نظرة المجتمع للعاطل عن العمل وفرص الخروج من البطالة
لا شك أن العمل قيمة للإنسان، فالعمل يعطيك القدرة والإمكانية لتأمين احتياجات العيش الأساسية من مأكل وملبس ومشرب لك ولعائلتك، لكن ماذا لو تركت العمل ولم تستطع إيجاد عمل آخر بسرعة؟ عندها ستصبح بلا عمل أو بعبارة أخرى "عاطل عن العمل" ولكن هل هذا عيب؟ كيف تستغل فرصة كونك عاطل عن العمل للحصول على وظيفة أحلامك؟ كيف تحافظ على إيجابيتك وأنت عاطل عن العمل؟ ما هي الكلمات التي يفترض ألا تقولها للعاطل عن العمل؟ كل هذه الأسئلة والاستفسارات سنجيب عليها في سياق هذا المقال.
هل عبارة "عاطل عن العمل" عيب؟ عندما تجد عملاً بعد جهد طويل، يتواصل معك أهلك وأقاربك ومعارفك لتهنئتك بتمكنك من الحصول على الوظيفة، وبنجاحك في هذه المهمة وبأنك تستحق هذه الوظيفة وغيرها من كلمات الإطراء، لكن للأسف بمجرد أن تترك وظيفتك وتصبح عاطلاً عن العمل؛ تسمع كلمات ما كنت تتخيل أو تعتقد ربما أنك ستسمعها من أحد مثل: "ماذا فعلت حتى طردوك من العمل؟ كنت متأكداً بأنك لن تنجح في هذا العمل ولن تبقى فيه لوقتٍ طويل، أنت غير مؤهل لشغل وظيفة بهذه الأهمية"، هذه العبارات تزيد من معاناتك النفسية فليس سهلاً أن تجد نفسك بلا عمل [1].
الآثار السلبية لكونك عاطل عن العمل
سلبيات ترك العمل وكونك أصبحت عاطلاً عن العمل أكثر بكثير من إيجابياتها، وهذه السلبيات تترك أثرها عليك وعلى عائلتك وأسرتك ومن هذه السلبيات[2]:
- التوتر والضغط النفسي: إذا أصبحت عاطلاً عن العمل قد تعاني من الحزن والإحباط وتدني احترامك لذاتك، لاسيما إذا حاولت البحث عن وظيفة جديدة بسرعة.. ولم تنجح.
- نقص المال الكافي لتأمين متطلبات الحياة: أول مشكلة ستصطدم بها بعد فقدان مصدر رزقك، هو نقص المال، حيث لن تستطيع النهوض بأعباء الحياة لقلة المال، مما ينعكس سلباً عليك وعلى أسرتك، هذا يعني المزيد من الضغوط النفسية، لاسيما إذا كان لديك أطفال في المدارس أو لديك شخص مريض يحتاج لعلاج بالتزامن مع ارتفاع أسعار الأساسيات الضرورية للعيش.
- تراكم الديون: نتيجة تركك للعمل سينعدم دخل أسرتك إذا كنت أنت المعيل الوحيد، وإذا لم تكن المعيل الوحيد فسينخفض دخل أسرتك لانقطاع راتبك، بالتالي ستضطر للاستدانة من الغير لتأمين متطلبات حياتك وحياة أسرتك، مما يزيد من معاناتك لاسيما في حال تأخرت في الحصول على وظيفة جديدة تعيد لك الدخل، الذي خسرته بتركك للوظيفة السابقة.
كيف تعزز فرصة حصولك على وظيفة أحلامك من خلال البطالة؟
كونك عاطل عن العمل هو فرصة للتفكير إن كانت الوظيفة التي كنت تشغلها هي وظيفة أحلامك، لذا حاول استغلال وقتك لتحديد الوظيفة التي تريد الحصول عليها، واتبع النصائح التالية لتعزيز فرص حصولك على وظيفة جديدة وإقناع أصحاب العمل المحتملين بأنك تستحق فرصة جديدة وكونك عاطل عن العمل هذا لا يعني أنك غير مؤهل للعمل [1و3]:
- تعلم مهارات جديدة تضيفها إلى سيرتك الذاتية: أصعب شيء عندما تصبح عاطلاً عن العمل هو الاسترخاء والرضوخ للواقع، عليك استغلال الوقت لتعلم مهارات وخبرات جديدة تضيفها إلى سيرتك الذاتية (CV) كي تعزز فرص إيجاد وظيفة جديدة وبسرعة، لأن أصحاب العمل المحتملون يحبون الشخص الذي يستمر في تطوير مهاراته.
- حافظ على مهاراتك من خلال الاستمرار في استخدامها: إن تركت العمل لا تتوقف عن ممارسة المهارات لتي تعلمتها كي لا تنساها أو تتراجع لديك، فعلى سبيل المثال إذا كنت تتقن اللغة الإنجليزية وتوقفت عن ممارستها بعد تركك للعمل سيتراجع مستواك فيها، بالتالي سيصعب عليك إيجاد وظيفة جديدة تناسبك، فكل أصحاب العمل يجرون اختبارات للمتقدمين للتوظيف كي يحكموا على قدراتهم ومهاراتهم وخبراتهم.
- تقدم إلى مقابلة العمل بكل ثقة: عندما تحصل على موعد لمقابلة عمل جديد كن واثقاً بنفسك، مرفوع الرأس، وافترض أنك أفضل من سيترشح للحصول على هذه الوظيفة، لأن ذلك ينعكس إيجاباً على نظرة صاحب العمل إليك ويجعله يعطيك فرصة أكبر للحصول على هذه الوظيفة مما لو أظهرت نفسك أمامه أنك خائف ومتردد وضعيف.
كيف يمكن أن تشغل وقتك بفعالية وأنت عاطل عن العمل؟
لا شك أن تصبح عاطلاً عن العمل ليس خبراً ساراً لا لك ولا لأسرتك، لذا التعامل مع هذا الوضع بإيجابية لا يخلو من الصعوبات، خاصة مع حجم الآثار النفسية التي تثقل كاهلك في هذه المرحلة، وللتعامل بإيجابية مع كونك عاطل عن العمل نقدم النصائح التالية [3]:
- كن صبوراً مع نفسك: طبيعي أن تشعر بالحزن والقلق والإحباط والغضب والوحدة نتيجة تركك للعمل، لكن عندما تكون منفتحاً على الآخرين وتصرح بهذه المشاعر لأحبائك هذا سيجعلهم يساعدونك في تخطي هذه المشكلة والخروج من الحزن الذي وضعت نفسك به، وتذكر دائماً بأنك شخص جيد يمتلك مؤهلات تخوله إيجاد وظيفة جديدة بسهولة، كما أنك لست الوحيد الذي أصبحت عاطلاً عن العمل، فهناك الآلاف من الناس حول العالم يصبحون عاطلين عن العمل ومع ذلك لا يستسلمون ويبحثون عن وظائف جديدة وأنت عليك أن تكون مثلهم.
- حافظ على نشاطك البدني: تركك للعمل لا يعني أن تبقى بدون أي نشاط، لأن تناول الطعام والاسترخاء والراحة سيتسبب لك بزيادة في الوزن قد تكون غير مرغوبة بالنسبة لك، لأنها ستنعكس سلباً على حالتك النفسية.
- لا تدخل عادات سلبية إلى حياتك: كونك عاطل عن العمل قد يجعلك عرضة لأن تدخل عادات سلبية في حياتك قد يصعب عليك التخلص منها لاحقاً، كالنوم في وقت متأخر والاستيقاظ عند الظهر، أو مشاهدة التلفاز طوال الوقت.
- بادر للعمل التطوعي: ريثما تحصل على الوظيفة المناسبة يمكنك ممارسة العمل التطوعي كي تحافظ على حماسك للعمل، وربما خلال عملك التطوعي تعثر على وظيفة أحلامك فرب صدفة خير من ألف ميعاد.
- كن واقعياً: خسارتك للوظيفة لا يعني أن تفقد أهدفك في الحياة، بل يجب أن تركز اهتمامك على البحث عن وظيفة جديدة تناسبك في أسرع وقت.
- كن متفائلاً: لا تدع التشاؤم يسيطر عليك حتى لو فشلت في الحصول على وظيفة جديدة بسرعة كما كنت تتخيل، بل ابقَ متفائلاً، وفكر دائماً بكل المهام والمحطات الناجحة في حياتك، وكن واثقاً أنه يمكنك العثور على وظيفة جديدة حتى لو تأخرت في الحصول عليها.
ما هي العبارات التي عليك تجنب قولها للعاطل عن العمل؟
كونك تعمل وأمورك تسير على خير ما يرام، ربما تسمع أن صديقك أو قريبك خسر وظيفته وأصبح عاطلاً عن العمل، بالتالي سيصبح حساساً لأي كلمة تقولها له، فهو يعاني من ضغوط نفسية واقتصادية واجتماعية نتيجة فقدانه لعمله، لذلك عند التعامل مع شخص فقد عمله؛ تجنب أن تقول له الأشياء التالية [4]:
- "أنت محظوظ لأن لديك وقت فراغ طويل": قد تعتقد وأنت تقول هذه العبارة لشخص فقد عمله بأنك ترفع معنوياته وتخبره أنه يستطيع القيام بكل ما يريد في أي وقت، ولكن تفاعل الشخص العاطل عن العمل مع هذه العبارة سيكون عكس توقعاتك غالباً، لأنه سينظر لهذه العبارة على أنها تذكير له بأنه فقد عمله وليس لديه ما يقوم به.
- "أنا مشغول جداً ولا أجد فرصة للراحة": هذه الجملة قد تقولها بحسن نية وأنت تتحدث عن ضغط العمل واضطرارك للعمل ساعات طويلة، لكن الشخص الذي فقد عمله سيشعر أنك لا تقدر مشاعره كونه ليس لديه عمل ما يؤثر سلباً على علاقتك به.
- "اعثر على أي عمل": ربما تظن أنك عندما تقول لشخص فقد عمله: "ابحث عن أي عمل المهم أن تجد عمل"؛ أنك تساعده أو تقدم له خدمة، لكن هذا غير صحيح فكأنك تقول له أنت متكبر ولا ترضى بأي عمل يقدم لك، وهذا سبب بقائك عاطلاً.
- "كان أحد أصدقائي عاطلاً عن العمل وفعل كذا... لماذا لا تجربه!": هذه الجملة غير مناسبة لتقولها لصديقك العاطل عن العمل، فمهارات الأشخاص قد تختلف لذا فصديقك الذي وجد عملاً معيناً بعد تركه لوظيفته ربما لا يستطيع صديقك الذي ترك العمل حديثاً القيام بها، وبذلك تكون قد وجهت له إهانة غير مقصودة، على سبيل المثال إذا كان صديقك الذي فقد عمله يتقن اللغة الإنجليزية فعمل مدرساً كعمل بديل، ولكن صديقك الذي فقد وظيفته حديثاً لا يتقن اللغة الإنجليزية مثله.
- "هل وجدت عملاً جديداً؟": هذا السؤال يحرج صديقك كثيراً، لأنك تضطره للقول دائماً أنه لم يجد عملاً، بالتالي وكأنك تذكره بمشكلته بشكل دائم، لذلك تجنب أن تسأله هذا السؤال لأنه عندما يجد عملاً بالتأكيد سيخبرك، وإذا كنت قلقاً وتريد الاطمئنان عليه يمكن التقصي عن كونه تمكن من إيجاد عمل أم لا من أسرته أو بطريقة أكثر حذراً كي لا تهينه.
- "أنت محظوظ لأنك لست مضطراً للتعامل مع هذا الأمر في العمل": إذا واجهت صعوبة خلال عملك فلا تقل لصديقك الذي فقد عمله أنت محظوظ، لأنك لم تكن مكاني وواجهت هذه المشكلة، فأنت بهذه الجملة تذكره بمشكلته وبأنه بلا عمل.
- "لا تقلق.. أنا سأدفع": قد تدعو صديقك العاطل عن العمل لتناول القهوة في كافيتريا وتقول له أنا سأدفع، هذه العبارة غير محببة، ولا يفضل أن تقولها لصديقك العاطل عن العمل، وكأنك تقول له أنت لا تملك المال لذا أنا سأدفع عنك شفقة.
- "أنا أعرف ما تشعر به": قد تقول له هذه العبارة أنا أشعر بمعاناتك وبما تشعر به الآن، لكن مجرد قول هذه العبارة؛ وكأنك تسخر من صديقك العاطل عن العمل، لذا تجنب قولها له.
هل يجب على الزوجة تحمل زوجها إن أصبح عاطلاً عن العمل؟
يترك فقدان دخل في الأسرة أثره السلبي على الأسرة ككل، خاصة إذا كان دخل الزوج هو الوحيد الذي تعيش منه الأسرة، وإذا كانت الزوجة موظفة وزوجها فقد عمله وأصبح عاطلاً عن العمل فعندها تتحول إلى معيل لأسرتها وتزداد مسؤولياتها، ولكن ليست كل الزوجات يتحملن هذا الوضع لفترة طويلة، من هنا على الزوج الذي فقد عمله أن يبحث عن عمل جديد بأسرع وقت ممكن حتى يحافظ على أسرته ولا يعرضها للتفكك، انطلاقاً من هذه النقطة نصحت أخصائية علم النفس والتثقيف الصحي في موقع حلوها ميساء النحلاوي إحدى صديقات موقع حلوها، التي كانت تتذمر من كون زوجها عاطل عن العمل وهي تتحمل العبء وحدها، وتحثها الخبيرة من خلال استشارتها، بالصبر على زوجها إذا كان يحاول البحث عن عمل ولم يجده.
في النهاية.. يقول المثل "رب ضارة نافعة" فقد يكون تركك للعمل، فرصة للتفكير إن كانت الوظيفة التي كنت تشغلها هي الوظيفة التي تحلم بها، كما أن ترك العمل سيجعلك تبحث عن عمل يناسبك من جهة وتتجنب الأخطاء التي وقعت بها في الوظيفة السابقة من جهة أخرى: والتي ربما لعبت دوراً في تركك للعمل، لذا استثمر وقتك في البحث عن العمل وترميم علاقتك بالآخرين، الذين انقطعت عنهم سابقاً لانشغالك في العمل.
- مقال كيف نحارب وصمة العار كوننا عاطلين عن العمل" منشور في موقع social-hire.com، تمت المراجعة في 7-3-2020.
- مقال Heather Burdo، "الآثار الإيجابية والسلبية للبطالة" منشور في موقع bizfluent.com، تمت المراجعة في 8-3-2020.
- مقال "نصائح للبقاء إيجابياً أثناء البطالة" منشور في موقع thriveworks.com، تمت المراجعة في 7-3-2020.
- مقال Maggie Heath، "سبعة أشياء يجب ألا تقلها لأصدقائك العاطلين عن العمل" منشور في موقع lifehack.org، تمت المراجعة في 8-3-2020.