تأثير فيروس كورونا على الحامل والجنين ونصائح الوقاية
يهدد الخوف من كورونا الكثيرين أكثر من الإصابة الفعلية بعدوى فيروس "كوفيد19"، إلا خوف الحوامل من الإصابة بالفيروس التاجي المستجد، هو أمر منطقي وتبرره مخاطر وتداعيات الإصابات التنفسية على الحامل والجنين.
في هذا المقال.. ما يجب أن تعرفه الأم الحامل عن تأثير فيروس كورونا على حملها وعلى الجنين، كذلك ما نعرفه وما لا نعرفه عن تأثير الفيروس التاجي المستجد على الحامل والجنين؟ وكيف تحمي الحامل نفسها وجنينها من عدوى كوفيد 19، من خلال معرفتها وإلمامها بكل ما يتعلق بفيروس كورونا وتأثيراته المحتملة على الحمل؟
كيف تأثرت رعاية الحامل وما قبل الولادة خلال جائحة كورونا؟
من الطبيعي أن تكون السيدة الحامل قلقة بشأن فيروس كورونا كأي شخص آخر، إلا أن مخاطر إصابة الحوامل بفيروس كوفيد 19 أشد تأثيراً، ليس فقط بنتائجه السلبية على الجهاز التنفسي، لكن تهديد كورونا لحياة الأجنة الذين لم يُولدوا بعد، كما أن المخاوف تنطوي على ضرورة الزيارات الدورية لطبيب النسائية خلال فترة الحمل بقصد المتابعة، في الوقت الذي تستمر فيه التأكيدات على ضرورة التزام البيت إلا للضرورة القصوى، والتي تشمل في حال الحمل الإصابة بسكري الحمل أو ارتفاع ضغط الدم مثلاً، لذلك هناك محاولات حثيثة لتطبيق رعاة المرأة الحامل عن بعد في الكثير من دول العالم، التي تعاني من انتشار وباء كورونا[1].
قال الأطباء في البداية: "إن الفيروس التاجي لا يشكل خطراً على النساء الحوامل أو الصغار من المواليد الجدد"، لكن الآن وبينما يتصاعد الوباء ويتدافع الخبراء من أجل فهمه بشكل أعمق؛ يحذر البعض من أنه لا يزال هناك المزيد من الأمور المجهولة حول تأثير كورونا على الحوامل والأجنة.
وتقول أستاذة طب الأطفال المساعدة في المركز الطبي بجامعة كولومبيا بالولايات المتحدة الأمريكية، الدكتورة إديث براتشو سانشيز: "تضيف احتمالات الولادة وسط جائحة بدون شك؛ قلقاً إلى موقف مقلق في الأساس، ولقد عملت مستشفياتنا بجد لفحص الأمهات والرضع والزائرين لمعرفة الأعراض، وللاختبار عند الاقتضاء ولرصد أولئك الذين يكون اختبارهم إيجابي عن كثب ومتابعتهم"، حيث أشارت دراسات سابقة متعلقة بأمراض الجهاز التنفسي، والتي تسببها فيروسات تاجية معروفة باسم سارس وميرس أيضاً؛ إلى أن "العدوى يمكن أن تؤدي إلى الإجهاض أو المخاض المبكر -الولادة المبكرة-" [2].
كما وردت في الأيام القليلة الماضية تقارير عن معاناة سيدات من الإصابة بالفيروس التاجي المستجد، بعد وضع مواليدهن الجدد، بالإشارة إلى أن المواليد لم تكن لديهم نتائج اختبارات إيجابية للإصابة بكوفيد19، وتتزايد التأثيرات على الأمهات الحوامل في مختلف أنحاء العالم في ظل الانتشار الوبائي للفيروس، والشاغل الأساسي لأطباء الأطفال اليوم؛ "فيما إذا كان المواليد الجدد المصابين بكوفيد19؛ قد التقطوا العدوى وهم في الرحم من خلال الأم، أم بعد الولادة مباشرة بسبب ضعف مناعتهم؟".
وقالت مستشارة القابلات الرئيسية في الاتحاد الدولي للقابلات ومقرها هولندا؛ آن ييتس: "لا يوجد حاليا أي دليل على أن الفيروس يؤدي إلى زيادة الإجهاض أو الولادة المبكرة أو ولادة جنين ميت، وقد تحتاج النساء اللاتي لم يصبن بالمرض إلى رعاية إضافية من خدماتهن الصحية خلال الحمل وبعد الولادة من أجل مراقبة كل من الأم والرضيع" [3].
هذه المخاوف شملت الخوف على الأطفال الرضع من الأمهات المصابات أيضاً، وإمكانية انتقال المرض من خلال الرضاعة الطبيعية، حيث تُوصى الأم المرضع المصابة بكورونا؛ بغسل يديها جيداً وارتداء الكمامة، على الرغم من أن التزام البعد والاكتفاء بضخ حليب الثدي للطفل، هو الإجراء الذي تفضل الكثير من الأمهات المصابات اتباعه اليوم.
بالضرورة مع هذا الفيروس التنفسي الذي قد يستمر لعدة أشهر أو أكثر! فإن العديد من الممارسات الطبية والاجتماعية من أجل حماية الأم والجنين والأطفال الرضع والصغار خلال هذه الفترة.. ومعظم هذه الممارسات التي تم تنفيذها خلال حالة الطوارئ وانتشار الفيروس؛ لا يجب أن تكون بالضرورة دائمة.
لكن ما يشجع أطباء النساء جميع الحوامل على القيام به، هو البقاء على اطلاع جيد جداً، وعدم الانسياق للشائعات المرعبة حول كورونا، وعليك أن تعلمي التالي أيضاً:
- بقيت إجراءات المخاض والولادة طبيعية إلى حد ما، حتى اليوم وفي مختلف دول العالم التي تعاني جائحة كورونا.
- يُسمح لمرافق واحد للسيدة الحامل، خلال الولادة في المستشفى.
- كما ذكرنا.. بعض التوصيات تنصح بفصل بين الأم والطفل الرضيع بعد الولادة.
- إذا كانت الأم ترغب في الرضاعة الطبيعية حتى لو لم تكن مصابة بفيروس كوفيد19؛ فهناك توصيات بارتداء قناع وغسل اليدين باستمرار قبل إرضاع المولود.
هل يمكن أن تنقل الأم الحامل فيروس كورونا للجنين؟
"ثلاث نساء مصابات بفيروس كورونا المستجد من بين 33 حامل من ووهان في الصين؛ قد أنجبن أطفالاً ثبتت إصابتهم بالفيروس أيضاً"، هذا ما وجدته دراسة صينية حديثة في 26 مارس/ آذار الفائت، وكتب الباحثون أن "العرَض الأكثر شيوعاً لدى هؤلاء المواليد هو ضيق التنفس، بينما بقية أعراض كورونا السريرية كانت خفيفة"، ووفق الباحثين؛ "قد تكون أعراض أخرى غير التي يسببها كورونا، لأمراض متل الإنتان أو الاختناق أو ولادة طفل خديج؛ أكثر خطورة على المواليد الجدد من الإصابة بفيروس كوفيد 19"، وقد تعافى الأطفال الذين بحثتهم هذه الدراسة من فيروس كورونا.
كما أكد الباحثون أنه "من غير الواضح ما إذا كان انتقال الفيروس يحدث في الرحم"، حيث كانت نتائج فحص العينات من السائل الذي يحيط بالجنين (السائل الأمنيوسي) ودم الحبل السري ومن وعينات حليب الثدي أيضاً، سلبية للفيروس، لكن الباحثين لم يستبعدوا الانتقال "المباشر لفيروس كورونا بين الأم والجنين"، وخطر ذلك غير واضح، حيث ما زالت احتمالات انتقال الفيروس التاجي المستجد من الأم المصابة إلى الجنين في الرحم ممكنة، خاصة لأنه تم اكتشاف الحمض النووي للفيروس في عينات الدم من حديثي الولادة" [4].
لكن هذه النتائج قد تستفز الرعب لدى الحوامل! لذا تقول أستاذة طب الأطفال في جامعة كاليفورنيا تينا تشامبرز: "بدأ برنامج بحث لتسجيل النساء الحوامل في الولايات المتحدة وكندا، الذين اُشتبه أو تم تأكيد إصابتهم بـ Covid19، في خطة لمتابعة النساء خلال حملهن وولادتهن، ومراقبة الأطفال خلال السنة الأولى من حياتهم؛ لمعرفة ما إذا كانت العدوى في أي مرحلة من مراحل الحمل تنطوي على مخاطر بالنسبة للنساء أو أطفالهن".
لكن هناك الكثير من الأسئلة؛ هل النساء الحوامل أكثر عرضة للإصابة؟ وفي حال أصيبوا بالعدوى، كما هو الحال مع الأنفلونزا الموسمية، هل هم أكثر عرضة للإصابة بمضاعفات؟ وهل يؤثر ذلك على الجنين؟
تقول تشامبرز: "نريد أن نعرف، وفي مختلف مراحل الحمل؛ عندما تكون الأم مصابة، إذا كانت تعاني من أعراض أو لا تُظهر أعراضها أو مدى حدة هذه الأعراض؛ وهل هناك أي تأثير على الجنين" [5].
إذاً لمعرفة احتماليات انتقال الفيروس من الأم إلى الجنين، لا بد من أبحاث ودراسات مطلولة، ولا يمكن القفز إلى استنتاجات سريعة خلال أشهر فقط من انتشار جائحة كورونا!
هل يهدد كورونا بمخاطر أكبر للإجهاض أو المخاض المبكر؟ لم يتم إجراء الدراسات حتى الآن لتوضيح ما إذا زادت الإصابة بـ"كوفيد 19" أثناء الحمل من فرص الإجهاض أو الولادة المبكرة، لكن هناك بعض الأدلة من دراسة أمراض أخرى سببتها فيروسات تاجية، مثلاً خلال وباء فيروس السارس التاجي بين عامي 2002-2003، تبين أن "النساء المصابات بالفيروس أكثر عرضة للإجهاض بشكل طفيف"، ولكن فقط أولئك اللاتي يعانين من مرض شديد بسبب فيروس سارس [6].
كما ارتبطت الإصابة بالعدوى الفيروسية التنفسية أثناء الحمل، مثل الأنفلونزا الموسمية، بمشكلات مثل انخفاض وزن الطفل عند الولادة والولادة قبل الأوان أيضاً، بالإضافة إلى ذلك، فإن ارتفاع درجة الحرارة في وقت مبكر من الحمل قد يزيد من خطر إصابة الجنين ببعض العيوب الخلقية، على الرغم من أن النتيجة العامة لهذه العيوب لا تزال منخفضة [7].
ما الذي تحتاج الأمهات الحوامل معرفته أثناء تفشي فيروس كورونا؟
مع استمرار الفيروس التاجي (COVID-19) في التسبب بمشاكل لنظام الرعاية الصحية حول العالم، تجد النساء الحوامل القليل من المعلومات حول سلامتهن خلال هذه الفترة، حيث لا توجد حالياً أي معلومات حول المخاطر التي تتعرض لها النساء الحوامل، لكن وعلى الرغم من ذلك ولأن الحامل تتعرض للعديد من التغييرات الجسدية، فقد تزيد مخاطر إصابة الحامل بعدوى كوفيد 19.
حيث أن الفيروسات المشابهة للفيروس التاجي المستجد، مثل التهابات الجهاز التنفسي الأخرى كالأنفلونزا الموسمية، تعرض النساء الحوامل لخطر الإصابة بمرض شديد، لهذا السبب على الرغم من قلة المعلومات المتاحة للنساء الحوامل حول كورونا والحمل، إلا أنه يجب عليهن اتخاذ الاحتياطات لممارسة البعد الاجتماعي والتقييد بقواعد النظافة الدقيقة.
خاصة أنه لا معلومات مؤكدة لمعرفة إذا ما كانت المرأة الحامل تنقل العدوى لجنينها، وأن بعض الحوامل قد يكن مصابات من دون أن تظهر الأعراض عليهن، وللأسف فإن مرضى فيروس كورونا الذين يحتاجون إلى الرعاية كالحوامل؛ من المهم للغاية أن يفصلوا أنفسهم قدر الإمكان عن الآخرين في المجتمع!
لذا عليك كسيدة حامل أن تقومي ببعض الخطوات لمساعدتك؛ خلال فترة الحمل أو في حال اقترب موعد ولادتك خلال جائحة كورونا [8]:
- استخدام موارد الخدمات الصحية عن بعد (الرعاية الطبية الافتراضية للحامل)، مثل حجز المواعيد والتحدث مع طبيبك عبر الهاتف أو الانترنت باتصال فيديو (قدر الإمكان)، فعادة ما يكون لدى المرأة الحامل حوالي 14 زيارة قبل الولادة في الحالات الطبيعية، لكن في زمن كورونا؛ يمكن تقليل ذلك بمقدار النصف تقريباً.
- عندما تحتاجين إلى خدمات رعاية الحوامل، مثل الموجات فوق الصوتية سيتم جدولة موعدك بما يضمن سلامتك، ومن الآمن تقليل الموجات فوق الصوتية "الروتينية" في هذا الوقت دون تعريض صحة وسلامة الحمل للخطر، بالطبع قد تحتاج بعض الحوامل اللاتي يحملن التوائم أو الأطفال الذين يعانون من عيوب خلقية مشتبه بها؛ إلى متابعة أكثر تقليدية.
- حالة الطوارئ هي.. إذا كنت تعانين من النزيف أو التشنج في وقت مبكر من الحمل أو من تقلصات أو ألم في الحوض أو ألم في الظهر أو تورم في الساقين خلال الأشهر الأخيرة من الحمل.
- إذا كنت تعتقدين أنك على وشك دخول المخاض، عليك الاتصال بطبيبك؛ لمناقشة أعراضك وما إذا كان عليك الذهاب إلى المستشفى أم لا.
- لا تعني الإصابة بفيروس كورونا أنكِ ستضطرين للولادة القيصرية، إذ لا يوجد دليل على أن الولادة الطبيعية أو القيصرية، أكثر أماناً عندما يتعلق الأمر بـ "COVID-19". على الرغم من أن المعلومات حول ذلك لا تزال محدودة، إلا أنه من غير المعروف إذا ما كانت عدوى الفيروس التاجي المستجد؛ تنتقل إلى الطفل خلال الولادة المهبلية (الولادة الطبيعية) [9].
الحامل أثناء تفشي جائحة الفيروس التاجي
بسبب قلة المعلومات المتوفرة حتى الآن، حول مخاطر كورونا على الحامل والجنين، من المهم أن تأخذي في الاعتبار الجوانب الصحية التي يعرفها الجميع، سواء كنتِ حاملاً أم لا، وفيما يخص قرارك بولادة الطفل فإن المستشفيات ومراكز الولادة المعتمدة هي أماكن آمنة للولادة (حتى الآن)، على الرغم من أن الكثيرات اليوم وخوفاً من المستشفيات، وممن قررن الولادة الطبيعية؛ يفضلن الولادة في المنزل، على الرغم من المخاطر المترتبة على ذلك في الأيام العادية فضلاً عن ازدياد احتمال انتقال العدوى إلى المولود مباشرة من المحيطين! إلا في حال اتخاذ الاحتياطات الطبية المناسبة عن طريق وجود القابلة المرخصة، كذلك منع الزيارات المنزلية بعد ولادة الطفل.
هناك الكثير من التشويش حول الحمل والولادة في ظل كورونا، بسبب قلة المعلومات أولاً والخوف من المجهول المرافق لانتشار هذا الفيروس، لكن ما يجب عليك الانتباه له ومعرفته؛ كسيدة حامل.. وهو ما يساعدك في حماية نفسك أيضاً [10]:
- المناعة خلال فترة الحمل تكون مثبطة، ويمكن أن يتأثر جسم الحامل بأي عدوى.
- ضغط حجم الحمل على الرئتين يزيد من صعوبات ومعاناة الحامل من الإصابة بأمراض تنفسية مهما كانت العدوى بسيطة.
- لا يوجد حتى الآن ما يكفي من الأدلة لتأكيد إمكانية انتقال الفيروس التاجي المستجد من الأم المصابة إلى الجنين في الرحم أم لا.
- لم يتم اكتشاف الفيروس التاجي في حليب الأم، ولكن من غير المعروف حتى الآن ما إذا كان يمكن للأم نقل كوفيد19 إلى الرضيع مع حليب صدرها.
في النهاية.. حتى الآن.. لا تشير البيانات حول COVID-19 إلى أن النساء الحوامل أكثر عرضة للإصابة بالفيروس، مع ذلك وكما يحصل مع الأنفلونزا المعروفة، فالحامل أكثر عرضة للإصابة إذا بعدوى في الجهاز التنفسي، حيث يتسبب الحمل بمجموعة متنوعة من التغيرات في الجسم وينتج عنه حالة طفيفة من نقص المناعة لدى الأم، والتي يمكن أن تؤدي إلى التهابات تتسبب في المزيد من الإصابة والضرر، لا تجعلي الخوف يكبل فرحتك بالحمل وانتظار المولود القادم، كل ما عليك فعله هو حماية نفسك أولاً والعناية بغذائك وإرشادات الطبيب، وشاركينا تجربتك ونصائح خلال فترة حملك.