الخوف من التغيير في الحياة وإدمان منطقة الراحة
يترافق الخوف من التغير مع خوفك من الفشل والنتائج المُحبِطة في الأشياء التي لم تجربها أصلاً! لماذا يُعتبر الخوف من التغيير واحداً من أكبر المخاوف في حياتك؟ ولماذا عليك أن تعوّل كثيراً على أهمية التغيير في حياتك؟ لماذا عليك أن تعمل على التغيير نحو الأفضل؟ ما هي الإشارات والعلامات المميزة التي تدفعك للتغيير في حياتك؟ وما هي أسهل الطرق المقترحة لإجراء التغيير في حياتك نحو الأفضل؟ هذا ما نحاول الإجابة عنه في مقالنا.
التغيير من أكبر المخاوف التي تسبب الركود في الحياة
نعيش في عالم دائم التغير، ويحدث التغيير بسرعة أكبر من أي وقت مضى في العصر الحالي، وعلى الرغم من هذه الحقيقة، فإن هناك الكثير من الناس الذين يخشون ويخافون التغيير ويقاومون ذلك، بالتالي يفوتون الكثير من الفرص الواعدة التي تأتي في طريقهم المهني مثلاً، ويتعرضون لخطر الركود والبقاء عالقين في روتين الحياة اليومية.
ربما لا يختار المرء التمسك بأشخاص معينين أو أنشطة معينة أو وظائف معينة.. وما إلى ذلك، لكن يمكن أن يتجلى الخوف من التغيير بطرق غير واضحة، قد يكون لها تأثير هائل على حياة من لا يحب التغيير ويخاف منه، كما من المحتمل أن يؤثر خوفك من التغيير عليك أو على شخص تعرفه بشكل سلبي، ولأن التغيير مرتبط بالمجهول وبمخاطر معينة فمن الطبيعي أن يكون ممقوتاً من قبل الناس [1].
"الوقت ليس هو العدو، بل الخوف من التغيير هو العدو"، فلماذا نخاف التغيير؟ نخشى التغيير لأنه يعني أن النتائج غير معروفة، وبسبب الخوف من المجهول فإن أدمغتنا مصممة لإيجاد السلام في المعرفة، وعندما لا نعرف ما الذي سيحدث وما هي العواقب والمخاطر، فإننا نصنع سيناريوهات تخلق بدورها القلق، ولهذا يجد البشر صعوبة في المضي قدماً عندما ينتهي شيء يعرفونه، كما أن الخوف من الفشل يلعب دوراً لتأسيس الخوف من التغيير، وإذا كنت لا تعرف النتائج، فإنك ستختار ألا تحاول التغيير من الأساس.
وأثبت علم الأعصاب أن عدم اليقين يشبه الفشل في أدمغتنا، لهذا السبب يفضل الكثير من الناس تجنب التغيير بسبب عدم الارتياح للمشاعر المرتبطة به، وعلى الرغم أنه من الطبيعي الشعور بالخوف من التغيير، لكن بعض الأشخاص يتعاملون معه كشيء خطير! فيُطلق على الخوف من التغيير عندها ميتاثيزوفوبيا (metathesiophobia) وهو خوف شديد من التغيير، بحيث يمكن أن يسبب حالة (شلل) وجمود في القدرة على التفكير ومن الصعب التعايش معه، وهو ما يشمل أعراض القلق والكآبة، كذلك الإعياء والألم والضغط العصبي [2].
في الحصلة.. أهم أسباب الخوف من التغيير هي:
- الخوف من المجهول
- الخوف من الفشل
- الشك وعدم اليقين بالنتائج المتوقعة
- فوبيا التغيير المرضية.
أشياء صغيرة تحدث تغييراً مهماً في حياتك (لا تتجنب التغيير في حياتك)
يبدأ التغيير في أفكارك، لأن القلق سينتابك بكل تأكيد من أي خطوة جديدة للتعامل مع المطالب المهنية أو الحياتية المستجدة، فتحتاج نوعاً من المرونة العقلية للتغلب على مخاوفك من التغيير، ونظراً لدور الخوف من الفشل في خلق الخوف من التغيير، فإن القدرة على النظر بتفاؤل لما يحدث معنا حتى لو كانت النتائج سلبية؛ يدفعنا للنظر إليها كفرصة للتعلم والنمو، بالضرورة.. تحميك هذه المرونة النفسية والعقلية (التفكير بإيجابية) من المرض والاكتئاب والقلق والخوف من التغيير[3]، ولبناء هذه المرونة:
- ابدأ بتغيير الطريقة التي تتحدث بها مع نفسك، لأن عبارات مثل: " أنا فشل، أو لن تتحسن الأمور أبداً"، ستؤثر على مشاعرك إزاء التغيير واتخاذ الإجراءات اللازمة بهدف التغيير في حياتك.
- عليك أن تدرك عادات تفكيرك، ويمكنك تدريب عقلك على التعامل بفعالية أكبر مع العقبات والتحديات والتوقعات السلبية، حتى تتمكن من الاستمرار في العمل والتغيير في الحياة.
لماذا عليك التغيير في حياتك؟ (علامات على ضرورة التغيير في الحياة)
عندما تكون حياتك بكاملها؛ غارقة في الفوضى أو الفشل والسلبية وانعدام الأمن، فهل ستخاف عندها التغيير؟ كلا.. لأنك عندما تتعامل مع الصدمات في حياتك وتساعد الآخرين للشفاء أو تجاوز صدمات حياتهم أيضاً، أليس هذا نوع من التغيير في الحياة؟!
على الرغم من ذلك قد تقاوم التغيير! مثلاً تقاوم التغيير مع أن شريك حياتك يجعلك تعيساً، وتخاف الفشل على الرغم من فشل حياتك في الأساس، تجلس وتنتظر.. كأن الانتظار سيجعل أحد الأبطال الخارقين يتعامل مع مشاكلك ويحلها!
لا أحد يمكن أن يخبرك ماذا تفعل، أو ما هي العلامات للتغير في حياتك، أنت أدرى بذلك، لكنك قد تحتاج إلى التفكير في إجراء تغيير إذا كنت تعاني من الأمور التالية [2] [4]:
- تسكن في الماضي، وتخاف من الماضي.. وتبكي على الأطلال.
- تخاف المستقبل وتعلم أنك لا تفعل شيئاً، ولا تتخذ المبادرة للوصول إلى أي هدف.
- تشعر أنك لا تعرف نفسك، أو أنك لا تحب ذاتك.
- تفتقر إلى العاطفة أو الشغف، الذي كان لديك يوماً ما.
- تحتاج المزيد من التحفيز والشعور بالغرض والمعنى في الحياة.
- تشعر أنك محاصر أو سجين في الروتين اليومي.
- تؤمن بالاستقرار من خلال الحصول على أقل مما تستحقه أو ما يمكنك تحقيقه.
- لديك ندم على ما وصلت إليه اليوم.
- تغار من حياة الآخرين، ولديك ثقة منخفضة بالذات.
- غاضب باستمرار ولا تيسر الأمور، بل "تضع العصي في الدواليب".
- لديك حالة من التعب الجسدي والنفسي، الذي لا يمكن أن تعرف سببه.
- خائف وقلق وتشعر بالملل لمعظم اليوم.
- لا يبدو أن الأشياء التي تقلق بشأنها تستحق كل هذا الجهد، سواء في حل المشاكل أو تحقيق الأمنيات.
- لا تحب مشاركة التفاصيل حول حياتك مع الآخرين.
تغيير بسيط في الحياة... لحسن الحظ أنه يمكنك اختيار التغيير، ومن أكثر التغييرات البسيطة التي يمكن أن تُحدث فرقاً هائلاً ومهماً في حياتك نذكر [5]:
- تحكم بأفكارك: من المستحيل أن تكون واثقًا من نفسك إذا كانت أفكارك مليئة بالشك الذاتي والحكم على نفسك سلبياً، ويتطلب الأمر إعادة برمجة طريقة تفكيرك، لأن الوعي الذاتي هو الخطوة الأولى نحو التغيير، فكن أكثر وعيا بأفكارك، واسأل نفسك: ما الذي يدور في خاطري الآن ولماذا؟ هل تساعدني أفكاري؟
- التوافق الحسي الحركي: أو فصل ما تفكر به عما تقوم به وتفعله، بالطبع يستغرق الاعتراف بما تشعر به والتحكم بأفكارك وقتاً، كما لا يعني الفصل بين الفعل والعقل أو تربط عقلك بقيود، أو تعمل على إخفاء أو تجاهل مشاعرك، لكن محاولة فصل مشاعرك وأفكارك عن أفعالك، لأن أفعالك قرار منفصل، على سبيل المثال إذا شعرت بالإحباط بسبب مديرك الذي يصعب التعامل معه، قم بإدراك إحباطك، ثم تحديد كيفية التعامل معه بشكل منفصل عن أداء مهامك الوظيفية على أكمل وجه.
- توقف عن المقارنة: ابحث عن المعنى الحقيقي في جهودك، لأن القيمة والمعنى هي وسيلة قوية للتغلب على المقارنة مع الآخرين، من خلال تركيزها على التأثير والمساهمة، ثم أنه سيكون هناك شخص أكثر نجاحاً وأكثر إنجازاً منك بشكل دائم، وتعني لعبة المقارنة المستمرة أنك لن تلحق به، لذا فإن نجاحك يعتمد على أهم الأمور بالنسبة لك أنت، وأين كنت في البداية والتقدم الذي أحرزته حتى الآن.
- خصص وقتاً لنفسك: ابحث عن بضع دقائق للتفكير في كيفية قضاء يومك، من خلال الصلاة والتأمل وممارسة الرياضة، والحصول على وقت هادئ للتفكير، وهذا ما يمكن أن يُحدث تأثيراً هائلاً على يومك وحياتك كاملة.
- افعل شيئاً جديداً كل أسبوع: عيّر طريق الذهاب إلى العمل، سجل في دروس للطهي، تحدث مع شخص غريب.. حاول فعل كل الأمور التي من شأنها إبعادك عن روتين حياتك اليومي الرتيب.
- إتقان فن الإصغاء: واختيار الاستماع عندما تريد التحدث، لأن الاستماع هو أقوى أداة تعليمية ويبني أقوى العلاقات في حياتك.
- تخلص من الإدمان على أنك تقول الحقيقة: لا شيء صحيح بالمطلق وللحقيقة وجوه، لا يمكنك أن تستمر في التعنت على رأيك، ولا بد أن تغير هذه العادة، كما يمكنك الاحتفاظ بما تظنه حقيقي لنفسك! والتركيز على القيم والمبادئ.
كيف تتخطى الخوف من التغيير؟ (كيف تخرج من إدمان منطقة الراحة؟)
ربما تستطيع أن تقلب الأمر لصالحك، بمعنى أن تحوّل حالتك المزاجية المتقلبة والقلق والخوف من التغيير؛ إلى مصادر إبداع وتغيير في الحياة!
ولأن الشعور بالراحة في حياتك، لا يعني دائماً بأنك تتمتع بالرضا في الحياة؛ لذا فإن الانزعاج والخوف والقلق من القادم قد يكون مفيداً!
يمكن أن تشكل الراحة التي تظن أنك تنعم بها؛ قفصاً يحجزك عن محاول إضافة تحديات جديدة على حياتك، من ثم التغلب عليها والفوز بثمرة الشعور بفخر الإنجاز، وكثيراً ما تتابع على مواقع التواصل الاجتماعي، رجالاً ونساءً في عمر جديك، يجربون أشياء متهورة بالنسبة لأعمارهم، لكنهم يربحون ويثبتون أن لا حدود للشغف وعيش الحياة التي تريدها.
يمكنك القيام بالكثير من الأمور التي تُخرجك من منطقة الراحة، بالتالي تتحدى نفسك وتبدأ التغيير في الحياة وتتخطى هذا الخوف في لحظة لم تتوقعها، مثلاً يمكنك تجريب المشاركة في ماراثون خيري أو بدء تعلم العزف على آلة موسيقية أو أخذ حمام ماء بارد في كل يوم لمدة شهر كامل، أو تجريب الصيام المتقطع، أو إصلاح سيارتك بنفسك... وغيرها من المغامرات البسيطة! ولا بد من أن تعمل على "بناء المتانة العقلية.. أثناء العيش في مجتمع يمنحك النجاح بسبب الراحة، مما يمنحك القدرة على تغيير حياتك" [6]
فيما يلي بعض الطرق التي يمكنك من خلالها البدء في التغلب بالتدريج على خوفك وبدء التغيير [2]:
- تغلب على المخاوف التي لا ترتبط بالتغيير الذي تعمل عليه في حياتك، مثلاً أنت تفكر ببدء مشروعك الخاص والذي يتطلب انتقالك من مدينة إلى أخرى، ما الذي يمنعك من الانتقال؟ كيف يمكنك اتخاذ هذه الخطوة لصالح مشروعك وحلم حياتك؟
- تخلص من الرفاق السلبيين! يمكن أن تكون مرتاحاً مع الأشخاص الذين يفكرون مثلك تماماً، لكنك لن تبدأ التغيير إلا إذا أحطت نفسك بأشخاص يفكرون بطريقة مختلفة، ويتبنون استراتيجيات وتوقعات جديدة.
- اجمع حولك أشخاصاً لن يسمحوا لك بالاستسلام: حتى عندما تشعر أنك تريد ذلك، فمن الصعب العودة عندما يكون لديك أصدقاء يشجعونك على المضي قدماً، ومن الصعب أن تخبر الأشخاص الأقرب إليك أنك (تستسلم أو تنسحب)، مما يمنحك المزيد من الأسباب للمثابرة والتحفيز الذاتي على متابعة التغيير.
- ذكّر نفسك "أن تشعر بالرضا" عن نفسك: وأن ما تفعله هو تحسين حياتك، لذا كن متحمساً لنجاحاتك، بصرف النظر عن مدى صغرها، وامنح نفسك حوافز لمواصلة الخروج من منطقة راحتك.
رأي خبراء حِلّوها بالتغيير في الحياة
يمكن أن يرتبط الخوف من التغيير بأشياء كثيرة مثل اضطراب الشخصية المعادية (الرافضة) للمجتمع أو اضطراب القلق العام، ومع ذلك غالباً ما يحدث الخوف من التغيير مع عدم وجود أي اضطراب عقلي أو نفسي أو سبب مرضي، ومن المرجح أن يكون الخوف من التغيير هو السبب وراء هذه الاضطرابات النفسية في المقام الأول! مما يعني أنه يمكن أن يكون أصل الكثير من القضايا المرتبطة بالقلق أيضاً [2].
وحول مشكلة الخوف الدائم بدون سبب و"الخوف من التغير في الحياة أو عندما تتغير أشياء من حولك، أو تسمع بقرار سيغير أشياء في بلدك"؛ كما يشكو أحد أصدقاء حلوها، تقول خبيرة الموقع النفسية الدكتورة سراء الأنصاري:
"هذه أعراض اضطراب القلق العام والتي تتلخص في الترقب وتوقع السوء، والذي يجلب كل المخاوف.. لذا لا بد من الخضوع للعلاج السلوكي المعرفي مع طبيب متخصص، والأهم الانشغال بأمور خاصة ومهمة والابتعاد عن الأخبار العامة والسلبية، كذلك متابعة الرياضة وتمارين التنفس والاسترخاء والتأمل".
بينما تنصح خبيرة حلوها لتطوير الذات، الدكتورة سناء عبده؛ إحدى صديقات الموقع التي تشكو الخوف من التغيير والمجهول الذي "ينبئ عن مستقبل ممل" برأيها:
"انفضي الخوف من قلبك وانفضي الوسوسة والقلق والتوتر، هذه ليست حلول وكلها أمور تسحبك للوراء، لا تعلقي في الماضي الذي انتهى، أصدقائك يحبونك ويدعمون حياتك، لأنك إنسانة رائعة ولك قيمتك ويجب أن تؤمني بهذا"، ويمكنك متابعة كامل الاستشارة من خلال الضغط على هذا الرابط.
في النهاية.. عليك أن تكون شخصاً استباقي.. حيال القيام بالأشياء التي تخيفك، كما عليك بناء القوة والمرونة العقلية والنفسية، التي تحتاجها لتعيش حياتك بشكل أفضل وبمعاييرك الشخصية النابعة من توازنك ومعرفة ما الذي تريده فعلاً، وحتى عندما تتخلص من خوف التغيير وتنطلق بعادات جديدة، فإنك قد تركن إلى منطقة راحة جديدة وتخشى التغيير مجدداً.. لذا استمر بالتفكير فيما تفعله أثناء قيامك به، بالتالي ستعثر.. وبسهولة على المعنى الحقيقي والسبب العميق لمواصلة جهودك نحو مزيد من التغير لحياة أفضل وأفضل، ما رأيك؟ شاركنا من خلال التعليقات.
- مقال RACHEL RAMAGLIA "الخوف من التغيير"، منشور على موقع cognifit.com، تمت المراجعة في 10/03/2020
- مقال "لماذا لديك خوف من التغيير"، منشور على موقع uopeople.edu، تمت المراجعة في 10/03/2020
- مقال Melody Wilding "إطلاق التغيير في أفكارك"، منشور على موقع medium.com، تمت المراجعة في 10/03/2020
- مقال Shannon Ashley "علامات عليك أن تنتبه إليها" منشور على موقع medium.com، تمت المراجعة في 10/03/2020
- مقال Patti Johnson "تغييرات صغيرة قد تحدث فرقاً كبيراً في حياتك 2016"، منشور على موقع success.com، تمت المراجعة في 10/03/2020
- مقال Ayodeji Awosika "علاج إدمانك على منطقة راحتك 2019"، منشور على موقع medium.com، تمت المراجعة في 10/03/2020