حساب السعرات الحرارية
جميعنا نعرف ما هي السعرات الحرارية (Calories)، بحيث نرى علامات السعرات الحرارية على الطعام المعلب، ونعلم أننا نضع السعرات الحرارية في أجسامنا عندما نضع الطعام في أفواهنا، كما نعلم جميعاً أننا نحرق السعرات الحرارية عندما نمارس الرياضة أو نقوم بأي نشاط بدني أو عقلي يتطلب التركيز.
في مقالنا نتناول؛ الفهم الخاطئ عن السعرات الحرارية، وكيفية حساب السعرات الحرارية بشكل صحيح، وهل من المهم معرفة عدد السعرات التي تتناوله مقارنة بما تصرفه من سعرات؟ وهل تحسب عدد السعرات التي تدخل إلى جسمك؟ وما هي التغيرات الغذائية التي تساعدك على إنقاص وزنك؟
مبدأ عمل السعرات الحرارية بشكل صحيح
يُعرف عمل السعرات الحرارية؛ بمبدأ السعرات الداخلة والسعرات الخارجة (calories in, calories out)، بمعنى نزيد الوزن عندما تكون السعرات الحرارية التي نضعها في أجسامنا (الأكل) أكبر من السعرات الحرارية التي نستخدمها (التمرين والجهد المبذول)، وعلى العكس فإننا نخسر الوزن عندما تكون السعرات الحرارية الداخلة أقل من السعرات الحرارية الخارجة، لكن ربما يكون هذا المبدأ خاطئ! [1]
صحيح أن هناك طريقة واحدة فقط لأخذ السعرات الحرارية ووضعها في أجسامنا (عن طريق تناول الطعام)، لكن هناك الكثير من طرق تصريف هذه السعرات الحرارية من أجسادنا:
- التمرين الرياضي أخف وأقل طرق صرف السعرات أهمية، والدليل أنه من الصعب عليك ممارسة التمارين الرياضية وفي نفس الوقت اتباع نظام غذائي فقير بالسعرات الحرارية، وهنا تبرز أهمية التعديلات في عمليات الاستقلاب (الأيض) للنجاح في تخفيض الوزن والحفاظ على الوزن المنخفض على المدى الطويل لدى الرياضيين وفقاً لأبحاث علمية [2].
- جميع وظائفك الجسدية تتطلب الكثير من الطاقة وتحرق الكثير من السعرات الحرارية؛ التفكير وضخ الدم في أنحاء الجسم، كذلك تنظيم درجة حرارة جسمك، وبناء العضلات وإصلاحها، وغيرها من نشاطات حيوية داخل الجسم.
- هضم الطعام عملية تتطلب الطاقة وحرق السعرات الحرارية؛ فيتطلب جسمك صرف السعرات الحرارية لاستخراج السعرات الحرارية الجديدة من الطعام الذي تتناوله، وهذه الوظيفة الحيوية تتطلب طاقة وسعرات حرارية أكثر من التمرين الرياضي حتى، بالتالي يستهلك هضم الطعام جزء كبير من السعرات الحرارية لديك.
وهنا يكمن مفهومنا الخاطئ حول السعرات الحرارية، فقد اعتدت التفكير أن إجمالي السعرات الحرارية التي تضعها في فمك -وهو نفسه عدد السعرات على أغلفة الأطعمة أو الكمية المحددة التي تتناولها- هو ذاته صافي السعرات الحرارية، لكن "صافي السعرات" هو عدد السعرات الحرارية المتاحة لجسمك فعلياً كي يستخدمها بعد استخلاصها من الطعام (عدد السعرات الحرارية التي تتناولها في طعام ما؛ ناقص عدد السعرات الحرارية التي يستخدمها الجسم لهضم هذا الطعام)، لأن صافي السعرات الحرارية ينتج بقياس عدد السعرات الحرارية التي سيخزنها جسمك، فهل من طريقة لحساب صافي السعرات الحرارية؟
الطريقة الصحيحة لحساب السعرات الحرارية التي يأخذها جسمك
الآن.. سنوضح أهمية ذلك: فالأطعمة المختلفة تتطلب كميات مختلفة من الطاقة لهضمها، مما يعني أن نوعين من الأطعمة التي تحتوي نفس العدد الإجمالي من السعرات الحرارية؛ سيختلف بينهما صافي عدد السعرات الحرارية، بحيث تتطلب كميات مختلفة من الطاقة (السعرات الحرارية) للهضم.
لنوضح الأمر بمثال بسيط؛ لديك تفاحة وحفنة من سكاكر الجيلي بون، ولتعتبر أن فيهما عدداً متساوياً من السعرات (لكل منهما 100 سعرة حرارية)، لا يوجد فرق في عدد السعرات الحرارية الإجمالي بين نوعي الغذاء، لكن قد تستغرق عملية هضم الحلوى في معدتك طاقة 5 سعرات حرارية فقط، بينما يتعين على معدتك أن تعمل بجهد أكبر وأن تحتاج لطاقة 25 سعرة حرارية، كي تهضم التفاحة (الغنية بالألياف)...
النتيجة صافي السعرات الحرارية من التفاح هو 75 (100-25) في حين أن صافي السعرات الحرارية من حلوى الجيلي بون، هو 95 (100-5)، بالضرورة.. نفس عدد السعرات الحرارية الإجمالي في الطعامين ولكن صافي السعرات الحرارية مختلف جداً، تالياً سيتوضح لك بشكل أكبر؛ المفهوم الخاطئ لكيفية حسابك السعرات الحرارية بين المستَهلك والمصروف منها.
فقد وجد باحثون في دراسة أمريكية، أن الأطعمة المصنعة (حلوى الجيلي بون، في مثالنا) تتطلب طاقة أقل بكثير للهضم مقابل الأغذية الصحية (التفاح، في مثالنا)، التي تتطلب الكثير من الطاقة والسعرات الحرارية لهضمها، بحيث استنتجت الدراسة "العلاقة بين السمنة والأطعمة الجاهرة والمعلبة، نظراً لأنها تخفض حاجة الجسم للسعرات الحرارية في عملية هضم هذه الأطعمة، مقابل الأطعمة الصحية"[3].
بالنتيجة: الأغذية المصنعة والأغذية غير المصنعة التي تمتلك نفس العدد الإجمالي من السعرات الحرارية، يمكن أن تخزن عدداً مختلفاً من السعرات الحرارية بعد تناولها، قد تقول "إن فرق السعرات الحرارية بين التفاح والجيلي بون قد يبدو صغيراً (20 سعرة)، إلا أن الفرق البسيط يزداد طوال اليوم وعلى مدار الأيام والأسابيع والأشهر والسنوات.
بالتالي.. تناول نظام غذائي غني بالأطعمة المصنعة سيؤدي إلى ارتفاع صافي السعرات الحرارية بشكل ملحوظ؛ مقارنة بنظام غذائي مماثل بعدد السعرات لكنه غني بالأطعمة الصحية، مما يؤدي إلى نتائج مختلفة بشكل كبير في تكوين الجسم والصحة مع مرور الوقت وعلى المدى البعيد.
هل من المهم معرفة الفرق بين السعرات الحرارية التي تتناولها والسعرات التي تصرفها؟
يحتاج الشخص البالغ إلى حوالي 2000 سعر حراري يومياً، ومع ذلك تعتمد توصيات حساب السعرات الحرارية الفردية على العديد من العوامل مثل: الوزن والطول والجنس ومستوى التمرين وأهداف الوزن والصحة العامة.
ومن هنا تأتي أهمية فهمك لمبدأ (calories in versus calories out) أي السعرات التي تتناولها مقابل ما تستهلكه من سعرات كطاقة، فوفق هذا المبدأ؛ أنت بحاجة إلى إنقاص السعرات الحرارية التي تتناولها حتى تحقق نقصاً في وزنك، لأنه عندما يتطابق عدد السعرات الحرارية التي تستهلكها مع عدد السعرات الحرارية التي تحرقها.. سيبقى وزنك ثابتاً.
إذاً.. لفقدان الوزن يجب أن تظل سعراتك الحرارية التي تتناولها أقل من سعراتك الحرارية التي تصرفها، على الرغم أن بعض العوامل يمكن أن تؤدي إلى تقليل أهمية فقدان الوزن من خلال تقييد السعرات الحرارية، مثل الحميات الغذائية منخفضة الكربوهيدرات وغير المقيِّدة للطاقة، بحيث تكون فعالة على الأقل مثل الوجبات الغذائية قليلة الدهون والمقيدة بالطاقة في إحداث فقدان الوزن لمدة تصل إلى عام واحد [4].
ومع أن الأبحاث تظهر أن فقدان الوزن يتطلب تقليل السعرات الحرارية التي تتناولها، لا يمكن أن تكون كل السعرات الحرارية متساوية عندما يتعلق الأمر بصحتك، لأن الأطعمة المختلفة لها تأثيرات مختلفة على العمليات المختلفة في جسمك، بغض النظر عن عدد السعرات الحرارية فيها، كما أن مصدر هذه السعرات الحرارية يؤثر على الهرمونات لديك بشكل مختلف، فالدهون المشبعة تؤثر بطريقة سلبية على صحة قلبك مقارنة بالدهون غير المشبعة، على الرغم من احتواء النوعين على ذات العدد من السعرات الحرارية [5].
كما يؤدي الفركتوز الغذائي الصناعي إلى الإصابة باضطراب شحوم الدم ومقاومة الأنسولين، مقارنة مع الجلوكوز، على الرغم من توفير كلا النظامين الغذائيين لنفس عدد السعرات الحرارية [6]، مع ذلك فإن الفركتوز الطبيعي في الفاكهة إلى جانب الألياف والماء، ليس لها نفس الآثار السلبية للفركتوز الصناعي.
كما تؤثر أنواع الطعام الذي تتناوله على مدى شعورك بالشبع، فتناولك الأطعمة المغذية يؤثر على جوعك وشعورك بالامتلاء، مثلاً تناول 100 سعرة حرارية من الفاصوليا مثلاً؛ سيقلل من جوعك بشكل أكثر من تناول 100 سعر حراري من خلال الحلوى.
في المحصلة.. يفشل مبدأ تقليل تناول السعرات مقابل السعرات التي تصرفها أي مبدأ (Calories in versus calories out)؛ في حساب كثافة العناصر الغذائية الأساسية التي تتناولها في طعامك، مما يقلل من أهمية هذا المبدأ فيما يتعلق بصحتك، لذا فإن التركيز فقط على السعرات الحرارية قد يضر بصحتك، لكنه مع ذلك يساعدك في فقدان الوزن، على الرغم من خطورة ذلك على المدى الطويل، بحيث يمكن أن تؤثر الأطعمة المختلفة على الهرمونات والأيض (الاستقلاب) والجوع ومشاعر الامتلاء بشكل مختلف، مما يؤثر بدوره على كمية السعرات الحرارية التي تتناولها.
هل من المهم أن تحسب عدد السعرات الحرارية التي تتناولها؟
السعرات الحرارية ليست أكثر من مجرد قياس مثل الكيلوواط، فهي قياس يمثل فقط كمية الطاقة الموجودة في الطعام أو مقدار الطاقة التي يستخدمها الجسم.
تحتوي البروتينات والكربوهيدرات على 4 سعرات حرارية لكل جرام، وتحتوي الدهون على 9 سعرات حرارية لكل جرام، وتقوم أجسامنا لتوليد الطاقة، بتحويل هذه العناصر الغذائية إلى جلوكوز، وهذا السكر البسيط يغذي كل العمليات الحيوية داخل الجسم، لكن للبروتينات والدهون استخدامات أخرى في الجسم تتجاوز توفير الطاقة؛ البروتينات: لها دور كبير في بناء العضلات أو الأجسام المضادة للمرض، وبدورها الدهون الصحية مثل أحماض أوميجا 3 الدهنية والأحماض الدهنية غير المشبعة الأحادية؛ تساعد جسمك على امتصاص الفيتامينات وتقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكري من النوع الثاني [7].
وسواء كنت تحسب السعرات الحرارية أو تتجاهلها، فهذه الأرقام مجرد مقياس للطاقة، وعملية الاستفادة القصوى من هذه الطاقة أمرٌ متروك لك.
نصائح تساعدك على إنقاص الوزن مع تقييد السعرات الحرارية؟
يبقى لحساب السعرات التي تدخل جسمك يومياً؛ أهمية على موضوع إنقاص وزنك، وتنبع أهمية حساب السعرات وتقييم احتياجاتك من الطاقة.. من كونها "عنصراً ضرورياً في تطوير وتقييم النظام الغذائي"، بدلاً من عملية تقدير ما تأكله، وما ينتج عن هذا التقدير من هوامش أخطاء تضر بالوزن والتغذية على المدى البعيد[8]>
وفيما يلي نصائح تعتمدها في نظامك الغذائي إلى جانب حساب وتقييد السعرات الحرارية، مما يساعدك على إنقاص وزنك[9]:
- تناول المزيد من البروتين: إضافة البروتين إلى نظامك الغذائي، هي الطريقة الأبسط والأكثر فعالية لإنقاص الوزن بأقل جهد.
- تجنب المشروبات الغازية السكرية وعصائر الفاكهة: عليك التخلص من السعرات الحرارية السائلة في نظامك الغذائي، ويشمل كافة المشروبات مع السكر المضاف.
- شرب المزيد من الماء: يعزز الماؤ عملية التمثيل الغذائي (الاستقلاب)، خاصة عند شرب الماء قبل نصف ساعة من الوجبات، حيث يمكن أن يساعدك على تناول واستهلاك سعرات حرارية أقل.
- الرياضة وبناء العضلات: وهذه تشكل الاستراتيجية الوحيدة لمنع ضمور العضلات، فعندما تأكل كمية أقل من السعرات الحرارية، سيعوض جسمك ذلك عن طريق توفير الطاقة، مما يجعلك تحرق أقل، بالتالي فإن تقييد السعرات الحرارية على المدى الطويل، يمكن أن يخفض عملية الأيض، ثم يمكن أن يؤدي إلى فقدان كتلة العضلات.
- قلل من تناول الكربوهيدرات: يقلل تناول الكربوهيدرات من فقدان الوزن، عن طريق تقليل الشهية، بالتالي تتناول سعرات حرارية أقل.
هناك العديد من النصائح التي يتحدث فيها خبراء حلوها في مجال التغذية، حول أهمية حساب السعرات الحرارية مع الأخذ بعين الاعتبار المغذيات الأساسية والصورة الكاملة لنظامك الغذائي على المدى البعيد:
تنصح أخصائية التغذية الدكتورة نورهان قنديل في فيديو لها حول الصيام المتقطع في حِلّوها tv؛ تنصح بنمط الصيام المتقطع يوم بعد يوم، حيث يعتمد هذا النمط على صيام يوم كامل مقابل يوم عادي، ويمكن أخذ سعرات حرارية قليلة جداً في أيام الصيام، شاهد الفيديو من خلال النقر هنا.
كما تنصح خبيرة حلوها أخصائية التغذية لانا الفايد، سيدة تسأل حول أفضل طرق التخسيس التي تساعدها على فقدان وزنها:
"ابحثي عن الطعام الصحي والسعرات الحرارية الأقل، ولكن لا تجوعي وقللي السكر في الشاي مثلاً، وحاولي قطع المشروبات الغازية أو العصائر، مع ضرورة ممارسة الرياضة اليومية، والأهم هو الصبر وتوفر الإرادة لأن الوزن سينخفض تدريجياً".
في النهاية.. يمكن أن تساعدك العديد من مواقع الويب والتطبيقات على الهاتف المحمول؛ في تتبع السعرات الحرارية وقياسها بدقة، لكن يوصى باستخدام قياس السعرات الحرارية لبضعة أيام على الأقل لمعرفة عدد السعرات الحرارية والكربوهيدرات والبروتين والدهون والألياف والفيتامينات والمعادن التي تتناولها فعلياً، ما رأيك؟ شاركنا من خلال التعليقات.