أزمة منتصف العمر عند الرجال ومظاهر جهلة الأربعين
لئن كان القرآن الكريم قد أشار لعُمر الأربعين كسنّ للنضج، فإن اعتقاداً متداولاً في ثقافات عدة يتحدّث عما يمكن الاصطلاح عليه "جهلة الأربعين"، ما يجعل السؤال مطروحاً بقوة حول ما إذا كانت هذه "الجهلة" ترقى لمستوى ظاهرة؟ وهل تعود لحقيقة علمية أم أنها محض انطباعات متناقلة؟
سنحاول عبر هذه المقالة الإجابة على بضعة أسئلة قد تتبادر لذهنك حول جهلة الأربعين وأزمة منتصف العمر عند الرجال، أعراض ومظاهر جهلة الأربعين، وما يفكر به الرجال في سن الأربعين.
لربما كنت من بين من يتساءلون عن أعراض جهلة الأربعين عند الرجال؛ لتسهيل تمييزها عن اضطرابات أخرى قد تعتري شخصيتك عند بدء العقد الرابع من العمر.
ولعلّ الملمح الأبرز لجهلة الأربعين، أو أزمة منتصف العمر عند الرجال، هو الاهتمام اللافت بالشكل الخارجي، وفي أحيان يكون هذا غائباً في مراحل عمرية سابقة، لكنه سرعان ما يطفو على السطح عند اقتراب الرجل من سن الأربعين، فيبدأ صبغ الشعر الشائب، مع اهتمام لافت باللياقة البدنية وبالمظهر الخارجي من حيث الهندام ورائحة العطر وتسريحة الشعر، بالإضافة للتوق لمواعدة النساء الصغيرات في العُمر مقارنة بعمر الرجل الذي يعاني من جهلة الأربعين [4].
ونحن هنا نتحدث عمّا يتعلق بالسلوك والحالة النفسية فقط؛ لنتعرف أكثر إلى مظاهر أزمة منتصف العمر في الفقرة القادمة
قد لا يكون المذكور آنفاً سلبياً البتة، فلا يدخل حينها ضمن حالة كنا قد أشرنا لها سابقاً عن أزمة منتصف العمر، بقدر ما يعكس هلعاً بات واضحاً لدى الرجل لتجنب ظهور علامات التقدم في العمر عليه، [5] لكنه في أحيان قد يغدو مكشوفاً إلى حد يتسبّب في انتقاد من حوله له، لا سيما حين تظهر الأعراض التالية التي يمكن تسميتها مظاهر أزمة منتصف العمر أو جهلة الأربعين عند الرجل [3] [4]:
- العلاقات المشبوهة في الأربعين: حين ينخرط الأربعيني، الذي يعاني من أزمة منتصف العمر في علاقات غير متزنة، تعتريها الخيانات الزوجية وفي مرات الأكاذيب على الأطراف كلها.
- الاهتمام بالشابات والفتيات: حين تصبح الشريحة المستهدَفة لدى الرجل، الذي يعاني من جهلة الأربعين، هي الشابات الصغيرات في العمر بشكل كبير، أي في مطلع العشرينيات على سبيل المثال أو من كان يفصل بين عمره وعمرهن فرق شاسع.
- يحاول الابتعاد عن فئته العمرية: حين يغيب اهتمام الرجل بسن الأربعين حيال الزوجة أو حيال الشريحة العمرية التي ينتمي إليها الرجل، بمعنى انخراطه في أوساط بعيدة تماماً عن عمره واهتماماته السابقة.
- العلاقات الخاطفة والسريعة: حين تصبح العلاقات العاطفية للرجل الأربعيني، الذي يعاني من أزمة منتصف العمر، متأرجحة، بمعنى أن المراهق الأربعيني يهتم لفترة قصيرة بامرأة وسرعان ما يختفي من دون مقدمات، منتقلاً لأخرى ومحاولاً إيقاعها بالطريقة ذاتها.
- حين تبدأ علامات سلبية بالظهور لدى الرجل: الذي يعاني من جهلة الأربعين قد تظهر عليه علامات سلبية، من قبيل الانشغال عن المنجز الوظيفي والأكاديمي، في مقابل ظهور سلوكيات مفاجئة مثل السهر لساعات طويلة خارج البيت، وتعاطي الكحول في مرات كثيرة، ومحاولة تجربة أدوية جنسية منشطة، وما إلى ذلك.
- الطيش والتنازل عن المسؤولية: يحدث في مرات أن ينحرف الرجل في سن الأربعين عن مساره القويم تماماً، حين يترك عائلته ويغادر مع عشيقة، أو حين ينشغل تماماً عن عمله فيفقد مصدر دخله، أو حين لا يعود مكترثاً لأداء دوره كزوج وأب.
- الأحاديث الجنسية: لعل من أبرز الأعراض لجلهة الأربعين كثرة التباهي بالقوة الجنسية والعلاقات الجسدية والغرامية، إلى حد يغيب فيه معيار المنطق في طرح هذه الأحاديث، فلا يتردّد الرجل المراهق في مرات كثيرة عن قول عبارات من هذا القبيل أو سوقها ضمن تلمحيات ونكات أمام أفراد من عائلته أو في محافل رسمية أو مناسبات اجتماعية رصينة.
- الأربعيني قد يكون مخادعاً فاشلاً: حين لا ينتبه الأربعيني الذي يعاني من أزمة منتصف العمر لكونه بات مكشوفاً لدى الآخرين، فيقع في مطبات اجتماعية كثيرة من قبيل مواعدة نساء كثر في فترة زمنية متقاربة، وقد يكونّ من الوسط الاجتماعي ذاته فيسهل كشف الخديعة، أو حين لا ينتبه الرجل في سن الأربعين لكون زوجته قد بدأت تستشعر ما يحدث من تغيّرات.
- الاهتمام أكثر بالأمور الجنسية: حين تصبح كل الأنشطة في حياة الرجل الذي يعاني من جهلة الأربعين مرتبطة بالموضوع الجنسي والجسدي والغرامي الطائش، أي حتى الهوايات التي يقوم بها ستكون مفضية، بشكل أو بآخر، لجدليات العُمر والجسد والجنس وما إلى ذلك.
أسباب انجذاب النساء للرجل في سن الأربعين
في العادة، تنجذب النساء للرجل الأربعيني عموماً؛ لما يتحلّى به من توازن قد يفتقدنه في شرائح عمرية أصغر، بالإضافة لعامل الاستقرار المادي المتوقّع لدى الأربعيني بخلاف العقد الثاني والثالث من العمر.
لكن هنا بعض الأسباب التي تجعل النساء ينجذبن من دون أن يعين، وفي مرات بكامل وعيهن، نحو الرجل الذي يعاني من جهلة الأربعين وأزمة منتصف العمر[1]:
- يهتمّ الرجل الذي يعاني من جهلة الأربعين، بمظهره بشكل لافت، ما يسترعي انتباه النساء. قلما يكرّر هذا الرجل ملابسه وقلّما يُهمل رائحة عطره أو تسريحة شعره أو حتى مدى تناسق حذائه مع حزامه الجلدي.
- فنون الغزل عند الرجل في الأربعين: يجيد الرجل في سن الأربعين، الذي يعاني من أزمة منتصف العمر، فن الكلام المعسول، ويستخدمه كوسيلة لإيقاع النساء في غرامه.
- يلتفت من يعاني من جهلة الأربعين لكثير من الأمور واللمسات التي قلما يلتفت إليها الرجل الآخر في مرات كثيرة، من قبيل فتح الباب للمرأة عند ركوب السيارة، وتقبيل يدها، والاطمئنان عليها عند الوصول للمنزل، وعرض المساعدة المادية في حال كانت تحتاج إليها في موقف ما.
- عادة ما يُجيد الرجل في سن الأربعين هوايات عدة، مثل الموسيقى أوالغناء أو الرقص أو تذوّق الأطعمة وطهيها أو قد تجده المرأة يرتاد الأمسيات والفعاليات الثقافية أو يقرض الشعر أو يذهب إلى المكتبات بشكل كبير، تسهم هذه الهوايات ويُسهم هذا الطابع الثقافي المهيمن على الرجل الأربعيني الذي يعاني من جهلة الأربعين في إضفاء مزيد من الهالة المميزة حوله، وهو يستغل هذا في مرات كثيرة ويُسخّره لإيقاع النساء اللاتي يرغب من خلالهن إثبات أنه لا يزال جذاباً وقادراً على الغواية.
- فرصة لارتباط غير رسمي؛ حيث يُشكّل الرجل الذي يمر بأزمة منتصف العمر في مرات كثيرة حلاً لدى نساء لا يرغبن بتحويل العاطفة لارتباط رسمي؛ لأسباب عدة يملكنها، ويكون الأربعيني الذي يعاني من جهلة الأربعين في هذه الحالة عامل إنقاذ، ذلك أنه إن كان ما يزال أعزباً فربما لموقف لديه ضد فكرة الزواج، وإن كان متزوجاً فلربما لا يرغب بجعل العلاقة تحت الضوء. وبالتالي، يُشكّل هذا الرجل في مرات كثيرة حلاً مثالياً لدى شريحة من النساء.
- الرجل يكون حنوناً في سن الأربعين؛ إذ يغدق بالحنان على المرأة، بكل ما ينطوي عليه ذلك من عبارات فيها حب ومودة واهتمام، بالإضافة للمظلة المادية التي يضعها للعلاقة، وهو ما يغيب في معظم المرات عن العلاقات التي ترتبط فيها المرأة برجال في العشرينيات ومطلع الثلاثينيات من العُمر.
هل الهرمونات وراء جهلة الأربعين؟ وهل جهلة الأربعين للرجال فقط؟
ليس الأمر خاضعاً لبحوث علمية، نقصد ما يتعلق بـ"جهلة الأربعين"، لكن إذا ما تم ربط هذا السؤال بتغيّرات كبيرة تطرأ في منتصف العمر على الجسد، فلربما تكون الإجابة أن هنالك تغيرات جسدية عدة تعتري المرأة تحديداً، قد تسهم في حدوث مثل هذه الحالات.
مثل بدء اضطرابات الدورة الشهرية في العقد الرابع من العمر تمهيداً لانقطاعها في نهاية هذا العقد أو مطلع العقد الخامس، ما يؤدي بدوره لحدوث كثير من التغييرات التي تأخذ من الجسد والنفسية مسرحاً لها، ولعل الاضطرابات المزاجية على رأس هذه التغييرات، بالإضافة لعوامل عائلية واجتماعية مرتبطة بمنتصف العمر من قبيل زواج الأبناء أو اغترابهم أو قدوم أحفاد للعائلة، ما يجعل هنالك تغييرات جذرية تتعلّق بالتعامل مع العُمر والجسد والصحة والأوضاع الجديدة ونظرة المجتمع لهذه التغييرات [2].
بالإضافة لما سبق، فإن هنالك من يتحدّث عن تغييرات تطرأ على الدماغ في منتصف العمر، بالوسع وصفها كما لو كانت بدءاً في انحسار التقدّم الذي يبقى متصاعداً في أعوام خلت حتى يصل الطاقة القصوى في مرحلة منتصف العمر، يرافقه تغيّرات هرمونية لدى الرجل والمرأة تجعل من الطاقة الجنسية والجسدية أقل من السابق [4].
بالإضافة لارتباط أزمة منتصف العمر في مرات كثيرة بأمراض من قبيل ضغط الدم والسكري، وما إلى ذلك من اعتلالات تؤثر بدورها على تعامل الشخص مع جسده ونظرته لمرحلته العمرية وما هو قادم، وكثر هم من يقعون تحت ضغط نفسي يتمثل في الخوف من تقادم العمر الذي ينتهي بالموت.
بذا، لا ترتبط جهلة الأربعين بالرجل فحسب، بل قد تعاني المرأة في مرات كثيرة من أعراض مشابهة، لا سيما حين يتعلق الأمر بالمرحلة الممتدة منذ منتصف الأربعينيات حتى مطلع الخمسينيات، وهي الفترة المرتبطة ببدء اضطرابات الدورة الشهرية تمهيداً لانقطاعها، عدا عن كون التغيّرات التي تعتري الجسد وما يتأتّى عن هذه التغيرات من ظواهر نفسية، ليست حكراً على الرجل فحسب، بل تعاني منها المرأة أيضاً.
هل سيبقى الرجل الذي يعاني من جهلة الأربعين هكذا دوماً؟
يعتمد استمرار المراهقة المتأخرة عند الرجل (جهلة الأربعين) على مقدار المساعدة التي قد يتلقّاها لا سيما من شريكه أو أفراد عائلته. تقول الخبيرة النفسية سراء الأنصاري:
"لا بدّ من مراجعة سويّة العلاقة بين الطرف الذي يعاني من المراهقة المتأخرة وبين شريكه؛ إذ لربما يكون الحوار غائباً ولربما يكون الشخص الذي يعاني من هذه الحالة باحثاً عما يفتقده في العلاقة، من تشجيع أو اهتمام أو حتى اعتناء بالمظهر الخارجي واللمسات العاطفية". (السؤال بالتفصيل على هذا الرابط).
لذا، ترى الأنصاري أنه لا بد من إعادة الالتفات من جديد للشخص الذي يعاني من هذه الحالة، ومحاولة النظر عن كثب للفئة الجديدة التي يستهدفها في مراهقته المتأخرة؛ إذ بوسع هذه الفئة أن تعكس نوع الحاجات التي يفتقدها.
وبإمكان الزوجة أن تقدّم له هذه المساعدة وحتى أفراد من عائلته من قبيل أحد أبنائه، على أن يكون الأسلوب بعيداً عن الصدام والتلقين المباشر.
خبيرة تطوير الذات د. سناء عبده تذهب لمثل ما سبق، بقولها إنه لا بد من معرفة الثغرات الموجودة في العلاقات العاطفية والاجتماعية لمن يعاني من جهلة الأربعين أو المراهقة المتأخرة، وأن يكون الطرف الآخر قادراً على تفهّم هذه الحاجات وتلبيتها وتدارك ما يعتري العلاقة من نقائص؛ لئلا تذهب المراهقة المتأخرة في مسار يصعب الرجوع عنه. (السؤال بالتفصيل على هذا الرابط).
شاهد بالفيديو أيضاً ما يقوله الدكتور محمد بشناق عن أزمة منتصف العمر ومشاكل سن الأربعين من خلال النقر على علامة التشغيل أو الانتقال إلى حلوها tv عبر هذا الرابط:
يظهر مما سبق، أن أزمة منتصف العمر لدى الرجل، أو جهلة الأربعين لدى الرجل، هي حالة لا تقتصر على الذكور فحسب، بل تمتد في مرات كثيرة لتصل النساء اللاتي يعانين كذلك من أزمة منتصف العمر؛ لأسباب عدة منها ما يرتبط بالتغييرات الهرمونية والجسدية، بالإضافة لتغيّر عوامل اجتماعية وعائلية وعاطفية عدّة في حياة كل منهما.
شاركنا تعليقك أو تجربتك على هذا المقال، أو أرسل إلينا استفسارك من خلال النقر على هذا الرابط؛ ليجيب عنه خبراء موقع حلّوها.
- مقال Nita "المراهق الأربعيني"، منشورة على موقع hmedium.com، تمت المراجعة في 8 فبراير 2020.
- مقال Christine Burke "أربعة عشر سبباً تجعل من أربعينياتك كما لو كانت مراهقة"، منشورة على موقع scarymommy.com، تمت المراجعة في 8 فبراير 2020.
- مقال Tanith Carey "الأعمار التي تحدّد حياة الرجل"، منشورة على موقع dailymail.co.uk، تمت المراجعة في 8 فبراير 2020.
- مقال "لماذا يتصرّف الرجال بغرابة عند بلوغ الأربعين؟"، منشورة على موقع foxnews.com، تمت المراجعة في 8 فبراير 2020.
- مقال Farah Averill "كيف ترى أزمة منتصف العمر لديك؟"، منشورة على موقع askmen.com، تمت المراجعة في 8 فبراير 2020.