علاج اكتئاب العزل بسبب كورونا وحلول قلق الكورونا
تلجأ معظم حكومات العالم اليوم للحجر المنزلي وحظر التجول كإجراء مهم ضمن الجهود الرامية لوقف انتشار فيروس كورونا، وبما أن معظمنا لم يعتد الجلوس في المنزل لفترات طويلة؛ فلا بد أننا سنعاني من الملل والقلق وربما نصل للاكتئاب، ليس فقط بسبب عزل الكورونا والبقاء في البيت؛ وإنما نتيجة القلق من ظروف انتشار الوباء عموماً.
في هذا المقال نحاول أن نقدم لكم حلولاً فعّالة لمواجهة الملل والفراغ في فترة العزل بسبب كورونا، وكيفية علاج أعراض الاكتئاب الناتجة عن الحجر المنزلي بسبب وباء كورونا، وأهمية مساعدة الآخرين في مثل هذه الظروف للمساهمة في الحد من آثار كورونا السلبية ودعم الصحة النفسية في آنٍ معاً.
قبل كل شيء؛ يعتبر إدراك أهمية الحجر المنزلي وحظر التجول لمكافحة انتشار وباء كورونا المستجد؛ المفتاح الأساسي لمقاومة اكتئاب العزل بسبب كورونا، والتغلب على الآثار النفسية السلبية للبقاء في المنزل بسبب انتشار وباء كورونا.
الخطوة الأولى إذاً لمحاربة الاكتئاب والقلق بسبب عزل كورونا أن تسأل نفسك عن أهداف الحجر المنزلي وحظر التجول، ودور هذه الإجراءات في محاربة انتشار كوفيد-19، إليك بعض أهم فوائد العزل والحجر المنزلي الجماعي[1]:
- تعديل منحنى العدوى بفيروس كورونا الجديد، وهو الهدف الأساسي من الحجر الجماعي وحظر التجول، حيث يتم خلال فترة الحظر حصر الإصابات وتتبع مصادرها وضمان عدم وجود إصابات جديدة، ما يعني تطويق دائرة العدوى إلى أقصى الحدود.
- استعادة السيطرة، حيث يهدف الحظر الكامل والحجر الجماعي بسبب كورونا إلى استعادة السيطرة على مصادر العدوى، خاصّةً في الدول التي دخلت المرحلة الثالثة من الوباء حيث يصعب تتبع مصدر العدوى بسبب كثرة أعداد المصابين.
- حماية الأشخاص غير المصابين من العدوى، خاصّة مع وجود أشخاص مصابين بفيروس كورونا الجديد دون ظهور أي أعراض، وستكون فترة الحظر وإن طالت قليلاً طريقة فعالة في تطويق انتقال العدوى من المصابين بدون أعراض.
- حماية الفئات الأكثر خطورة، حيث يعتقد أن 70% من المصابين بفيروس كورونا يواجهون أعراض طفيفة إلى متوسطة، ويستطيعون تجاوز المرض بالرعاية المناسبة، فيما تواجه فئات أخرى خطراً أكبر، وعلى رأسها كبار السن ومن يعانون من مشاكل مناعية والأشخاص الذين يتلقون علاجاً كيميائياً أو علاجاً بالكورتيزون، والذين يعانون من أمراض مزمنة وبشكل خاص أمراض الجهاز التنفسي.
هذه النقاط الأربعة الرئيسية التي تدفع الحكومات لفرض الحظر والعزل الجماعي بسبب كورونا؛ هي ذاتها يجب أن تساعدنا على تقبّل هذا الحظر وتحمّل المسؤولية، والتعامل مع العزل بسبب كورونا على اعتباره مهمّة وطنية واجتماعية وإنسانية علينا أداؤها؛ وليس عقوبة! لننتقل الآن إلى كيفية مواجهة المشاعر السلبية ومحاربة اكتئاب العزل بسبب كورونا.
تشير منظمة الصحة العالمية إلى أن اكتئاب العزل بسبب كورونا ومشاعر القلق والخوف من وباء كورونا؛ قد تترك آثاراً نفسية سلبية خطيرة على مجموع السكان، وتتوقع المنظمة أن تتزايد معدلات تعاطي المخدرات والكحول والسلوك الانتحاري وسلوك إيذاء الذات بسبب تدهور الحالة النفسية في ظل إجراءات العزل والحجر المنزلي للحد من كورونا[2].
وبناءً عليه يجب الاهتمام بالصحة النفسية خلال فترة العزل بسبب كورونا بنفس القدر الذي نهتم به بمحاربة انتشار الوباء وتقييد العدوى، وهذه أبرز نصائح محاربة اكتئاب العزل بسبب كورونا والتغلب على مشاعر القلق والمشاعر السلبية في ظروف انتشار الوباء:
- فكّر بالمسؤولية التي تتحملها لحماية نفسك والآخرين من الوباء: كما ذكرنا فإن أهم ما يجب إدراكه في ظروف تفشي وباء كورونا هو أن مسؤولية الأفراد والمجتمعات بمحاربة العدوى أكبر من مسؤولية الحكومات والجهات الطبية، وقد أدى استخفاف الناس في بعض الدول إلى الدخول في نفق مظلم من العدوى والانتشار وفقدان السيطرة.
لذلك فكّر بعقلانية بدورك ومسؤوليتك تجاه نفسك وعائلتك وبلدك، وتذكّر أن البقاء في المنزل مهمة إنسانية ووطنية في هذه الظروف. - افهم مشاعرك جيداً: الخطوة الثانية لمحاربة اكتئاب العزل بسبب كورونا أن تقوم بتحليل مشاعرك الحقيقية، لا تستسلم للمشاعر السلبية دون أن تفكر بها، يجب أن تعرف إن كانت مشكلتك مع الملل والشعور بالفراغ، أو خوفك من مستقبل العمل والوضع المادي بسبب ظروف الحظر، أو خوفك من العدوى نفسها وقلقك من وصول الفيروس إليك...إلخ. وبناءً على تحليل مشاعرك يمكنك إيجاد الحلول الأفضل لكل سبب على حدة.
- خطط للحلول أكثر من تفكيرك بالمأساة: ابدأ من الآن الاستعداد لمرحلة ما بعد انتهاء كابوس كورونا، وضع خطة على الورق للتعامل مع الآثار السلبية التي سيخلفها الوباء على عملك وأسرتك وحياتك، دون أن تغرق بالتشاؤم، لأن الوباء لن يدوم إلى الأبد ويجب أن تكون مستعداً للمرحلة التالية[3].
- حافظ على التفكير الإيجابي: يجب أن تعلم أن العالم بأسره يحاول في كل ثانية أن يجد حلاً لأزمة كورونا المستجد، هناك مئات العلماء والأطباء يعيشون حجراً في المختبرات لإيجاد العلاج واللقاح لفيروس كوفيد-19، وهناك عشرات الفدائيين من الطواقم الطبية يعملون على تطويق العدوى، كما أن الحكومات بدأت بالتخطيط لما بعد أزمة الكورونا وإدارة الأزمات الأخرى التي ستنتج عنها[4]، حاول أن تحافظ على الإيجابية والتمسّك بالأمل.
- لا تجعل حياتك مليئة بالأخبار العاجلة: عليك من الآن أن تعيد التفكير بترتيب حياتك الرقمية ونوعية وكمية الأخبار التي تشاهدها كل يوم، القلق سيدفعك لمزيد من تتبع أخبار تفشي كورونا، وتتبع الأخبار سيدفعك لمزيد من القلق والاكتئاب.
يجب أن تكسر هذه الحلقة من خلال تخصيص وقت محدد لمتابعة الأخبار وتحديد جهة أو جهتين إعلاميتين على الأكثر كمصدر للأخبار. - الحقيقة والمعرفة تعالج اكتئاب العزل بسبب كورونا! بكل تأكيد المعرفة تعتبر من أهم وسائل محاربة القلق والاكتئاب في ظروف الأزمة، لا تعتمد على الشائعات والأخبار، وحاول أن تبحث عن أجوبة علمية ودقيقة للأسئلة التي تثير قلقك حول كورونا المستجد.
- قم بإدارة توقعاتك وافتراضاتك: التوقعات والافتراضات من العوامل التي تضاعف الاكتئاب والقلق في ظروف العزل والحجر بسبب كورونا، حاول أن تتوقف عن التوقعات والافتراضات، واجعل اهتمامك منصبّاً أكثر على إدارة الأزمة وتجاوز المرحلة في حدود سيطرتك.
- ركّز على الأشياء التي تستطيع السيطرة عليها فعلاً: إذا ألقيت نظرة على ظروف انتشار كورونا المستجد ستجد أن هناك الكثير من الأمور الخارجة عن السيطرة والتي لا يمكن التحكُّم بها؛ لكنها جميعها مثيرة للقلق.
لذلك عليك الآن أن تفكر بما تستطيع السيطرة عليه[3]، وهو بشكل أساسي مشاعرك تجاه هذه الأزمة ومشاعرك السلبية في ظروف الحظر بسبب كورونا، ودورك الاجتماعي بالالتزام بتعليمات الجهات المعنية لتطويق الوباء، لا تفكر بما هو خارج سيطرتك مثل "كم سيستمر وباء كورونا، كم سيكون عدد الضحايا، ومتى سيجدون العلاج....إلخ" - ذكّر نفسك دائماً بما يجعلك أكثر ارتياحاً، إليك النقاط الأساسية التي يجب أن تذكر نفسك بها دائماً خلال فترة العزل بسبب كورونا:
- العزل والحجر بسبب كورونا إجراء مؤقت لن يدوم إلى الأبد، وستتحول هذه المرحلة إلى مجرد ذكريات، ربما عليك صناعة بعض الذكريات الجيدة مع أهل بيتك.
- البقاء في المنزل مسؤولية عليك تحمّلها بصبر لحماية عائلتك وجيرانك وبلدك، وحماية الإنسانية بأسرها!
- هذه العطلة المفاجئة يجب أن تكون فرصة عليك استغلالها بأنشطة مفيدة.
- القلق والتوتر سيضعف مناعتك، يجب أن تكون أقوى وأكثر استرخاءً لمواجهة عدوى كورونا.
- الحفاظ على الهدوء في ظروف الأزمة لن يكون من أجلك فقط، بل من أجل أسرتك وأطفالك ومحيطك الاجتماعي، كن مصدراً للقوة.
- مارس تمارين مكافحة القلق والتوتر التقليدية: ابدأ بممارسة التمارين الرياضية البسيطة، تمارين التنفس العميق والاسترخاء، نظم وقتك في العزل المنزلي ليكون مفيداً ومثمراً، وحاول أن تتحدث مع الآخرين عن المخاوف المشتركة.
- اهتم بصحتك: اجعل أهدافك الغذائية مخططة بشكل محكم لتجنب مشاكل زيادة الوزن من جهة، ولدعم مناعتك من جهة أخرى، والتزم بممارسة التمارين الرياضية المنزلية، واهتم أيضاً بالحصول على نوم مريح ومنتظم.
- اطلب المساعدة من متخصص: تتيح لك شبكة الانترنت الحصول على استشارات طبية ونفسية متخصصة تساعدك على تجاوز أزمة الحظر بسبب كورونا، حاول الحصول على الاستشارة المناسبة، ويمكنك طلب الاستشارة من خبراء موقع حِلّوها عبر النقر على هذا الرابط.
في هذا الفيديو تقدم الأخصائية الإرشادية والمدربة هيلينا الصايغ لمتابعي موقع حِلّوها بعض النصائح والآليات الأكثر فاعلية لمواجهة القلق والتوتر والاكتئاب في الأزمة، وتتحدث عن كيفية إدارة أزمة كورونا على صعيد الصحة النفسية، شاهد الفيديو من خلال النقر على علامة التشغيل أو الانتقال إلى هذا الرابط:
لا شكّ أن الشعور بالملل والفراغ في العزل أو الحظر بسبب كورونا من أهم أسباب الاكتئاب؛ لذلك عليك أن تدير وقتك وتتبع بعض الخطوات البسيطة للتغلب على الملل والفراغ في فترة عزل الكورونا:
- ابدأ ببناء روتين جيد في فترة العزل المنزلي: خسارة الروتين بسبب عزل الكورونا من أهم أسباب الشعور بالكآبة، ابدأ الآن بإنشاء روتين جديد مؤقت خلال فترة الحظر، اهتم بأوقات النوم والطعام والتواصل والترفيه والرياضة، وحاول الحفاظ على روتين يومي[3].
- حافظ على التواصل مع الآخرين: نحن في نعمة أننا نمتلك العديد من وسائل التواصل الحديثة التي تحقق لنا تواصل أقرب إلى الواقع دون مخاطر انتقال العدوى بفيروس كورونا، حافظ على اتصالك مع الأصدقاء والمعارف والزملاء، ولا تجعل أخبار فيروس كورونا هي موضوع الحديث.
- تعرّف إلى عائلتك: جميعنا نعلم أن حياتنا السريعة وانشغالنا بالعمل؛ خلق فجوة بين أفراد العائلة، قد يكون الحجر المنزلي فرصة جيدة لتتعرف أكثر إلى أفراد عائلك، ولتستمتع معهم ببعض الأنشطة المنزلية المشتركة.
- ضع خطة لتطوير الذات خلال فترة العزل: يجب أن تستغل هذه الفرصة بالحصول على معارف ومهارات جديدة، ضع خطة لقراءة الكتب في فترة العزل، أو اتجه إلى الفيديوهات التعليمية لتطوّر من مهاراتك، استعد لتكون شخصاً أفضل بعد انتهار أزمة كورونا.
- تذكّر أمورك المعلقة: حاول أن تسترجع الأمور التي كنت ترغب بالقيام بها لولا ضغط العمل! حان الوقت الآن للقيام بها بدلاً من قضاء الوقت بتتبع أخبار كورونا الجديد على وسائل التواصل الاجتماعي والاستسلام للإشاعات والخرافات التي تزيد من التوتر والاكتئاب.
- استعد لما بعد الكورونا: مشكلتنا مع الملل أنه يمنعنا عن التفكير بعيد المدى، لكن بمجرد الخروج من اللحظة والانتقال إلى التفكير بالمستقبل سيتبدد الملل، وستتبدد معه الكآبة، فكّر بما تريد فعله بعد انتهاء هذه الأزمة، وابدأ بالتخطيط لذلك، وابدأ بتدريب نفسك على حياة جديدة بعد الكورونا.
- انطلق إلى الصفوف الأمامية: إذا كنت تعتقد أنك لن تستطيع البقاء ساكناً أكثر من ذلك؛ عليك أن تنضم إلى أبطال الصفوف الأمامية الذين يواجهون انتشار الوباء بطرق مختلفة، سنتعرف في الفقرة القادمة إلى أهمية مساعدة الآخرين في مثل هذه الظروف وكيف سينعكس ذلك على صحتك النفسية.
جميعنا الآن نتحمّل مسؤولية إنسانية واجتماعية ربما هي الأكبر في تاريخنا الحديث، لذلك تعتبر مساعدة الآخرين على مواجهة آثار انتشار وباء كورونا؛ واجباً على الجميع. كما سيكون تقديم المساعدة للآخرين في هذه الظروف وسيلة لمواجهة القلق والاكتئاب نتيجة العزل والحظر بسبب كورونا.
لكن كيف تساعد الآخرين في ظروف انتشار الوباء؟ إليك بعض الطرق لمساعدة الآخرين لتخطي أزمات كورونا الصحية والمعيشية والنفسية:
- التزم بتعليمات الوقاية من كورونا: أول مساعدة تقدّمها للآخرين هي ألّا تكون مساهماً في انتشار عدوى كورونا، وذلك من خلال الالتزام بتعليمات الوقاية الأساسية من كورونا المستجد، احمي نفسك وأسرتك لتحمي مدينتك والعالم!.
- ابدأ بالإيجابية: أقل ما يمكن أن تفعله هو نقل الإيجابية للآخرين، راقب نشاطك على وسائل التواصل الاجتماعي وتأكد ألا تكون مصدراً للإشاعات وإثارة الذعر والقلق عند الآخرين، وحاول أن تكون مصدراً للتفاؤل والإيجابية من خلال ما تنشره وتشاركه، ابدأ أيضاً ببث الإيجابية والتفاؤل بين الأصدقاء والعائلة، حتى لو كنت قلقاً حاول أن تبدد قلقك وقلق الآخرين[5].
- شارك بالحملات التطوعية: في جميع الدول التي تواجه وباء كورونا هناك حملات تطوعية لمساعدة المصابين أو الفئات الأكثر عرضة للإصابة مثل كبار السن، ابحث عن الأعمال التطوعية المتعلقة بفيروس كورونا وشارك بما تستطيع فعله، قد يكون كتابة ملصق توعوي، أو المساعدة في نقل مستلزمات الوقاية والرعاية للمسنين...إلخ.
- تبرع بالمال أو الطعام: يواجه آلاف الأشخاص في مدينتك ظروفاً مادية قاسية بسبب حظر التجول والحجر الجماعي، إذا كنت ميسور الحال شارك بعض ما تملكه مع الآخرين عبر جهات موثوقة، أو فكر بجيرانك الأقرب إليك وقدم لهم المساعدة المادية أو العينية[6].
- حان الوقت لتكون معلماً: إذا كنت تجيد حرفة أو تتقن لغة أجنبية، لديك مهارات مميزة في المونتاج، أو تمتلك بعض الخبرات في تطوير الذات...إلخ، هذا هو الوقت الأنسب لمشاركة خبراتك مع الآخرين من خلال وسائل التواصل الحديثة.
- هل أنت مستعد لتقديم الرعاية للمصابين؟ تحتاج المستشفيات والمراكز الصحية إلى المساعدة، إذا كنت لا تستطيع تقديم المساعدة المالية أو العينية؛ ربما أنت مستعد للتطوع في الرعاية الصحية الأولية مع المنظمات والفرق الصحية المعتمدة، ربما ستكون سبباً في إنقاذ حياة رجل مسن مصاب بالكورونا ولا يجد من يرعاه في منزله.
لكن تأكّد أنك تقوم بذلك في إطار رسمي مع الجهات الصحية الرسمية أو المنظمات المعترف بها، حيث ستخضع لتدريبات خاصة وسريعة لتكون في الصفوف الأمامية مع أبطال الفرق الصحية لمواجهة فيروس كورونا.