أسباب خوف الأطفال من الظلام وعلاج مشكلة خوف الطفل من العتمة
الخوف من الظلام هو خوف مشترك بالنسبة لمعظم الأطفال، وعادةً ما يبدأ الخوف من الظلام في عمر صغير وذلك عندما تتسع القدرات المعرفية للأطفال وتتوسع مخيلتهم! وبالنسبة لبعض الأطفال لا يذهب هذا الخوف أبدًا إذا تفاقهم الأمر دون انتباه الوالدين أو إيجاد العلاج المناسب[1].
بعض الأطفال يتأثرون سلباً بسبب خوفهم من الظلام ويتعرضون لمشاكل أكبر من هذه المشكلة، فيمكن أن تتحول شخصية الطفل إلى شخصية قلقة جداً بسبب هذه المخاوف، فقد يتتبعك طفلك من غرفة إلى أخرى وقد يرفض الذهاب إلى أي غرفة مظلمة وحده حتى خلال النهار! وبالنسبة له سيتحول وقت النوم إلى كابوس حقيقي في حياته.
لماذا يخاف الأطفال من الظلام؟
الخوف هو عاطفة طبيعية وضرورية ترسل إلينا إشارة تحذير لنكون حذرين، تصل هذه المشاعر إلى نهاياتنا العصبية وتحفز كل حواسنا وتضعنا في حالة تأهب قصوى، مما قد يشعرنا بالخوف الشديد.
ويتساءل الكثيرون أيضاً حول ما الذي يسبب خوف الأطفال من الظلام؟، فيمكننا حصرها بنقاط هامّة على النحو التالي:
- التلفاز يسبب الخوف للأطفال:
يعد التلفاز أحد أسوأ الأسباب التي تحفز شعور الخوف من الظلام عند الأطفال، وللأسف لا يدرك الآباء مدى تأثيره السلبي والكبير على أطفالهم.
فالمشاهد والأصوات التي تظهر على هذه الشاشة محفزة للغاية لأدمغتهم مما يعرض الأطفال لأشياء قد لا تكون مخيفة بالنسبة لشخص بالغ ولكنها مرعبة بالنسبة لطفل.[2] - الكتب وخوف الأطفال من الظلام:
يوجه العديد من علماء النفس أصابع الاتهام أيضاً إلى الكتب، فربما تحتوي بعض الكتب على صور مرعبة، وهذه الصور تثير خيالًا واسعاً لدى الطفل وتثير كل أنواع الأفكار التي يمكن أن تعود لتطارد طفلًا وحده في الظلام. ولا ننسى بأن العديد من الكتب تحتوي على رسوماتٍ للوحوش في القصص الخيالية، وهذه ستجعل الأطفال يسيئون تفسير الصور وبعدها استحضار المخاوف والتخيلات السلبية خاصة في فترة الليل أو في الظلام.[2] - سماع الحديث المخيف وعلاقته بخوف الطفل من العتمة:
عندما يجلس الأطفال يسمعون أحاديث الكبار ورواياتهم عن الأخبار الحزينة أو المؤلمة، أو أحداث الحروب المفجعة، أو حتى جرائم القتل التي تحدث على مدار الساعة وفي كل مكان، هذا سيجعلهم يفكرون بتفاصيل عميقة بهذه الأحداث وسيشعرون بأنها ستحدث معهم في أي لحظة، لذلك يجب على الأهل أن يكونوا حذرين أمام أطفالهم بنوع الأحاديث والحوارات المطروحة، فنحن الكبار نستطيع فصل الأمور والتفكير بأحداث معينة دون عيش أحداثها، ولكن الأطفال سيبقى تفكيرهم بالأمور بتفاصيلها وتخيل أحداثها وكأنها تدور حولهم في كل لحظة. - تهديد الأطفال سبب للخوف:
للأسف هنالك البعض من الآباء والأمهات يقوموا بتهديد أطفالهم ما لم يسمعون الكلام أو ينفذون الأوامر، فنرى بعض الأمهات تقوم بتهديد طفلها بإحضار الشرطة أو حبس الطفل في غرفة مظلمة وغيرها الكثير من أنواع العنف الفكري والنفسي، وهذا له أثر كبير على بث الرعب في ذهن الطفل الذي سينعكس عليه ليلاً أو حتى في النهار.
لم يفت الأوان بعد! وبإمكاننا تمكين الأطفال من محاربة مخاوفهم، ويمكنك من الآن البدء في تعليم طفلك كيف يحارب مخاوفه من الظلام بخطوات ميسرة وسهلة[1]:
- تقبل مخاوف طفلك من الظلام:
واحدة من أهم الطرق لعلاج خوف الأطفال من الظلام هي تصديق وقبول فكرة خوفهم من الظلام، قد يبدو هذا وكأنه نوع من الخلل النفسي لكن في الواقع له الكثير من الفوائد على نفسية طفلك، لذلك أخبر أطفالك أنك تفهم أنهم خائفون وأنه من الطبيعي أن يكون لديهم خوف من الظلام، اشرح لأطفالك أن الظلام مخيف فقط لأنه لا يمكننا رؤية ما يحيط بنا وعندما لا نستطيع رؤية ما يحيط بنا هذا يجعل خيالنا قلقًا بشأن الأشياء غير الموجودة. لذلك يمكنك إخبار أطفالك أنه "عندما يحاول خيالك خداعك قم بإضاءة الضوء وسترى أنك بخير". - اجعل مفاتيح الضوء في متناول يد أطفالك:
من أجل مساعدة أطفالك وتمكين شعور السيطرة لديهم اجعل مفاتيح الإضاءة في متناول أيديهم. فبعض الأطفال الصغار أطول من الآخرين وقد لا يمثل هذا مشكلة بالنسبة للبعض ولكن بالنسبة للأطفال الذين هم في الحد الأدنى من مخطط النمو يمكن أن يكون هذا تحديًا كبيرًا في السنوات القليلة الأولى!
لحسن الحظ فإن عالم منتجات الأطفال الصغار المبتكر لم يخذلنا ويجد لنا حلولاً بشكل دائم! يمكنك أن تجد بعض التمديدات الخفيفة في بعض المتاجر الالكترونية التي تجعل مفتاح الضوء في متناول جميع أفراد الأسرة. - قم بزرع الأضواء التي تعمل على بطارية في كل زوايا المنزل:
يمكنك الاستفادة من الإضاءة البسيطة التي تعمل على بطارية واستخدامها في الزوايا الصغيرة والتي تسبب الرعب للأطفال في المنزل، مثل خزانة الملابس أو تحت السرير أو في زوايا الغرفة المظلمة، هذا سيشعر الطفل بالأمان. - لا تفترض أنك تعرف لماذا يخاف أطفالك من الظلام!
الأطفال هم أناس صغار غريبون، ولديهم مخاوف فريدة لا يمكن التنبؤ بها ولا تخيلها، لذلك يجب فهم مخاوف طفلك جيداً قبل مساعدته.
فمواجهة خوف طفلك من الظلام دون فهم خوفه جيداً يشبه وضع عباءة على شيء دون معرفة ما تغطيه! - ضع مصادر إضاءة ممتعة في غرفة طفلك:
هذا الأمر يوجد به تحدي وصعوبة قليلة، لأن الإضاءة الزائدة غير مفيدة للأطفال ولن تجعلهم ينامون بعمق، كما أن بعض أنواع الإضاءة تخلق انعكاسات وظلال ستزيد من خوفهم، لذلك يجب أن تكون حذراً جداً في ترتيب واختيار مصادر الإضاءة.
ولحسن الحظ هناك العديد من خيارات الإضاءة الليلية الإبداعية في السوق والتي تأتي على هيئة أشخاص أو أشكال حيوانية تتوهج في الليل، وهناك كرات متوهجة يمكن من قبل أطفالك عندما يتنقلون في جميع أنحاء الغرفة أو يستيقظون، كما أن هناك أيضًا إضاءة ليلية جميلة تقوم بعرض صور مختلفة على السقف مثل النجوم أو مشهد المحيط والتي تشعر الطفل بالراحة. - تخلص من الظلال المخيفة في غرفة أطفالك:
يمكن أن تسبب ظلال بعض الصور أو الرفوف أو الدمى الكثير من المخاوف الحقيقة لدى أطفالك دون بوحهم بذلك، لذلك اجلس مع أطفالك في فراشهم عندما يضيء ضوء الليل واطلب منهم أن يوضحوا لك ما هي مناطق الغرفة التي تخيفهم في الليل، وإذا كان هناك ظل واضح ابحث عن مصدر الظل وأظهره لأطفال، ويمكنك قول شيء مثل: "انظر، لقد كانت دميتك تصنع تلك الظلال على الحائط ويمكننا تحريك الدمية الخاصة بك إلى الخزانة وسيختفي الظل! ". - علّم أطفالك كيفية قضاء وقت ممتع مع الظلال:
واحدة من الطرق الممتعة والتي ستقلل من خوف أطفالك من الظلام هي اللعب في الظلال، فيمكنهم بالقيام ببعض الحركات الصغيرة بأيديهم صنع أشكال أو حيوانات جميلة وتحريكها بشكل ممتع وفكاهي.
فتعليم أطفالك كيف يلعبون مع الظلال سوف يزيل الغموض عن مفهوم الظلال ويجعلهم أقل خوفاً منه في المستقبل. - ادخلهم تحديات تنتهي بمكافآت:
فمثلاً عندما يخاف أطفالك من الذهاب إلى غرفة أخرى لأنها مظلمة أخبرهم ب "يمكنني أن أذهب معك أو يمكنك مواجهة مخاوفك والذهاب لوحدك وإذا ذهبت بمفردك فستكسب جائزة!".
قدمت خبيرة التربية في موقع حِلّوها مجموعة من النصائح لعلاج مشكلة خوف الطفل من الظلام خلال إجابتها على سؤال إحدى الأمهات، حيث تشتكي الأم أن طفلها قد انقلب حاله فجأة بعد أن رأى أمامه طفلة تصرخ عند إطفاء الضوء، فأصبح هو أيضاً يخاف من الظلام، وكانت نصائح الخبيرة على الشكل الآتي:
- يجب على الوالدين التقليل من الحساسية نحو الظلام عن طريق تدريب الطفل على التحدث في الظلام وتشتيت انتباهه عن مصدر الخوف الأصلي.
- تشجيع الطفل على مواجهة خوفه مع مدحه والثناء عليه.
- تقديم نماذج في التعامل مع مصدر الخوف وحبذا لو يكون ذلك من طرف الوالدين.
- تربية وتدريب الطفل على الشجاعة والقوة التي يجب أن يتحلى بها ويكون الأب خير مثال له لأن الطفل يقتدي بسلوك الأب ويتماهى معه.
- اللعب مع الطفل بتقليل الإضاءة تدريجياً إلى أن يصل للقدرة على البقاء في الظلام دون صراخ.
- عدم الصراخ على الطفل أو تعنيفه لأن ذلك يزيد من حدة الخوف.
- تفنيد خوفه من الظلام عن طريق التجربة والتحلي بالصبر والمثابرة عند تدريبه على الاستجابة المعاكسة والسليمة حتى نحصل على نتائج إيجابية.
الخوف من الظلام عند الطفل يبدأ عادةً في عمر 24 إلى 36 شهرًا تقريبًا، تلك الفترة الذهبية للأطفال الصغار حيث يبدؤون بفعل كل شيء من القفز على قدم واحدة، إلى التحدث بجمل كاملة وغيرها الكثير[3]
قبل ذلك العمر لا يعرف الأطفال الخوف بالمعنى الحقيقي لأنهم لا يولدون بالمعرفة أو الخبرة الفطرية للخوف، بل إنهم يولدون بفاعلية انعكاسية تمثل سلائف نمو عصبي لتطوير استجابات وقائية متعمدة، فأي شخص قام عن طريق الخطأ بتشغيل ستيريو أو إسقاط وعاء بالقرب من طفل فسنراه يصرخ بسبب خوف تفاعلي وهو ليس خوفًا مدركًا قائمًا على القلق العام بشأن شيء محدد مثلما يبدو كما لو كان طفلك خائفًا فجأة من الظلام.
وفي النهاية وبعد تقديم شرح مفصّل عن مشكلة خوف الأطفال من الظلام يمكننا القول بأنه من خلال دعم الوالدين يمكن لمعظم الأطفال التغلب على الخوف من الظلام في غضون أسابيع قليلة ولكن إذا استمر الخوف لفترة أطول فلا بد من استشارة طبيب الأطفال الخاص بك لتحديد ما إذا كان من المفيد لطفلك الحصول على بعض المساعدة من طبيب نفسي مختص لعلاج المشكلة قبل تفاقمها.