هل يحق للزوج أخذ راتب الزوجة؟ مشكلة راتب الزوجة موضوع للنقاش
موضوع للنقاش عن الزوج الذي يأخذ راتب الزوجة سنتحدث عن هذه المشكلة التي تواجه بعض النّساء العاملات اللّاتي يواجهن صعوبات ومشاكل ماديّة ونفسيّة بسبب أخذ راتب الزوجة من قبل زوجها! ما هي حقوق الزوج على زوجته العاملة فيما يتعلق براتبها؟ وما هو دور المرأة في المساهمة في مصاريف المنزل؟ كما سنتقدم في نهاية المقال مجموعة نصائح وإرشادات للتّعامل مع مشكلة أخذ راتب الزوجة!
تشاركيّة الحياة الماديّة بين الزوج والزوجة وعلاقته بأخذ راتب الزوجة، وحكم راتب الزوجة الموظفة
معرفة الحقوق الماليّة أمر ضروري لضمان استقرار الحياة الأسريّة وتجنب المشاكل المرتبطة بالتّفاصيل الماليّة، فمن واجب الزوج توفير كافة مستلزمات الزوجة والبيت والأطفال من النّاحية الماديّة كالمأكل والمشرب والمسكن والملبس ومصاريف التّعليم والتّرفيه وغيرها. ومع ازدياد أعباء الحياة وتكاليفها قد تضطر الزوجة للعمل من أجل زيادة دخل الأسرة ومساندة الزوج في توفير المستلزمات والمتطلبات الأساسيّة للأسرة. [1]
وتكون الحياة مبنيّة على أساس التّفاهم والاتّفاق والتّشاركيّة لتحقيق أفضل مستويات السّعادة الأسريّة، وفيما يتعلّق بالجانب المالي فإن أخذ راتب الزوجة عنوةً وكرهاً هو تصرّف غير مقبول أو مسؤول من الزوجة. فراتب الزوجة هو حق مشروع لها وخاص بها ويحق لها التّصرف به بالطّريقة التي تراها مناسبةً لها بملء إرادتها الخاصة ودون الضّغط عليها أو التّأثير على قرارها.
ولدينا ثلاث مرجعيات تحدد موضوع حق الزوج في أخذ راتب الزوجة وحكم راتب الزوجة الموظفة:
- المرجعيّة الدّينيّة وحكم أخذ راتب الزوجة شرعاً: فالدّين الإسلامي أوضح أن راتب الزوجة وحر مالها هو ملكيّة خاصة لها ولا يجوز التّعدي عليها أو أخذها والاستيلاء عليها بغير موافقة كاملة نابعة من نفس الزوجة وعن طيب خاطر منها. فاستخدام الأزواج سلطتهم ونفوذهم الممنوح لهم بحكم العادات والتّقاليد والعرف المجتمعي لسلب راتب الزوجة وأخذه عنوةً هو سلوك مرفوض. كما أن فهم حكم "الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ" منقوص فالآية الكريمة تكمل "بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ" أي أن الزوج مسؤول عن توفير وتأمين احتياج الزوجة المادي وقيامه على ذلك مسؤوليّة مرتبطة به وحده. [2]
- المرجعيّة القانونيّة وحق الزوجة براتبها: يعتبر الراتب الذي يتقاضاه الشخص رجلاً كان أم أنثى بأنه المقابل المادي للمجهود البدني والفكري الذي يبذله الشخص ضمن إطار مهني واضح ومشروع ويعتبر حقاً خاصاً بالشّخص نفسه. فيمنح الزوجان في الغرب مثلاً حقوق فتح حساب بنكي مشترك، وتقسيم الممتلكات بعد الطّلاق والانفصال وقد تختلف من بلد لآخر بتفاصيل ونسب معينة. [3]
- العرف المجتمعي وحق الزوج براتب زوجته: وهذا يرتبط بالبند السّابق أي المرجعيّة القانونيّة فمثلاً في القوانين الغربيّة والعرف الغربي يتقاسم الزوج والزوجة كل الممتلكات والمدخرات والدّخل الشّهري من الرّاتب وغيره فيما بينهم مناصفةً، ويعتبر مشروعاً للزّوجين التّشارك بالحياة الماليّة بينهما وحتى عند الانفصال والطّلاق فإن كل منهما يأخذ نصف ما يملكه الآخر بحكم القوانين الدّستوريّة والمرجعيّة القانونيّة والعرف المجتمعي في الغرب. بينما في البلاد العربيّة مثلاً فالموضوع مختلف حيث أن الرّاتب هو حق للمرأة وعند الطّلاق يتم دفع مؤخر الصّداق ولا تقاسم للممتلكات والدّخل. إلا أن من واجب الزوج توفير كافة الاحتياجات الماليّة للزّوجة والأبناء والأسرة ككل.
لكن بيئة الزوجين تفرض عليهما أيضاً بعض المعايير الثقافية المتعلقة بالمشاركة، فبعض الأسر تتوارث عادة تقديم راتب الزوجة للزوج وقد يكون شرطاً مسبقاً للزواج، فيما ترفض أسر أخرى أن يكون للمرأة أي دور مالي في الأسرة سواء براتبها أو حتى بما ترثه عن أهلها من أموال وأملاك.
ونصل لفكرة أن مساهمة الزوجة في مصروفات البيت ومستلزماته من خلال مالها الخاص وراتبها هو خيار وليس فرضاً عليها، وأن أخذ راتب الزوجة تصرف غير مقبول أو مبرر، وتشاركيّة الزوجة ومساهمتها مع الزوج هو تصرف نبيل منها ويرجع لخيارها الشّخصي بعيداً عن أي ضغط نفسي أو معنوي يستخدمه الزوج تجاهها ودون أي سلطة ذكوريّة يمنحه إياها المجتمع لسلبها حقها في راتبها ومالها الخاص.
صعوبات الحياة الماليّة للمرأة العاملة التي يأخذ زوجها راتبها
إضافة لغاية تحقيق الذّات والشّعور بأن المرأة جزء مهم في تكوين البنية المجتمعيّة من خلال عملها ومساهمتها في الإنجاز والعطاء فإن ضرورة توفير مصدر دخل قادر على تأمين الاحتياجات الأساسيّة للمرأة واستقرارها مادياً هو عامل مهم يدفع النّساء للبحث الدّائم عن فرص مناسبة للعمل.
والتّكامليّة في الحياة تعني إشراك كل عنصر في البيئة المجتمعيّة للنّهوض بها والعمل على تطويرها وتسيير مصالحها ومصالح الأفراد، وهنا يكون العمل هو الوسيلة التي تجمع الغايات هذه كلها.
إلا أن بعض الأزواج يقومون بأخذ راتب الزوجة والسّيطرة عليها باعتبار الرجل مسيطراً بحسب المعتقدات والصّور النّمطيّة والأفكار الشّرقيّة! وتعاني الكثير من النّساء من مشكلة الحيرة بين منع أخذ راتبها وبين الخضوع والخنوع والقبول مرغمةً غير محبذة لهذا التّصرف. ولماذا تشعر النّساء بهذا الشّعور ؟ إليكم بعض الأسباب:
- استغلال الزوج لتعب وجهد زوجته.
- أخذ راتب الزوجة غصباً وبالإكراه.
- تعرض الزوجة لمشاكل أسريّة في حال امتنعت عن إعطاء راتبها لزوجها.
- تعرض بعض النّساء للتّعنيف اللّفظي والجسدي والجنسي بسبب رفض إعطاء راتبها لزوجها.
- المشاعر السّلبيّة التي يخلفها سلوك أخذ راتب الزوجة من قبل زوجها كالكره والبعض والحقد والأسف.
وهنا تظهر بعض المشاكل المتعلقة بالجانب المادي للمرأة التي يقوم زوجها بأخذ راتبها منها ومن أبرز تلك المشاكل:
- الحاجة الماليّة والماديّة للزّوجة رغم وجود مصدر دخل خاص بها وذلك لعدم قدرتها على التّصرف بمالها الخاص وراتبها.
- عدم القدرة على ضبط النّفقات والمصاريف ووضع ميزانيّة للمصروفات الخاصة بسبب سيطرة الزوج على راتب زوجته وعدم إعطائها مساحة التّصرف وإدارة شؤون المنزل الماليّة.
- صعوبة الادخار والتّوفير من راتب الزوجة.
- الحاجة للعودة للزّوج للتّصرف بمالها الخاص! وهو ما يعيق تحركها المالي والمرتبط بالصّرف.
- تقييد حريّة المرأة في الجانب المالي وربطها بشكل مباشر بقرارات الزوج.
- تفاقم المشاكل الزوجيّة والأسريّة بسبب الموضوع المالي وإصرار الزوج على أخذ راتب الزوجة.
كما أن لتصرف الرّجل عند أخذ راتب الزوجة انعكاساً سلبياً على الجانب النّفسي والمهني لها وقد يبرز فيما يلي بشكل واضح وجلي:
- انعدام الرّغبة بالعمل والعطاء والنّجاح والتّطور الوظيفي.
- الشّعور بالنّقص والدّونيّة والحاجة.
- عدم القدرة على تحقيق الاستقرار النّفسي الذي يشعر به الأشخاص المستقلون مادياً.
- تولد مشاعر سلبيّة تجاه الزوج كالكره وبغض الحياة معه والعيش في جو مشحون دائماً.
- تدني مستوى الإنتاجيّة في العمل.
- تراجع رغبة التّميز والابتكار والابداع.
- اختلال صورة الزوج في عين الزوجة.
- زعزعة في ثقة المرأة بنفسها وانخفاض مستوى تقديرها لذاتها.
- الحزن والاكتئاب والكسل.
- زيادة الضّغط يسبب تراكم المشاحنات بين الزوج والزوجة وبالتّالي تكثر المشاكل الأسريّة.
- القلق الدّائم لدى الزوجة نتيجة رفضها إعطاء راتبها لزوجها وتبعاته على العلاقة الزوجيّة والأسريّة.
شعور الزوجة والمرأة بشكل عام باستقلاليتها الماديّة يعطيها مساحةً أكبر للعطاء والعمل والتّفاني في العمل والمنزل، ويجعلها دائماً مسقرةً ومرتاحةً ويدفعها للإبداع. فشعور الإنسان بأنه قادر على تأمين احتياجاته وتوفير المال اللّازم لقضاء الحوائج الخاصة به شعور ينعكس على الإنتاجيّة والنّفسيّة بشكل كبير.
ويجب على الزوج دعم زوجته إن كانت ترغب بالعمل، وعدم أخذ راتب الزوجة منها بالإكراه والغصب! يمكن أن يكون القرار تشاركياً وباتفاق الزوج والزوجة على المساهمة في أعباء الأسرة ومتطلباتها ومصروفها وهو تصرّف يقدّر من الزوجة. لكن التّعامل معه على أنه واجب وفرض فهو أمر مرفوض وغير مقبول إنسانياً أو اجتماعياً.
ومن آثار استقلال الزوجة مادياً:
- الاستقرار النّفسي والرّاحة النّفسيّة.
- المساهمة في مصروفات البيت ومستلزمات الأسرة.
- تخفيف الأعباء والمصروفات الخاصة بها من على كاهل الزوج.
- الشّعور بالمسؤوليّة وتقدير جهد وتعب الزوج في تحصيل الدّخل والرّاتب.
- بقاء الزوجة على تواصل مع العالم الخارجي وأكثر تفاعلاً معه.
- تطوير مهارات الزوجة وقدراتها الاجتماعيّة والمهنيّة وانعكاسه على شخصيتها ومهاراتها في التّعامل مع أفراد الأسرة.
- إمكانيّة التّوفير والإدخار.
- تماسك الأسرة أكثر حيث ظهرت في إحدى الدّراسات نتيجة مفادها أن الأسرة التي تكون الزوجة فيها عاملة في الخارج تكون أقل عرضةً للتّعنيف الأسري وجرائم الأسرة.
- تخفيف الدّيون والقروض على الأسرة.
- يمكن اعتبار راتب الزوجة مصدر دخل إضافي دون أخذ راتب الزوجة عنوةً وغصباً بل إذا كان هذا الاتّفاق والتّفاهم بين الزوج والزوجة منذ البداية.
وهنا نقدم مجموعة نصائح لمواجهة مشكلة أخذ راتب الزوجة غصباً والتي قد تفيد في حل المشكلات الأسريّة والزوجيّة التي تنتج عن سلوك الزوج المتمثل بأخذ راتب الزوجة دون راضها وموافقتها وإجبارها على ذلك: [4]
- معرفة الحقوق الماليّة للزّوجة بالقانون والشّرع: المعرفة بالشّيء تجنب وقوع التباسات وسوء فهم وأيضاً تحمي الزوجة من الاستغلال والإجبار على أخذ راتب الزوجة.
- التّواصل الفعّال والحوار مع الزوج لتوضيح وجهات النّظر.
- المساهمة بجزء من مسؤوليات ونفقات الأسرة عن طيب خاطر وإرادة شخصيّة من الزوجة بالمقدار الذي تراه الزوجة مناسباً لها.
- عمل ميزانيّة لمصروفات البيت، وهنا ننصحكم بقراءة مقالة كنا قد نشرناها سابقاً وشرحنا فيها طرقاً ومقترحات لعمل ميزانيّة البيت وخطة المصروفات.
- العمل على توفير وإدّخار جزء من راتب الزوج والزوجة لأوقات الطّوارئ والحالات المفاجئة. وهنا مقال سابق تحدثنا فيه عن طرق ونصائح لادخار الرّاتب ننصحكم بقراءته والاطلاع عليه.
- جدولة الدّيون والقروض وترتيب الأولويات المتعلّقة بسدادها واستحقاقها.
- ترك العمل إذا كان الموضوع غير قابل للحل مع الزوجة وإصراره على أخذ راتب الزوجة.
- البحث عن مصادر دخل أخرى ترفد مصادر الدّخل الحاليّة للأسرة وذلك لتعويض العجز والنّقص في الاحتياج المالي للأسرة وأفرادها وتوفير المستلزمات والمتطلبات الأساسيّة. وفي مقال سابق كنا قد نشرناه بهذا الموضوع تحدثنا فيه عن طرق لزيادة دخل المرأة يمكنكم الرّجوع إليه للاستزادة.
- طلب تدخل أشخاص راشدين وقادرين على تقريب وجهات النّظر بين الزوج والزوجة في حال إصرار الزوج على أخذ راتب الزوجة منها عنوةً.
- تنمية الوعي المادي لدى أفراد الأسرة وضرورة التّقيّد بالامكانات الماديّة المتاحة وعدم تجاوزها.
إحدى السّيدات المتابعات لموقع حلوها أرسلت لنا طلباً للمشورة والنّصيحة فقالت: "كيف أتعامل مع زوجي الذي يأخذ كل راتبي ويهددني بالطّلاق إذا طلبت شيئاً منه؟" فزوجها استغل ثقتها به وأقنعها أن تفوضه بسحب راتبها من البنك نيابة عنها، وفي البداية كان يعطيها جزءاً من الراتب ويأخذ الباقي بحجة تسديد ديونه، لكنه سرعان ما أصبح يأخذ الراتب كله!
ليس هذا فقط؛ بل أخذ سيارتها بحجة أن المرأة لا تحتاج للسيارة، ويمنعها من التغيب عن العمل حتى وغن كانت مريضة، بل ويطالبها بأداء كافة واجباتها داخل المنزل. لقراءة الاستشارة كاملة وتفاعل القراء ونصائح الخبراء في موقع حلوها؛ يمكنكم النقر على هذا الرابط.
وأجابت أمل السّديري خبيرة تأهيل ورعاية إجتماعيّة وناشطة بحقوق المرأة في موقع حلوها على تساؤل آخر "هل للزّوج حق في راتب زوجته؟":
"الزوجة تساعد زوجها إذا كان محتاجاً وليس واجباً عليها لأن الرّجال قوامون على النّساء وهم من يتحملون مسؤوليّة الصّرف على البيت والزوجة والأبناء وإن أعطته زوجته من مالها شيئاً فهذا كرم منها وليس واجباً"