حكم زواج المسيار وشرعية زواج المسيار
الزواج في الماضي كان أمراً ميسوراً للجميع ولا يحتاج لتكاليف ونفقات كبيرة كهذه الأيام، لذا لم يكن ما يعرف بزواج المسيار موجوداً ولم نجد له تعريفاً عند علماء الدين السابقين، لكن في عصرنا الحالي أصبحت ظروف الزواج أصعب مما كانت عليه في الماضي، لذا ظهر ما يعرف بزواج المسيار والذي يرتكز على أساس تنازل الزوجة عن بعض حقوقها مثل النفقة والمسكن.
اختلف الفقهاء في تعريف الزواج باختلاف مذاهبهم لكنهم اتفقوا على أنه عقد يعّطي لكل من الزوجين حق الاستمتاع بالآخر، وإن اختلفت المذاهب في تعريف الزواج لكنها تتفق على الشروط الواجب توفرها ليكون زواجاً صحيحاً من الناحية الشرعية.[1]
شروط الزواج الشرعي في الاسلام
- تعيين الزوجين: في حال وجود أكثر من بنت للولي مثلاً، يجب أن يذكر اسم الفتاة أثناء ابرام عقد الزواج " زوجتك ابنتي فاطمة" مثلاً أو يذكر صفتها "الكبرى/الوسطى/الصغرى"
- رضا طرفي عقد الزواج: يعني أن يتم الزواج بموافقة كلا الزوجين، فإذا لم يرضى به أحدهما، اعتبر الزواج غير صحيح.
- أحقية الولي: وأحق الأولياء بتزويج المرأة أبوها ثم جدها ثم ابنها إن كانت أرملة أو مطلقة، فلأخ الشقيق ثم شقيق الأب، ثم الأقرب فالأقرب.
- الشهادة: أيضاً من شروط الزواج الصحيح وجود الشهود على عقد الزواج.
- خلو الزوجين من الموانع الشرعية: الموانع الشرعية مثل القرابة بين الأصول والفروع، والصهر، واختلاف الدين والرضاعة، والأمراض التي تمنع من صحة النكاح. [1]
تعريف زواج المسيار: زواج المسيار أو ما يعرف بالزواج الميسّر: هو زواج يستوفي جميع أركان وشروط الزواج الشرعي مع تنازل الزوجة عن بعض حقوقها مثل النفقة والمبيت والسكن، حيث أن الزوج قد يتردد على منزل الزوجة أو يسكن معها، وقد يكون هذا الزواج في السر. [2]
انتشر زواج المسيار في معظم الدول العربية خلال العقود القليلة الماضية، ويختلف الفقهاء في مدى شرعية زواج المسيار لكن يتفق معظمهم على شرعيته في حال استوفى شروط الزواج الشرعي، ومن الفتاوي التي تشرّع زواج المسيار:
- حكم زواج المسيار في مصر: بحسب فتوى تم إصدارها من دار الافتاء المصرية فإن زواج المسيار يعتبر زواج صحيح إذا كان يستوفي الأركان والشروط الشرعية وتم كتابته في وثيقة رسمية بواسطة شخص مختص.
وتقول الفتوى زواج المسيار هو "زواج صحيح تترتب عليه الآثار الشرعية فيما عدا ما تنازلت عنه الزوجة باختيارها" حيث تعتبر الفتوى أن تنازل الزوجة عن بعض حقوقها من حق المبيت والنفقة أو أحدهما لا يبطل عقد الزواج. [3] - حكم زواج المسيار في السعودية: يقول الشيخ عبد لله المنيع عضو هيئة كبار العلماء المسلمين في المملكة العربية السعودية أن زواج المسيار هو زواج صحيح إذا اشتمل على شروط وأركان الزواج وانتفى منه موانع الزواج، حيث يرى الشيخ المنيع أن أحكام الزواج كلها ثابتة في زواج المسيار، وقال أيضاً أن للمرأة الحق في التنازل عن حقها في قَسْم أو نوم ليل أو نفقة أو غير ذلك مشدداً على حقها في العودة إليه، حيث يخيّر الزوج بعد عودتها بين الطلاق أو إمساكها. [4]
في دراسة فقهية واجتماعية أعدها أستاذ أصول الفقه والقواعد الفقهية الدكتور عبد الملك بن يوسف المطلق عن زواج المسيار وجد أن أسباب نشأة زواج المسيار تعود لثلاث [5]:
- أسباب تتعلق بالنساء:
- العنوسة والطلاق والترمل: ظروف الحياة المعاصرة والتي تتسبب بالكثير من الضغوط المادية أجبرت الكثير من الشباب على العزوف عن الزواج ما أدى إلى انتشار العنوسة، حيث أن الكثير من الفتيات يبلغن سن الزواج وهم لم يتزوجوا بعد أو انهم مطلقات وأرامل، ما يدفع الفتيات إلى التنازل عن بعض حقوقهن من أجل الحصول على زوج.
- رفض فكرة التعدد لدى النساء: رغم أن الإسلام شرّع تعدد الزواجات للرجل، لكن معظم النساء ترفض فكرة التعدد بسبب الغيرة التي تتملك المرأة من وجود امرأة أخرى في حياة زوجها، ما أدى إلى لجوء بعض الرجال إلى زواج المسيار حرصاً منهم على عدم معرفة الزوجة الأولى بزواجهم والخوف من انعكاس ذلك على أسرتهم.
- حاجة بعض النساء للإقامة في منزل والديها: بعض العائلات لا يكون لديها معيّل سوى ابنتها، لذا تلجأ إلى تزويج ابنتها مع بقائها في المنزل من أجل رعاية والديها والعناية بهما.
- أسباب تتعلق بالرجال:
- رغبة الرجال في المتعة: يسعى بعض الرجال إلى متعة أنفسهم عن طريق تجديد حياتهم الزوجية بزوجة ثانية بعد أن تكون زوجتهم الأولى قد كبرت وانشغلت بأبنائها لكن دون علمها حرصاً على شعورها والحفاظ على كيان الأسرة، فيلجاَ الرجال بهذه الحالة إلى زواج المسيار.
- عدم رغبة بعض الرجال في تحمل مزيد من الأعباء: الكثير من الرجال لا يستطيعوا تحمل تكاليف الزواج وأعبائه فيلجؤوا لزواج المسيار لأنه يؤمن المتعة والإعفاف والتي تقابل برغبة الكثير من المطلقات والأرامل والعوانس في الزواج.
- عدم استقرار الرجال بسبب العمل: بعض الرجال يكون طبيعة عملهم غير مستقرة و ويسافرون كثيراً ويتنقلون بين المدن والبلدان المختلفة، فيلجأ الرجل مع عدم استعداده لتحمل مسؤولية الزواج الكاملة لزواج المسيار في هذا البلد من امرأة تحصّنه.
- أسباب تتعلق بالمجتمع:
- غلاء المهور وارتفاع تكاليف الزواج: الكثير من الأحيان تقف مغالاة الأسر في المهور وإلزام الزوج بتكاليف باهظة تفوق طاقته وقدرته المالية حائلاً من قدرته على الزواج، فيلجأ الكثير من الرجال إلى زواج المسيار الذي يخفف الأعباء المادية عن الرجل.
- نظرة المجتمع بشيء من الازدراء للرجل الذي يرغب بالتعدد: حيث ينظر المجتمع إليه على انه شخص شهواني يسعى للنساء لتلبية رغباته الجنسية، فيبحث الرجل عن زواج بشكل سري يتجنب به نظرة المجتمع وهو ما يوفره له زواج المسيار.
يقف متبني قضايا المرأة والمدافعين عن حقوقها من مؤسسات أو أفراد موقفاً رافضاً لهذا النوع من الزواج من عدة منطلقات ومنها:
- زواج المسيار يتيح استغلال المرأة وحرمانها من حقوقها الطبيعية في السكن والنفقة التي يقرها الشرع وبعض الأحيان تجبر المرأة على الحرمان من إنجاب الأطفال.
- لا يوفر زواج المسيار الطمأنينة للطرفين حيث لا يتحقق فيه الاستقرار الأسري، وفي بعض الحالات قد يحدث خلاف على نسب الأطفال في حالة الإنجاب.
- تكثر معدلات الطلاق في حالات زواج المسيار بسبب عدم ترتب أي التزامات على الرجل ما يسهل عليه حدوث الطلاق ما قد يسبب الكثير من الإحباط النفسي للمرأة، وخاصةً إذا كان الزوج صغير السن وينتمي لفئة الشباب.
- يدفع الطمع بعض الرجال للزواج من النساء التي قد يكون لديهن بعض الأملاك الموروثة ويحاولون السيطرة عليها.
- بعض وجهات النظر ترى أن زواج المسيار يحول المرأة إلى سلعة جنسية يهدف الرجل الارتباط بها للإشباع رغباته ويتخلص منها فيما بعد.
يخلط البعض بين زواج المسيار والزواج العرفي، مع وجود خلاف جوهري على المستوى الشرعي بينهما، فبعيداً عن الفروقات القانونية المتغيرة من دولة لأخرى، يعتبر زواج المسيار أكثر شرعية من الناحية الدينية مقارنةً بالزواج العرفي.
- فزواج المسيار: هو الزواج المعروف نفسه مع فرق بأن الزوجة لديها إمكانية الاستغناء عن بعض حقوقها كالنفقة والمهر والإقامة، ولكن باقي أركان الزواج من تنظيم عقد رسمي وقد يسجل بالمحاكم الشرعية في بعض الدول، بالإضافة لشرط وجود ولي الزوجة وموافقة ذويها، ووضع شهود على عقد الزواج، فجميع هذه الشروط متوفرة.
- أما الزواج العرفي: فهو نوع من الزوج الذي تستغني فيه الزوجة عن كامل حقوقها ويمكن ابرام عقد الزواج بين الرجل والمرأة بدون حضور شخص مختص أو حتى توثيقه بطريقة رسمية، ولا يشترط وجود وقبول أهل الزوجة، ولا يشترط معايير معينة لقبول شهادة الشهود.
وهذا الخلط الحاصل بين أنوع الزواج هو ما يتيح الكثير من حالات الاستغلال وتوريط بعض الفتيات في علاقات ظالمة أو قد تكون محرمة في بعض الحلات نتيجة الاستغلال والخداع من بعض الرجال ضعاف النفوس.
وبالفعل وردتنا استشارة على موقع حلوها بهذا الخصوص من سيدة مطلقة حول تجربتها مع زواج المسيار، فتقول أنها بعد أن انفصلت عن زوجها السابق تعرفت على زميل لها في العمل وتزوجته زواج مسيار وأصبحا يقضيان معظم الوقت في شقة استأجراها معاً.
وعندما طلبت منه الزواج بشكل رسمي رفض ذلك بحجة أن أهله يرفضون زواجه من مطلقة وأكبر منه سناً، فتشاجرت معه، وهي في حيرة من أمرها هل تطلب الطلاق منه بعد أن أحبته أم تستمر معه في هذه العلاقة، وأغلب الظن أن ما بينهما زواج عرفي.
لمراجعة الاستشارة الكاملة مع أراء الخبراء وتفاعل مجتمع حلوها انقر على الرابط، كما يمكنكم في أي وقت طلب الاستشارة من الخبراء المختصين في موقع حِلّوها من خلال النقر على هذا الرابط.