كيف أقوي ثقتي بنفسي؟ بناء الثقة بالنفس وقوة الشخصية
من الصعب أن تعرف نفسك عندما تعيش في ظل ثقافة تبعث رسائل مستمرة، حول من يجب أن تكون وماذا يجب أن تحب، كما تجعل من الصعب علينا فصل ما نريده فعلياً؛ عما يريده الآخرون، كما أنه من الصعب أن نعرف أنفسنا، وأن نجد أصواتنا الداخلية وسط الكثير من الأفكار والآراء السائدة (بل والمتسلطة علينا)، لذا يجب أن تميز نفسك، من خلال معرفة قيمك ومعتقداتك وحقائق ذاتك، بصرف النظر عن آراء الآخرين حول ما يجب أن تكون عليه. فابدأ بإجراء اختيارات نافعة لحياتك، بدلاً من النظر إلى الآخرين لاتخاذ قرارات نيابة عنك..
في هذا المقال.. كيف ترتبط الرشاقة العاطفية بزيادة الثقة بالنفس، وكيف تزيد من ثقتك بنفسك؟ وكيف ترتبط قوة الشخصية مع الثقة بالنفس؟
أغلب البشر يواجهون اليوم صعوبة مع المزاج السيء، أو في التغلب على حالة القلق، حيث نعاني أغلبنا من مشاعر وحالات مزاجية صعبة، لأننا لم نتعلم الكثير عن عواطفنا، ولا بد أن تدرك أنه وكما تعتمد صحتك البدنية على أساس النظام الغذائي الجيد والتمرين المنتظم؛ تعتمد صحتك العاطفية على أساس العادات والتدريبات الإيجابية أيضاً، ومن الصحيح أنك تحتاج الذكاء العاطفي، لكن معرفتك إلى ما تحتاجه لا تكفي، والنوايا الحسنة لزيادة الثقة بالنفس لا تكفي أيضاً، بل عليك أن تخوض الجزء الأصعب والأكثر انضباطاً، كما هي الحال في اتباعك لنظام صحي أو ريجيم ما، لذا من الأفضل أن تتمتع بالرشاقة أو اللياقة العاطفية (Emotional Fitness)، وهو مصطلح يعني أنه لتحقيق تغيير ذي مغزى ودائم في حياتنا العاطفية؛ لا بد من الالتزام بعادات جديدة بالإضافة إلى المزيد من المعرفة والمعلومات التي يتخصص بها الذكاء العاطفي [1]:
- فقد تعرف أن توجيه الكثير من الحديث الذاتي السلبي لنفسك؛ يجعل مزاجك أسوأ، لكن تغيير صوتك الداخلي إلى الإيجابية، هو عمل شاق وبطيء وصعب!
- قد تعرف أنه يجب أن تكون حازماً وأن تتحدث عن رأيك، لكن تحمل القلق الذي يأتي مع طلب ما تريده ووضع حدود لما لا تريده، هو قصة أخرى ومشقة لا بد لك أن تتحملها وتصبر.
- قد تعرف أن الرياضة هي أحد أفضل الطرق لمكافحة الاكتئاب، لكن النهوض باكراً في الصباح والذهاب إلى صالة الألعاب الرياضية؛ لا يحدث فقط لأنك تعلم أنه مفيد لك.
ولا بد أن نوضح أهمية طريقة التفكير في بناء اللياقة العاطفية، فكلما كانت لديك أفكار واضحة وكانت الطريقة التي تميل إلى التفكير بها مبنية على عادات وأسس سليمة وصحية، كلما أثرت بشكل عميق على الطريقة التي تميل إلى الشعور بها، يعني الوضوح والتسامح ومعرفة عواطفك بشكل جيد، بالنتيجة أنت مدرك تماماً لدائرة السلوك والتي هي باختصار: أفكار – مشاعر أو عواطف – سلوك.
كيف ستزيد ثقتك بنفسك مع فوائد اللياقة العاطفية؟
بعد أن توضح لك مفهوم اللياقة العاطفية، لا بد أن تعلم أنها من الأمور الأساسية التي تساهم في زيادة الثقة بالنفس، فأنت تعلم مقدماً كم سيؤثر موضوع رشاقتك البدنية على حياتك بشكل عام وثقتك بنفسك، وبالمثل إليك أبرز فوائد اللياقة العاطفية:
- تقليل الإجهاد والقلق: عندما تعرف ما الذي تريده حقاً، وتعرف متى تقول لا للأشياء التي لا تريدها أي أن تكون حازماً، وتعلم كيف تتواصل في علاقة أفضل مع عواطفك الصعبة مثل القلق والإجهاد؛ بالتالي تكون أقدر على إدارة الضغوط عندما تأتي، وما أكثرها هذه الأيام! ومن اللياقة العاطفية معرفة أنواع الأحداث والمواقف (الاستثارة والتحفيز) التي تسبب لك الإجهاد، وكلما زاد إدراكك للعلاقة بين محفزات معينة (ضغوطات) واستجابتك لهذه الضغوط؛ كلما كنت أكثر ذكاءً بشأن التعامل مع هذه المحفزات قبل أن تصبح ضغطاً وإجهاداً وقلقاً.
- تواصل أفضل وعلاقات أنجح: الواقع إن مشاكل الاتصال والعلاقات، هي مشاكل عاطفية، وذلك لأننا جميعاً كما ذكرنا؛ نواجه صعوبة في التعامل مع العواطف مثل: الدفاع والكبرياء، كذلك الأذى والشعور بالذنب، بالتالي نتصرف بطرق نشعر بالذنب بسببها لاحقاً، بالضرورة يمكن أن يساعدنا بناء لياقة عاطفية أفضل؛ على تحمل العواطف الصعبة وإدارتها في علاقاتنا، ثم إيجاد طرق أكثر فعالية للتصرف خلال الصعوبات.
- التحرر من القلق والسيطرة عليه: فنحن نشعر بالقلق، لأننا لسنا جيدين في التسامح العاطفي، بمعنى نحن معتادون على الدفاع فوراً أو الهروب من خوفنا وقلقنا، بحيث نعلّم عقولنا أن تخاف من القلق، مما يؤدي إلى دورات مفرغة من القلق المتزايد باستمرار، والحل هو تدريب عقلك على التوقف عن الخوف من ردود أفعالك العاطفية، فأحد المكونات الرئيسية للرشاقة العاطفية، هو تعلم تحمل الاندفاعات الأولية وردود الفعل السريعة بسبب العاطفة السلبية، والانفصال عن عاداتنا في القلق أو التفكير الزائد والهروب.
- الالتزام بالأهداف: السبب الحقيقي وراء فشل معظمنا في التمسك بأهدافه والتزاماته، هو أننا.. مرة أخرى؛ لسنا جيدين في إدارة عواطفنا، وتحديداً في التعامل مع المشاعر السلبية مثل القلق والخجل والندم، التي لا محالة تظهر بشكل أو بآخر عندما ندفع أنفسنا لتجربة أشياء جديدة تساهم في النمو الشخصي، لكن مع وجود أساس متين للياقة العاطفية، سيكون لديك آلية أفضل في تحديد هذه المآزق العاطفية بمجرد ظهورها، ثم اجتيازها بذكاء وثقة حتى تتمكن من متابعة العمل على أهدافك.
- زيادة الوعي بالذات: واحدة من أكثر الفوائد تأثيراً لتعزيز المرونة العاطفية، هي أنها تزيد بشكل كبير من قدرتك على أن تكون واعياً وحاضراً، وعندما نبدأ في بناء علاقة أفضل مع عواطفنا، فإن ذلك يحررنا لنراقب مشاعرنا جيداً ونراقبها بدلاً من رد الفعل الغريزي عليها، هذه القدرة على الهدوء في إدارة مشاعرنا؛ حتى الصعبة منها، هي السمة المميزة للأشخاص الذين يعرفون أنفسهم بشكل جيد والواثقين بأنفسهم، وإلى جانب زيادة الوعي الذاتي؛ تأتي مجموعة من فوائد الياقة العاطفية، التي تتراوح بين تحسين اتخاذ القرار والتواصل العميق، إلى التمتع بروح قيادية أفضل، كذلك علاقات أكثر حميمية.
كيف أزيد ثقتي بنفسي؟ ونصائح الثقة بالنفس
لو كنت تتسأل الآن: كيف أعزز ثقتي بنفسي؟ وما هي صفات الواثق من نفسه؟ أو كيف أقوي شخصيتي وثقتي بنفسي؟ سنحاول الإجابة على هذه التساؤلات، من خلال الحديث عن أكثر السمات المشتركة بين الأشخاص المتمتعين بثقة عالية بالنفس على الشكل التالي [2]:
- الواثقون يتجنبون الضغط على أنفسهم: يعرف الواثقون أنهم سيحصلون على ما يريدون من الحياة وفي الوقت المناسب، نتيجة لذلك لا يتحدثون حول خططهم وأهدافهم الكبرى لكل شخص يلتقونه، لكنهم يستطيعون التعلم من الجميع، كما يستمتعون بالتعرف على وجهات نظر وأفكار ومشاعر الأشخاص من حولهم، من خلال الإصغاء أكثر مما يتحدثون.
- يساعد الأشخاص الواثقون الآخرين: يتطلع الشخص الواثق من نفسه لمساعدة الآخرين على تحقيق أهدافهم، وإحدى الطرق للقيام بذلك هي من خلال مشاركة شبكتهم وربط الأشخاص ذوي التفكير المماثل مع بعضهم البعض.
- يشارك الواثقون بأنفسهم أفكارهم بحرية: يرتاحون بمساعدة الناس على تحقيق أهدافهم، كما يدرك الشخص الواثق من نفسه للغاية؛ بأن الحياة قصيرة، وأفضل طريقة لرؤية أفكاره حقيقة هي من خلال إعطائها لأشخاص آخرين.
- المثابرة: يعرف الشخص الواثق بنفسه ما يريده، ولديه الشجاعة للاستمرار في العمل من أجله، حتى عندما تكون كل الاحتمالات ضده، ولا يخشى تغيير رأيه عندما يتم تقديم بديل أفضل، فهو لا يحارب من أجل أن يثبت أنه على صواب دوماً، لكن إذا كانت هناك فكرة أفضل، فإن الشخص الواثق يتبناها بمرونة، ثم يشكر الشخص الذي قدم له نصيحة.
- لا تحبطهم الظروف الخارجة عن سيطرتهم: يحاول الشخص الواثق بكل جهوده من أجل تصحيح الأمور، لكنه يدرك أن الكثير مما يحدث في الحياة خارج عن سيطرته، ولا يخجل لأن شيئاً ما صعب عليه، بل يطلب نصيحة ويصنع قراره ويمضي قدماً، في حال كانت الأمور خارج نطاق سيطرته، وهذا لا يعني أن ينسحب لكنه يحاول كل ما في وسعه قبل أن يترك الأمور لتمضي بطريقها.
- الوضوح والصدق: كلمة الشخص الواثق من نفسه تعكس تماماً ما يريد التعبير عنه، لغة جسده وإشاراته غير اللفظية تترجم ما يقوله بالكلمات أيضاً.
- لا يهتم الواثقون بأنفسهم لآراء الآخرين: من تلك الآراء الجارحة والسلبية بقصد التدمير ومحاربة الناجحين، وهذا لا يتناقض مع قدرتهم على طلب النصيحة من الآخرين، بحيث ينجحون في العمل الجماعي ويتقنون مهارة التكاتف، لتحقيق نتائج تنعكس إيجابياً على الجميع.
- يحتفل الواثقون بنجاح الآخرين: يسعد الشخص الواثق من نفسه؛ برؤية الآخرين ينجحون ويدرك أهمية دعمه لهم، بحيث يتذكر كيف تم دعمه في الأوقات الحساسة من حياته.
قوة الشخصية والثقة بالنفس (غير نفسك تغير العالم)
لن تضيع وقتك على الأشخاص الذين لا يبالون بك، فإذا لم ينتبهوا لك الآن، فإنهم لن يفعلوا ذلك أبداً، وعندما تكون واثقاً من نفسك أنت قادر على العطاء من دون أن تتوقع مقابل، وهو ما ستناله في الوقت المناسب ومن حيث لا تتوقع، فكم سيكون الشعور جميلاً، عندما يخبرك شخص ما؛ بأنك غيرت حياته بعد أن ساعدته في فهم أفضل خيار من حياته المهنية [3].
ثم أنك تعلم في أعماقك أنك لست مجرد رقم، ولديك الكثير كي تقدمه للعالم، فأنت جزء مهم منه، فربما يأس الآخرون منك لكن إياك وأن تيأس من نفسك، وحتى لو لم تعثر على الأشخاص الذي يتشابهون معك في ذات الأحلام والطموحات؛ تأكد أن تقف من أجل نفسك وأن تثق جيداً بأنك قادر على فعل شيء، حتى لو كنت وحيداً، لكن لا تقلق فلن يطول ذلك، لأنك ستجذب إليك الأشخاص المتشابهين معك، وتكون شخصاً مهماً للآخرين وساعدهم، وتدع الآخرين يساعدونك، وكفَ عن تحدي التغيير في حياتك، كي تغير الواقع من حولك، وهذه بعض النصائح التي تساعدك على بناء وتعزيز قوة شخصيتك وثقتك بنفسك [4]:
- تحسين لغة الجسد: ابدأ بخطوات بسيطة مثل الحفاظ على كتفيك مشدودين للخلف والوقوف بشكل مستقيم، والنظر إلى الأشخاص في العين أثناء المحادثة، ستندهش من مدى سرعة تحسن ثقتك بنفسك كنتيجة لذلك، مثلاً أثبتت دراسة "إن الجلوس بشكل مستقيم؛ ليس جيداً لجسمك فحسب، بل يمنحك ثقة أكبر في أفكارك أيضاً، ويمكن أن يؤثر وضع أجسامنا ليس فقط على ما يفكر فيه الآخرون عنا، لكن كيف نفكر في أنفسنا أيضاً" [5]، كما أن الحفاظ على التواصل البصري يساعدك على تحقيق مزيد من الثقة، في متابعة المحادثة دون التفكير بسلبياتك أو العيوب التي تعتقد أنها موجودة لديك.
- تحدث مع نفسك إلى المرآة: كثيرة هي الأوجاع التي نخفي آثارها على وجوهنا أمام الآخرين مدعين القوة! لكن الشخص الوحيد الذي لا يمكنك أن تكذب عليه هو أنت، لذا كل صباح أخبر نفسك عبر المرآة أن كل شيء سيكون على ما يرام، إذ أن لديك القوة لمواجهة أي مصاعب ستأتي في طريقك، فالسلطة الوحيدة التي تمتلكها، هي السلطة على نفسك وأفكارك وعقلك، ولا سلطة لك على ما يحدث حولك، لذلك كلما وجدت نفسك تكافح للتغلب على عقبة ما، خذ لحظة للتحدث مع نفسك، وستكتشف بسرعة أن القوة لتصبح أكثر ثقة صدرت بالفعل من داخلك.
- تحديد المخاوف: انعدام الثقة متعلق بالخوف من المجهول، فنحن جميعاً لدينا شكوك راسخة في أذهاننا وبسببها نتساءل؛ عما إذا كنا جيدين بما يكفي، أو قادرين على القيام بكل ما نطمح إلى تحقيقه، لذا عليك للتغلب على قلقك الاجتماعي وزيادة من ثقتك بنفسك؛ أن تكتب لماذا أنت خائف، وما هي الخطوات العملية التي ستساعدك على التخلص من خوفك، مثلاً أنت تخاف من تقديم عرض مشروعك على مجلس إدارة البنك الذي تطلب منه التمويل؛ ابحث عن سبب هذا الخوف والقصة الحقيقية التي سببت لديك هذا القلق، ربما بسبب صراخ والديك عليك وتعنيفك وأنت طفل صغير، كي تبقى صامتاً عندما يتحدث الكبار!
في النهاية... تتطلب الثقة بالنفس خطوات صارمة تتخذها عن عمد، حتى لو كان الثمن هو وقتك وجهدك الفكري والبدني، لأنك من دون بذل جهد وتعب وحرمان من الراحة والتمتع بالصبر الجميل؛ لن تحقق نتيجة في مرونتك ورشاقتك العاطفية والعقلية والفكرية، التي تدعم عملية تعزيز ورفع ثقتك بنفسك، ما رأيك؟ شاركنا من خلال التعليق على هذا المقال.
كيف ترتبط الثقة بالنفس مع النجاح، هذا ما تتحدث حوله خبيرة موقع حلوها الدكتورة ناديا بوهنّاد، من خلال شرح سبع خطوات لتعزيز الثقة بالنفس، مع توضيحها للعلاقة القوية بين الثقة والنفس وتحقيق الأهداف في الحياة، يمكنك أن تشاهد الفيديو من خلال النقر على علامة التشغيل أو بالضغط على هذا الرابط: