أسباب تدخل الأهل بين الزوجين وتأثير الأهل على الحياة الزوجية
بمجرد انتقال الشاب أو الفتاة من العزوبية إلى الزواج هم على موعدٍ مع التحديات والمنعطفات الكثيرة في العلاقة الزوجية، وربما تكون حدود العلاقات التي تجمع الزوجين بالأهل من أكثر التحديات صعوبةً وخطورةً في آنٍ معاً، ولا عجب أن تكون العلاقة الطيبة مع أهل الزوجة وأهل الزوج سراً من أسرار الحياة الزوجية الناجحة.
في هذا المقال نتناول واحدة من القضايا الشائعة وهي تدخل الأهل بين الزوجين، ونستعرض أسباب تدخل أهل الزوج والزوجة في الحياة الزوجية، والصراع الأزلي بين الكنة والحماية، وبين الأصهار وأهل الزوجة، كما نحاول أن نقدم لكم بعض النصائح والمقترحات لحل مشكلة تدخل الأهل في الحياة الزوجية، مستعينين بمجموعة من القصص الواقعية عن تدخل الأهل في الحياة الزوجية من رواد موقع حلوها.
ما هي أسباب تدخل أهل الزوج في الحياة الزوجية؟ ولماذا تتدخل الأم في حياة ابنتها المتزوجة؟
بالنسبة لمعظم العائلات العربية فإن التدخل بين الزوجين حالة شائعة وربما مشروعة، باعتبار أن سلطة الأب والأم لا تنتهي مع بلوغ الأولاد الرشد أو انتقالهم من العزوبية إلى قفص الزواج، ويبقى للأب والأم حقوق على أولادهما وواجبات ما داما على قيد الحياة، وسنجد هذه الحالة أقل شيوعاً في المجتمعات الفردية التي تكرس مفهوم الأسرة الصغيرة والفردية.
وفهم الأسباب التي تدفع أهل الزوج للتدخل في حياة ابنهما الزوجية أو التي تدفع أهل الزوجة للتدخل في زواجها؛ يعتبر اللبِنة الأساسية في ابتكار حلول المشاكل التي يسببها تدخل أهل الزوج والزوجة، أو لرسم الحدود الصحيحة لعلاقة الأسرة الصغيرة مع الأسرة الكبيرة، وإليكم أبرز أسباب تدخل أهل الزوج والزوجة بين الزوجين [1,2,3]:
1- شعور الأهل بالمسؤولية المستمرة عن الأولاد حتى بعد الزواج
مهما كانت أمور الأبناء جيدة في الحياة سيظل الأهل يشعرون بالمسؤولية تجاههم، ويشعرون أنهم مطالبون بتقديم النصح والمشورة والدعم والمساهمة في تخطيط حياة الأبناء في المجالات المختلفة، فقلّما يستطيع الأبوان تقبّل استقلالية الأبناء الكاملة وخروجهم من كنف الرعاية إلى المسؤولية الذاتية والخيارات الحرة.
هذا الشعور بالمسؤولية تجاه الأبناء حتى بعد الزواج -والذي قد يصل إلى الاستخفاف بقرارات الأبناء وخياراتهم- هو أحد أهم الأسباب التي تدفع الأهل للتدخل بالحياة الزوجية لأبنائهم.
وما يجب إدراكه وفهمه أن هذا التدخل -وإن كان نابعاً من نية صافية غالباً- إلا أنه يعتبر آلية دفاعية نفسية يقوم بها الأهل لمواجهة فكرة انفصال الأولاد عنهم واستقلالهم بحياتهم، وهذه الآلية تمنح الأهل شعوراً بالطمأنينة وأنهم ما زالوا فاعلين في حياة أبنائهم وقادرين على التأثير بها.
2- الحفاظ على الأسرة الكبيرة
واحد من أبرز أسباب تدخل الأهل في الحياة الزوجية في مجتمعنا العربي هو مفهوم الأسرة الكبيرة، فخروج الابن إلى حياة خاصة مستقلة لا يعني انفصاله عن أسرته الكبيرة بأي حال من الأحوال، لا من الناحية المعنوية (العادات والتقاليد والمبادئ والقيم الروحية...إلخ) ولا من الناحية المادية كمطالبة الابن بتقديم الرعاية المادية للأخوة والآباء حتى بعد زواجه.
وغالباً ما يكون اختلاف ثقافة أهل الزوجة عن ثقافة أهل الزوج سبباً وجيهاً لتدخل الأهل في الحياة الزوجية وصراع الأهل والأبناء، فكما أن الزوجان قد يختلفان على المعايير الثقافية والاجتماعية التي تحكم الأسرة؛ كذلك الأهل يحاولون فرض المعاير الثقافية على عائلات الأبناء التي هي امتداد للعائلة الكبيرة من وجهة نظرهم.
3- صراع الأجيال بين الأبناء والآباء
في سياق متصل قد يكون صراع الأجيال واحداً من الأسباب الوجيهة لتدخل الأهل في الحياة الزوجية، فما كان صحيحاً قبل أربعين عام لم يعد كذلك، وما كان ممنوعاً أو مشيناً قبل أربعين عام أصبح الآن عادياً وشائعاً، وطبيعة الإنسان أنه معجونٌ بالحنين إلى ما مضى، هذا الحنين لدى الأهل إلى عاداتهم القديمة وأسلوب حياتهم يجعلهم أكثر جرأة ورغبة في التدخل بحياة أبنائهم وبناتهم الزوجية.
4- السمات الشخصية للأهل
وبعيداً عن الأبعاد الاجتماعية والأسباب العامة لتدخل الأهل في حياة الأزواج؛ سنجد أن السمات الشخصية التي تميّز الأم أو الأب تلعب دوراً كبيراً في احترام خصوصية زواج الأبناء أو في محاولة فرض نوع من السيطرة عليهم.
وبطبيعة الحال فإن الأم المتسلطة ستكون أكثر رغبة في فرض سيطرتها على زوجة ابنها أو حتى زوج ابنتها، والأب المتسلط أيضاً لن يقبل أن يتخذ ابنه قرارات مستقلة في حياته الزوجية، وسيكون ميَّالاً بشكل واضح إلى وضع المعايير الأساسية لأبنائه وبناته حتى بكيفية تعاملهم مع شريك الحياة.
5- إنقاذ الأبناء من تكرار تجربة الزواج الفاشل
قد يكون أحد الأسباب الرئيسية لتدخل الأم في حياة ابنتها المتزوجة مثلاً، هو رغبة الأم في حماية ابنتها من تكرار تجربتها المريرة في الزواج، فمرور الأهل بزواج فاشل أو عسير قد يدفعهم إلى حماية أبنائهم من تكرار التجربة عبر التدخل المستمر في حياتهم الزوجية، وعلى الرغم أن الدافع في هذه الحالة نبيل غالباً، لكن النوايا الحسنة لا تكفي، لأن الأسلوب الذي يتدخل به الأهل في حياة أبنائهم الزوجية قد يكون كارثياً ويقتل كل فرصة لاستقرار الحياة الزوجية.
السيدة التي تخلى عنها زوجها بعد ثلاثين سنة من الزواج متنكراً لكل تضحياتها، قد تكون أكثر ميلاً لنصح ابنتها والتأثير عليها باتجاه تأمين مستقبلها المادي من خلال الزوج وتقديم تنازلات أقل في حياتها الزوجية، والأب الذي تعرّض للخيانة الزوجية قد يكون أكثر حرصاً على تغذية الشكوك لدى ابنه المتزوج ومراقبة تفاعل زوجة الابن مع الآخرين وطريقة لبسها وكلامها ...إلخ.
6- عدم قدرة الزوجين على رسم حدود واضحة للأسرة
ليست المشكلة دائماً عند الأهل، فحتى مع الآباء والأمهات المنفتحين والذين يحترمون خصوصية علاقة أبنائهم الزوجية؛ سنجد حالات للتدخل نتيجة عدم قدرة الزوجين على رسم حدودٍ واضحة لأسرتهم ولعلاقتهم مع الأسرة الكبيرة وبيت الاحمى، وسنتحدث أكثر عن الحدود التي يرسمها الزوجان في الفقرة القادمة.
7- ضعف شخصية الزوج والزوجة
بما أن الزوج الذكر في مجتمعنا هو المسؤول غالباً عن قيادة الأسرة ورسم حدود العلاقة مع الآخرين؛ سيؤدي ضعف شخصية الزوج إلى تدخلات مستمرة من الأهل، وليس من الأهل فقط بل حتى من الأقارب الأبعد والجيران والأصدقاء، لأن الناس ميّالة إلى النصح والسيطرة، وميّالةٌ إلى مشاركة التجارب والشعور بالسعادة عند التأثير على الآخرين، فإن لم يتمكن الزوج من إيقاف كلٍّ عند حده، سيتحول بيت الزوجية إلى بيتٍ بلا جدران!.
هذا ينطبق أيضاً على الزوجة ضعيفة الشخصية، التي لا تستطيع رد تدخلات الحماية أو أخوات الزوج أو حتى رد تدخلات أهلها في حياتها الزوجية، اقرأ مثلاً إحدى القصص في مجتمع حلوها عن ضعف شخصية الزوجة إزاء تدخلات أهلها في حياتها الزوجية.
8- أسباب موجبة لتدخل الأهل في الحياة الزوجية
هناك حالات أخرى أكثر خصوصية لتدخل الأهل في الحياة الزوجية، منها مثلاً تدخل الأهل بسبب قسوة وعنف الزوج على الزوجة، أو تدخل الأهل في خيارات الزوجين نتيجة تشابك العلاقات المالية ومصادر الدخل بين الزوج وأهله، كذلك الأمر عندما يكون هناك ظروف خاصة يمر بها الزوجان فيحاول الأهل التدخل لتسوية الخلافات أو تقريب وجهات النظر، ثم قد ينجحون أو يزيدون الطين بِلّة!.
هذه كانت الخطوط العريضة لأسباب تدخل الأهل في الحياة الزوجية سواء أهل الزوج أو أهل الزوجة، لكن هناك أيضاً خصوصية لتدخل الأم بزواج ابنها، أو بعلاقة ابنتها مع زوجها، نحاول أن نضيء عليها سريعاً في الفقرات القادمة.
تدخل الأم بين الزوجين والصراع بين الحماية والكنة
لا شك أن الحالة الأكثر شيوعاً هي تدخل أم الزوج في حياة ابنها الزوجية وطريقة ترتيبها وطريقة تعامله مع زوجته، فهذا الصراع بين الحماية والكنة ليس فقط صراعاً على السلطة بين امرأتين، بل أيضاً صراع على القيمة والأهمية في حياة الابن، وكأن الحماية والكنة ربانان يتجاذبان دفة السفينة ويتنازعان قيادتها.
وكلما كانت شخصية الكنة مستقلة وقوية كلما احتدم الصراع أكثر لأن رغبة الحماية بفرض سيطرتها أو بالأحرى باستمرار فرض سيطرتها على ابنها تصطدم بمحاولة الزوجة الاستقلال بزوجها وبحياتها الزوجية.
هذا لا ينفي بطبيعة الحال وجود علاقات طبية بين الكنة والحماية في الكثير من الأسر، لكن الصورة النمطية للحماية والكنة هي بحد ذاتها دافع ومحفز للمشاكل بينهن، فالكنة تدخل بيت الزوجية مستعدة سلفاً للشجار، وكذلك الحماية تستقبل الكنة بتصوّر مسبق عن الصراع الذي يجب أن يكون.
ويبقى الدور الأول في هذه الحالة منوطاً بالزوج -الابن- المطالب بالوفاء إلى أمّه التي ربته وأنجبته من جهة، وبالحفاظ على خصوصية زوجته وحقها بتكوين أسرة مستقرة هي المسؤولة عن قيادتها بالطريقة التي يتفق عليها الزوجان من جهةٍ أخرى، وكلّما كان موقف الزوج الابن سلبياً تجاه تدخلات والدته أو ردود فعل زوجته؛ كلما تضاعفت الآثار السلبية لهذا الصراع الكلاسيكي بين الزوجة وأم الزوج.
في إحدى التجارب المريرة التي وردت إلى مجتمع حلوها؛ انتهت تدخلات الحماية في حياة ابنها الزوجية إلى الانفصال والطلاق، نتيجة الافتراء والتدليس والتشهير الذي مارسته الحماية على الكنة، وكانت إجابة مدربة الحياة والخبيرة في موقع حلوها ميساء حموري كالآتي:
"المشكلة ليست بالحماية، المشكلة في زوجك منعدم الشخصية الذي يستمع لها وتسيّره حسب رغباتها وغيرتها المرضية، زوجك أناني وعديم الشخصية لذلك عليك أن تهتمي بنفسك أنتِ، اطلبي منه إبعادك أنت وأولادك عن أمه، طالبي بحقوقك ولا تكوني سلبية وتهوني الأمور عليهم ليتزوج ولكن عليه حل المشكلة أولاً ومن الضروري جداً تدخل أهلك في الموضوع".
قد يكون تدخل والد الزوج أيضاً هو المشكلة، لأن الأب وخاصّةً المتسلط يحاول غالباً التدخل بطريقة تعامل ابنه مع زوجته، والحدود التي يجب أن تلتزم بها زوجة الابن للحفاظ على صورة العائلة وتقاليدها لأنها أصبحت جزءاً من العائلة الكبيرة.
كما أن والد الزوج هو الحارس الأمين لذكورة ابنه وصورته الذكورية أمام المجتمع، ويحمل على عاتقه -من وجهة نظره- نقل العادات والتقاليد إلى الجيل الجديد من خلال أسرة ابنه، فيتدخل لذلك بزوجة ابنه وخياراتها الشخصية (اللباس، العمل، أوقات الخروج والعودة، طريقة الكلام ...إلخ) كما يتدخل أيضاً بتربية الأبناء.
من القصص التي وردت إلى موقع حلوها يقول صديق الموقع أن والده يتدخل بزوجته ويحاول أن يفرض عليها أوقات العودة إلى المنزل، وعندما رفضت زوجة الابن تدخل والد زوجها بأمورها الخاصة، قرر والد الزوج أن هذا الزواج يجب أن ينتهي!.
أجابت الأخصائية النفسية في موقع حلوها ميساء النحلاوي:
" إن زوجةً محترمة ومتزنة تحترم قبل كل شيء والد زوجها ولا تجاوبه . كيف تسمح لها بالتطاول على والدك؟ أما عودتها متأخرة فلا دخل لوالدك به طالما أنكما متفقان.. صارحها وارفض طريقه تعاملها مع والدك واطلب منها تغيير تصرفاتها معه وفي نفس الوقت لا تكن سلبياً واطلب من أبيك بأدب أن يترك لك الاتفاق مع زوجتك. أخيراً، أنصحك أن تستقل بالسكن مع زوجتك وإلا ستعيش في دوامة التدخل والمشاكل."
لقراءة تفاعل القراءة وآرائهم المتباينة وردود خبراء آخرين انقر هنا
أمي تتدخل بحياتي الزوجية، تدخل أهلي في حياتي الزوجية يسبب الخلافات مع زوجي!
ذكرنا سابقاً أن الحالة الكلاسيكية لتدخل الأهل في العلاقة الزوجية هي تدخل أهل الزوج بحياة ابنهم وأسرته، لكن هذا لا ينفي وجود الكثير من الحلات أيضاً عن تدخل أهل الزوجة في حياة ابنتهم الزوجية، وقد واجهنا العديد من هذه القضايا عبر مجتمع حلوها.
منها مثلاً استشارة وردتنا من أحد أعضاء مجتمع حلوها، الرجل أخذ زوجته وسافر إلى إحدى الدول طلباً للقمة العيش، وبعد فترة لحق به أخوة زوجته وأمها وسكنوا معهم في نفس البيت، لكن مع وصول أهل الزوجة وإقامتهم في نفس البيت تغيّر سلوك الزوجة وتبدَّلت طباعها، ونشبت خلافات كثيرة بين الزوجين، حتى أن أهل الزوجة دفعوها إلى الحديث عن أسرارها الزوجية أمام الغرباء لتحكيمهم، وعندما ترك الزوج البيت احتجاجاً على هذا الأسلوب عاد ليجد أقفال الأبواب قد تبدلت وكأنه مطرود من بيته!.
أجابته مدربة الحياة في موقع حلوها ميساء حموري:
"عليك أن تكون قوياً عزيزي وتتصرف، لا أعلم كيف تسمح لزوجتك وأهلها بإخراجك من بيتك! عليك باستشارة محامي مختص بهذه الامور وتعرف ما هي حقوقك وتتصرف ولا تكن ضعيفاً معهم ولا تخف على أولادك الآن فهم في أمان ولكن لا تجعل اولادك يفقدون احترامهم لك بسبب ضعفك أمام أمهم وعائلتها!"
لقراءة تفاعل القراء مع القصة ولإبداء الرأي يمكنكم زيارة هذا الرابط.
على وجه العموم لا تختلف دوافع تدخل أهل الزوجة عن دوافع تدخل أهل الزوج، وربما يكون على رأسها تساهل الزوج والزوجة مع خصوصية الحياة الزوجية، وضعف شخصية أحدهما أو كليهما ما يؤدي إلى تمادي الأهل في التدخل بشؤونهما الخاصة.
تأثير تدخل الأهل على الحياة الزوجية متشعّب ومختلف من حيث المدى والشدة حسب الظروف الخاصة بكل زواج، ويبدأ تأثير تدخل الأهل في زواج الأبناء من إحداث الخلافات البسيطة والنزاعات المتقطعة، وقد يصل إلى التسبب بالطلاق والانفصال وانهيار الأسرة، أو العيش في حالة مستمرة من النزاع والصراع والانفصال العاطفي بين الزوجين، ويمكن ذكر أبرز أساليب تدخل الأهل في الحياة الزوجية وآثارها كالآتي:
- انتهاك خصوصية الزوجين: وذلك من خلال التدخل في تفاصيل الحياة اليومية للزوج أو الزوجة، أو التدخل في أسلوب حياتهما وحتى بخياراتهما الشرائية والتربوية والمالية والاجتماعية.
عادةً ما يكون دخول الحماية للمطبخ مثلاً وانتقاد طريقة ترتيب الأواني أو نظافتها أو طريقة الكنة في الطبخ؛ سبباً وجيهاً لإشعال خلاف قد لا تحمد عقباه، كذلك الأمر عندما تحاول الحماية فرض العادات الشرائية على أسرة ابنها -أو بنتها- منتقدةً إسرافهم أو تقتيرهم، ومنتقدةً حسن اختيارهم للسلع، وهناك عشرات الأمثلة الأخرى على انتهاك خصوصية الحياة الزوجية من قبل أهل الزوج أو أهل الزوجة.
- إشعال الخلاف بين الزوجين: غالباً ما يكون تدخل الأهل سبباً رئيسياً من أسباب النزاع بين الزوجين، بل وسبباً لتعقيد الخلافات القائمة أصلاً وتعسير الحلول، حتى وإن كان الهدف من تدخل الأهل هو حل المشكلة.
وللأسف قد يكون إشعال وتأجيج الخلاف بين الزوجين هدفاً لأهل الزوج أو الزوجة، فالأهل لا يغفرون مثلاً تجاهل رأيهم عند اختيار الابن أو البنت لشريك الحياة، ولا يغفرون غالباً ما يعتقدون أنه قسوة الأبناء بالانفصال عنهم والاستقلال بذاتهم، لذلك قد يحرضون الخلاف ويخلقون أسباب النزاع بين الزوجين حتى وإن كان ذلك بشكل غير واعٍ.
- التدخل في تربية الأطفال وإفساد القواعد: في كثير من الأحيان تسعى الأم لرسم قواعد واضحة لأبنائها وما يستوجب الثواب وما يستوجب العقاب، لكن تدخل الجد أو الجدة في هذه القواعد من خلال التسامح أو القسوة سيكون له أثر سلبي على تربية الأطفال.
هذا لا علاقة له إن كانت القواعد صحيحة أم لا، ولا علاقة له إن كان رأي الجدين (أهل الزوج أو أهل الزوجة) صائباً أم رأي الأم هو الأصح؛ وإنما يرتبط بالأثر السلبي لتدخل الأهل بتربية الأحفاد بضرورة وجود سياق تربوي موحّد وقواعد مستقرة، وتأثير انتهاك القواعد أو التدخل بها على امتثال الأطفال واستجابتهم للأساليب التربوية المختلفة.
- تحفيز الشعور بالذنب لدى الأبناء-الأزواج: للأسف واحدة من الطرق الملتوية التي يتبعها الأهل لفرض أنفسهم على الحياة الزوجية هو تحفيز الشعور بالذنب لدى الأزواج-الأبناء، وعادةً ما تؤدي مشاعر الذنب تجاه الأهل إلى ظلم الشريك أو اتخاذ موقف سلبي ومتساهل مع تدخل الأهل في الحياة الزوجية.
- انتقاد الأهل للزوج أو الزوجة: انتقاد أهل الزوجة للصهر أو انتقاد أهل الزوج للكنة سواءً كان علنياً أو داخل الأسرة سيقود بطبيعة الحال إلى توتر العلاقة الزوجية، وغالباً ما تكون ردة فعل الابن أو الابنة تجاه انتقاد الأهل لشريك الحياة هي الفيصل في مآل هذه الانتقادات، فالزوج الحكيم لا يسمح بانتقاد زوجته بقسوة أو إهانتها حتى وإن لم يكن راضياً كل الرضا، ويلجأ إلى الحديث معها بالكواليس بعد حمايتها من الانتقاد اللاذع خاصة أمام الأطفال، وكذلك تفعل الزوجة الحكيمة.
هذا أيضاً ينطبق على واجب الزوج والزوجة تجاه الأهل بصون كرامتهم وحمايتهم من الانتقاد الجارح أو الإهانة وبشكل صارم، خاصَّةً أمام الأحفاد، فانتقاد الأهل للزوج أو الزوجة قد يساهم بإضعاف صورتهم أمام الأطفال الصغار، وكذلك هو الأمر إذا تعرض الأجداد للتجريح أو الانتقاد اللاذع على مسمع الأحفاد.
- القطيعة المستمرة مع أهل الزوج أو الزوجة: النموذج الصحي والسوي للعائلة هو وجود الجد والجدة في حياة الأسرة الصغيرة، لكن تدخل الأهل في الحياة الزوجية للأبناء وما ينتج عنه من آثار قد يكون سبباً لقطيعة دائمة أو شبه دائمة بين الأسرتين الكبيرة والصغيرة، ما ينعكس سلباً على استقرار علاقة الأبناء الزوجية وعلى الأحفاد أيضاً.
- تدخل الأهل قد يكون سبباً لانهيار الزواج: قد يصل تأثير تدخل الأهل في حياة الزوجين إلى تدمير الأسرة وإنهاء الزواج، وجميع الأطراف تساهم بهذه الكارثة لكن الحصاد يكون من نصيب الأطفال بشكل أساسي، اقرأ مقالنا عن تأثير الانفصال على الأطفال.
وضع حدود لتدخل الأهل في الحياة الزوجية وحل مشكلة تدخل الأهل بين الزوجين
كان موضوع هذا المقال تحليل مشكلة تدخل الأهل في الحياة الزوجية وتحديد دوافع الأهل وأسبابهم وآثار تدخلهم بين الزوجين، وقد قدمنا مقالاً آخراً منفصلاً ومفصّلاً عن حل مشكلة تدخل الأهل في الحياة الزوجية يمكنكم مراجعته من خلال هذا الرابط، ونذكر لكم بعض أهم الاستراتيجيات لحل مشكلة تدخل الأهل في الحياة الزوجية بأقل الخسائر الممكنة:
- الاحترام المتبادل بين الأهل والزوجين هو القاعدة الأساسية لتجنب الصراعات الكبيرة، وإن كان طلب الاحترام بديهياً، فلا بد أيضاً من إبداء الاحترام لأهل الزوج والزوجة مهما كانت الظروف والخيارات، ومهما كانت الرسالة التي تريد/تريدين إيصالها لهم فهناك طرق محترمة دائماً؛ اجعلوا الاحترام خياراً أولاً وقانوناً حاكماً للعلاقة مع الأسرة الكبيرة.
- حل الخلافات والنزاعات الزوجية وراء الجدران، وعدم إظهار مساوئ الزوج أو الزوجة أمام الآخرين من الأهل أو غيرهم، تجنباً لفتح بابٍ واسعٍ للتدخل غير المرغوب به، الزواج السعيد هو الذي لا يستطيع أحد في الكون تحديد حالته الراهنة على سلّم الرضا إلا الأزواج أنفسهم!.
- التساهل والتسامح مع أهل الشريك: بطبيعة الحال تحتاج العلاقة الزوجية إلى الكثير من التساهل والتسامح حيث يكون ذلك ممكناً وحيث يكون خياراً لا فرضاً، وقد يكون مفيداً فتح المجال لأهل الزوج للمشاركة بحياة أبنائهم بالطريقة التي لا تنتهك الخصوصية أو تشكل عبئاً على الزواج.
- عزل الأطفال عن صراعات الكبار: مهما كانت الظروف لا بد من تجنيب الأطفال الدخول في كل هذه الصراعات بين الأجداد والآباء، ليس فقط للحفاظ على صورة الأب والأم والجدين واحترامهم؛ بل أيضاً ليكون الأطفال في المستقبل قادرين على قيادة أسرتهم وحماية أبنائهم من النزاعات التي لا بد منها في الحياة الزوجية.
أخيراً... نتمنى أن يكون هذا المقال نقطة انطلاق لتحسين العلاقة بين الأهل والزوجين، ونتمنى أيضاً أن تشاركونا تجاربكم الناجحة في التعامل مع أهل الزوج أو أهل الزوجة من خلال هذا الرابط.
[1] مقال Stephen J Betchen "ستة أسباب لتدخل الأهل في حياة أبنائهم الزوجية"، منشور في psychologytoday.com، تمت مراجعته في 24/12/2019.
[2] مقال Rebecca Mikulin "لماذا يتدخل الأهل في علاقات أبنائهم وزواجهم"، منشور في pairedlife.com، تمت مراجعته في 24/12/2019.
[3] مقال Lisa Milbrand "اثنتي عشرة طريقة يتدخل بها الأهل في الحياة الزوجية"، منشور في thenest.com، تمت مراجعته في 24/12/2019.