الطفل الخجول (كيف أساعد طفلي الخجول؟)
يعاني الطفل من الخجل في مرحلة ما من سنوات عمره الأولى، قد تستمر هذه الحال إلى سنوات متقدمة، وقد تؤثر بشكل سلبي على حياة طفلك الاجتماعية، وأنت لا تريد أن يكبر طفلك ليكون بالغاً خجولاً في عمله وحياته الخاصة، وعلى الرغم من إيجابية صفة الخجل لدى الصغار، لكن لا يُفضل أن تكون عاملاً في القضاء على استقلالية شخصيته وثقته بنفسه واعتماده على نفسه، في هذا المقال سنساعدك للتعامل مع سلبيات خجل الأطفال وكيفية تخليص طفلك من الخجل المبالغ به.
من هو الطفل الخجول؟ وما هي سلبيات وإيجابيات خجل الأطفال؟
الطفل الخجول هو طفل يشعر بالقلق عندما يتعرض لمواقف غير مألوفة أو عند التفاعل مع الآخرين خاصة الذين لا يعرفهم، فمن المرجح أن يتعرض الطفل الخجول لضغوط نفسية وتوتر كبير إذا شعر أنه محور اهتمام، فعلى سبيل المثال لا يفضل الطفل الخجول مقابلة شخص جديد أو الاضطرار إلى التحدث أمام الآخرين.
سلبيات الخجل عند الأطفال
يتسبب القلق بمجموعة من السلبيات والمضاعفات ترخي بظلالها على الطفل وحياته الاجتماعية، ومن أبرز هذه السلبيات لخجل الطفل [1]:
- الحصول على فرص أقل لتطوير أو ممارسة المهارات الاجتماعية، مقارنةً بأقرانه من الأطفال غير الخجولين.
- الحصول على عدد أقل من الأصدقاء، مقارنةً بأقرانه من الأطفال غير الخجولين.
- انخفاض مشاركته في الأنشطة الترفيهية التي تتطلب التفاعل مع الآخرين، مثل الرياضة أو الرقص أو الدراما والمسرح أو الموسيقى.
- زيادة الشعور بالوحدة لدى الطفل الخجول، كذلك عدم الأهمية وقلة احترام الذات.
- انخفاض القدرة على الوصول إلى الإمكانات الكاملة، بسبب خوف الطفل الخجول من آراء الآخرين.
- لدى الطفل الخجول؛ مستويات عالية من القلق.
- التأثيرات الجسدية المحرجة التي يُصاب بها الطفل الخجول مثل احمرار الوجه والارتعاش في بعض الأحيان.
الجوانب الإيجابية للخجل عند الطفل
لكل شيء سلبياته وإيجابياته، كذلك الأمر بالنسبة للخجل، حيث يرتبط الخجل ببعض السلوكيات الإيجابية عند طفلك، منها [1]:
- الاجتهاد في الدراسة.
- حسن التصرف وعدم الوقوع في المشكلات.
- الإصغاء بانتباه للآخرين.
صفات الطفل الخجول وأسباب خجل الأطفال
يقول برناردو كاردوتشي مدير معهد أبحاث الخجل بجامعة ولاية إنديانا الأمريكية "بمجرد أن تتعرف على هذه السلوكيات الطبيعية للأطفال الخجولين، يمكنك العمل معهم بدلاً من التصدي لها"، ومن أبرز صفات الأطفال الخجولين [4]:
- الطفل الخجول يعتمد على نفسه ومجتهد في دراسته وعاطفي، لكنه في الغالب لا يحب تجربة أشياء جديدة.
- الطفل الخجول بطيء في الاستعداد للتعامل مع الآخرين ولا يتحمس كثيراً للتعرف على أشخاص جدد، فقد يستغرق وقتاً أطول للتكيف مع الموقف الجديد، وقد يرغب في أن يكون اجتماعي، لكنه يتجنب الاقتراب من الآخرين لأنه خائف أو لأنه لا يعرف كيف يتقرب منهم.
هناك عدة أسباب تجعل الطفل يعاني من الخجل، وغالباً ما تكون هذه الأسباب مجتمعة لدى الطفل، وهي [1]:
- الوراثة: فقد يكون الخجل نتيجة عوامل وراثية، ونتيجة لاتصاف أحد أفراد العائلة بهذه الصفة.
- شخصية الطفل: فقد يكون الطفل حساس ويسهل تخويفه، ويكون هذا الطفل خجولاً أكثر من غيره.
- السلوك المكتسب عند الطفل الخجول: فقد يتعلم الطفل الخجل من والديه أو أحدهما، من خلال لجوئه لتقليدهم في تصرفاتهم باعتبارهم المثل الأعلى بالنسبة له.
- العلاقات الأسرية: فقد يكون الطفل الذي لا يشعر بأنه مرتبط بشكل آمن بوالديه (بسبب الطلاق أو الانفصال العاطفي بين الوالدين)؛ قلق وعرضة أكثر للخجل.
- عدم وجود تفاعل اجتماعي: فقد لا يتمتع الطفل الذي عزل عن الآخرين خلال السنوات القليلة الأولى من حياته بالمهارات الاجتماعية (ظروف مرضية مثلاً)، التي تتيح له التفاعل السهل مع الأشخاص الغرباء فيشعر بالخجل.
- الانتقاد القاسي للطفل: فالطفل الذي يتعرض للتخويف من قبل أشخاص مهمين في حياته كالأب والأم والأشقاء وغيرهم من أفراد الأسرة المقربين أو الأصدقاء أو المعلمين، قد يميل إلى الخجل نتيجة الخوف من التعرض للنقد والتوبيخ إذا تصرف بطريقة اعتبرها هؤلاء غير مناسبة، لذلك يفضل الطفل في هذه الحالة عدم المبادرة بأي سلوك وانتظار الآخرين ليقوموا بالمبادرة نيابة عنه.
- الخوف من الفشل: قد يعاني الطفل الذي تم دفعه مرات عديدة للقيام بأشياء تفوق قدراته من خجل نتيجة خوفه من الفشل. الشعور بعدك الارتياح: مما يمنعه من التواصل مع الأطفال الآخرين، ولأنه يشعر بعدم الارتياح في الأوساط الاجتماعية، ويتجنب التفاعل مع أقرانه، هذا يعني أنه لا يتعلم كيفية التحدث واللعب مع أطفال آخرين، بالتالي يكون لديه فرصة أقل لتطوير مهاراته الاجتماعية - بما في ذلك إجراء محادثات أو اكتشاف أشياء ممتعة للقيام بها معاً، فالأطفال الخجولين يفصلون أنفسهم عن غيرهم لأنهم يركزون على عدم ارتياحهم، فعلى سبيل المثال، يقضي الأطفال الخجولون وقت العطلة في القراءة أو التحديق بصمت إلى الأطفال الآخرين من مسافة 10 أمتار، لسوء الحظ، فإن الرسالة غير المقصودة التي يرسلونها إلى أقرانهم عندما يفعلون ذلك هي أنهم لا يريدون أن يكونوا أصدقاء، لذلك غالباً ما يستجيب الأطفال الآخرون بشكل سلبي لهذا السلوك المتعثر أو قد يتعرض الطفل الخجول للتنمر بسبب ذلك [2].
بالإضافة إلى مشكلة تعرض الطفل الخجول للتنمر من قبل أقرانه أو الأطفال الأكبر عمراً، يحتاج الأهل للاستعانة بخبير متخصص أو الطبيب النفسي إذا وصلت مشكلة الخجل إلى الحدود التالية[3و4]:
- عندما يرفض الطفل الذهاب إلى المدرسة.
- عندما يكون لديه مشكلة في تكوين صداقات.
- عندما ينزعج طفلك من الذهاب إلى حفلات أعياد الميلاد أو ممارسة الرياضة أو اللعب مع أقرانه.
- عندما يظهر طفلك علامات القلق في المواقف الاجتماعية كالمدرسة أو تجمعات الأسرة الكبيرة.
- عندما يقول طفلك إنه يشعر بالوحدة ولا يعرف كيف ينضم إلى أطفال آخرين ويلعب معهم.
- عندما يشعر طفلك بأنه لا يستطيع الإجابة أو طرح الأسئلة أمام زملائه في الصف.
كيف نساعد الطفل للتغلب على الخجل والتواصل مع أقرانه؟
شعور الأهل بأن طفلهم خجول، هو بداية الطريق لمساعدته في التحرر من خجله، والتخلص من السلبيات المزعجة التي يسببها الخجل في حياته وعلاقاته مع أقرانه، من خلال اتباع النصائح التالية [2و3و4]:
- عدم إجبار الطفل الخجول على التواصل مع الآخرين: أو تقريعه لعدم قدرته على التحدث بطريقة الكبار مع ضيوفهم أو الأقارب والأصدقاء.
- البقاء مع الطفل الخجول في مواقف اجتماعية التي تقلقه: مثل مجموعات اللعب مع أقرانه من الأقارب والجيران، عند ذلك يمكن للأهل تركه معهم للعب على مرأى منهم، كي نشجع الطفل على الانسجام مع أقرانه مع الانتباه لسلوكه في نفس الوقت.
- عدم مجاراة الطفل في خجله: كثرة مسايرة الوالدين لطفلهما الخجول وتقدير مشاعره بشكل مبالغ فيه؛ يجعله يتوتر أكثر ويظن أن الخوف الذي يشعر به مبرر بالتالي يزداد خجله بدل أن يقل. مدح السلوك "الشجاع": مثل الاستجابة للآخرين، أو استخدام اتصال العين مع أحد أقرانه أو من البالغين الذين يتحدثون معه أمامك، أو تجربة شيء جديد أو الجرأة في اللعب مع طفل غريب في الحديقة أمام ناظريك، ومن الممكن أن تقول له: "لقد أعجبتني الطريقة التي قلت بها مرحباً لبائع الفوشار في الحديقة، هل لاحظت كيف ابتسم عندما فعلت ذلك؟".
- العمل على المهارات الاجتماعية: على الأهل منح الطفل فرصاً لممارسة مهاراته الاجتماعية كلما أمكن ذلك، في المتجر شجعوا الطفل على تسديد المال لأمين الصندوق، وخلال العشاء في مكان عام اطلبوا من الطفل طلب وجبته المفضلة بنفسه، قوموا بدعوة صديقٍ آخر للعب معه، حتى يتمكن الطفل من الحصول على مزيد من المهارات من الأقران.
- إذا قال أشخاص آخرون إن طفلكم "خجول"، فقوموا بتصحيح ما قالوه وبلطف أمام طفلكم: على سبيل المثال، "طفلنا يحتاج لبعض الوقت ليستعد كي ينسجم مع الآخرين، لكنه عندما يكون مستعداً سيكون سعيداً باللعب معهم".
- مساعدة الطفل الخجول على الاقتراب الاندماج مع الأطفال والاستماع لهم: مما يتيح للجميع بعض الوقت للتعود على بعضهم البعض، علّموا أطفالكم أن يستريحوا من اللعب ويدردشوا مع بعضهم في مواضيع تهمهم.
- بناء الثقة: ذكّروا طفلكم الخجول بالوقت الذي مرَّ فيه بمواقف جديدة وتجاوزها، عند الذهاب إلى حفلة عيد ميلاد، على سبيل المثال، ذكروه أنه شعر بذلك في حفلةٍ سابقة لكنه بعد ذلك استمتع مع الأطفال الآخرين.
- الوصول المبكر للحفلات أو التجمعات: هذه طريقة جيدة لإعطاء الطفل بعض الوقت للاستعداد والتواصل مع عدد قليل من الحاضرين قبل وصول الآخرين.
- لا تنقذ الطفل الخجول: عندما يرفض الطفل الإجابة، لا تجبروه على ذلك أو تجيبون عنه، ما عليكم سوى الانتظار في صمت مع ابتسامة؛ لمنحه فرصة للتفكير في الإجابة، فمنحه فرصة كي يستطيع الإجابة يعزز قليلاً من إيمانه بأنه سيتحدث، وكلما زادت الفرص المتاحة أمامه للتحدث عن نفسه، كان ذلك أسهل للتخلص من خجله في المستقبل.
- شجعوا جميع جوانب شخصية طفلكم: أن يكون الطفل بطيئاً في ا الاستجابة وسرعة التعامل مع الآخرين ليس سوى جانب واحد من هويته، تذكروا أن تشجعوا جميع الصفات الشخصية الأخرى: اللطيف، المؤدب، المجتهد.. إلخ.
- التعبير عن التعاطف: أخبروا طفلكم أنكم تتفهون شعوره بالخجل، وأنكم تشعرون بالخجل أحياناً، شاركوا طفلكم قصصكم حول الأوقات التي تغلبتم فيها على خجلكم في أيام طفولتكم.
- تشجيع الطفل الخجول على الاندماج مع الآخرين: تقول خبيرة موقع حلوها، الأخصائية النفسية في تربية الطفل الدكتورة هداية: "إنه يجب تشجيع الطفل الخجول على الاندماج مع الآخرين، وعدم الانسياق إلى رغبته في البقاء وحيداً".
نصائح للطفل الخجول في سن المدرسة
يقول أستاذ علم النفس في جامعة نيفادا الأمريكي كريستوفر كيرني: "إن الأطفال الخجولين قد لا يصبحون فاعلين اجتماعياً، لكن لا يزال بإمكانك مساعدتهم على تعلم كيفية العمل في البيئات الاجتماعية وبناء العلاقات"[4]، فكيف نساعد الأطفال الخجولين في المدرسة؟ سؤال يخطر ببال الأهالي، يمكن أن تكون المساعدة من خلال القيام بما يلي [3]:
- تشجيع الطفل الخجول على اللعب سواء في منزلكم أو في منزل أصدقائكم، فإذا تمت دعوة طفلكم إلى منزل أحد الأصدقاء، فقد يشعر براحة أكبر إذا ذهبتم معه في البداية، يمكنكم بعد ذلك تقليل الوقت الذي تقضونه معه تدريجياً عندما يلعب مع أصدقائه.
- تدريب الطفل على العروض التقديمية الخاصة بالمواد الدراسية في المنزل، سيساعد ذلك الطفل ليشعر براحة أكبر عندما يتعين عليه الوقوف أمام زملائه في الصف لشرح فكرة أو حل مسألةٍ ما.
- تشجيع الطفل على القيام ببعض الأنشطة اللا- صفية، حاولوا العثور على سلوكيات تشجع مهارات التواصل الاجتماعي - على سبيل المثال، معسكرات الكشافة أو المباريات الرياضة.
- دربوا أطفالكم قبل المناسبات الاجتماعية، على سبيل المثال قل له: "سيرغب الناس في التحدث معك اليوم، تذكر أن تنظر إلى عمك عندما يتحدث إليك، إذا لم تفعل فقد يعتقد أنك لا تستمع إليه، ويقول أننا لم نحسن تربيتك".
- تجنب المقارنات السلبية للطفل، مع الأشقاء أو الأصدقاء الأكثر ثقة بالنفس.
تقول اختصاصية تربية الأطفال في موقع حلوها الدكتورة هداية:
"إنه يمكن المساعدة على بناء احترام طفلك لذاته عن طريق تشجيع خطواته الصغيرة كي يكون أقل خجلاً، ونصحت الدكتورة هداية الأهل باتباع النصائح التالية لزيادة مستوى ثقة الطفل بنفسه:
- الحرص على تشجيع الطفل وخلق جو آمن في البيت من دون خوف أو قلق.
- عدم توبيخ وضرب الطفل إذا أخطأ لأن ذلك يعتبر سبباً رئيسياً في عدم قدرته على الدفاع عن نفسه وعدم القدرة على مواجهة الآخرين بثقة.
- تخصيص أوقات للاعتناء بالطفل والاستماع إليه واللعب معه ومشاركته بعض من النشاطات التي تثير اهتمامه.
- مساعدته على تفريغ ما يعتمل داخله من مشاعر أو أفكار، خصوصاً نظرته السلبية حول ذاته من أجل تعديلها وتغييرها.
- أخد رأي الطفل الخجول في بعض المواقف، حتى يحس بقيمته ومكانته وأنه قادر على حل المشكلات بآرائه، فهذا يعزز مستوى ثقته بنفسه.
- احترام رغبة الطفل وتأييده مع عدم الاستهزاء به سواءً في البيت أو المدرسة أو أمام الآخرين.
في النهاية.. على الأهل أن يدركوا مشاكل أولادهم منذ الطفولة، كي يسهل التعامل مع هذه المشكلات ومواجهتها، ومن هذه المشاكل الخجل، فعدم إدراك الأهل لحقيقة الخجل الذي يعاني منه أطفالهم واعتباره سمة إيجابية؛ قد يعرض أولادهم لمواقف سيئة ومشكلات تنمر عندما يكبرون، وما كانوا مضطرين للتعرض لها؛ لو تعامل أهلهم بمسؤولية أكبر مع مشكلتهم في الخجل منذ الطفولة.
[1] مقال "الأطفال والخجل"، betterhealth.vic.gov.au، تمت المراجعة في 15-11-2019
[2] مقال Eileen Kennedy-Moore "مساعدة طفلك الخجول"، psychologytoday.com، تمت المراجعة في 15-11-2019
[3] مقال "الخجل عند الأطفال"، raisingchildren.net.au، تمت المراجعة في 15-11-2019
[4] مقال Shahreen Abedin، "نصائح لعائلة الطفل الخجول"، webmd.com، تمت المراجعة في 15-11-2019.
[5] مقال "سبع نصائح لطفل خجول"، positiveparentingsolutions.com، تمت المراجعة في 15-11-2019