في الاتجاه الصحيح نحو الحل بوساطة الأسئلة والتلميح واعملي على فسح المجال أمامها في اللجوء إليك طلباً للمساعدة عند أي موقف أو مشكلة تتعرض له مستقبلاً.
- من الطبيعي الشعور بالغضب: اجعلي طفلتك تعلم أن غضبها تجاه الفتيات المتنمرات مبرر وطبيعي، لذا ساعديها في تخطي وإدارة هذه المشاعر السلبية، وأكدي لها أنها ذات قيمة لديكِ، ثم ساعديها لتجد أدوات تساعدها في موقفها وكيفية تصرفها أمام المتنمرات مستخدمة شجاعتها وقدرتها على التكيف ومرونتها أيضاً.
- ابحثي عن بدائل داخل مدرستها: ساعديها في الوصول إلى بدائل داخل مدرستها، راجعي معها الخيارات من حصولها على أصدقاء إلى حلفاء أو مشاركتها في أنشطة جديدة، ودليها على الأماكن التي يمكن أن تجد فيها أصدقاء جدد مثل: المجموعات المختلفة أو الصفوف الأخرى.
- ابحثي عن بدائل خارج مدرستها: إن شعرت فتاتك أن صديقاتها مركز الكون ولم تستطع تخطي العزلة المفروضة عليها من قبلهم، اقترحي عليها الحصول على وسط اجتماعي جديد خارج المدرسة، ولتتعرف على أصدقاء في صفوف الفنون أو معاهد الرياضة أو دروس الموسيقى.
- عند تعرضها لتهديد جسدي أو تصرف غير قانوني: إذا كان سلوك المتنمرات غير قانوي أو هددن بالأذى أو عرضن ابنتك لإهانة جسدية، حينها لا يكون أمامك خيار سوى اللجوء إلى إدارة المدرسة لاتخاذ إجراء قانوني، وخذي بعين الاعتبار أن المتنمر قد يقلل من خطورة الموقف ويصف التهديد بأنه مجرد بلطجة، لذا كوني واضحة ومحددة بشأن تفاصيل ما حدث[5].
ومن الأسئلة التي وردت إلى موقع حلوها تساؤل سيدة حول تعرض ابنتها لسخرية صديقاتها في المدرسة، وأجابتها الاختصاصية التربوية والنفسية الدكتورة هداية:
"سيدتي الكريمة يتعرض العديد من الأطفال إلى سخرية زملائهم نتيجة الغيرة أو تميزهم عن الجماعة التي ينتمون إليها، والحل يكمن في القدرة على امتصاص الشحنات السلبية التي تتلقاها الطفلة من زملائها وعدم الاكتراث بهم؛ حاولي أن تقوي من شخصيتها بدلا من التفكير السلبي والتأثر بكلام زميلاتها وشجعيها على التركيز على دراستها والرفع من مستوى تحصيلها وتحقيق أهداف مستقبلية بأفكار إيجابية تسهم في زيادة دافعيتها على الإنجاز، كما يجب أن تنزعي تساعديها على إدارة ومعالجة الأفكار السلبية المطلقة بأن لا أحد يحبها! فهي ترى ذلك وتفسر المشكلة بهذه الطريقة، ولا تنظري إلى المشكلة من وجهة نظرها، بل ابحثي عن الدوافع وتعرفي على الحقائق بالذهاب إلى المدرسة، لأن طفلتك في مرحلة المراهقة ويغلب على هذه الفترة التفكير غير المنطقي، وأهم شيء هو الاحتواء وإشعار البنت بالحب والاهتمام".
كيف أمنع طفلتي من التنمر على صديقاتها؟
عندما تتنمر فتاة يكون لديها عدة أسباب مثل شعورها بعدم الأمان لذلك تختار شخص أضعف منها جسدياً أو عاطفياً كي تشعر إنها مهمة أو أكثر شعبية أو قادرة على السيطرة، كما قد تمارس الفتاة التنمر لأنها ببساطة لا تعرف إن كان مثل هذا السلوك غير مقبول، وفي بعض الأوقات تقوم من خلال التنمر بعكس سلوك أحد أبويها السلبي والعنيف، في كل الحالات بإمكانك إيقاف هذا السلوك المغلوط وتعليم ابنتك أن التنمر غير مقبول ويحمل عواقب وخيمة عليها في المدرسة والمنزل والمجتمع.
حاولي أن تفهمي سبب سلوكها لأنه في حالات معينة تتنمر الفتيات بسبب مشاكل في السيطرة على الغضب أو لأنها تواجه صعوبة في التعامل مع مشاعرها الصعبة والتي لا تفهمها.. المتمثلة بعدم الأمان والإحباط، وقد يكون سبب التنمر أنها لم تتعلم طرق حل النزاعات بشكل تعاوني وتفهم اختلافات الرأي لدى الأخرين.
ويمكنك اتباع الاستراتيجيات التالية لإيقاف سلوكها السلبي:
أولاً: تعاملي مع التنمر بجدية: أوضحي لفتاتك إنك لن تتهاوني مع سلوك التنمر الصادر عنها في المنزل أو أي مكان أخر، ضعي قوانين وقواعد حول الأمر والزميها بها ثم اجعلي عقاب التنمر واضح مثل الحرمان من بعض الأشياء لفترة معينة، على سبيل المثال: إن مارست التنمر الإلكتروني من خلال مواقع التواصل الاجتماعي؛ اجعلي عقوبتها الحرمان من هاتفها المحمول أو الكمبيوتر لفترة من الزمن، إن تعاملت بعنف مع أشقائها عاقبيها بشكل غير عنيف بحرمانها من زيارة صديقتها التي تحبها.
ثانياً: علمي فتاتك أن تتعامل مع الأخرين باحترام ولطف: اشرحي لها إنه من الخطأ السخرية من اختلافات الأخرين كالعِرق أو الحاجات الخاصة أو النوع أو الوضع الاقتصادي أو المظهر الخارجي، وحاولي غرس حس التعاطف لديها تجاه الأشخاص المختلفين عنها، وشاركي مع فتاتك في مناسبات وفعاليات اجتماعية تضم أطفالاً مختلفين بإمكان فتاتك الاختلاط معهم.
ثالثاً: تعرفي أكثر على حياة فتاتك الاجتماعية وعلاقاتها: انظري بتمعن إلى العوامل التي قد تؤثر في سلوكها داخل بيئة المدرسة، تحدثي مع أهالي أصدقائها ومعلميها ومستشاري التوجيه ومدير المدرسة واساليهم عن سلوكها، وهل غيرها من الأطفال يتنمر أيضاً؟ ماذا عن أصدقائها من هم؟ ثم شاركي معها في نشاطات خارج المدرسة، حيث بإمكانها تطوير علاقات اجتماعية جديدة مع أطفال مختلفين.
رابعاً: كوني قدوة حسنة ومثالاً جيداً لابنتك: راقبي طريقة تحدثك أمام فتاتك وكيف تتعاملين مع الصراعات والنزاعات، فإن كان سلوكك عدواني تجاهها أو أمامها من المحتمل أن تقلدك وتبدأ بالإشارة إلى سلبيات الأخرين عوضاً عن الإشارة إلى الإيجابيات، وعندما تظهر النزاعات في حياتك كوني منفتحة ومرنة عندما تتأقلمين مع مشاعرك الصعبة (الغضب والحزن والإحباط.. الخ).
خامساً: شجعي السلوك الجيد لدى الفتاة: تعزيز الإيجابيات أقوى من الانضباط السلبي، لذا راقبي تصرفات طفلتك الجيدة، وتحدثي بفخر عنها وامدحيها على سلوكها، عندما تتعامل مع موقف ما بشكل بناء أو إيجابي [6].
في النهاية.. لا يجب التقليل من خطورة ظاهرة التنمر وخاصة تنمر الفتيات، فهو يكون مخطط ومستمر.. الأمر الذي قد يؤدي إلى مشاكل في شخصية ابنتك تصاحبها خلال سن النضوج في حال إهمالك لإشارات التحذير، لذلك راقبي علامات التنمر الظاهرة عليها، والتزمي بخطوات تساعدها في مواجهة المتنمرات، وشاركينا رأيك وتجربتك على موقع حلوها
[1] مقال Sherri Gordon "هل يتنمر الصبيان والبنات بشكل مختلف؟" منشور على موقع Verywel Family.com تمت مراجعته في 17/11/2019
[2] مقال Richard Adams "الفتيات أكثر عرضة للتنمر من الصبيان" منشورعلى موقع The Guardian - Back to home.com تمت مراجعته في 17/11/2019
[3] مقال "لماذا تتعرض بعض الفتيات للتنمر؟" منشور على موقع girlshealth.com بعنوان تمت مراجعته في 17/11/2019
[4] مقال "علامات تحذير للتنمر" منشور على موقع stopbullying.comتمت مراجعته في 17/11/2019
[5] مقال Peggy MOSS,JD "ماذا تفعل عندما تكون فتاتك ضحية للمتنمرات؟" منشور على موقعempoweringparents.com تمت مراجعته في 17/11/2019.
[6] مقال D,Arcy LYNESS,PHD "تعليم الأطفال عدم التنمر" منشور على موقعkidshealth.com تمت مراجعته في 17/11/2019