كيف أعرف الصديق المصلحجي وأتعامل مع صديق المصلحة؟
الشكوى من علاقات المصلحة والصداقة القائمة على الانتهازية والاستغلالية ليست حالة نادرة، لأن الإنسان بشكل أو بآخر "مصلحجي" حتى في أكثر أفعاله إيثاراً؛ يبحث عن سعادة التضحية والإيثار في سبيل الآخرين.
لكن هناك نمط من الانتهازيين لا يمكن تجاهله أو تبريره بالفطرة النفعيّة للإنسان، نتعرّف وإياكم إلى "الصديق المصلحجي" صفات صديق المصلحة وعلامات العلاقة مع صديق انتهازي، وكيفية التعامل مع الصديق المصلحجي والانتهازي.
الصديق المصلحجي أو الاستغلالي أو الانتهازي؛ هو الصديق الذي يحاول استخدام أصدقائه لمصالحه الشخصية ويظهر فقط عندما تكون له مصلحة، ثم يختفي عندما يقضي مصلحته. وعادةً ما تجتمع بالصديق المصلحجي مجموعة من الصفات السلبية التي تجعل العلاقة معه علاقةً سامّةً بامتياز.
وكلمة "مصلحجي" كلمة عربية مكوّنة من مقطعين، الأول مصلحة والثاني "جي" اللاحقة التركية التي تنسب الصفة لصاحبها.
من الضروري عند الحديث عن مفهوم الصديق المصلحجي أن نتوقف عند بعض النقاط المهمة، منها أن الصديق المصلحجي قد يكون أناني وانتهازي في جميع علاقاته، وقد يكون صديقاً جيداً لأشخاص آخرين لكنه مصلحجي وانتهازي مع أشخاص بعينهم.
كما أن الانتهازية والاستغلالية من الصفات التي تنفي صفة الصداقة وتتعارض معها، على الرغم أن الأنانية من الدوافع الرئيسية لتكوين الصداقات لكن ليس النوع الاستغلالي والانتهازي من الأنانية، لنتعرف إلى علامات صداقة المصلحة وتصرفات الصديق المصلحجي!
غالباً ما نشعر بالصديق المصلحجي والاستغلالي دون الحاجة إلى الكثير من التفكير، لكن مع ذلك قد نشعر بالذنب تجاه أحد الأصدقاء ونسأل أنفسنا إن كنا نظلمه أو نبالغ في تصنيفه كشخص انتهازي، لذلك من المهم أن ننظر في 10 علامات لصداقة المصلحة وتصرفات الصديق المصلحجي:
- يظهر فجأة ويختفي فجأة: من علامات الصداقة الحقيقية أن غياب الصديق عنك لفترة طويلة لا يضعف العلاقة بينكما، فحتى أكثر الأصدقاء حميمية قد يغيبون عن بعضهم لفترات طويلة، لكن في حالة الصديق المصلحجي يرتبط ظهوره وغيابه بتحقيق غاية ما، يظهر فجأة ليحققها ويختفي فجأة بعد أن تنتهي.
- لا يرى الأشخاص بل يرى الفرص: ستلاحظ أن الصديق المصلحجي لا ينظر إلى الأشخاص أو صفاتهم بقدر ما ينظر إلى المنفعة المتوقعة منه، سيظهر ذلك بوضوح حتى في أبسط المواقف، فإذا كنت تتحدث إليه عن موقف حصل معك، ومرّ -بشكل عرضي- ذكر قريبٍ لك يعمل في منصب حكومي، ستجده يهمل قصتك ويركّز على هذا الشخص ومنصبه ويحاول أن يعرف أكثر عنه إلى أن يطلب منك أن تعرّفه عليه.
- مشاعره وتصرفاته ليست مستقرة: من علامات صداقة المصلحة أيضاً التقلبات المفاجئة في عمق وطبيعة العلاقة وطريقة التعامل، فجأة يظهر صديقك محبّة منقطعة النظير، قد تتحول في لحظة إلى نظرة مليئة بالحقد والكراهية، ثم تعود المحبة مع التفكير بطريقة جديدة للحصول على غايته.
- يكرر نفس الطلب بطرق مختلفة: من تصرفات صديق المصلحة أيضاً أنّه لا يكتفي برفضك لطلبه أو اعتذارك منه، بل يحاول أن يكرر الطلب بطرق مختلفة، وأن يحصل على ما يريده منك حتى لو كان ذلك من خلال جعلك تقدم الخدمة مللاً منه ورغبةً بالخلاص من إلحاحه.
- لا يحترم الحدود: حتى بين الأصدقاء المقربين هناك حدود ليس من اللباقة تجاوزها، لكن الصديق المصلحجي لا يعرف هذه الحدود، قد يلجأ مثلاً إلى التواصل مع أحد أقاربك أو معارفك ليطلب منه خدمة دون أي معرفة سابقة ودون أن يخبرك، وقد يستعمل اسمك وسمعتك لتحقيق غاية ما.
- يحاول إشعارك بالذنب: عندما لا يستطيع الصديق المصلحجي أن يحصل على المنفعة المرجوة منك؛ سيحاول أن يشعرك بالذنب في كل فرصة، لعلّ ذلك ينجح في إقناعك، واعلم أن محاولة تغذية الذنب لدى الآخرين من علامات العلاقات المؤذية على اختلاف نوع وعمق العلاقة.
- يهر ب من المسؤولية: بطبيعة الحال تحمّل المسؤولية ليس من صفات الانتهازيين، وفي علاقة الصداقة تظهر المصلحجية عندما تتورط بسبب صديقك بأمرٍ ما ثم تتفاجأ أنّه يتهرب من المسؤولية تماماً ويتركك وحدك تواجه تبعات الأمر الذي خضت فيه من أجله.
- لا يدفع أبداً إلا على سبيل الرشوة: غالباً ما يحاول صديقك المصلحجي أن يتهرب من الدفع، ليس لأنه بخيل بل لأن وجود من يتحمّل التكاليف فرصة جديرة بالاستغلال، مع ذلك قد تتفاجأ به يدعوك إلى الغداء أو يحضر لك هدية، لكن لن تدوم دهشتك عندما يطلب منك خدمة وتعرف أنك أخذت رشوة للتو! [2]
- يختلق الكثير من الأعذار: من طبيعة الانتهازيين أنهم لا يرغبون بتقديم خدمات مجانية، لذلك هم يتقنون خلق الأعذار بشكل سريع، وقد لا يهتمون دائماً إن كانت أعذارهم قابلة للتصديق، لكن المهم أن يتهربوا من تقديم أي خدمة مجانية مهما كانت صغيرة، بل أنهم قد يختلقون الأعذار حتى عن اللقاءات غير المثمرة!
- حدسك يخبرك: في جميع العلاقات الإنسانية يلعب الحدس والشعور الداخلي العميق دوراً كبيراً في فهم العلاقة، وفي صداقة المصلحة سيخبرك حدسك أنك تتعرض للاستغلال وتعطي في هذه العلاقة أكثر مما تأخذ.
خمس صفات تميز الصديق المصلحجي والانتهازي
- المصلحجي شخص مبدع: هذه حقيقة! لأن المصلحجي ينظر إلى العالم بطريقة مختلفة، ويتعامل مع الفرص كقناصٍ محترف، لذلك تجد لديهم صفات مميزة تنمو وتتطور من خلال الممارسة الطويلة للانتهازية، وستلاحظ أيضاً أنهم يصلون إلى إنجازات كبيرة لأنهم يعرفون من أين تؤكل الكتف.
- الغاية تبرر الوسيلة: هذه القاعدة الوحيدة التي يؤمن به الصديق المصلحجي، فهو يعتقد أن الفرصة المتاحة غنيمة لا يجب تركها مهما كانت الظروف المحيطة بها، لا مشكلة لديه بالوسائل والطرق، لأن الغايات تبرر كل شيء.
- داهية بكل معنى الكلمة: يمتلك الصديق المصلحجي قدرات ذهنية استثنائية في التعامل مع الفرص، وذلك نتيجة طبيعية للتركيز على الغايات، تنطبق عليه المقولة "عندما يكون كل ما لديه هو مسمار؛ سيبدو العالم كله مثل مطرقة" [3]
- فضولي: كثرة الأسئلة وحب الاطّلاع من الصفات البارزة عند الانتهازيين، هو يحاول أن يجمع أكبر قدر من المعلومات عنك وعن معارفك وبأدق التفاصيل ليكوّن مخزوناً من المصالح المحتملة. يشبه الصديق المصلحجي في هذه الصفة وسائل التواصل الاجتماعي التي تجمع عنك المعلومات لا محبة بك بل لأنك زبون محتمل لشخص ما!
- متملق ومنافق: الأشخاص الانتهازيون يتقنون فن التملق والنفاق، لديهم قدرة على استفزاز الرغبة الطبيعية بالمديح والثناء، ويستخدمون هذه القدرة بحكمة ودهاء.
على الرغم من اشتراك أصدقاء المصلحة بالصفات والعلامات التي تميز ميولهم للاستغلال؛ إلا أن الاستراتيجية أو الطريقة التي يعبّر بها الصديق المصلحجي عن نفسه تختلف من شخص لآخر.
بين الأكثر دهاءً في استخدام أصدقائه لمصالحه الشخصية والأكثر اتقاناً للابتزاز العاطفي؛ هذه هي أنواع أصدقاء المصلحة والصديق المصلحجي: [4]
- المصلحجي الاستراتيجي: هو الأكثر دهاءً وخبرة في تحقيق مصالحه واستخدام أصدقائه، هذا النوع من أصدقاء المصلحة لن يطلب منك الطلب فجأة، قد يجري معك عدة مكالمات للاطمئنان وربما تذهبان معاً في نزهة بريئة تماماً، ثم يعرض مشكلته بحيث تبدو عارضة في الحديث ويطلب ما يريده، وعادةً ما يختفي عندما يحقّق مصلحته، لكن قد يحاول أيضاً الاطمئنان عليك عدة مرات قبل أن يختفي تحسباً؛ فقد يحتاجك مرة أخرى!
- المصلحجي النرجسي: لا يعتقد هذا الصديق المصلحجي أنه يطلب منك خدمة بدافع الصداقة، بل يعتقد أنه يستحق الحصول على هذه الخدمة، ولن يشعر بالخجل عندما ينقطع عنك لشهور ثم يتواصل معك لمصلحة ما، ويطلب منك مباشرةً ودون مقدمات، ولن يشعر بالخجل أيضاً من الاختفاء بعد تحقيق مصلحته، هكذا الصديق النرجسي.
- صديق المصلحة البلطجي! يحاول هذا النوع من الأصدقاء أن يمتلك نوعاً من أنواع الضغط عليك لتحقّق له ما يريد، كما يلجأ إلى العقاب عندما لا تحقق مصلحته، قد يلجأ إلى فضح بعض أسرارك أو التشهير بك، وعادةً ما يحقق له المحيطون به ما يريد خوفاً من البلطجة!
- المصلحجي المتسلل: يحاول المصلحجي المتسلل أن يصل إليك بطريقة غير مباشرة، أن يسرد أمامك المشكلة دون أن يطلب الخدمة بشكل صريح، أو حتى أن يستعين بطرف ثالث.
- مصلحجي لمصلحتك "الخيِّر": هذا النوع من أصدقاء المصلحة يوهمك أن الخدمة التي ستقدمها له إنما تصبُّ في مصلحتك أنت! يحاول أن يستفز رغبتك الفطرية بتحقيق المنافع السهلة ليحقق هو مصلحته معك، وغالباً ما تكون منفعتك طفيفة جداً أو حتى وهمية، لكنه يعرف كيف يقنعك أنك المستفيد الأول.
- المصلحجي المخبر: المصلحة الأساسية لهذا النوع من الأصدقاء هي المعرفة! يريد أن يعرف أكبر قدر ممكن من الأسرار والمعلومات الحصرية عن أكبر قدر ممكن من الناس، ليكون الشخص المميز في جلسات النميمة دائماً، قد يبدو صديقاً جيداً؛ لكن هدفه من الصداقة هو فقط أن يعرف عنك ما يمكن الحديث عنه!
- تراجيديا الصديق المصلحجي: "أنقذني أرجوكَ لا أحد غيرك يستطيع فعل ذلك" هذه الحالة الدرامية يخلقها هذا النوع من أصدقاء المصلحة، يظهرون فجأة ويعلنون عن حالة الطوارئ، ثم يختفون، ويعودون بحالة طوارئ جديدة.
- صديق المصلحة المحتال "المحترف": هل تعرف شخصاً يجمع كل الأنواع التي ذكرناها؟ هذا هو المصلحجي المحترف أو المحتال، هو لا يسعى إلى مصلحته الشخصية وحسب؛ بل يعرف أيضاً الطريقة الأنسب ليحصل على ما يريده، إنه يدرس نقاط ضعف وقوة المحيطين به، فتجده نرجسي مع أحدهم ومسكين مع آخر، تراجيدي ودرامي معك، وخيّر مع غيرك، محتال محترف مع الجميع!
إن كنت تعتقد أنك متورط في علاقة مصلحة وتفكر كيف يجب أن تتعامل مع الصديق المصلحجي؛ إليك هذه النصائح:
- فكر أولاً لماذا تسمح له باستغلالك: إذا كنت تبحث عن طريقة للتعامل مع الصديق الاستغلالي والانتهازي فأنت تعرضت فعلاً للاستغلال ويؤلمك أن تكون أداة يستخدمها؛ لكن هل فكّرت لماذا استطاع استغلالك والاستفادة منك
عادةً ما نرضخ للشخص المصلحجي لأننا نخاف من المواجهة أو نخجل من رفض طلبه، أو لأننا نخشى من رد فعلنا عند المواجهة، وربما لأننا نؤمن أن الصداقة تحتاج للتضحية ثم نجد أنفسنا ضحايا؛ مهما كان السبب الذي جعلك تتعرض لاستغلال الصديق الانتهازي يجب أن تجد طريقة لعلاجه. - القسوة والحزم: لا يستجيب الصديق المصلحجي للرفض المحترم، وعلى الرغم أن الرفض بطريقة محترمة ودبلوماسية يعبّر عن لطفك واحترامك لنفسك أولاً وأخيراً؛ لكن مع الصديق المصلحجي أنت بحاجة للقسوة والحزم، يجب أن يفهم تماماً أنك غير قابل للاستغلال. والقسوة لا تعني الصراخ أو الغضب؛ بل تعني الوضوح والمباشرة.
- استخدم عبارات مناسبة في الرد على الشخص الانتهازي: إذا حاول الاستيلاء على شي من أغراضك مثلاً يمكنك أن تقول له "هل فعلت ما جعلك تشعر أن هذا لك؟ آسف ولكنه ليس كذلك!" هذا النمط من العبارات ليس محرجاً فقط بل فيه رسالة واضحة أنك لست قابلاً للاستغلال.[5]
- لا تلعب دور الضحية: أحياناً نستجيب للصديق الانتهازي والاستغلالي ونحن على أتم الإدراك لطبيعته الانتهازية، لكننا نرسم سيناريو ذهني يقودنا للعب دور الضحية وتسجيل نقطة على الصديق الانتهازي، لكن لعب دور الضحية ليس علاجاً للانتهازية، وهم لا يهتمون كثيراً بتسجيل النقاط أو حتى نفي انتهازيتهم أمام الآخرين، هم يرون العالم كله مطرقة إذا كان معهم مسمار!
- اقطع العلاقة: على الرغم من ميلنا إلى اكتساب المهارات الاجتماعية للتعامل مع الانتهازيين بدلاً من تجنّبهم، لكن في بعض الحالات قد يكون الحل المثالي والأفضل هو إنهاء العلاقة بشكل نهائي ومباشر ودون مواربة.