العلاقة الزوجية في ظل كورونا والممارسة الآمنة
لدى البشر حوافز طبيعية، ويمكن أن يكون الجنس وسيلة للاسترخاء والتعبير عن الذات، لذلك ربما تريد إجابة على السؤال المباشر: هل يمكنك ممارسة الجنس في ظل انتشار كورونا؟
هذا ما نحاول الإحاطة به من خلال هذا المقال، بالإضافة إلى تأثر العلاقة الزوجية بفيروس كوفيد19، والطريقة الآمنة لممارسة العلاقة الزوجية في ظل كورونا.
كيف تنظر إلى العلاقة الزوجية في ظل كورونا؟ هذا ما قد يكون مثالاً؛ لحوار يومي بين الزوجين في ظل التباعد الاجتماعي للحد من انتشار فيروس كورونا، فرضاً أن الزوج مستمر في مزاولة عمله اليومي، ولم ينتقل إلى مرحلة العمل من المنزل عن بعد، والحجر الصحي يقتصر على الزوجة والأولاد:
- هو: (يصفق الباب بقوة وقد يقول مرحباً).. هل الغداء جاهز؟ عليّ أن أتابع العمل، وأحتاج أن أنام قليلاً... أظن أن الأمور للأسوأ.. لا أعرف لماذا يوظفون أشخاصاً جدد؟!!! في وقتٍ.. يجب أن يصرفوا العمالة الزائدة.
- هي: (قد تواسي تعب زوجها أو تلتزم الحياد العاطفي!) بسيطة.. أرجو أن تمرّ هذه الفترة على خير، أحاول جهدي.. لكن العمل عن بعد في المنزل، سيجعلك شخصاً عصبياً.
- هو: هاه.. وتظنين أنك المرأة الخارقة إذاً؟ هل تحاولين أن تقولي أنك تتحملين مسئوليات المنزل والأطفال أكثر مني؟
- هي: أرجوك لا أحاول افتعال مشكلة هنا، أنت تشكو من عملك، والعمل مع وجود الأطفال حولي مرهق، وصدقني لن تستطع التحمل لأكثر من يومين.. فقط حاول أن تنتبه عندما تخرج من المنزل ومن الجيد أنك لم تضطر للعمل من هنا..
- هو: والآن توجهين نصائحك الأمومية وكأني طفل صغير!! هل عليّ غسل يدي جيداً قبل الطعام.. آه الطعام.. متأخر لأن لديك مسئوليات وعمل...؟!!
- هي: أرجوك.. الطعام جاهز خلال ربع ساعة.. خذ حماماً منعشاً ريثما أعد الطاولة وأنادي الأولاد..
ما لا تقوله الزوجة في ظل الحجر الصحي بسبب كورونا.. كثير جداً، كذلك الرجل، وقد يتعلق بأمور نفسية عميقة ورغبة بالانفتاح وإظهار حالة من الضعف وربما البكاء أو الضحك، لكن هل يمكنك أن تكون صريحاً مع شريك حياتك إلى هذا الحد؟
قد يضطر الزوج للعمل من المنزل، فتدبّ المشاكل إذا لم تتطور إلى عنف أسري، أو ترسيخ فكرة الانفصال والطلاق بعد حلّ فترة الابتعاد الاجتماعي، عندما يتضح بعض غموض كورونا على أقل تقدير، إذا باتت حتمية تغير العلاقة الزوجية تحو الأفضل أو الأسوأ أكيدة؛ كسائر العلاقات في حياتك بعد جائحة كورونا.
ماذا عن العلاقة الحميمة بين الزوجين في ظل كورونا؟ وهي ليست تفصيلاً تافهاً للنقاش مقارنة مع المشاكل المترتبة عن حرمان الزوجين أو خوفهما من الجنس في ظل كورونا، فكيف تنظر إلى العلاقة الجنسية اليوم في ظل الحجر المنزلي؟
بينما كان بعض الأزواج يتخيلون أن فترة البقاء في المنزل ستكون فرصة جيدة لتجديد العلاقة، فقد سيطر الإرهاق على آخرين من خلال متابعة أخبار الفيروس والتفكير بمستقبل مجهول وفيما سيكون عليه وضع العمل والدراسة، كما أن البقاء طوال اليوم معاً قد يسبب مشكلة لأزواج كثيرين يكتشفون أنهم لا يعرفون بعضهم بعد سنوات من الزواج!
لم يتوقع أي منكم أن يُحبس في المنزل مع شريك الحياة، لأكثر من مدة شهر العسل! ثم أنه رغم قضاء كل دقيقة مع بعضكما البعض اليوم، فإن "دوافعكما الجنسية لن تكون متوافقة، لأن الحب في حالة الحبس هو بالتأكيد تحدٍ جديد للأزواج" [1].
كيف تغيرت العلاقة الحميمة في ظل كورونا؟
تعني العلاقة الزوجية كل شيء من الدعم العاطفي إلى الرفقة، وعندما تجد نفسك في علاقات أحادية الجانب أو غير متوازنة، فإنك ستعيش في خوف وتتنازل للشريك عن أجزاء من نفسك، لأنك تساوم على ذاتك بسبب الخوف، بحيث يمكن أن يتجلى هذا الخوف في العديد من الطرق وبأشكال مختلفة، كما يحدث اليوم مع الكثيرين في ظل الحجر المنزلي وتعرض نساء للعنف الجنسي على يد الزوج مثلاً، ومن أهم الأمور التي يجب عليكِ/عليكَ رفض المساومة عليها هو السلامة الشخصية، فإذا كنتِ/كنتَ تشعر بنفور من ممارسة الجنس، فاعلم أن ذلك رد فعلك نموذجي في ظل وباء كورونا، بينما الكثيرين يتحدثون عن زيادة في المواليد بعد 9 أشهر من قرارات الإغلاق والابتعاد الاجتماعي!
ويعترف باحثو الجنس والمعالجون عبر الإنترنت أنه "يمكن التفكير في أي من الاتجاهين، حيث نعلم أن شخصين يمكن أن يستجيبوا لنفس الموقف بطرق مختلفة تماماً، وأن العوامل التي تزيد من الرغبة الجنسية لدى البعض يمكن أن تكبت الرغبة لدى آخرين" [2].
بالنسبة للكثير من الناس عندما يشعرون بالتوتر، فإن الجنس هو أبعد شيء عن أذهانهم، بين القلق بشأن الآباء المسنين، ومعرفة كيفية ممارسة الرياضة في المنزل، وإدارة روتين جديد للعمل وتربية الأطفال وإدارة المنزل، مع ذلك في مثل هذه الظروف غير العادية، من الصعب معرفة السلوكيات الأكثر شيوعاً!
"بالنسبة لبعض الأشخاص، عندما يرتفع القلق والتوتر، فإن الرغبة الجنسية تزداد"، كما يمكن أن تؤدي الكوارث إلى نقص حاد في الرغبة الجنسية خاصة لدى النساء [3].
إذا.. خلال هذه الفترة التي لا تنتهي من الإجهاد والقلق الشديد، ليس من المستغرب أن تجد الرغبة الجنسية بين الزوجين في تأرجح من طرف إلى آخر، فقد تزداد حالات الطلاق وقد نشهد موجة من المواليد الجدد بعد ثمانية أشهر من الآن!
"أنا وزوجي لم نمارس العلاقة منذ مدة بسبب كورونا" يتمنع الكثير من المتزوجين عن العلاقة الحميمة بسبب خوفهم من فيروس "كوفيد19"، فهل ينتقل الفيروس التاجي المستجد عن طريق الجنس؟
في حين أنه لا يوجد دليل على أن الفيروس التاجي المستجد، يمكن أن ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي، فإنه يمكن أن ينتقل من خلال الاتصال الوثيق مع شخص مصاب بكوفيد19، واستناداً إلى الأدلة الحالية[4]، فإن الفيروس غير موجود في السوائل الجنسية لشخص مصاب بالفيروس، وهذا يعني أن "الفيروس لا ينتقل عن طريق السوائل الجنسية المتورطة في الجماع المهبلي أو الشرجي"، بالإضافة إلى ذلك، لم ترد تقارير عن أنواع أخرى من الفيروسات التاجية التي تنتقل من خلال السائل المنوي أو السوائل المهبلية.
مع ذلك.. ينتقل الفيروس التاجي من خلال ملامسة قطرات من الأنف والفم، بما في ذلك لعاب شخص مصاب، والذي يمكن أن يحدث من خلال الاتصال الوثيق بين الزوجين.
هذا يعني أن هناك خطر كبير من تمرير عدوى كورونا (COVID-19) من خلال التقبيل واللمس الجسدي، إذا كان أحد الزوجين مصاباً بالفيروس. بالتالي... لا يعني الابتعاد الاجتماعي ممارسة الجنس (كلما سنحت لكما الفرصة)، فمن غير الواضح كيف يمكن أن يكون ذلك استجابة لأي نوع من الأمراض المعدية أو الوبائية مثل كوفيد19.
ولنتذكر هذه المعلومات السريعة، بحيث تشير الأدلة إلى أن كورونا ينتشر من شخص لآخر من خلال الاتصال الوثيق المستدام:
- يتم حمل الفيروس في قطرات الجهاز التنفسي التي تنتقل عن طريق العطس والسعال، وإذا كان الناس قريبين من بعضهم البعض، فقد تهبط القطرات في أفواههم أو أنوفهم أو ربما يتم استنشاقها مباشرة.
- قد تطفو الجسيمات الفيروسية التي تسمى الهباء الجوي أو تنجرف في الهواء عندما يتحدث شخص مصاب أو يغني أو يتنفس، وقد يستنشق الناس القريبون هذا الهباء الجوي.
- تظهر الأبحاث أن كورونا يمكن أن يعيش على الأسطح وقد ينتشر عندما يلمس الشخص تلك الأسطح، ثم يلمس وجهه.
- التواجد في نفس الغرفة مع شخص مصاب بكورونا وتنفس نفس الهواء لفترة من الوقت هو سيناريو خطر للعدوى والإصابة أيضاً.
- يختلف رأي الخبراء حول ما ينطوي عليه الاتصال الوثيق بين شخصين، وعدد دقائق الاتصال الوثيق التي تنطوي على مخاطرة عالية، وبشكل عام فإن كونك على بعد ستة أقدام من شخص مصاب بالفيروس، لمدة تزيد عن بضع دقائق يمكن أن يعرضك لخطر متزايد للإصابة بكوفيد19.
ما مدى أمان العلاقة الحميمة مع الشريك؟
صحيح أن العديد من أشكال الحميمية تتطلب مسافة أقرب من ستة أقدام من الفصل الذي يوصيك به الأطباء في ظل فيروس كورونا، لكن هذا لا يعني أنه يجب عليك عزل نفسك عن زوجتك أو التوقف عن ممارسة الحميمية مع زوجك على الإطلاق، فإذا كنتما بصحة جيدة، وتطبقان التباعد الاجتماعي ولم تلتقيا بأي شخص مصاب بـ (COVID-19)، من المحتمل أن يكون اللمس والمعانقة والتقبيل والجنس أكثر أماناً، ولا يجب أن تمثل مشاركة السرير مع شريك سليم.. مشكلة.
مع ذلك فإن بعض الأشخاص قد يكون لديهم الفيروس وليس لديهم أعراض حتى الآن، حيث أن الإصابة بفيروس كورونا خلال الجزء الأول من فترة الحضانة تكون بدون أعراض، بالإضافة إلى ذلك لا يعاني بعض المصابين من أعراض كوفيد 19 أبداً، وفي كلتا الحالتين، من المحتمل أن ينتشر الفيروس من خلال الاتصال الجسدي والحميمي [5].
توقفت العديد من مرافق وخدمات الرعاية وعلاج الأمراض المنقولة بالاتصال الجنسي في ظل انتشار فيروس كورونا، وينطوي النشاط الجنسي مع مخاطر العدوى، لكن يمكنك تقليل هذا الخطر باتباع النصائح التالية [6]:
- استخدام الواقي الذكري بشكل صحيح.
- استخدام وسائل منع الحمل إذا لم تكن تخطط للحمل والإنجاب في ظل الظروف الراهنة.
- يمكن للزوجين الاكتفاء بالمداعبات أو ممارسة الاستمناء الذاتي، في حال كان أحدهما مضطراً للعمل خارج المنزل حتى الآن.
- تجنب ممارسة الجنس وخاصة التقبيل إذا كنت أنت أو شريكك تعاني من أعراض فيروس كورونا أو الأنفلونزا الطبيعية، مثل الحمى أو السعال أو ضيق التنفس.
- إذا ظهرت عليك أعراض الفيروس التاجي المستجد، فيجب أن تعزل نفسك وتتصل بطبيبك.
- تجنب ممارسة الجنس إذا كنت أنت أو شريكك تعاني من حالة طبية يمكن أن تؤدي إلى مرض خطير بسبب فيروس كورونا، حيث تشمل هذه الحالات الطبية أمراض الرئة وأمراض القلب، والسكري والسرطان أو ضعف جهاز المناعة.
في النهاية.. قد يكون تجنب ممارسة العلاقة الحميمة من الأمور الصعبة على العديد من الأزواج وخاصة العرسان الجدد! إلا أن الوقاية خير من قنطار علاج، خاصة إذا كنت تقيم في منزل يعيش معك فيه أشخاص كبار في السن، وربما تكون هذه فرصة لتعميق العلاقة الزوجية والتفكير بالمستقبل، الذي سيختلف بكل تأكيد عما عشناه ونعيشه اليوم، ما رأيك؟ شاركنا من خلال التعليق على هذا المقال.