أهمية المداعبة في العلاقة الحميمة بين الزوجين
الجنس لدى الإنسان ليس وسيلة للتناسل فقط كما هو الحال في عالم الحيوان، بل إنه وسيلة للتعبير عن القرب والمحبة والإعجاب، كما أنه يتعدى إشباع الغريزة، إلى الاستمتاع، وكما اخترع الإنسان أطباق الطعام المختلفة، والمقبلات الشهية، وطقوس الطعام، التي تجعل منه متعة تتعدى بكثير الغرض الأساسي للبقاء على قيد الحياة.
فإن الجنس إذا فقد ما يُحيط به من حب وحميمية وطقوس زوجية توحي بالاهتمام والرغبة في إطالة المتعة وتنويعها أصبح أقرب إلى صورته الحيوانية، وفي الإسلام إشارة إلى دور الملاعبة والملاطفة بين الزوجين في الحياة الزوجية في قوله صلى الله عليه وسلم: "هلا بكرًا تلاعبها وتلاعبك". [1]
في هذا المقال نستعرض أهمية المداعبة بين الزوجين، وأسرار المداعبة الجنسية، وكيفيتها واسرار الخبراء لتحسين المداعبة والحياة الجنسية بين الزوجين.
يُمكن تعريف المداعبة الجنسية بأنها "مجموعة من الأفعال النفسية والجسدية الحميمة بين الزوجين بهدف إيجاد وزيادة الإثارة الجنسية".
- المداعبة ليست مجرد خطوات وحركات معينة، فهي عملية تتطلب وعيًا ورغبة للإشباع والسعادة المتبادلة بين الزوجين، فما يناسب امرأة وتعتبره أسلوبًا جيدًا في المداعبة قد لا يناسب امرأة أخرى، وكذلك الأمر مع الرجل، بل إن ما يُفضله أو يرفضه أحد الزوجين قد يتغير من وقت لآخر.
- ترتبط المداعبة الجنسية بالوصول إلى الذروة أو النشوة "الأورجازم"، فالمداعبة الجيدة تجعل المرأة متهيئة لممارسة الجنس مما يزيد من فرص وصولها إلى النشوة، حيث تجعل المداعبة البظر منتصبًا، وترفع عنق الرحم، وتطيل القناة المهبلية، وترطب المهبل، مما يجعل المرأة أكثر راحة واستعدادًا للجماع.
- وفي العديد من الدراسات قالت النساء إن المداعبة هي الجزء الأفضل لديهن في العملية الجنسية، وأنها تُسهل عليهن الوصول إلى هزات الجماع. [2]
- المداعبة مفيدة وممتعة للرجل أيضًا حيث تعمل على ضخ الدم إلى الأماكن الصحيحة، وتزيد من الرغبة في ممارسة الجنس.
أباح الشرع المداعبة بين الزوجين بكل شكل لا حرمة فيه، والأصل في ذلك أن المداعبة بين الزوجين مباحة إلا ما أتى به النص من منع اتيان الزوجة في الحيض والنفاس والصيام الفرض والإحرام، وقد اختلف أهل العلم في بعض أشكال المداعبة أبرزها مداعبة الشرج واللحس والمص، وهي عند أغلبهم مباحة ما لم يكن فيها إيلاج بالشرج أو لمس للنجاسة لأن ذلك محرم، وقال الإمام الشافعي في ذلك "يجوز للرجل كل تمتع من زوجته بما سوى حلقة الدبر".
وجاء في الأثر عن النبي محمدٍ صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا يَقَعَنَّ أحدُكم على امرأتِه كما تَقَعُ البَهيمةُ وليكنْ بينهما رسولٌ"، قيل: وما الرسولُ؟ قال: "القُبْلةُ والكَلامُ". [4]
وقال ابن القيم رحمه الله:
"وممَّا ينبغى تقديُمُه على الجِماع : ملاعبةُ المرأة، وتقبيلُها، ومصُّ لِسانها ، وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلاعبُ أهله، ويُقَبلُها". [5]
المداعبة الزوجية الجيدة لها العديد من الفوائد، فهي تزيد الإثارة، وتُحسن الحياة الجنسية، كما تُقرب بين الزوجين عاطفيًا أيضًا.
ولا تقتصر أهمية المداعبة الجنسية على النساء فقط كما قد يظن البعض، بل هي مهمة للرجال أيضًا، وبحسب الدكتور ستيف ماكغوف أستاذ علم الجنس السريري، ومدير مركز عافية المرأة والأزواج؛ فإن أي نوع من المداعبة التي تضمن التلامس بين الزوجين وإظهار الرغبة الحميمية تُساعد على إطلاق الأوكسيتوسين وهرمونات الحب الأخرى، وتُحسن العلاقة الجنسية، وتساعد على تقليل آثار الكورتيزول وغيره من هرمونات التوتر.
وتؤكد خبيرة الصحة الجنسية الدكتورة جينيفر بيرمان على أن المداعبة تساعد على الحفاظ على العلاقة الحميمة، والعلاقة العاطفية، وأنها وسيلة رائعة لتحسين الجنس بين الزوجين، وعلى تحسين علاقتهما خارج غرفة النوم أيضًا.[3]
وتوضح بيرمان أن المداعبة مهمة بشكل خاص في العلاقات الطويلة كالزواج، لأنه مع مرور الوقت، ونتيجة للملل والضغوط وأعباء الحياة المختلفة فإن التواصل الحميمي بين الزوجين يضعف، وقد يتحول الجنس إلى ممارسة خاطفة ومتباعدة وبلا روح، لذا فإن المداعبة بين الزوجين مهمة للغاية في تحسين حياتهما وعلاقتهما بشكل عام.
تقول الدكتورة سوزان بلوك، أخصائية العلاج الجنسي ومؤلفة كتاب "الوصايا العشر للمتعة" أنه عادة ما تحتاج النساء إلى المداعبة لوقت كافٍ لممارسة الجنس الجيد، فإطالة وقت المداعبة أمر مهم لوصول المرأة للحالة المزاجية المطلوبة.[6]
ووفقًا لدراسة أجريت عام 2004 في مجلة أبحاث الجنس على 152 من الأزواج حول مقدار الوقت الذي قضووه في ممارسة المداعبة الجنسية، والوقت الذي يتمنوا أن يقضوه في المداعبة قبل الجنس، فإن كل من الرجال والنساء أرادوا أن تستمر المداعبة لقرابة ثلث ساعة (19 دقيقة)، بينما استغرقت المداعبة نحو 13 دقيقة.
يقول ساكيث جونتوبالي، أخصائي الأورام النسائية بجامعة كاليفورنيا ومؤلف كتاب الجنس والسرطان: "المداعبة هي أهم جزء من العملية الجنسية بالنسبة للنساء". ويضيف: "خلال المداعبة، يطلق الزوجان هرمونات تثير الرغبة في الجنس، وهذه الرغبة الجنسية الشديدة تزيد من الرضا والإشباع الجنسي".
هناك العديد من الأسرار والنصائح التي يشاركها خبراء الجنس والعلاقات حول المداعبة الجنسي، منها: [7]
- البدء ببطء وبعيدًا عن الأماكن الحساسة: يميل الرجال إلى الحصول على التحفيز البصري، أما بالنسبة للنساء فإن الإثارة تبدأ في الدماغ، وهذا يعني أنه على الرجل ألا يتجه مباشرة إلى الأعضاء التناسلية للمراة، وأن يبدأ ببطء ورفق.
- تقول الدكتورة ديبي هيربنيك مديرة مركز تعزيز الصحة الجنسية بجامعة إنديانا الأمريكية إن المداعبة فن، ويجب ألا يتم التعامل معها باعتبارها حركات سريعة ومحددة، وتنصح بالبدء بالتقبيل وبعض الكلام الصريح والإحساس ببطء باستجابة جسم الطرف الآخر.
- ويقول أستاذ علم النفس بيير شوارتز: "إن أكبر خطأ يرتكبه الرجال مع النساء في الجنس هو القفز إلى الأعضاء التناسلية على الفور وتجاهل الوجه والعنق وشحمة الأذن وأجزاء جسم المرأة الأخرى".
- المداعبة يمكن أن تكون حدثًا مستقلًا! ليس من الضروري أن تؤدي المداعبة إلى الجماع، يمكن أن تكون المداعبة الجنسية حدثًا مستقلًا بذاته، وقد تصل المرأة للنشوة الجنسية عن طريق المداعبة وحدها.
- الرغبة هي سر المداعبة: تقول الدكتور جانيت ريموند الطبيبة المرخصة للعلاقات الزوجية إن الرغبة هي المفتاح، فشعور المرأة برغبة الرجل فيها واندفاعه نحوها، مع حرصه على التعبير عن ذلك بشكل عاطفي يزيد من شعورها بالإثارة.
- استمرار المداعبة أثناء الجنس: ينصح خبراء العلاقات الجنسية بأن تمتد المداعبة أثناء اللقاء الجنسي، فالإغراء والتلامس والكلام ينبغي أن يستمر أثناء الجنس، ويتخلله.
- فكر خارج الصندوق: ينصح خبراء الجنس والعلاقات الزوجين بأن ينفتح الزوجان على التجربة والتجديد لكسر الملل، وزيادة السعادة الجنسية، وهناك قائمة كبيرة بالمقترحات القابلة للتعديل أو الزيادة واستلهام الأفكار، مثل: التدليك، والرقص، والملابس المختلفة، والمغازلة التي تُعد من أقوى أشكال المداعبة رغم سهولتها.
هناك العديد من النصائح والأفكار التي تفيد في تنشيط المداعبة الجنسية، وتهيئة الزوجين لعلاقة حميمة ممتعة، منها: [8]
- التواصل: بأن يخبر الزوج زوجته بما يحب ويُفضل، والعكس، وللتغذية الراجعة دور هام في زيادة التواصل بين الزوجين، فهي تزيل الغموض واللبس وسوء التفاهم، بأن يوصل كل طرف للآخر ما يعجبه ورأيه في كل تجربة أو حركة، مع تجنب الانتقادات القاسية أو السخرية.
- التعرف على أماكن الإثارة لدى الزوجين: يحتاج الزوجان إلى المحادثة والتجربة لمعرفة ما ينجح في المداعبة بينهما، الصمت وعدم الاهتمام والخجل وعدم الرغبة في التجريب تقضي على فرص تقوية المداعبة بين الزوجين، وتحسين حياتهما الجنسية، يقول الدكتور جونتوبالي إن جسد الإنسان بشكل عام حساس للغاية، ومصمم للمتعة، ولكن وبشكل عام فإن أهم ثلاثة أجزاء حساسة للغاية في جسم المرأة هي: الشفتان، والصدر، والبظر، حيث يحتوي البظر على ثمانية ألف نهاية عصبية، لذا فهو المسؤول الرئيسي عن اللذة الجنسية لدى المرأة.
- البداية خارج غرفة النوم: تحتاج المرأة لتهيئة جنسية أكثر من الرجل، لذا فإن المداعبة الخفيفة، والتلميحات اللفظية، وإبداء الرغبة من الزوج خارج غرفة النوم، وقبل ممارسة الجنس بوقت كافٍ يساعدها على التهيؤ للقاء الزوجي، تقول خبيرة العلاقات روري ساسون "يجب ألا تقتصر المداعبة على غرفة النوم". وتقترح أن يرسل الزوج لزوجته رسالة أو اثنتين مثيرتين -وكذلك تفعل الزوجة- أثناء العمل أو الروتين اليومي، وتشير إلى أن الترقب المبكر للقاء الجنسي يزيد من مشاعر الاشتياق والرغبة.
- قوة الكلمات والأصوات: الأذن بوابة المرأة الأهم، والحديث بين الزوجين قبل وأثناء العلاقة الجنسية له تأثير هام على الاستمتاع والإشباع، وحتى يتوصل الزوجان للتناغم في طبيعة الألفاظ التي يفضلونها، سواء كانت عاطفية أو صريحة فعليهما أولًا أن يكونا منفتحين ومتصارحين في السؤال والتعبير عن الرغبات، بأن يسأل الزوج باهتمام زوجته عما تفضله من عبارات وكلمات، وكذلك تفعل الزوجة.
- الإثارة الذهنية: بينما يسهل تحفيز الرجل جنسيًا بالحواس الخمسة، فإن الأمر بالنسبة لكثير من النساء يختلف، فالعقل هو المحرك الجنسي الأول للمرأة بحسب كثير من الخبراء، والإثارة الذهنية لا تقل أهمية لها عن الإثارة الحسية.
- المداعبة الرومانسية: يقول الكاتب الأمريكي ومستشار العلاقات جون جراي، وصاحب الكتاب الأكثر مبيعًا الرجال من المريخ والنساء من الزهرة: "هو يريد الجنس، وهي تريد الرومانسية" ولا يعني هذا أن الرجل لا يحب الرومانسية، أو أن المرأة لا تحب الجنس، ولكنه يشير إلى الاختلاف الحقيقي بين الجنسين في أولويات التقارب الحميم، وكلما كان كل طرف حريصًا على إشباع احتياج الآخر كانت العملية الجنسية مُرضية.
- على الرجل أن يُدرك أن العملية الجنسية بالنسبة للمرأة هي مزيج بين العاطفة والجنس، وبين مشاعرها الرومانسية والجسدية، لذا فإن الكثير من النساء يُفضلن تصور الجنس على أنه "ممارسة للحب".
- المداعبة الرومانسية تتضمن إضفاء طابع حميمي، وجو عام يعبر عن الحب، ويمكن استخدام الشموع والزهور والموسيقى لخلق جو محبب.
- اللمسات الرومانسية، والكلمات العاطفية تزيل الكثير من توتر المرأة، وتفتح المجال لمداعبات أكثر جرأة.
- استخدام الحواس: المداعبة الجنسية يمكن أن تأتي بالتركيز على مختلف الحواس، يُمكن التجديد والتركيز على حاسة معينة إما البصر أو السمع أو التذوق أو اللمس أو الشم، على سبيل المثال يمكن المداعبة بالتحفيز البصري على ضوء الشموع، أو زيادة الاتصال بالعينين، أو استخدام المرايا بكثرة في غرفة النوم، وهكذا...
- الخيال الجنسي: يقول المعالج الجنسي كيلي يونغ إن الدماغ هو العضو الجنسي الأهم في الإنسان، وأنه من الصعب تشغيل الإحساس في الجسد بينما العقل مطفيء، وينصح يونج الزوجان باستخدام الإثارة الخيالية، وأن تكون ممارسة الجنس في قالب اللعب والخيال.
وأخيرًا فإن المداعبة هي جزء أساسي من العلاقة الجنسية الممتعة للزوجين، وتقوم على أساس التواصل والرغبة المتبادلة في إسعاد الآخر، والسعادة به، كسرًا للملل، ولعلاج البرود الجنسي.
وردًا على زوجة تشكو إهمال زوجها للمداعبة مما تسبب في كراهيتها للعلاقة الحميمة منذ ليلة الدخلة تقول الخبيرة النفسية في موقع حلوها د. سراء الأنصاري:
"هناك معتقدات راسخة لدى بعض الأزواج عن العلاقة الجنسية، والتي من الصعب تغييرها بالإقناع والكلام فهو كما يبدو مقتنع في داخله بأن المراة ليس بالضرورة تشعر بالجنس، وحتى هو ربما قناعته أن الجنس للإنجاب فقط والحاجة، وليس متعة للحياة ودافع.
وكثير من الزوجات لدينا معتقدات خاطئة عن الجنس وعندما يصبح الأمر معتقد صعب الإقناع بالطرق الطبيعية. في العيادات تأتي هكذا حالات وقد تحتاج إلى التنويم الإيحائي لتغيير المعتقد وإعادة البرمجة من جديد للدماغ والمشاعر المغلقة. أنصح كل من يعاني من هذه المشاكل استشارة مستشار جيد في هذه الأمور على حدة وإذا ارتاح له واتفق معه يأخذ الطرف الآخر بأي حجة للإفهام والإقناع بضرورة تغيير المعتقد وأن نجاح الحياة الزوجية تعتمد عليه بنسبة 80%".