"الانتقام في الحب" هل يتحول الحب إلى انتقام وكره؟
"من يسعى للانتقام عليه أن يحفر قبرين؛ أحدهما له!" ربما تكون هذه المقولة المشهورة تعبيراً دقيقاً عمّا سيحصل عندما تتملكنا مشاعر الانتقام وتدفعنا للقيام بتصرفات لا تعبّر عمّا نريده أو ما نؤمن به بالضرورة، وغالباً ما نكتشف هشاشة المتعة التي يولّدها الانتقام لكن بعد فوات الأوان! ولا نكتفي بالحفاظ على جراحنا مفتوحة بل نزيد عليها الندم والذنب.
لكن من يستطيع السيطرة على مشاعر الانكسار والألم والغضب التي تغذي الرغبة في المعاقبة وتحقيق العدالة بالانتقام خاصّة إذا كان الانتقام في الحب ولأجل الجروح العاطفية العميقة! لنقترب أكثر من فهم الانتقام بالحب وطرق الانتقام من الحبيب وتوظيف طاقة الانتقام لمصلحتنا.
التعريف البسيط للانتقام أنه القيام بإيذاء شخص رداً على إيذائه لنا، والرغبة بعقابه على ما سببه لنا من الأذى الجسدي أو النفسي والعاطفي، ولا يشترط بالانتقام عادةً أن يكون من جنس الفعل، فقد يتحول الانتقام على الغدر في الحب إلى انتقام جسدي ربما يصل للقتل!
بالنسبة لعلم الأعصاب وعلم النفس فالانتقام آلية دفاعية نتيجة الشعور بالظلم والغبن، لا ينتج عنها فقط شعور نفسي بالرضا؛ بل إن الانتقام يحفّز منطقة الاستجابة للمكافآت في الدماغ، لكن هذا على الأمد القصير، بمعنى أن تسديد ضربة انتقام سريعة يخلق شعوراً بالراحة والمكافأة لرد الإهانة أو الأذية، فيما يقود الانتقام على المدى البعيد إلى نتائج عكسية تماماً! [1]
وقد تناولنا مفهوم الانتقام ودوافعه وأثره على المنتقم في مقال مستقل يمكنكم قراءته على موقع حِلّوها من خلال النقر على هذا الرابط.
باستنكار يسأل البعض "هل يتحول الحب إلى كره وهل يتحول الحب إلى رغبة بالانتقام؟"
تقول الدكتورة النفسية Diana Kirschner "الحب والكره وجهان لعملة واحدة" وكثير من العلاقات التي تتميز بالشغف والمحبة الكبيرة قد يصل الأمر بها إلى محاولات القتل. [2]
بل أنه من المفهوم تماماً أن تكون الرغبة بالانتقام أشد وأقوى في العلاقات العاطفية، مهما كانت طبيعة المشكلة بين الشريكين، لأن الأذية ستكون دائماً مضاعفة، نصفها نتيجة حدث أو تصرف مباشر، والنصف الآخر نتيجة خيبة الأمل والشعور بالانكسار الداخلي.
لذلك يمكننا القول أن الحب والعلاقات العاطفية من أكثر العلاقات الإنسانية التي يمكن أن تنقلب إلى علاقة عداوة وكره ورغبة محمومة بالانتقام، ليس فقط انتقاماً على الأذى المباشر الذي قد يسببه أحد الشريكين للآخر، وإنما ثأراً للذات التي تشعر بالخديعة والانكسار. وربما يكون السؤال الأهم هنا "هل يجب أن أنتقم من حبيبي/حبيبتي؟"
جميعنا نعتقد بشكلٍ أو بآخر أن الانتقام سيكون مريحاً وجيداً، وربما يظن البعض أن الانتقام في الحب هو السبيل الأفضل للنهوض من جديد وإقفال العلاقة بشكل مناسب، لكن الأمر يحتاج إلى إعادة التفكير. انظر/ انظري إلى آثار الانتقام في الحب قبل اتخاذ إجراءات انتقامية:
- يشير الباحثون أن الانتقام في الحب أو في الحياة العادية سيكون مسؤولاً عن "الجروح الطازجة دائماً" فعند تجاوز الأزمة دون انتقام من الحبيب نمتلك فرص أكبر للنسيان والتعافي بالتدريج، فيما يجعل الانتقام الذكريات المؤلمة متجددة دائماً.
- كما يضاعف الانتقام من الضغط النفسي والتوتر مقارنة بمحاولة المضي قدماً وطي صفحة الماضي.
- ويعتبر شعور الكره المستديم والرغبة بالانتقام من أسباب الخلل في الاستجابات المناعة وأمراض ضغط الدم وحتى المشاكل الصحية الأكثر خطورة مثل السرطان.
- الانتقام في الحب قد يتحول إلى حلبة يحاول فيها كل طرف أن يسدد الضربة الأقوى، ما يعني مزيداً من الألم والتوتر والانكسار، ومزيداً من مشاعر الكره القاتلة.
"من المؤكد أن الذي يسعى للانتقام يبقي جروحه خضراء، والتي لولا ذلك كانت ستلتئم وتمثل إلى الشفاء!" فرانسيس بيكون
تصل الرغبة بالانتقام من الحبيب أو الشريك العاطفي إلى دفعنا لسلوكيات غريبة قد لا تتناسب مع شخصيتنا بالضرورة، وغالباً ما تكون سبباً لشعورنا بالندم لاحقاً، ومن أبرز طرق الانتقام من الحبيب التي قد نلجأ إليها في وقت الانكسار:
- تشويه السمعة من أكثر الطرق شيوعاً في الانتقام العاطفي، وعادة ما يتحول إلى تشويه سمعة متبادل بين الطرفين.
- كيف أنتقم من حبيبي بالسحر! نعم اللجوء للمشعوذين والسحر واحدة من الطرق الشائعة في محاولات الانتقام اليائسة، وعادةً ما تنتهي بدفع الكثير من المال دون تحقيق أدنى شعور بالرضا، ما يجعل الرغبة بالانتقام كابوساً قد يدفعنا للمزيد من التصرفات الغريبة.
- محاولة إفساد حياة الشريك السابق العاطفية والوقوف عثرة في طريقه بعد الانفصال.
- الانتقام الجسدي، مثل محاولات التشويه الجسدي أو الشروع بالقتل وغيرها من محاولات إلحاق الأذى الجسدي بدافع الانتقام.
- الانتقام من الذات! حيث تحاول الضحية في هذه الحالة إثارة شفقة الشريك السابق من خلال إظهار آثار الأذية التي سببها، مثل أن تدعي الفتاة المرض لإثارة شفقة حبيبها وخلق الشعور بالذنب، أو أن تلجأ لنمط منحرف من العلاقات، وهذا ما نراه لدى الشاب أيضاً والذي قد يلجأ للمخدرات ويتعمّد أن تعرف حبيبته السابقة أنه أصبح مدمناً بسببها، ليس رغبة في إثارة عواطفها لاسترجاع العلاقة؛ بل رغبة في خلق عقدة ذنبٍ لديها!
- الانتقام الإيجابي في الحب، وهنا مربط الفرس وما نريد أن نصل إليه من هذه المقالة، أن تتحول طاقة الانتقام إلى دافع وحافز إيجابي يحمينا من تبعات الانتقام العاطفي ويمهد لنا الطريق للخروج من الأزمة العاطفية بسلاسة وهدوء.
- قرري أو قرر تجاوز الصدمة: على اختلاف درجات الأذى التي قد يسببها لنا الشريك، لا بد أن نبدأ بعلاج المشكلة الداخلية قبل كل شيء، لا بد من اتخاذ القرار الحاسم بالخروج من دائرة الانكسار والانتقام، والاستعداد للبدء من جديد.
- ناقش نفسك بحقيقة مشاعر الانتقام: من الحكمة أن نبحث دائماً عن دوافعنا قبل أن نبدأ باتخاذ إجراءات حقيقية، وهذا هو الحال مع الرغبة بالانتقام، لا بد من الاعتراف بمشاعرنا الحقيقية والتفكير بدوافعنا للانتقام بل ووضع مفاضلة حكيمة بين نتائج الانتقام ونتائج التجاهل أو المسامحة.
- اجعليه يشعر بالخسارة وليس الشفقة: قد يكون من الحكمة استغلال رغبة الانتقام لتكون حافزاً لنا في الحياة، فبدلاً من محاولة الانتحار لإشعار الشريك السابق بالذنب؛ يجب أن نجعله يشعر بالخسارة لأننا أشخاص مميزون! بل ويشعر بالغيرة لأننا تمكّنا من تجاوز الأزمة بقوة وصلابة دون الانجرار لصراع معه [3]
- فكري أو فكر بالعيوب الذاتية: بدلاً من إلقاء الاتهامات على الشريك السابق مهما كان ذنبه؛ من الجيد أن نبحث عن العيوب التي قادتنا إلى هذه النهاية في العلاقة، أو التي جعلتنا نثق بشخص ليس أهلاً للثقة أو ننخدع به، أو حتى الصفات التي جعلتنا نتألم أكثر مما يجب عندما تعرضنا للأذى العاطفي، هذا الوقت الأنسب للعمل على تطوير النضح العاطفي والذكاء الاجتماعي.
- أخبري الآخرين أنك لن تنتقمي: واحد من دوافع الانتقام الخفية هو إعلان الرغبة بالانتقام، عادةً ما تنخفض حدة دوافع الانتقام مع الوقت، لكن عندما نخبر الآخرين عن رغبتنا بالانتقام نشعر أننا التزمنا بذلك أمامهم، وأن تنازلنا عن الانتقام من الحبيب ورد الاعتبار سيكون فيه انتقاص من كرامتنا، الحل البسيط هو الإعلان "لن أنتقم... انتهى الأمر وسأبدأ من جديد".
- اكتب رسالة مسامحة: رسالة المسامحة ليست لطيفة بالضرورة كما يوحي اسمها، قومي أو قم بكتابة رسالة للبوح بالمشاعر الحقيقة، اجعليها ساخرة ومباشرة، استخدمي الشتائم التي قد تجعلكِ تشعرين بشكل أفضل.
إليكِ المفاجأة؛ لا ترسلي هذه الرسالة، اكتبيها فقط وستكون كفيلة بتخفيض مشاعر الانكسار والتوتر.
نشارك معكم بعض قصص الانتقام في الحب والاستشارات التي وردتنا إلى موقع حِلّوها حول الرغبة بالانتقام من الحبيب، مع الحفاظ التام على سرية هوية أصحاب هذه الاستشارات.
هل أنتقم منه وأفضحه أم أفوّض أمري لله!
إحدى صديقات مجتمع حِلّوها واقعة في حيرة من أمرها، فبعد أن صبرت مع حبيبها ليحل مشاكله النفسية والشخصية بناء على وعد بالزواج، ورفضت عروض زواج كثيرة من أجله من بينها ابن عمها؛ اكتشفت خيانته لها ثم تفاجأت به ينسحب من العلاقة دون مبررات مباشرة، وبطبيعة الحال اشتعلت داخلها نار الانتقام، لكنها تسأل هل يجب أن تنتقم أم تفوّض أمرها لله؟
أجابتها الأخصائية في علم النفس ميساء النحلاوي: "الانتقام يؤذي صاحبه قبل كل شيء ولا يغير شيء من الواقع بل إن العيش في سجن الماضي سيؤلمك أكثر! سامحيه لتنتقلي إلى مرحلة جديدة من حياتك وتقلبي هذه الصفحة، وتعاملي مع هذه التجربة أنها درس من دروس الحياة" اقرأ الاستشارة كاملة من خلال النقر على هذا الرابط.
انتقمت منه أم انتقمت من نفسي!
إحدى القصص الواردة إلى مجتمع حِلّوها لفتاة عزباء تورطت في علاقة مع جارها المتزوج، وبطبيعة الحال كانت أهدافه التسلية فقط، لكنها وفي محاولة لإثارة غيرته والانتقام منه بعد رفضه الزواج منها أصبحت تتورط بعلاقات مع الشباب، حتى وصلت إلى أخيه وكسرت قلبه لأنها تريد الانتقام من حبيبها!
اقرأ تفاصيل القصة وآراء الخبراء والقراء من خلال النقر على هذا الرابط.
أفسدتُ عليها خطبتها مرتين لأنتقم منها
شاب في علاقة مع فتاة بعلم أهلها وأهله والخطبة مؤجلة لأسباب عائلية، علاقة حب عميقة بينهما انتهت فجأة عندما أعلمته الفتاة أن أهلها سيجبرونها على الخطبة من شخص آخر، لكنه اكتشف أنها لعبت عليه وأنها هي من استقدمت العريس الجديد وليس أهلها، فتواصل مع خطيبها وأرسل له صوراً لحبيبته وشوَّه سمعتها ليتسبب بانفصالهما، ثم تحجّبت الفتاة وانخطبت ثانيةً، فأعاد الكرة نفسها، وهو على الرغم من ذلك لا يشعر بالسعادة التي انتظرها عند الانتقام من حبيبته، بل ويشعر بالندم أنه خسرها إلى الأبد بسبب انتقامه.
اقرأ الاستشارة الكاملة وآراء الخبراء والقراء من خلال النقر هنا.