ممارسة العلاقة الزوجية عبر الإنترنت وعلى الهاتف
في هذه المقالة سنتحدث عن حالة العلاقة الزوجية عند سفر أو اغتراب الزّوج وعدم تواجده في نفس البلد الذي تقيم فيه الزّوجة. سنعرض تأثير العلاقة الزوجية عبر الإنترنت على كلا الزّوجين، كما سنضيء على هذه المشكلة وتفاصيلها وكيفية التكيّف معها ونصائح للتّعامل مع التّحديات والمشاكل النّاتجة عنها.
اختلف أهل العلم في حكم ممارسة العلاقة الزوجية الجنسية على الهاتف، الرأي الأول يقول أن ممارسة العلاقة الحميمة على الهاتف أو على الانترنت بين الزوجين لا تجوز وهي محرمة، لأنها معرّضة للتجسس واطلاع الغير عليها من جهة، ولأنها تنتهي بالاستمناء وهو المكروه عند البعض والمحرّم عند الغالبية.
أما الرأي الثاني فيبيح الحديث بين الزوجين على الهاتف أو على الانترنت إن ضمنا ألّا يفضي حديثهما واستعراضهما إلى الاستمناء كلٌّ بنفسه، وإن ضمنا استحالة التجسس عليهما أو مشاهدتهما من طرف آخر، وبما أن كلا الشرطين غير ممكنين عقلاً، فهذا الرأي يطابق الرأي الأول بحرمة العلاقة الزوجية على الانترنت أو الهاتف.
في حالة سفر واغتراب أحد الشّريكين تصبح وسائل الاتّصال والتّواصل الوحيدة المتاحة بشكل يوميّ أو شبه يومي هي الأدوات المتاحة عبر شبكة الإنترنت كالمحادثات الصّوتية ومحادثات الفيديو والرسائل النّصية والصّوتية عبر تطبيقات المحادثة، لكن تجربة ممارسة العلاقة الزوجية على الانترنت تجربة محفوفة بالمخاطر، لذلك يجب على الزوجين أخذ الاحتياطات والاعتبارات التالية:
- الامتناع عن العلاقة الحميمة على الانترنت أفضل: يتفق الرأي الشرعي ورأي خبراء العلاقات الزوجية أن خطورة العلاقة الحميمة بين الزوجين على الانترنت تجعل من تجنبها أفضل، فعلى الرغم أن التواصل بين الزوجين مباح ومشروع بأي وسيلة، لكن المخاطر التي قد تترب على ممارسة العلاقة الزوجية على الانترنت تجعلنا ننصح بتجنبها.
- عدم ترك أي تسجيلات أو صور لهما: حتى إن لم يستطع الزوجان تجنّب العلاقة الزوجية على الهاتف والانترنت؛ فعليهما أن يحذرا من ترك أي تسجيلات صوتية أو فيديو أو صور محفوظة على الهواتف أو على الانترنت، والتأكد من تأمين حساباتهما التي يستخدمونها بالتواصل بشكل جيد.
- التأكد من استخدام برنامج مكافحة فيروسات مفعّل: تجنباً للهاكر والفيروسات والاختراق يجب تنصيب برنامج أنتي فيروس موثوق ومفعّل.
- الاهتمام ببعضهما البعض: إظهار الاهتمام بين الزوجين على الرغم من التباعد الجغرافي بينهما سيساعدهما كثيراً في الصبر على البعد والشوق، وقد يجعلهما أقل حاجة لممارسة العلاقة الحميمة على الانترنت.
- العمل على ترتيب لقاء قريب: من الأفضل أن يعمل الزوجان على ترتيب لقاء كل ما كان ذلك ممكناً، وليكن هذا اللقاء مميزاً وإن كان قصيراً.
بعد اتّفاقنا على أنّ الضّرر النّفسي والشعور بالوحدة والحزن وتتابع ضغوطات الحياة يكون مشتركاً عند الزّوجين فهنا سنقدم مجموعة نصائح للتعامل مع حالة العلاقة الزوجية عبر الإنترنت:
- الصبر وتجنب العلاقة الحميمة على الانترنت: يجب أن يدرك الزوجان أن السيطرة على الحاجة والرغبة الجنسية ستساعدهما على تجاوز هذه المرحلة وتجنّبهما خطورة اختراق المكالمات الجنسية وتعرضهما للفضيحة أو الابتزاز، وسيساعد التواصل المستمر والاهتمام الكثيف في السيطرة على الرغبة الجنسية حتى يتم اللقاء.
- التّواصل ثمّ التّواصل ثم التّواصل! مع صعوبة التّحديات المكانيّة الزّمانيّة للاتّصال في حالات العلاقة الزوجية عبر الإنترنت نتيجةً لبعد المسافات الجغرافية وفروق التّوقيت بين البلدان! فإن المحافظة على التّواصل بكافة أشكاله وكافة الوسائل المتاحة قد تساهم في تخفيف وحدة الزّوجين والمحافظة على روح التّفاهم والتّواصل والحوار والنّقاش ما يضمن قدر المستطاع المحافظة على خطّ المواضيع المشتركة والحوارات البنّاءة وأيضاً الحوارات التّرفيهية الخفيفة والحوارات الخاصة بالعلاقة الزوجية الحميمة بينهما أيضاً. [4]
- إظهار الحب والاحترام للشّريك: عبر التّخفيف عنه ومواساته والعمل بجد على تحفيزه وتشجيعه ورفع معنوياته وإشعاره بأهميته للجميع وأهميته الخاصّة للشّريك. فالشحن المعنوي الإيجابي يساعد على زيادة قدرة الزّوجين على تحمل أعباء وضغوطات الحياة ومسؤولياتها. ويمكن إظهار الحب بكلمة أو هدية أو مشاركة تفاصيل الآخر.
- استغلال الفرص المتاحة: كالإجازات والعطل الرّسميّة والعطل لقضاء وقت مع الشّريك إمّا بالسّفر إليه أو جلب الزّوجة إلى البلد التي يعيش فيها الزّوج في إجازة. كما استغلال هذه الفترة في التّواصل الحقيقي والكامل بين الزّوجين لتعويض الاحتياج والنّقص في فترة غيابهما عن بعضهما البعض.
- تحسين نمط الحياة للزّوجين: عبر ممارسة الرّياضة والأنشطة المختلفة التي تستغل أوقات الفراغ لديهما كل في بلده، كما الاعتناء بالنّظام الغذائي والصّحي والقيام بملئ وقت الفراغ تجنباً للإصابة بالاكتئاب والحزن وتخفيف وطأة الشّعور بالوحدة. [5]
- إشعار الزوجين لبعضهما بالتّقدير: على تحمّل أعباء العلاقة الزوجية عبر الإنترنت وتبعاتها السّلبية من خلال الشّكر والامتنان وتقدير نجاح كل منهما في تجاوز مرحلة أو مشكلة ما. وإظهار احترام لسبب غربة الزّوج المسافر وعدم لومه بشكل يزيد وحدته في الغربة طالما أن الغرض من السّفر هو تحسين أوضاع الأسرة المعيشية وضمان مستقبل أفضل للزّوجة والأبناء.
نصل هنا للحديث عن التّحدّيات والمشاكل التي يواجهها ويعاني منها الزّوجان في العلاقة الزوجية عبر الإنترنت.
إنّ العلاقة الزوجية عبر الإنترنت تعني حتماً أنّ علاقة الزّوجين هي علاقة بعيدة المدى جغرافياً أي أنه لا اتصال وجهاً لوجه بينهما، ولا ممارسة لتفاصيل الحياة اليوميّ كتناول الطّعام معاً ومشاركة الأنشطة والفعاليات والزّيارات وغيرها من الأمور التي تستلزم التّواجد الجسدي في نفس المكان الجغرافي. ومن هنا تبدأ المشاكل والتّحديات:
- مشكلة الشّعور بالوحدة هي شعور يصيب الزّوجين المسافر والآخر الذي يبقى في البلد، فكلاهما يشعر بحاجته لوناسة الشّريك وكسر روتين حياته اليوميّة التي تكون أصعب في حالة الاغتراب إذ لا أصدقاء ولا أقرباء ولا أماكن تحمل في الذّاكرة خصوصاً للذّكريات الجميلة، فيشعر المغترب أو المسافر أنّه وحيد نفسياً واجتماعياً ولكن الظّروف الاقتصاديّة التي أجبرته على السّفر وترك زوجته وأسرته في بلدهم ليستطيع تأمين احتياجاتهم الماديّة وتلبية متطلّباتهم يجعلان السّفر سيفاً ذو حدّين، حدّ مرارة الغربة وقسوة الوحدة وحدّ الاحتياج لتأمين متطلبات الحياة وإيفاء المستلزمات والمسؤوليات المعلّقة برقبته.
- كما أن تحدي فتور العلاقة الزوجية وعدم القدرة على تلبية الاحتياج الجنسي للشّريكين عبر إقامة العلاقة الجنسيّة الكاملة بينهما يسبب تبعات سلبيّة على الصّحة النّفسيّة والجنسيّة للزّوجين. فيلجأ بعض الأزواج لطلب الاتّصال الجنسي وإقامة علاقة افتراضيّة مع الشّريك عبر الإنترنت وهذا ما قد يعتبر خطراً على خصوصيّة العلاقة الزوجية واحتماليّة قرصنة المحادثات وأيضاً فالعلاقة الجنسيّة التي لا اتصال بها لا تلبي الاحتياجات الجنسيّة لدى الطّرفين، تكون فقط بمثابة مثير جنسي لا أكثر وهذا ليس ما يبحث عنه الزّوجان في الاتّصال الجنسي بينهما.
وكما يقول عالِم النفس بيكي سبيلمان: "إن عدم وجود تقارب ملموس في العلاقة يمكن أن يجعل الناس يشعرون بأنهم غير محبوبين، خاصة إذا كانوا يقدرون الاتصال بشدة" فإن مشكلة عدم التقارب الجسدي الملموس له أثر سيئ يهدد سلامة وصحة العلاقة بين الزوجين". [1] - في دراسة أجريت في الولايات المتحدة الأمريكية على 14 مليون من الأزواج الذين يعتبرون علاقتهم الزوجية علاقة بعيدة المدى الجغرافي أظهرت أن قرابة 4 مليون من الأزواج يعيشون منذ سنوات علاقة زوجيّة عبر الإنترنت كما خرجت الدّراسة بتقدير أنّ أربعة أشهر ونصف هي متوسط الوقت قبل انهيار علاقة المسافات الطويلة، ونسبة 40 ٪ من جميع علاقات المسافات الطويلة تنتهي بالانفصال والطّلاق، كما لاحظت الدّراسة فشل 70٪ من جميع علاقات المسافات الطويلة بسبب التّغييرات غير المخطط لها. [2]
- كما أن تحدي تربية الأبناء وتحمّل كافة مسؤوليات ومستلزمات العناية بالأسرة تصبح مسؤولية أحد الزّوجين فقط وفي حالة سفر واغتراب الزّوج فإن الزّوجة تصبح مسؤولة لوحدها عن القيام بكافة الأمور والمسؤوليات التي يجب أن تتوزع على الزوجين. فتضطرّ لشغل شاغر الأب والأم معاً محاولة عدم التّقصير بحق أبنائها وتعويض القدر المستطاع من احتياجهم لوجود الأب في البيت.
- ومن أهم التّحديات وأكثرها صعوبة في عملية التواصل في العلاقة الزوجية عبر الإنترنت مشكلة اختلاف التّوقيت وارتباط الشّريك بالعمل، فمن المعروف أن اختلاف التّوقيت العالمي بين البلدان وبين القارّات يعد عائقاً كبيراً للتّواصل بين الأشخاص، فمثلاً إذا أرادت الزّوجة إجراء محادثة مع زوجها فإنه يستوجب أن يكون وقت المحادثة مناسباً للطرفين وفي بعض البلدان يكون فرق التّوقيت أكثر من 10 ساعات أي أن منتصف الليل في مدينة ما هو منتصف النّهار في مدينة أخرى وبذلك فقد لا يكون وقت التّواصل مناسباً بسبب انشغال المسافر في العمل أو الدّراسة أو تأخّر الوقت في حين يكون هذا الوقت تحديداً هو الأنسب للشّريك الآخر.
- وأظهرت دراسة حول تأثير تكنولوجيا الاتّصال على العلاقات الإنسانيّة بشكل عام، أنّ مجرد وجود الهواتف المحمولة حال دون تطور التّقارب والثّقة بين الأشخاص، وقلّل من مدى شعور الأفراد بالتّعاطف والتّفاهم من شركائهم. وهذا يعني أن التّواصل بين الزّوجين حتى وإن كان في إطار رومنسي وعاطفي فإنه إن تم عبر الإنترنت ووسائل الاتّصال والتّواصل فقط دون اتّصال جسدي ملموس بينهما سيكون تأثيره السلبي على المدى البعيد خطيراً على سلامة العلاقة الزوجية بينهما. [3]
الشّعور بالوحدة والاكتئاب وزيادة ضغوط وأعباء الحياة هي أبرز معالم وآثار العلاقة الزوجية عبر الإنترنت على كلا الزّوجين! فالحياة هي تواصل والتّواصل الملموس والجسدي الحقيقي يعطي مصداقية وشعوراً بالأمان والطمأنينة، كما يكون حافزاً للصّبر والاجتهاد والعطاء أكثر للشّريك الأخر وللمسؤوليات المتعلقة بالبيت والأطفال وكافة تفاصيل الحياة.
وهنا يكون التّأثير في حالة العلاقة الزوجية عبر الإنترنت سلبياً بدرجة كبيرة على الزّوجين وعلى الأطفال أيضاً إذ أنّ فرداً مهماً في تشكيل الأسرة ليس قادراً على التّواجد الجسدي مع أسرتهم في مواقف كثيرة منها المفرح ومنها المحزن والسّبب غالباً هو مصلحتهم وتوفير احتياجاتهم وتحسين الوضع الاقتصادي للأسرة.
ومن الاستفسارات التي وصلتنا وعكست تأثير العلاقة الزوجية عبر الإنترنت على الزّوجة التي عبرت عن انزعاجها قائلةً: "أتحمل مسؤولية أولادي وحدي ولا أحد يشعر بي" فهذا مثال حي على معاناة وتأثير سلبي على نفسيّة الزّوجة والضّغط الذي تعاني منه بسبب مسؤولية تربية الأطفال لوحدها إضافة لحمل مسؤوليّات البيت الأخرى.
وكنا قد تحدثنا عن اغتراب الزوج ومشاكل العلاقة مع الزوج المسافر وننصح بقراءة المقالة بعناية فهي مكمّلة لما نقدمه في هذه المقالة في الحديث عن العلاقة الزوجيّة عبر الإنترنت وتحديد التّحديّات والمشكلات بسبب هذه العلاقة وحيثياتها ومحاولاتنا لإيجاد حلول ونصائح تقلّل المشاكل وتساعد على حفظ البيئة الأسرية والعلاقة الزوجية بسلامة.
يجب أن ندرك أن معظم الآثار النفسية يشترك بها الزّوجان ولكن يعبر كل منهما عنها بطريقته الخاصة، وهنا يصل بنا الحديث إلى نصائح وتوجيهات حول كيفية التعامل في حالة العلاقة الزوجية عبر الانترنت.
إحدى السّيدات طلبت مشورة خبراء موقع حلوها في حالتها إذ تقول: "زوجي مغترب ويطلب مني القيام بالعلاقة الزوجية معه عبر الانترنت" وتشعر الزوجة بالحياء والخوف من عدم أمان الانترنت
أجابتها أخصائية علم النفس والتثقيف الصحي في موقع حلوها ميساء النحلاوي:
"أنت فتاة مهذبة من عائلة، لك أدبك وسلوكك ولا شك أن ما يطلبه ليس امراً سهلاً ناهيك عن خطر اختراق حديثكما وما إلى ذلك، أخبريه صراحة سبب رفضك وخوفك وحياءك، ابحثي معه عن حلول، العلاقة عبر الانترنت ليست حلاً جذرياً، عالجا أصل المشكلة وستختصران الكثير من مشاكل بعدكما عن بعض".
وطلبت إحدى السّيدات نصيحة "أنا محتاجة لزوجي! ما قصر في مصاريفنا وكل شيء موفره لنا.لكن تعب من أعباء البيت والأولاد" فنصحتها المدربة ميساء حموري في موقع حلوها قائلة: " أتفهم تعبك عزيزتي وحاجتك لزوجك ووجوده ودعمه ولكن لولا عمله لما استطعت أن تنفقي على الأولاد ومدارسهم في ظل ظروف الحياة الحالية الباهظة في كل مكان، كوني قويه صديقتي وداعمه فيكفي زوجك غربته ووحدته وبعده عنكم، كوني على قدر المسؤولية وتصرفي بقوة وإيجابية ولا تخافي أو تستسلمي".
وأجابت خبيرة تربية طفل في موقع حلوها على تساؤل كيف أربي أولادي وأسيطر عليهم أثناء غياب زوجي؟:
"بالنسبة إلى التربية بغياب الزوج فلا يوجد قانون محدد يجب الاعتماد عليه، فكوني الأم الحنون التي تحتوي أطفالها وابقوا دائماً على اتصال مع الأب عبر الهاتف صوتاً وصورة حتى لا يفتقد أطفالك إلى تلك الصورة الأبوية".