المرأة المعلّقة زوجة مع وقف التنفيذ!
في هذه المقالة عن المرأة المعلّقة سنتحدث عن مشكلة اجتماعيّة خطيرة تواجهها بعض النّساء اللاتي يطلق عليهن مصطلح "المعلّقة" والمقصود به أنها غير متزوجة وغير مطلقة! سنتحدث في هذه المقالة عن التّحديات والصّعوبات والمشاكل التي تواجه المرأة المعلّقة من النّاحية النّفسيّة والاقتصاديّة والعاطفيّة والجنسيّة ومشاكل تتعلق بحضانة الأطفال ورعايتهم ومواجهتها لأفكار المجتمع وصوره النّمطيّة التي يحارب بها المرأة. وسنقدم في نهاية المقالة مجموعة نصائح للتّغلب على معظم المشاكل التي تواجه المرأة المعلّقة وتمكنها من متابعة سير حياتها بشكل أفضل!
قضيّة اجتماعيّة شائكة ومشاكل قائمة وتنتظر الفرج!
إن وضع المرأة المعلّقة صعب جداً ويعتبر قضيّة اجتماعيّة تتطلب تكاتف جهود مؤسسات المجتمع المدني والنّساء والرّجال أيضاً لضمان حقوق المرأة المعلّقة ووقف استنزافها فكرياً وعاطفياً وابتزازها مجتمعياً. فالمرأة المعلّقة هي المرأة التي لم تحصل على طلاقها رسمياً وشرعياً وقانونياً كما أنها منفصلة عن زوجها فلا يسكنان معاً ولا إقامة لعلاقة جنسيّة بينهما وقد يكون قرار الانفصال عن الزّوج نابعاً منها أو رغبة الزّوج بذلك لكن الزّوج يتمنع عن إتمام الطّلاق وإعطاء المرأة حريتها.
وتعود بعض أسباب امتناع الزّوج عن المضي في إجراءات الطّلاق وترك المرأة معلقة لأسباب عديدة نذكر أكثرها انتشاراً:
- رغبة بالانتقام من الزّوجة وسلبها حقها في الارتباط برجل آخر بعده.
- مشاكل أسريّة بين الزّوجين وعائلاتهما.
- إجبار الزّوجة على التّنازل عن حقوقها الماديّة والمعنويّة الممنوحة لها بسبب الطّلاق.
- إجبار الزّوجة عن التّنازل عن حضانة الأطفال.
- الثأر من الزّوجة بتعطيل سير حياتها بشكل طبيعي وإلحاق الأذي النّفسي والمادي والمعنوي بها.
- طول وتعقيد بعض الإجراءات القضائيّة للطلاق.
- مشكلة الطّلاق في الدّيانة المسيحيّة تتطلب سنوات بعد موافقة الكنيسة على وقوع الطّلاق.
- قيام الزّوج بالزّواج من امرأة ثانية وإهمال الزّوجة الأولى.
- وقوع خيانة زوجيّة.
قد تطول فترة تعليق الطّلاق في بعض الحالات لأشهر وقد تصل لسنوات! وطيلة هذه الفترة فإن معاناة المرأة المعلّقة تزداد وتتفاقم وخاصةً مع ضغط المجتمع وصوره النّمطيّة وأحكامه المسبقة وتدخله في حياة الأشخاص الخاصة، فالخوف من الوصمات المجتمعيّة يحد من مساحة الحريّة والمطالبة بالحقوق لدى المرأة المعلّقة.
إن صعوبة التّعامل مع قضيّة المرأة المعلّقة تكمن في أنها قضيّة شائكة وحساسة! فتفاصيل الحياة الزّوجيّة خاصة بالزّوجين وإمكانيّة حل الخلافات الأسريّة قد تجدي نفعاً مع بعض الحالات وقد تبوء بالفشل في حالات أخرى! لكن المشكلة ليست في استمرار أو إنهاء الحياة الزّوجيّة في هذه القضيّة، بل بالتّحكم بحياة المرأة المعلّقة والتّأثير سلباً على خصوصيتها وحياتها الخاصة والعمليّة والتي تعيق تقدمها ونجاحها وقدرتها على رعاية الأطفال واستمرار ملامح الحياة الطّبيعيّة لعدم وقوع الطّلاق والمماطلة في هذا القرار.
تجد المرأة المعلّقة نفسها عالقةً أمام معيقات كبيرة تمنعها من المطالبة بحقوقها بل وتجبرها في أحيان أخرى على التّنازل عن تلك الحقوق وسلبها أياها مقابل حريتها وحصولها على الطّلاق. مما لا شك فيه أن هنالك آثاراً نفسيةً وعاطفيةً وجنسيةً تلحق بالمرأة المعلّقة ويمكن ذكر أبرزها على شكل النّقاط التّالية:
- الشّعور بالحزن والاكتئاب والوحدة.
- الشّعور بالاستغلال والضّعف في مواجهة المجتمع والزّوج والمطالبة بالحقوق.
- النّدم على تجربة الزّواج وربما تصل بعض النّساء المعلّقات للندم على فكرة الزّواج ككل.
- فقدان الثقة بالآخرين.
- عدم القدرة على تلبية الاحتياجات الجنسيّة.
- البرود الجنسي وتلاشي الرّغبة الجنسيّة.
- الخذلان والانكسار.
- الخوف من الاستغلال.
- ظهور مشاكل واضطرابات نفسيّة لدى بعض النّساء المعلّقات بسبب كثرة الضّغط النّفسي عليها.
- مشاكل في النّوم.
- القلق المستمر والتّوتر.
- عدم القدرة على الارتباط برجل آخر لأنها ما تزال على ذمة الزّوج رغم تعليق الزّواج.
- الانفصال العاطفي الذي ينهي مقومات الحياة الزّوجيّة والأسريّة.
يعد التّحدي المتعلق بالجانب المالي والاقتصادي من أكثر أدوات الضّغط التي يمارسها الزّوج على الزّوجة مقابل منحها الطّلاق والحريّة من هذه العلاقة الفاشلة! كما أنها أكبر الهواجس والمخاوف التي تقلق المرأة المعلّقة والتي يمكن بسبب كثرة الضّغط على هذا الجانب أن تتنازل عن حقوقها الماديّة والمعنويّة للخلاص والحصول على الطّلاق والقدرة على تصويب الأوضاع الماليّة والاقتصاديّة والمعيشيّة.
ويمكن ذكر أبرز المشاكل والتّحديات الماليّة التي تواجه المرأة المعلّقة ضمن النّقاط التّالية: [1]
- عدم القدرة على تأمين مسكن بعد انفصالها عن الزّوج وقبل وقوع الطّلاق.
- عدم القدرة على تأمين مستلزمات الحياة الأساسيّة,
- العجز عن توفير مصاريف وتكاليف الحياة الخاصة بالأطفال.
- اللجوء للديون والقروض وعدم وجود مصادر دخل لسدادها ما يوقعها في مشاكل قانونيّة أخرى.
- استغلال المرأة المعلّقة مقابل منحها فرص للعمل وهو استغلال لوضعها الاجتماعي وعوزها المادي.
- عدم القدرة على دفع أتعاب المحاكم والمحامي للسير في إجراءات الحصول على الطّلاق أو خلع الزّوج.
- عدم وجود معيل لها من أهلها أو سوء الوضع الاقتصادي للأهل.
- حرمان الزّوج للزوجة المعلّقة من النّفقة والمصروف والمستحقات الماليّة الواجبة بحكم القانون والشّرع.
- الضّغط على المرأة المعلّقة وابتزازها مادياً بسبب الحاجة للمال مقابل تنازلها عن حقوقها المشروعة من نفقة ومؤخر ومهر غير مدفوع وفي بعض الأحيان الضّغط لحرمانها من حضانة الأطفال.
- عدم القدرة على دفع الالتزامات والاستحقاقات الماليّة.
- صعوبة توفير فرصة عمل وخاصةً إذا كان لدى الأم المعلّقة أطفال.
يمكن اعتبار حضانة الأطفال هي ورقة الضّغط الأقوى التي يستخدمها الرّجل ضد المرأة من أجل إشعارها بالذل والضّغف والحاجة والانتقام منها. فهنالك العديد من المشاكل التي تتعلق بالأطفال وحضانتهم والتي تستوجب وجود ودور الأب ونذكر هنا مجموعة من التّحديات والمشاكل التي تواجه المرأة المعلّقة بما يتعلق بالأطفال وحضانتهم: [2] [3]
- مشاكل رعاية الأطفال وتربيتهم.
- مشاكل قانونيّة تتعلق بضرورة وصاية الأب باعتباره ولي الأمر.
- مشاكل نفسيّة وتبعات قضيّة المرأة المعلّقة وانعكاسها على نفسيّة الأطفال وسلوكهم وشخصياتهم.
- مساومة المرأة المطلقة للحصول على الطّلاق مقابل التّنازل عن الحقوق الماليّة وفي بعض الأحيان التّنازل عن حضانة الأطفال مقابل الطّلاق وحريتها!
- تأثير العنف المنزلي على الأطفال.
- سوء معاملة الأطفال في حال انتقالهم للعيش مع زوجة الأب بغية الانتقام من المرأة المعلّقة.
- مشاكل تأمين احتياجات الأطفال الأساسيّة والتّرفيهيّة.
- مشكلة شعور النّقص التي قد يشعر بها الأطفال نتيجة الوضع الاجتماعي والأسري الذي يعيشون به في ظل تعليق الزّواج والطّلاق بين الأب والأم المعلّقة..
كيفيّة التّعامل مع الوضع العام للمرأة المعلّقة والتحديات المجتمعية
يمكن القول بأن أوّل تحدٍ ومشكلةٍ تواجه المرأة المعلّقة هي الخوف من المجتمع ومفاهيمه الخاطئة! فرغم التّقدم التّكنولوجي والحضاري والانفتاح العالمي إلا أن بعض المجتمعات العربيّة ما زالت تنظر للمرأة المطلقة بأنها أقل من غيرها، ولا توفر طاقةً في جلدها ولومها وتذنييبها ولو كانت هي الضّحيّة في علاقة الزّواج.
فتخاف المرأة المعلّقة من وصمة العار في المجتمع وسوء الظن بها والكلام الذي يتهامس به النّاس ويتناقلوه فيما بينهم على سمتعها وأخلاقها وطبيعتها وسلوكها، فيزيد ذلك من الضّغط النّفسي الذي تعيشه فوق ضغط سوء الحياة الزّوجيّة والحالة التي أوصلتها لطلب الطّلاق والانفصال عن الزّوج.
ويمكن ذكر بعض المشاكل والتّحديات التي تواجهها المرأة المعلّقة على الصّعيد الاجتماعي: [4]
- صعوبة تأسيس حياة اجتماعيّة مستقلة بسبب تعليق الزّواج والطّلاق وعدم وقوع الانفصال بشكل كامل ورسمي ما يجعل علاقاتها الاجتماعيّة محدودة.
- تعرض المرأة المعلّقة للعنف الأسري والتّعنيف اللفظي والجسدي في بعض الحالات وخوفها من البوح وطلب المساعدة لتجنب وصمة العار المجتعميّة.
- الانعزال الاجتماعي.
- تشهير الزّوج بالمرأة المطلقة.
- رغبة المرأة المعلّقة بتفادي الاختلاط مع المجتمع والأشخاص في المحيط الاجتماعي.
- تمزيق النّسيج الاجتماعي وحدوث مشاكل وخلافات بين أسرتي الزّوج والزّوجة.
- تعزيز الصّور النّمطيّة الخاطئة يشكل تحدياً كبيراً أمام المرأة المعلّقة.
- انتشار الجريمة وزيادة معدلاتها.
- زيادة بطالة المرأة المعلّقة وعدم القدرة على الانخراط في سوق العمل والإنتاج.
- انتشار ظواهر مجتمعيّة سيئة مثل استغلال الأطفال وعمالة الأطفال وغيرها.
سنقدم مجموعة من المقترحات والإرشادات التي قد تفيد بعض النّساء المعلّقات في تحسين أوضاعهن ومتابعة حياتهن بأفضل صورة:
- البحث عن مصادر للدخل لتأمين احتياجها والاكتفاء الذاتي وتحقيق الاستقلال المالي.
- التّفاهم والحوار والنّقاش! فحتى وإن لم تكوني تطيقين العيش معه وتودين الانفصال فالحوار الهادئ والحديث بعقلانيّة وتفاهم قد يجنبكما خوض معارك لا داعي لها.
- التّفكير بمصلحة الأطفال العليا.
- طلب التّدخل والتّحكيم من أشخاص عقلاء وراشدين وأصحاب خير من أهل الرّجل وأهل المرأة.
- عدم الأطفال نفسياً وتعويضهم عن الحنان والعطف والاهتمام.
- المحافظة على صورة الأب والأم جيدةً في عيون الأطفال وابعادهم عن أي خلافات ومشاكل.
- احترام العشرة والذكريات المشتركة بين الزّوجين وعدم فضح الأسرار العائليّة والانتقام من الآخر عبرها.
- توفير المال لوقت الحاجة قد يكون حلاً للتّخلص من المأزق المالي للمرأة المعلّقة.
- فهم القانون والتّشريع الخاص بعلاقات الزّواج والطّلاق والخلع وإجراءات المحاكم الشّرعيّة والمدنيّة.
- قد تكون معالم الحياة الزّوجيّة قد انعدمت بين الزّوجين إلا أن أخذ فترة استراحة وبعد وهدوء نفسي وعاطفي قد تفيد في إعادة التّفكير وموازنة الأمور وتصويب الممكن تصويبه منها وربما تعود المياه لمجاريها وتعود الحياة الزّوجيّة أفضل مما كانت عليه.
ويمكنكم الاطلاع على مقال سابق كنا قد نشرناه على موقع حلوها تحتت عنوان: " كيف تتخطى مرحلة الانفصال دون خسائر؟" للحصول على معلومات ومقترحات لتجاوز مرحلة الطّلاق ومشاكلها.