التسرب من التعليم وحلول ظاهرة التسرب المدرسي
العلم هو أساس نهضة الأمم والصانع الحقيقي لتقدم وتطور المجتمعات وازدهارها، لذلك تسعى كل الدول إلى ترسيخ العملية التعليمية وتطويرها ومحاربة معوقاتها، ومن أبرز الظواهر التي تواجه عملية التعليم هي ظاهرة التسرب المدرسي، فما هي هذه الظاهرة وما أسبابها وكيف يمكن التغلب عليها؟
يعرَف التسرب المدرسي بأنه ظاهرة عدم ألتحاق الطلاب بالمدرسة أو ترك نظامهم التعليمي قبل انتهاء المرحلة التعليمية التي هم بها بنجاح، وتشمل المراحل التعليمية الأساسية والمتوسطة والثانوية، وفي بعض البلدان قد تشمل ترك المرحلة الأكاديمية أيضاً، سواءً كان هذا التسرب حاصل بإرادة الطالب أو لظروف أجبرته على ذلك.[1]
تنتج عادة ظاهرة التسرب المدرسي عن مجموعة أسباب تتنوع وتتعدد حسب البيئة الاجتماعية والثقافية والمستوى المعيشي للأسرة والنظام التعليمي القائم في كل بلد، ويمكن ذكر هذه الأسباب كما يلي:
- تدني التحصيل العلمي للطالب: يعتبر على رأس العوامل المسببة للتسرب الدراسي، حيث أن تدني مستوى الطالب في المدرسة يسبب له شعور بالإحباط مقارنتاً بزملائه.
إضافةً إلى النظرة السلبية له من قبل الأسرة أو حتى من قبل الطاقم التدريسي، حتى أنه قد يصل بهم الأمر في بعض الحالات إلى درجة معاملة هذا الطالب على أنه مذنب دون التفكير بالأسباب التي قد أدت إلى تدني مستوى الطالب التعليمي بشكل علمي وموضوعي. - ضعف مهارات الطالب التفاعلية والاجتماعية: فبعض الطلاب قد يكون لديهم مشاكل في الاندماج مع زملائهم في المدرسة لأسباب مختلفة قد تعود بالأصل إلى حياتهم الأسرية.
وهذا الضعف في الاندماج والتفاعل مع الأصدقاء في المدرسة ومع المدرسين في بعض الحلات يدفع الطالب للانعزال بدايةً ومن ثم يتحول إلى نفور من المدرسة ما قد يؤدي بالنهاية إلى ترك المدرسة في أقرب فرصة تسمح لهم بذلك. [2] - تأثير الأصدقاء والتسرب المدرسي: نقصد هنا الأصدقاء في الحي السكني للطالب حيث أنه في هذه الحالات يكون إهمال التعليم منتشر على مستوى الحي بأكمله وتكون نسبة ألتحاق الأطفال بالمدرسة قليل، ما قد يسبب تأثر هذا الطفل بمحيطه ويسبب هذا التأثر نفوراً من المدرسة لديه وبالتالي التسرب منها.
- العوامل الاقتصادية وظاهرة التسرب المدرسي: حيث يعتبر العامل المادي ثاني أهم عامل للتسرب المدرسي بعد تدني مستوى التحصيل العلمي حيث أن تدني المستوى المعيشي للأسرة ينتج عنه عدة عوامل تدفع الطلاب لتتسرب من المدرسة ومنها:
- عدم قدرة الأسرة على توفير الحاجات المدرسية للطفل: من قرطاسية ولباس وتأمين مواصلات في حالة المدارس البعيدة في القرى النائية وحاجة الطفل لمصروف له ليجاري نمط حياة أصدقائه في المدرسة.
- المساعدة في تأمين احتياجات الأسرة: في بعض الحلات يتجاوز الأمر تأمين مصروف للطفل ليتحول إلى حاجة الأسرة إلى تأمين احتياجاتها عن طريق عمل يقوم به هذا الطفل من أجل زيادة المردود المادي للأسرة، وقد يكون هذا بسبب فقر الأسرة أو نتيجة وفاة الأب أو مرض يعاني منه أحد أفراد الأسرة.
- المستوى الثقافي والتعليمي للأسرة والتسرب المدرسي: الاهتمام بالتعليم لدى الأسرة ينبع من مستوى الوعي بأهميته بالنسبة للطفل لدى هذه الأسرة، فكثيراً من الأسر للأسف لا تولي اهتمام للتعليم لدى أطفالها حتى لو توفرت الظروف المادية والمعيشية المناسبة، ويبرز هذا الإهمال في:
- عدم اهتمام الأسرة بالتعليم: أكثر ما يحدث في حالة تدني مستوى التحصيل العلمي للطالب، أن تقوم الأسرة بإجبار الطالب على ترك المدرسة بدلاً من علاج أسباب تراجع مستوى الطالب التعليمي، حيث أنهم يعتقدون أن هذا الطالب لن يفلح في الدراسة والتعلم وسيكون مجرد مضيعة للوقت. [2]
- عدم وجود من يساعد الطالب في الدراسة: معظم الطلاب يحتاجون إلى متابعة منزلية إضافةً للتعليم في المدرسة، وغياب هذا الشخص في بعض الأسر يؤدي إلى تراجع مستوى الطالب التعليمي وبالتالي نفوره من المدرسة.
- زواج الفتيات المبكر والتسرب المدرسي: يعتبر من أكثر الأسباب للتسرب المدرسي بالنسبة للإناث حيث تعتقد بعض الأسر بعدم أهمية التعليم للفتاة وأنها أولاً وأخراً سوف تتزوج وبمجرد تقدم شاب للزواج بها تجبر على ترك التعليم.
- مشاكل تتعلق بالبيئة المدرسية تسبب التسرب المدرسي: و هنا نتحدث عن الأسباب التي تؤدي إلى نفور الطالب من الذهاب إلى المدرسة إضافةً إلى تدني مستواه التعليمي وهذه الأسباب التي تتعلق بالبيئة المدرسية هي:
- تميز المدرس بين الطلبة: يقوم بعض المدرسيين بالتقرب من بعض الطلاب وإهمال البعض الأخر معتقدين أن لا فائدة من التركيز عليهم أو لأسباب تتعلق بمعرفة المدرسيين للأهل، ما يؤدي إلى تراجع المستوى التعليمي لبعض الأطفال. [2]
- أساليب العقاب التي يلجأ إليها بعض المدرسيين: يعتقد بعض المدرسيين أن أسلوب العقاب يدفع الطالب إلى التعلم خوفا من النتيجة، وهذا وأن أدى إلى التزام الطالب ببعض بواجباته الدراسية المفروضة عليه، لكنه مع الوقت يتحول إلى سبب رئيسي لنفور هذا الطالب من المدرسة والعملية التعليمية برمتها.
- بعد المدرسة عن مكان السكن: قد يعاني الطلاب في بعض المناطق من قلة المدارس في مناطقهم ما يجبرهم على الالتحاق بمدارس بعيدة ما يتسبب في نفورهم من التعليم لصعوبة المواصلات للتكلفة المادية لها.
- مشاكل تتعلق بطريقة التعليم: خاصةً في الدول التي تتبع نظام المناهج المركز والكثيف، حيث يحتاج الطلاب إلى تفريغ كامل وقتهم من أجل دراسة واجباتهم أضافةً إلى حاجتهم إلى من يعينهم في كثير من الأحيان لاستيعاب الكم الكبير من المعلومات.
- إضافةً إلى أسلوب التعليم المتبع في المدارس حيث مثلاً يتم التركيز على التعليم النظري أكثر من التعليم العملي ما يسبب في قلة استيعاب الطلاب وبالتالي تدني مستواهم الدراسي ما يؤدي بالتالي إلى نفورهم من التعلم وترك المدرسة. [1]
ما هي نتائج ظاهرة التسرب المدرسي؟
رغم وجود التسرب المدرسي في معظم دول العالم إلا أنه يختلف من حيث التأثير من بلد لآخر تبعاً لحجم هذه الظاهرة، ففي البلاد المتقدمة يكون التسرب المدرسي بمستوى متدني تنحصر نتائجه على الأفراد أكثر منها تأثيراً في المجتمع لكن في مجتمعات الدول النامية فإن للتسرب المدرسي آثار تنعكس على المجتمع بأكمله ومن أهم هذه الآثار:
- التسرب المدرسي وزيادة نسبة الجهل والأميّة: انتشار ظاهرة التسرب المدرسي بشكلٍ كبير في المجتمع يعني أن عدد كبير من أفراده هم من غير المتعلمين ما يسبب بانتشار الأميّة بينهم وارتفاع مستوى الجهل في المجتمع الذي يكون له انعكاسات كبيرة مثل انتشار الخرافات وتدني المستوى الصحي للفرد بسبب غياب الثقافة العامة.
- التسرب المدرسي وارتفاع مستوى البطالة: انخفاض مستوى التعليم للفرد يعني بالضرورة انخفاض فرصة الحصول على عمل حيث أن غياب المؤهلات الدراسية الضرورية في هذا العصر يقلل مجالات الأعمال التي يستطيع القيام بها ما يزيد نسبة البطالة في المجتمع. [3]
- التسرب المدرسي سبب بارتفاع مستوى العنف والجريمة في المجتمع: انتشار الأميّة وارتفاع مستوى البطالة يؤدي إلى تدني المستوى المعيشي للفرد في المجتمع ما يزيد من نسبة انخراطه في اعمال غير قانونية وغير أخلاقية من أجل الحصول على الأموال، أو قد يجبر الفرد للجوء إلى السرقة لأسباب مادية.
تكمن حلول ظاهرة التسرب المدرسي بالدرجة الأولى في معالجة الأسباب التي أدت إليها إضافةً إلى سنّ التشريعات والقوانين التي تحمي حقوق الطفل في التعلم وتنص المادة 28 من اتفاقية حقوق الطفل الصادرة عن الأمم المتحدة على أن “لكل طفل الحق في التعليم. ويجب أن يكون التعليم الأساسي مجانياً وأن يكون التعليم الثانوي والتعليم العالي متوفرين. وينبغي تشجيع الأطفال على الذهاب إلى المدرسة للحصول على أعلى مستوى تعليمي ممكن. وعلى المدارس احترام حقوق الأطفال وعدم ممارسة العنف بأي شكل من الأشكال. [5] [4]
ومن أبرز الخطوات التي تساعد في محاربة ظاهرة التسرب المدرسي:
- نشر الوعي في المجتمع على أهمية التعليم والتأكيد على حصول جميع الأطفال على التعليم.
- دعم مجانية التعليم ودعم الأسر الفقيرة لتتمكن من أرسال أبنائها إلى المدرسة.
- إقرار مناهج تعليمية مناسبة واستخدام الوسائل ذات التأثير الأفضل لتعليم الأطفال.
- تدريب المدرسيين وتأهيلهم للتعامل مع مختلف الطلاب بمختلف المستويات التعليمية للطفل وخاصةً مع الأطفال أصحاب المستوى الدراسي المتدني.
- أهمية تواجد مرشد نفسي واجتماعي مختص في كل مدرسة للتعامل مع المشاكل النفسية التي من الممكن أن يعاني منها الطفل نتيجة وضع أسري معين.
- تركيز الحكومات على بناء جميع أنواع المدارس في مختلف المناطق بما فيها المناطق الريفية بحيث لا يحتاج الطالب للذهاب لمسافات بعيدة من أجل الوصول للمدرسة.
أحد المشاركات على موقع حلوها لمتابع شاب يطلب النصيحة حول ترك الدراسة الجامعية والبحث عن عمل، حيث يقول بأنه طالب جامعي ولديه ظروف أثرت على تحصيله الدراسي مما تسبب بتأخره سنة عن موعد التخرج، فهو قد تعثر بثلاثة مواد ويقول أن معدله الجامعي ضعيف جداً مما عاد عليه بآثار نفسية مدمرة، وهو الآن يفكر بترك الجامعة للبحث عن عمل يؤمن له مستقبله.
حيث أجابته خبيرة تطوير الذات في موقع حلوها د. سناء عبده بالحذر من ترك الدراسة وقد قطع شوطاً طويلاً؛ ونصحته بأن:
- يضغط على نفسه فهو قد وصل للخطوة الأخيرة.
- وأن عليه أن يصبر حتى يحصل على الشهادة وألا يقلق بشأن المعدل.
- وأضافت بأن شهادة الجامعة سلاح لن يعرف قيمته إلا عند حاجته في المستقبل
لمراجعة الاستشارة الكاملة مع أراء الخبراء وتفاعل مجتمع حلوها أنقر على الرابط.