هل ندمت على الطلاق؟ التعامل مع الندم بعد الطلاق
يهدف الرّجل والمرأة عند اتخاذ قرار الارتباط والزّواج إلى تكوين أسرة مستقرة هادئة داعمة لجميع الأفراد، ويطمحون لإنجاب أبناء وبنات وتنشئتهم بالصّورة المثلى والعمل على إنجاح مشروع الأسرة. لكن في بعض الأحيان حين يصبح استمرار مجتمع الأسرة الواحدة مهدداً بتفاقم المشاكل ولأسباب متعدد ومختلفة كلّ حسب حالته يكون الطّلاق هو خيار أحد الزّوجين أو كليهما.
في هذه المقالة عن النّدم على الطّلاق وسنوضح تأثير الطّلاق الواقع على كل من الرّجل والمرأة وكيف يعاني كل منهما بعد الطّلاق! وسنتحدث عن مرحلة النّدم على الطّلاق! لماذا يندم الأشخاص عد الطّلاق؟ هل النّدم بعد الطّلاق يعني شيئاً وهل يكون مؤشراً لقرارات لاحقة؟ ونصائح للتغلب على الشّعور السّيء عند النّدم على الطّلاق.
متى يقع الطّلاق؟ كيف يصل الزّوجان أو أحدهما إلى قرار الطّلاق؟
يعتبر قرار الطّلاق من أصعب القرارات المصيرية التي يتخدها الفرد رجلاً كان أم امرأة، لأن تبعات هذا القرار تغير مسار حياة الشخص بأسرها! فبعد أن كان الزّوجان يعيشان في بيت واحد له تفاصيل ومشاكل وايجابيات وسلبيات ومواضيع مشتركة وتفاصيل حياتية برمج كل منهما نفسه على مشاركتها مع الآخر والتعاون معه للحفاظ على بنية الأسرة يكون قرار الطّلاق هو أيضاً قرار الانفصال عن كافة التفاصيل الحياتية التي كانت مشتركة طيلة فترة الزّواج أو الخطوبة.
تحدثنا في مقال سابق بعنوان: "متى يجب عليك أن تطلب الطلاق؟" عن أكثر الحالات انتشاراً والتي يجب حال وقوعها أو حدوثها طلب الطّلاق سواءً من الزّوج أو الزّوجة! فالحياة بعدها تكون شبه مستحيلة والتّفاهم يكون منعدماً كما الثقة تكون قد تبددت واختفت وكل هذه هي ركائز استقرار واستمرار الحياة الزوجية والأسرية لذلك ننصحك بقراْة ذلك المقال للاطعلا ع أكثر.
وهنالك بعض الأزواج الذين يودّون اتخاذ قرار الانفصال لكن لديهم فوبيا الطّلاق أو الخوف من الطّلاق. ومن الطّبيعي في لحظة معينة مراجعة الذّات قبل اتخذ قرار الانفصال والطّلاق لأنه كما اتفقنا قرار مصيري ومفصلي في حياة الزّوج والزّوجة والأبناء كذلك! الطّلاق هو أبغض الحلال عند الله ولكنه في بعض الأحوال هو الخيار الوحيد المتاح عند انعدام مقومات الحياة الأسرية وفشل محاولات إصلاحها وتعديلها.
يُعتقد أن الرّجل يأخذ قرار الانفصال بعقلانية في حين أن المرأة تقدم على طلبه أو الحصول عليه بناء على انفعالات عاطفية، وطبعاً نحن لا نوافق هذا القول بالمطلق لأن كل زوجين لهما تفاصيل تخص علاقتهما وأسباب تدفع أحدهما أو كليهما للنّفور من الآخر وعدم احتمال العيش معه. وفي هذا المقال لن نتطرق لأسباب الطّلاقبل سنركز على تأثير الطلاق على الزّوج والزّوجة والأطفال والنّدم على الطّلاق.
في مقال سابق على موقع حِلّوها بعنوان: "كيفية التعامل مع الطلاق" كنا قد طرحنا استراتيجيات ونصائح للتعامل مع الطّلاق الذي وقع وأشرنا إلى تأثيره على كل من الزّوج والزّوجة!
عادة تطول مرحلة الإنكار عند الرّجل بعد وقوع الطّلاق وانفصاله عن زوجته! فيعمد إلى تفريغ غضبه وحزنه ووحدته عن طريق العمل وتكثيف الأنشطة والتواجد الاجتماعي في محيط مليء بالأشخاص لكن داخلياً يشعر الرّجل بالانكسار والحزن الشديدين إذا كانت الزّوجة السّابقة (الطّليقة) سيدة جيدة وقد يشعر بتأنيب الضّمير على أذيتها أو جرح مشاعرها أو التّقير بحقها. ولكن بعد فترة من الإنكار والمكابرة ستظهر علامات الحزن على الرّجل.
ولكن بعد فترة يعود الرّجل لاتزان حياته الاعتيادي الذي كان عليه قبل الارتباط ويرجع السبب أن عقل الرّجل يتعامل مع المواضيع بشكل منفصل فبعد استنزاف مشاعره وأفكاره تجاه الندم على الطّلاق وإغلاق الموضوع، نرى أن احتمالية ارتباط الرّجل بامرأة أخرى يكون موجوداً وخاصة إذا كانت حياته الأسرية والزّوجية تعيسة على مدى طويل مع طليقته. [1]
أما المرأة فبحكم عاطفتها فإن حزنها يكون ظاهراً أكثر في المرحلة الأولى وخاصة إن كان الاتكال المالي والاجتماعي على زوجها السّابق كبيرين كما إن كان هو القائم بإنجاز مسؤوليات الأسرة فتشعر أنها في مهبّ الريح تواجه العالم وحيدة وإن كان لديها أطفال فتشعر بخوف أكبر على مستقبلهم ومصالحهم ونفسيتهم.
وهنا يجب أن ننصحكم بقراءة مقالة سابقة تحت عنوان: "حقوق المرأة بعد الطلاق في الشرع والقانون" والتي تتحدث بشكل مفصل عن حقوق المرأة بعد وقوع الطّلاع من المنظورين الشّرعيّ والقانونيّ.
مهما اختلفت ردود الأفعال إلا أن فكرة الانفصال عن شخص كانت تربطك به مشاعر حب واحترام ستحمل بالطّبع الحزن والانكسار والشّعور بغدر الثّقة، كل هذه المشاعر وغيرها تؤثر على إنتاجية الزّوج والزّوجة بعد الانفصال سواء في قطاعهم المهنيّ أو على صعيد نفسي وأسري واجتماعي مع محيطهم. لذا يكون اتخاذ قرار الطّلاق صعباً وحساساً ومفصليّاً في حياة كل منهما حتى وإن كان مستقلاً مادياً فالموضوع غالباً أكبر من ماديّات وتفاصيل عابرة.
"أريد أن أعوض نفسي وبناتي بعد الطلاق بدون أن أتأثر بأي أحد" هذا الجزء الحسّاس أيضاً والذي يجب أن يوليه الزّوجان اهتماماً بالغاً قبل اتخاذ قرار الطّلاق والانفصال! تأثير الطلاق على الأطفال ومخاطر الانفصال على حياة الطفل موضوع ليس ببسيط أبداً فالأطفال يحتاجون أن ينشأوا في بيئة صحيّة أسرية مليئة بالحب والأمان والرّاحة لتنشأ شخصياتهم ويكتمل نموهم بأفضل حال. قد تتسبب حادثة طلاق الزّوجين بعدة نفسية للطّفل فيكبر ولديه خوف من الارتباط، أو قد يتضرر أطفال في نموهم الفكري والسّلوكي فينشأ لديهم سلوك عدواني أو انعزالي!
لذلك يجب الحرص الشّديد على عدم اقحام الأطفال في المشاكل الزّوجية بين الزّوجين وضرورة إظهار الاحترام للشريك الآخر أمام الأطفال وفي حال اتخاذ قرار الطّلاق يجب أن يتم التعامل مع الأبناء وإعلامهم وتأهيلهم لاستقبال النظّام الجديد من الحياة برفق ولين وهدوء واستيعاب لحجم تأثير هذا الحدث على نفسياتهم وتحصيلهم الدّراسي ونشاطهم ودافعيتهم للحياةّ.
كما يجب أن يبقى الأب والأم على تواصل واتصال دائمين مع الأطفال وأن يشعروا بأن كنف الأب والأم دائما متاح لهم رغم الانفصال وعدم العيش في بيت واحد!
في إحدى الدّراسات تبين أن 32-50% من الأشخاص بعد الطّلاق يندمون ويتمنّون لو عاد الزّمن بهم ليتصرفوا بطريقة مختلفة في أحد المواقف التّي أوصلت العلاقة إلى الانفصال والطّلاق! [2]
مفهوم الندم هو شعور إنساني يعني التأسف والحسرة على القيام بتصرّف أو عدم القيام بترّف في موقف معين، وفي حالة الطّلاق فالنّدم يكون في المرحلة التي تلي وقوع الطّلاق.
هنا عندما ينفصل الزّوجان على كافة الأصعدة وتهدأ نار الغضب والانفعال والرغبة بالانتقام للكرامة أو للغدر أو لأي تقصير كان سبباً في تهويل المشاكل والوصول بالطرفين للانفصال والطّلاق، يبدأ هنا الشّعور بالنّدم.
يبدأ الزّوج والزّوجة بعد وقوع الطّلاق باسترجاع شريط الذّكريات والحنين للآخر، والشّعور بالنّقص الذي سببه غياب الآخر، كما يشعر بالحاجة لوجود الطرف الآخر الذي اعتاد على وجوده ومناكفته طيلة فترة الارتباط سواء زواجاً كان أم خطوبة!
هنا يدرك أحد الطرفين أو كلاهما بأنه لم يكن من المفروض وقوع الطّلاق! ويشعران بالحسرة وتمني لو أن تلك المرحلة السوداء لم تكن وأن سحابة الغضب لم تمر من فوق مجتمع أسرتهم. في هذه المرحلة يبدأ الشخص بجلد الذات ولوم الذات والتّحسّر على خسارة الشريك.
قد يشعر أحد الزوجين أو كلاهما بأنه كان عليه أن يتحمّل أكثر من أجل الشريك أو الأطفال، أو أن يتعامل مع المواقف السيئة والمشاكل بحكمة وهدوء وتروٍ أكبر! وقد لا يمرّ أي من الشريكين بمرحلة النّدم إذا كانت الحياة بينهما جحيم ولا ذكريات جميلة ولا أوقات تستحق النّدم. أو إذا قام أحدهما بفعل لا يغتفر فهنا قد لايشعر الشخص بالنّدم ولكننا نتحدث بالاحتمال الأكثر انتشاراً.
يجب أن يسأل الشخص نفسه عدة أسئلة قبل النّدم على الطّلاق ومعرفة إن كان قرار الطّلاق صائباً أم لا! [3]
- هل تستحق علاقة الزّواج التفكير مجدداً ومنحها فرصة أخيرة؟
- هل الشريك يستحق فرصة أخرى؟ هل هذا الشريك يحبني ويحترمني؟
- هل سبب الخلاف الكبير الذي قد يسبب الطّلاق يستحق فعلاً إنهاء كل شيء؟
- هل الشريك وحده مخطئ في كل شيء؟ هل قصّرت معه في واجباتي؟ هل آذيته وقللت من احترامه؟ هل أنا مذنب أم أننا مشتركان في الخطأ؟
إجابات هذه الأسئلة قد تفي في غرض تحديد صحة خيار الطلاق من عدمها وبناء عليه يكون الندم على الطّلاق شعوراً بالنقّص والتقصير أم الحنين أم الظّلم!
كيفية التعامل مع شعور النّدم على الطّلاق عند الرّجل؟ كيفية التعامل مع شعور النّدم على الطّلاق عن المرأة؟
سنتحدث هنا عن الحالة التي يشعر فيها أحد الشريكين بشعور النّدم على الطّلاق، ويجب أن يكون الشخص صريحاً مع نفسه وواضحاً ليتمكن من تجاوز المحنة أو الشعور السيء بالندم على الطّلاق! وإليكم مجموعة نصائح للتعامل مع شعور النّدم على الطّلاق عن الرّجل والمرأة:
- صارح نفسك بحقيقة مشاعرك تجاه الطّليق، وواجه نفسك بنقاط قوتك وضعفك، وكن واضحاً في تحديد عيوبك ومساوئك وانفعالاتك الخاطئة. وذلك يساعد في عدة أمور أهمها تخفيف الشّعور بالنّدم، فالنّدم شعور داخلي يرتبط بالأفكار والشعور بالذّنب. فإن مصارحة الذّات وتحليل المواقف والمشاكل بعيداً عن لحظات الغضب والانفعال ورد فعل الشريك تساعد في حل ما يمكنه حله. كما من الممكن عودة الأمور إلى نصابها السّوي واحتمالية عودة الشّريك والارتباط مجدداً لكن بعيداً عن كل ما يتم تشخصيه بأنه كان سبباً للخلاف. وفي حال عدم الرغبة أو الامكانية للعودة فإن هذا لا يعني نهاية العالم! فالتّعلّم من التجربة قد يقي من الوقوع بمواقف مشابهة في أي علاقة أو ارتباط قادم. [4]
- التعامل مع موضوع الطّلاق والنّدم على الطّلاق على أنه تجربة قد انتهت بانتهاء ارتباط الطرفين وانفصالهم قانونياً وشرعياً وبذلك فإن القادم هو صفحة جديدة في حياة الطرفين. إن بعض الأشخاص يضيّعون وقتهم وجهدهم وطاقتهم في النّدم على الطّلاق وهذا النّدم لن يغير من الواقع شيئاً. وجلد الذات بصورة مبالغ فيها قد يسبب الاكتئاب والانعزال ودخول الشخص في حالات نفسية سيئة لا داعي لها! الحياة مراحل والعبرة في التّعلّم من كل مرحلة لعدم تكرار أخطائها.
- إبقاء الاحترام والتعامل برقي مع الشّريك وخاصّة بوجود الأطفال، لأن الطّلاق أساساً يعرضهم لمشاكل ومتاعب نفسية كبيرة فيجب التّقليل من عواقبها وآثار الطّلاق عليهم بكافة الطّرق الممكنة ومنها إظهار الاحترام والمودّة بين الأم والأب حتى بعد الانفصال ووقوع الطّلاق.
- مليء الوقت بأنشطة وإنجازات والخروج برحلات ترفيه عن النّفس والخروج مع الأصدقاء والأهل للابتعاد عن أجواء الاكتئاب والعزلة وتجنب تطوّر الحالة.
- الاهتمام بالعمل والنجاح فإن ذلك يعزز من ثقة الشخص بنفسه ويساعد على تجاوز مرحلة الندم على الطّلاق. اذ يشعر الفرد بأهمية وجوده ودوره الفعّال في المجتمع وقدرته على الإنجاز والعطاء.
- القبول والرضا بحكم الله وقضائه وقدره! فالطّلاق قدر مكتوب وهو من نصيب من يعيشه ولا مفرّ من حكم الله، لذا يجب تقبل الحالة وتجاوزها بإيمان ووعي.
- إغلاق باب النّدم لعد الطلاق بعدم استخدام عبارات "لو فعلت كذا" و "ليتني لم أفعل هذا الشيئ" فالنّدم لن يفيد، المفيد هو التّعلّم من التّجربة وإذا كان هنالك مجال لعودة المياة إلى مجاريها وكان خيراً للطرفين والأطفال فليكن أما إن لم تكن الظّروف كذلك فالتجاوز والتأقلم من الوضع الجديد هو الحل.
وهذه نصائح التعامل مع مشاعر الندم على الطلاق وتجاوز الندم بعد الانفصال جمعناها لكم في الانفوجرافيك التالي:
أرسل لنا أحد الرّجال طلب للنصح إذ قال: "شعرت وكأن النار تشتعل بجسدي حينما علمت بزواج طليقتي.. لكن شعرت اني استعجلت بطلاقها خصوصا اني ظلمتها ولم اعطيها حقوقها"
أجابته الدكتورة في موقع حلوها سناء مصطفى عبده:
"انفض هذه الفكرة من عقلك، واعمل لها حظر ولا تتابعها وامسح رقم هاتفها، اتركها تتهنى في حياتها وادعو الله أن يهنيك في حياتك ويعوض عليك. لا تنظر لامرأة أصبحت أجنبية عنك، ولا تنقهر لما حدث لك فهذا نصيبك، وحاول التركيز في حل مشكلتك مع زوجتك والبحث عن أسباب عدم الانجاب ولعل التوتر والقهر وكثرة التفكير بالماضي هو السبب".
وأجابت الدكتورة سناء مصطفى عبده في موقع حلوها على تساؤل "أعاني من الحزن الشديد بعد الطلاق كيف أنسى وأكمل حياتي؟":
"أنصحك ان تحذفي كل حسابات طليقكِ وكل وسائل الاتصال معه لأنه بمجرد انتهت العدة هو أصبح رجل أجنبي عنك، وبما أنه تابع حياته تابعي أنتِ حياتكِ، واقطعي كل اتصال معه ولا تبقي جالسة تنتظرين أخباره وتتسمعينها وتبكين بقهر، اطو صفحة الماضي وقرري أن تكوني قوية".