علامات العلاقة السَّامة والتخلص من الصداقة المؤذية
منذ آلاف السنين نظر الفلاسفة إلى الصداقة كأهم علاقة إنسانية على الإطلاق، وقد أولى علم النفس الحديث أهمية خاصّة لدراسة علاقة الصداقة، لكن النتائج التي ظهرت خلال العقود الأخيرة لم تشر فقط إلى الدور الإيجابي الذي تلعبه الصداقة في حياتنا؛ بل أشارت أيضاً إلى الدور السلبي والهدّام للعلاقات المتعبة والمستنزفة والتي أصبحت تعرف باسم "العلاقات السَّامَّة".
نتعرف معاً إلى معنى العلاقة السّامة والعلامات التي تدل أنك في علاقة سامّة، صفات وسلوكيات الإنسان السّام وكيفية التعامل مع العلاقة المتعبة والمؤذية، إضافة إلى تجارب مجتمع حِلّوها مع العلاقات السّامة والصداقات المؤذية.
معنى Toxic relationship حرفياً العلاقة السّامة، وهو نوع من العلاقات يسبب فيه الشريك أذى كبير لشريكه على المستوى العاطفي والنفسي وحتى على مستوى الصحة الجسدية، ومن المهم الإشارة إلى أن العلاقات السَّامَّة ليست فقط علاقة عاطفية بين رجل وامرأة، بل قد تكون العلاقة السَّامَّة علاقة عائلية أو علاقة قرابة أو زمالة عمل، أو علاقة سامَّة في الصداقة Toxic friendship وهو موضوع مقالنا هذا.
من جهة أخرى يمكن تمييز العلاقة السامة أنها لا تحقق لنا أي هدف من أهداف العلاقات الإنسانية التي تحققها العلاقة الصحية Healthy relationship، فعلاقة الصداقة الصحية تعزز شعورنا بالقيمة الذاتية وتقدم لنا الدعم للتقدم والنماء الذاتي، وتلبي حاجتنا للانتماء، كما تقدم لنا علاقة الصداقة الصحية فسحة من الترفيه والراحة تساعدنا على مواجهة التوتر والضغط، فيما لا تلبي العلاقة السامة أي من ذلك في أحسن الأحوال، بل أن الإنسان السَّام غالباً ما يكون سبباً في زيادة القلق والتوتر وانخفاض الحوافز.
هل أنا في علاقة سامّة؟ ما هي العلامات التي تدل على العلاقة السامّة والصداقة المتعبة؟
على الرغم من الآثار الواضحة للصداقة المتعبة والعلاقة السامة إلّا أننا أحياناً ننكر أن أصدقاءنا هم سبب معاناتنا النفسية والعاطفية! وبالنظر إلى علامات العلاقة السامة والإشارات التي تدل على الصداقة المستنزفة قد تتخذ قرارك بإنهاء هذه العلاقة الآن:
- الصديق السّام أناني "صديق مصلحجي": من أولى علامات العلاقة السّامة أن يكون صديقك أنانياً، وهنا لن نتحدث عن الأمور المادية التي تظهر فيها أنانية الإنسان السّام فقط، بل أيضاً عن أنانيته العاطفية، حيث تشعر أنك حتى وإن استمعت له دائماً وحاولت مساعدته في مشاكله؛ لن تجده عندما تريد الحديث عن مشاكلك أو تحتاج إلى المساعدة، ويعتقد الخبراء أن هذه التجربة مع الصديق السّام الأناني غالباً ما تنذر بعلاقة غير مستديمة وغير صحية. [1]
- الصديق السّام ليس أهلاً للثقة: ربما تعتقد أن الحذر يكفي للتعامل مع صديق ليس أهلاً للثقة، في الحقيقة هذا ليس دقيقاً! فالعلاقة مع صديق غير موثوق تشكل عبئاً كبيراً عليك، لأن الثقة شرط أساسي من شروط الصداقة الحقيقية، لذلك تعتبر العلاقة مع صديق غير موثوق علاقة سامّة.
- لا تشعر بالراحة عندما تكون معه أمام الناس: واحدة من أهم العلامات التي تدل على العلاقات السامة هي شعورك باهتزاز الصورة الاجتماعية عندما تكون مع صديقك السّام، ربما تكون حيادياً إن كنت مع صديقك في المنزل، لكن بمجرد أن تكونا معاً أمام الناس تشعر أن صورتك الاجتماعية في خطر، وأنك لست مرتاحاً للتواجد معه أمام الآخرين، هذه صداقة سامّة بامتياز.
- تدافع عنه لتدافع عن نفسك: عندما تكون مضطراً لتبرير تصرفات صديقك السيئة أمام الآخرين لأنك تخشى من نظرتهم لك؛ فأنت في علاقة سامّة يجب أن تفكر فعلياً بإنهائها.
- يسلّط الضوء على سلبياتك: الصديق السّام يمتلك موهبة في تضخيم الصفات السلبية لديك، وربما يستمتع بتوجيه انتقاده اللاذع لك أمام الناس، أو حتى بينكما، وغالباً ما يسبب لك هذا الانتقاد نوعاً من الضيق ليس فقط لأنك تشعر بهجوم عليك، بل لأنك تشعر أن صديقك الحقيقي يجب أن ينتقدك بطريقة مختلفة!
- يسخر منك أمام الآخرين ويقلل من شأنك: واحد من أهداف الصداقة هو أن تشعر بالقيمة التي يمنحك إياها صديقك أمام الآخرين، فإذا كان صديقك يسخر منك دائماً أمام الآخرين ويحاول أن يجعل منك مادّة للضحك والسخرية؛ عليك أن تنهي علاقتك معه في أقرب فرصة لأن السمّ يجري في دمك الآن! [2]
- إشعارات الهاتف المرعبة: واحدة من علامات الصداقة السّامّة أيضاً هي إشعارات الهاتف المرعبة، شعورك بانقباض الصدر والمغص في البطن عندما يرن هاتفك أو يصلك إشعار من واتساب، وازدياد شعورك بالاختناق عندما ترى أن الإشعار من هذا الإنسان السّام، لا يفترض أن يكون هذا شعورك في علاقة الصداقة الصحيّة.
- النميمة من عادات الإنسان السّام: حتى إذا كنت تشك ولست متأكداً أن صديقك يتحدث عنك بشكل سلبي للآخرين دائماً فأنت في صداقة مؤذية وسامّة، أنت تشعر دائماً عندما تقابل صديقاً مشتركاً أنه قد سمع عنك أشياء سلبية من صديقكما السّام!
- هل تشعر أن صديقك يستخدمك؟: إذا كنت تشعر أنّك وسيلة يلجأ إليها صديقك عندما يكون بحاجة لأمرٍ ما، أو أنه يستغل سمعتك أو حتى يستغلك مادياً أو يحاول الوصول من خلالك إلى غايات أخرى؛ فأنت بلا شك في علاقة مستنزفة وسامّة.
- لا تعرف لماذا أنتما أصدقاء: إذا لم تتمكن من إيجاد أسباب تجعلكما أصدقاء فأنت حتماً في صداقة سامّة، الصداقة الحقيقية تخبرك دائماً بأسباب وجود الأصدقاء في حياتك، وأما العلاقات السامّة تتحكم بها الظروف والعادة أكثر من وجود أسباب يمكنك تعديدها وقولها لنفسك أو للآخرين.
- يفرض نفسه عليك أو يحاول إجبارك على فرض نفسك: ما يميز أكثر علاقات الصداقة عمقاً وصدقاً أنها علاقات متوازنة بالعرض والطلب، لا يشعر فيها أحد الأطراف أنه مرفوض من الآخر أو أن الآخر يفرض نفسه عليه، إذا كنت تشعر أن صديقك يستمتع بملاحقتك له، أو كنت تشعر أنه يلاحقك مثل ظلك؛ فأنت في علاقة سامّة. [3]
- لا تشعر بالتكافؤ بينك وبينه: عندما يبدأ نقاش بينكما تشعر أنك من مكان مختلف، ليس مهماً إن كنت تشعر بنفسك أفضل منه كثيراً أو كان يوحي لك أنك أسوأ منه، المهم هو أن شعورك بتفاوت كبير بينكما يشير إلى أنك تستنزف طاقتك في هذه الصداقة.
- يحسدك على الأشياء الجيدة ويشمت بك في المصائب: هذا آخر ما تتمناه من صديقٍ حقيقي، الإنسان السّام لن يكون سعيداً بالأشياء الجيدة التي تحصل لك، وسيكون أول الشامتين عندما تتعرض لمشكلة ما، هو من يقول "لقد كنت أعلم أن هذا ما سيحصل لك!"
- موهوب بالابتزاز العاطفي: هل جربت أن يختلق صديقك قصة ما ليجعلك أو يجعل الآخرين أكثر تعاطفاً معه؟ هل يحاول أن يتهرب من المسؤولية من خلال قصة درامية أو حتى انهيار عاطفي مصطنع؟ هذه أيضاً إشارة مهمة للعلاقات السامة.
- كئيب ومحبِط ومدمن للدراما: يتميز الإنسان السّام بالسلبية والإحباط، وعادةً ما تكون كل قصصه وأحاديثه درامية وغير واقعية هدفها خلق شحنة عاطفية، كما أنّه فنان في تحطيم المعنويات والإحباط!
هذه أبرز علامات العلاقات السامة بين الأصدقاء، وعلى وجه العموم حتى وإن لم تقم باختبار هذه العلامات جميعها فأنت تشعر بشعور عاطفي وجسدي عندما تتعامل مع الإنسان السّام، شعور بالتوتر وضيق النفس والرغبة بالهروب الآن فوراً! لكن لماذا تشعر بذلك؟
لم يأتِ تسمية هذا النوع من العلاقات "العلاقات السّامة" كنوعٍ من المجاز! فمفعول العلاقة السّامة يشبه إلى حد بعيد جريان السمّ بطيء المفعول في دمك، انظر إلى أضرار وآثار الصداقة المستنزفة والعلاقة السامّة:
- التسمم بالصداقة: تشير بعض الأبحاث أن العلاقات السلبية والعلاقات السامّة تؤدي لمستويات عالية من البروتين الذي يكون مسؤولاً عن الالتهابات في الجسم، والتي بدورها قد تزيد فرص الإصابة بالأمراض المزمنة الخطيرة مثل أمراض القلب والسكري، وحتى السرطان. [4]
- الصداقة السّامة ترفع مستوى التوتر: نتيجة الشعور الدائم بالضغط النفسي والشعور بالضيق لتصرفات وأفعال الإنسان السّام؛ قد تصل مستويات التوتر لديك لدرجة مدمرة لصحتك النفسية، وقد تقودك العلاقات السامة إلى الاكتئاب. [5]
- الانحرافات السلوكية: واحدة من السلبيات الكبيرة للصداقة السامة أن الإنسان السّام قد يدفعك للقيام بأمور لا تريد القيام بها فعلاً، وقد تكون مدمرة لصحتك وحياتك، مثل التدخين والقيادة الرعناء والكحول وحتى تجربة المخدرات، وغيرها من السلوكيات الانحرافية التي تحدد حياتك وتهدد استقرارك النفسي والاجتماعي.
- العلاقات السامة تدمر احترامك لذاتك: إذا راجعت سلوك الإنسان السّام كما ذكرناه في فقرة علامات العلاقة السّامة؛ ستجد أن معظم تصرفاته تؤثر على نظرتك لذاتك، ليس فقط تأثيره المباشر على ثقتك بنفسك واحترامك لذاتك من خلال الإحباط والنقد والسخرية، بل أيضاً تأثيره على صورتك الاجتماعية.
- الصداقة السامة تعيق نماءك الذاتي: تقود العلاقات الصحّية إلى المزيد من النماء الذاتي والرغبة في تطوير الذات من جهة، وإلى تعزيز القدرة على تجاوز المشاكل والنهوض من الصدمات من جهة أخرى، فيما تؤدي العلاقات السامة دوراً معاكساً تماماً!
- الإنسان السّام ومنظومة العلاقات الاجتماعية: غالباً ما يكون للصديق السّام تأثير سلبي على علاقتك بالآخرين، بشكل مباشر أو غير مباشر، بل أنه قد يكون مسؤولاً عن إفساد علاقتك بالأصدقاء الحقيقين بسبب ميله للمنافسة وشعوره بالغيرة والحسد.
بالنظر إلى سلبيات العلاقات السامّة والمؤذية والضرر الكبير الذي يسببه الإنسان السّام؛ قد تعتقد أن الحل الأفضل هو قطع العلاقة فوراً، لكن ربما يكون آخر الطبّ الكيّ كما يقال، إليك خطوات التخلص من العلاقات السامّة والصداقة المتعبة:
- اسأل نفسك بعض الأسئلة التي ستساعدك على فهم علاقتك أكثر قبل اتخاذ الخطوات إنهاء العلاقة السامة، أبرز هذه الأسئلة: [6]
- ما الذي لا يعجبك في هذه العلاقة بالضبط؟
- كيف تشعر بالضبط تجاه صديقك؟
- هل تعتقد أن سلوكه متعمّد أم أنها طبيعته ويتصرف بعفوية؟
- هل أنت مهتم بصداقة هذا الشخص إن غيّر طريقته المزعجة؟
- هل تعتقد أن الحديث معه سيكون مثمراً لتعديل سلوكه وتصرفاته؟
- هل تريد منه أن يكون صديقاً أفضل فقط، أم تريد منه أن يعتذر عن الإساءات القديمة أيضاً؟
- هل تعتقد أنك تلعب دوراً في جعل هذه العلاقة سامّة أم أنه هو المذنب؟
- تقييم العلاقة: بناء على إجابتك عن الأسئلة السابقة يمكنك أن تتخذ القرار الأهم، هل تريد حقاً إنهاء العلاقة السامّة أم أنك تريد تعديل سلوك صديقك مع الحفاظ عليه؟ القرار لك وحدك.
- إذا كنت تريد إنهاء العلاقة السامة يجب أن تبدأ بتقليل التواصل بالتدريج حتى تقطع علاقتك به تماماً، وربما سيكون من الحكمة أن تكون واضحاً إن كانت ظروف العلاقة مواتية، وتقول له بكل بساطة أنك غير سعيد في هذه الصداقة وتريد أن تتحول العلاقة بينكما إلى علاقة رسمية.
- أما إذا كنت تريد الاستمرار بالصداقة مع تنقيتها من السموم؛ عليك أولاً أن تحدد التصرفات التي تزعجك، وثم تخبر صديقك عنها وأنها تؤذيك، وتراقب رد فعله وإن كان مهتماً بتحسين طريقة تعامله معك للحفاظ على صداقتكما.
من التجارب التي وصلتنا إلى مجتمع حِلّوها حول العلاقات السّامة؛ فتاة تشتكي من الضيق والضغط النفسي لأن صديقتها تتهمها دائماً بالتقليد، وهذا السلوك من سمات الإنسان السّام، حيث يحاول الإيحاء للآخرين أنه مصدر إلهامهم وأنهم يسعون لتقليده في كل شيء!
نصحتها الدكتورة سناء عبده الخبيرة في موقع حِلّوها بالابتعاد عن هذه الصديقة لأنها تحاول فرض السيطرة واستغلال طيبة صاحبة المشكلة، وأضافت: "إن اقتنعت بأن ميولكما متشابهة خير وبركة، وإن لم تقتنع احذري أن تجعليها تقلل من قيمة ذاتك وتهز ثقتك بنفسك، ولا تقولي صديقتي فمن تقضي الوقت في المقاهرة والإساءة ليست صديقة" راجع الاستشارة كاملة من خلال النقر على هذا الرابط.
استشارة أخرى عن العلاقات السّامة من شاب يحاول منذ سنوات التهرب من صداقة شخص لا يرتاح له ولا يثق به، والغريب أنه صارحه بعدم رغبته بهذه الصداقة لكن هذا لم يكن نافعاً، وقد أصبحت محاولة فرض نفسه عبئاً على صاحب الاستشارة، فهو يحاول ألا يجرحه بشكل فج، لكنه يريد أن ينهي هذه المشكلة.
أجابته الدكتورة سناء عبده الخبيرة في موقع حِلّوها بضرورة أن يكون حازماً وألّا يقبل صداقة مفروضة عليه، وأشارت أن تصرفات هذا الشخص تؤكد وجود مشكلة نفسية لديه أو مآرب أخرى، راجع الاستشارة الكاملة على حِلّوها من خلال النقر على هذا الرابط.
في استشارة أخرى نجد نمطاً آخر من العلاقات السّامة، وهو أن تكون المشكلة في مشاعرنا نحن تجاه الصديق، ربما يكون جيد لكننا نشعر بالحسد أو الغيرة في علاقتنا معه، وندخل في صراع بين حبنا له ورغبتنا بهذه العلاقة وبين شعورنا الخانق بالغيرة والحسد! وهذا كان حال صديقة الموقع مع صديقتها المقرّبة، اقرأ الاستشارة كاملة ورأي الخبير وتفاعل القراء من خلال النقر على هذا الرابط.