تعليم الأطفال القيم الأخلاقية والإنسانية
عند الحديث عن غرس القيم الأخلاقية عند الأطفال لا يجب أن يكون هدفك تحويل الطفل لمصدرٍ للثناء الاجتماعي أو نقل مجموعة محفوظة من القيم وكأنّه واجبٌ عليك أداؤه لا أكثر! بل يجب أن تتعرف إلى تأثير القيم الحقيقي على شخصية الطفل ودورها في تحقيق التكيف الاجتماعي والاتزان النفسي.
نتعرف وإياكم إلى معنى القيم الأخلاقية، وما هي القيم الأخلاقية والإنسانية التي يجب أن تغرسها عند طفلك، إضافة إلى أبرز طرق تعليم الطفل القيم وغرس القيم الأخلاقية عند الأطفال، وتأثير القيم الأخلاقية المتينة على شخصية الطفل وحياته.
تعريف القيم الأخلاقية وشرح القيم الأخلاقية والإنسانية للطفل
على الرغم من وجود العديد من التعريفات الفلسفية والعميقة للقيم الأخلاقية؛ لكننا نسوق لكم تعريفاً بسيطاً للقيم الأخلاقية يتناسب مع رغبة الأهل في غرس هذه القيم لدى الأطفال بعيداً عن تعقيدات الفلسفة.
تعريف القيم أنها البوصلة التي تجعل الإنسان يبني الأحكام والتصورات حول ما هو جيد وما هو غير جيد، ما هو مرغوب وما هو غير مرغوب، والقيم هي التي تحفز السلوك وتتحكم بالخيارات.[1]
وكل قرار أو سلوك أو حتى فكرة تقف وراءها قيمة من القيم، فالقيم الفنية مثلاً تتحكم في تذوق الموسيقا والرسم والدراما، والقيم الدينية هي ما تجعلنا نلتزم بالمباح ونبتعد عن المحظور... وهكذا.
وما يميز القيم الأخلاقية عن القيم الأخرى أنها قيم ترتبط بالمشاعر والعواطف -قيم غير مادية- هي التي تجعل الطفل يتخذ موقفاً من الأحداث التي تدور حوله أو تحدث له الآن وفي المستقبل. والقيم الإنسانية جزء من القيم الأخلاقية يرتبط بشكل أساسي بضوابط التعامل الإنساني.
ومن الضروري التنويه أن الطفل لن يحتاج لمعرفة تعريف القيمة أو تفسير معناها بقدر ما يحتاج لتبسيط كل قيمة أخلاقية على حدة وإيصالها له بأساليب تربوية مدروسة، إلى أن ينمو إدراكه وفهمه بحيث يستطيع إدراك المفهوم المجرّد للقيم الأخلاقية.
معظمنا يعرف القيم الأخلاقية الرئيسية ويحاول أن يغرس هذه القيم عند الطفل، لكن قد يجهل البعض طريقة غرس القيم الأخلاقية عند الطفل، أو قد يتجاهل بعض القيم الأخلاقية التي لا تقل أهمية عن غيرها، في حين أن القيم الأخلاقية شديدة الترابط بعضها ببعض ومن الصعب تجزئتها.
وأهم القيم الأخلاقية التي يجب تعليمها للطفل: [2,3]
- الصدق: الصدق من القيم الأخلاقية الرئيسية المتفق عليها، وحتى تتمكن من تعليم الطفل قيمة الصدق لا بد أن تفهم أهمية الكذب في حياة الأطفال وكيف ينظر طفلك للكذب، ولا يتضمن الصدق قول الحقيقة فقط، بل أيضاً نبذ الكذب. وتذكر أن تعليم الأطفال الصدق يحتاج منك أن تكون صادقاً معهم، وسنشرح أكثر عن تقنيات تعليم القيم الأخلاقية للأطفال في فقرة مستقلة.
- الأمانة: أيضاً الأمانة من القيم الرئيسية التي يجب أن يتعلمها الطفل، والأمانة مفهوم واسع يتضمن فهم حدود الملكية الشخصية وتعليم الطفل نبذ السرقة ورفض التعدي على ممتلكات الآخرين، إلى جانب الأمانة في أداء الواجبات بدوافع داخلية وليس خوفاً من العقاب وحسب، والأمانة في حفظ الأسرار وكتمها، وغيرها من السلوكيات التي ترتبط بقيمة الأمانة والتي يجب أن يعيها الطفل ويكتسبها.
- العدالة: يعتقد بعض الباحثين الاجتماعيين أن العدالة تكاد تكون قيمة فطرية لدى الإنسان؛ لأن الإنسان يكره بطبيعة الحال تعرضه للظلم مهما كان شكله، لكن الأصعب أن يكون الإنسان عادلاً مع الآخرين وألّا يكون هو نفسه ظالماً، لأن النفعية من الصفات الفطرية للإنسان أيضاً!
- الاحترام: تعليم الأطفال قيمة الاحترام يساعدهم على فهم محيطهم الاجتماعي أكثر وعلى الالتزام بالقيم الأخلاقية الأخرى، وتنطوي قيمة الاحترام على احترام النظام الاجتماعي، واحترام الوالدين والمعلمين، واحترام كبار السن، واحترام القوانين، إضافة إلى احترام الاختلافات بين الطفل والآخرين مهما كان شكلها.
- التعاطف: التعاطف ليس مجرد العطف أو الشفقة على الأشخاص الأقل حظاً في هذا العالم؛ بل إن قيمة التعاطف تعني تعليم الطفل التفكير دائماً بالآخرين عند القيام بأي فعل أو تصرف، يجب أن يفهم الطفل أن سلوكه يمتد إلى الآخرين وينعكس عليهم، والتعاطف يجعل الطفل يفكر بحدود سلوكه وتأثيره على الغير، فيمتنع مثلاً عن الصراخ في وقت ما بعد الظهر لأنه يعلم أن والده عاد من العمل مرهقاً ويحتاج إلى الراحة، كما يقدِّر حاجة أخيه الأكبر للهدوء ليتمكن من التحضير للامتحان.
- التواضع: من أصعب القيم التي يجب غرسها عند الطفل هي التواضع، حيث يجب أن يفهم الأهل تماماً كيف يغرسون لدى الطفل الثقة بالذات والاعتزاز بالنفس دون أن ينجرف إلى الغرور، ويجب أن يعلموا الطفل كيف يتعامل مع الآخرين بتواضع من نافذة القيم الأخلاقية دون أن يشعر بالدونية.
- الإصرار والمثابرة: قد يعتقد البعض أن الإصرار والعزيمة تدخل في المهارات الشخصية وليس في القيم الأخلاقية، لكن الحقيقة أن العزيمة من القيم الأخلاقية المهمة، حيث يجب تعليم الطفل كيف يحاول مرات عدة ليصل إلى الغاية، ويجب أن يفهم الطفل العلاقة الأخلاقية بين الغاية والوسيلة، وأكثر ما يدمر عزيمة وإصرار الطفل هو المبالغة بالثناء على ما يفعله، فيفقد القدرة على إطلاق حكم موضوعي على إنجازاته، ويفقد بالتالي القدرة على التطور والنمو.
- التنافس النزيه: يعاني الأهل عادةً من أنانية الأطفال ورغبتهم بالحصول على كل شيء، وهنا يأتي دور قيمة المشاركة والمنافسة النزيهة التي يتعلم الطفل من خلالها الوصول إلى أهدافه بنزاهة، وتقبّل الخسارة بروح رياضية.
- الوفاء بالعهود: علّم طفلك ألّا يقطع وعوداً لا يستطيع الوفاء بها، وذلك من خلال عدم إجباره على قطع وعودٍ صعبة وأكبر من عمره، وتجنب الضغط عليه لانتزاع الوعود والعهود، كما يعتبر فهم الطفل لقدراته ونقاط قوته عاملاً مهماً في غرس قيمة الوفاء بالعهود لديه، إضافة إلى التزامك بوعودك تجاه الطفل بكل تأكيد!
- تحمّل المسؤولية: تحمل المسؤولية قيمة أخلاقية معقدة، تمتزج فيها قيم الصدق والأمانة والاحترام والوفاء، فإذا تمكنت من غرس هذه القيم لدى طفلك سيكون قادراً بل وراغباً بتحمّل المسؤولية بطبيعة الحال، وأسوأ ما يمكن فعله مع الطفل هو المبالغة بالعقاب ما يجعله أكثر رغبة بالنجاة وبالتالي التهرب من المسؤولية، كذلك يؤدي الدلال المفرط إلى تقليل شعور الطفل بالمسؤولية تجاه نفسه وتجاه الآخرين.
- حب المعرفة: قلنا في تعريف القيم الأخلاقية أنها ما يجعلنا نتخذ قراراً أو نختار خياراً أو نقوم بسلوك؛ وحب المعرفة هو ما يجعل خياراتنا وقراراتنا أكثر عقلانية وحكمة، بالتالي يجب تعليم الطفل كيف يفكر بشكل ناقد وكيف يبحث عن الحقيقية ويفاضل بين الخيارات، وألّا يكون كسولاً في البحث والمعرفة.
من جهة أخرى فإن قيمة حب المعرفة تنمي لدى الطفل الرغبة أكثر بالدراسة والتعلّم، لأنه يتعامل مع المدرسة والمدرسين كمصدر للمعرفة وليس مجرد امتحانات وصفوف درسية. - الانتماء: من وجهة نظرنا الانتماء ليس قيمة يمكن غرسها عند الطفل بشكل مباشر، ونقصد هنا انتماء الطفل لعائلته ولبلاده ولدينه ومجتمعه ومختلف أشكال الانتماء، فالانتماء يأتي من شعور الطفل بالاندماج والتكيف مع محيطه، فيما يؤدي الشعور بالاغتراب إلى رفض الطفل لجميع القيم الأخلاقية والإنسانية الأخرى التي فرضها عليه مجتمع لا يشعر بالانتماء تجاهه. بالتالي يمكن القول أن الانتماء محصلة طبيعية لغرس قيم أخلاقية ملائمة بطريقة مناسبة لدى الطفل.
القيم الإنسانية هي جزء من القيم الأخلاقية، ترتبط بالحوافز والدوافع التي تتحكم بطريقة تعامل الطفل مع الآخرين في العلاقات الاجتماعية والإنسانية، وكيفية تفاعل الطفل مع القضايا الإنسانية المختلفة، وأبرز القيم الإنسانية التي يجب تعليمها للطفل:[4]
- التسامح والانفتاح: والتسامح Tolerance مفهوم مختلف عن المسامحة Forgiving، يجب تعليم الطفل منذ الصغر كيف يكون متسامحاً مع الاختلافات التي تميّزه عن الآخرين، كيف يتقبّل اختلاف الدين والعرق واللون والطبقة الاجتماعية، ولا يمكن للطفل أن يكتسب هذه المهارة إلّا إذا عاش في وسط متسامح.
- نبذ العنصرية: للوهلة الأولى قد يبدو تقبّل الاختلاف ونبذ العنصرية شيئاً واحداً؛ لكن الحقيقة أن تعليم الطفل تقبّل الاختلاف لا يكفي ليكون منفتحاً على الآخرين، بل لا بد أيضاً أن يتخذ موقفاً أصيلاً مناهضاً للعنصرية، اقرأ أكثر عن هذه النقطة في مقالنا عن العنصرية عند الأطفال من خلال النقر هنا.
- احترام المرأة: في مجتمع ذكوري يشهد الكثير من المفاهيم العنصرية تجاه الإناث؛ لا مفر من تعليم الطفل احترام المرأة من خلال ما يراه من تعامل أبويه مع المرأة وقضاياها، واحترام المرأة ليس متعلقاً بالأطفال الذكور، بل حتى بالإناث، حيث تواجه الطفلة الصغيرة أزمة في الهوية نتيجة التمييز الجندري تجعلها أقل احتراماً لأفراد نوعها وبالتالي أقل تقديراً لذاتها!
- المسامحة والتفهّم: المسامحة تنبع من التعاطف وتفهّم الطبيعة الإنسانية العامة وتقدير ظروف الآخرين، ويجب أن يتعلم الطفل من محيطه كيف ينظر إلى الإساءة أو الخطأ بحقّه ويقيمه بحجمه الطبيعي، كما يجب أن يتعلم الفصل بين المسامحة والتنازل عن الحق، لأن المسامحة شعور داخلي وليست تنازلاً عن الحقوق الأصيلة.
- الرحمة: أو العفو عند المقدرة ونبذ التعسف باستعمال الحق، حيث يكتسب الطفل هذه المهارة من خلال تعليمه التنازل عن الانتقام المتعسف والتحلي بالقدرة على التعاطف والتفهّم.
- الأخوّة والصداقة: الأخوّة والصداقة من القيم الإنسانية السامية التي يجب أن يفهمها الطفل، من خلال فهم واجباته وحقوقه تجاه أخوته، وفهم حدود الصداقة ومعناها، وأفضل ما يمكن فعله لتعليم الطفل قيم الأخوّة هو عدم التمييز بينه وبين أخوته، وتعزيز الروابط بينهم، وكذلك الأمر في تعليم الطفل احترام أصدقائه ومنحه الأدوات الاجتماعية اللازمة بناء صداقات صحيّة.
- المشاركة والتعاون: ما يجعلنا كائنات اجتماعية هو إدراكنا لقيمة التعاون والمشاركة، ويجب أن يتعلم الطفل من أهله أهمية التعاون والمشاركة لتحقيق التوازن والسعادة في الحياة، وبلا شك يعتبر سلوك الأهل في البيت المعلم الأول لقيمة التعاون والمشاركة.
ما يجب أن يفهمه الأهل والمربون بشكل جيد أن الطفل سيكتسب قيماً خاصة به تتحكم بسلوكه وتفكيره وشخصيته سواءً تدخلوا بغرس وتعليم القيم أم لم يفعلوا، وعملية غرس القيم لدى الطفل هي محاولة لاختيار القيم التي تساعد الطفل على الاندماج بمحيطه وتجعله أكثر فهماً للمسموح والممنوع، وللمرغوب والمرفوض، ومن هنا يجب أن يفهم الأهل أن غرس القيم عند الأطفال لا يشبه تعليمهم اللغة أو الحساب التي تعتبر مهارات وليست قيماً.
وهذه أبرز تقنيات وطرق غرس القيم الأخلاقية والإنسانية عند الطفل: [5,6]
- القدوة الأخلاقية والقيم النموذجية: الطريقة الأساسية لتعليم الأطفال القيم الأخلاقية وغرسها في نفوسهم هي النمذجة، حيث يكتسب الطفل قيمه الأخلاقية والإنسانية من تصرفات والديه وأحاديثهم وطريقة تعاملهم مع الآخرين ومواجهة المواقف المختلفة، لذلك يجب أن تتذكر دائماً قبل أن تفقد أعصابك أمام طفلك أنه سيتعلم منك الشتائم والصراخ، ويجب أن تفهم أن إهانة شخص كبير في السن أمام الطفل تعطيه قيمة سلبية للاحترام، ثم لا تشعل سيجارةً في مكانٍ عام تحت لافتة "ممنوع التدخين" وتطلب من طفلك الالتزام بقواعد المنزل، كما أن الأطفال خاصة في الأعمار الصغيرة لا يميزون بين كذب أبيض وأسود ورمادي، فلا تكذب أمام الطفل ثم تطلب منه ألّا يكذب!
- التواصل مع الطفل والتأكيد اللفظي على القيم: التواصل الفعّال مع الطفل هو مفتاح النجاح في غرس الأخلاق عند الأطفال، سيحتاج الطفل ليحكي وجهة نظره ويجب أن تسمعه وتناقشه.
- الاعتذار من الطفل عند ارتكاب خطأ: لسنا ملائكة وجميعنا نخطئ، لكن الخطأ الأكبر أن نتهرب من مسؤولية الأخطاء أمام الأطفال أو نحاول تجميل سلوك سلبي خوفاً على صورتنا أمامهم أو تعنتاً، إذا كنت تريد غرس الأخلاق الحميدة لدى الطفل عليك أن تعتذر عن ارتكاب الخطأ، وأن تعلمه قيمة الاعتذار والاعتراف بالأخطاء.
- استخدام النماذج اليومية للقيم: نمر يومياً بمواقف كثيرة ونطلع على الأحداث والأخبار من حولنا، شجار في الشارع ونحن في طريقنا إلى السوق، خبر على التلفاز عن بطولة بائع جوال أنقذ امرأة من الغرق، صراخ جارنا على متسولٍ في الطريق...إلخ.
يمكنك استخدام جميع هذه المواقف لتعزيز فهم الطفل للقيم، في حادثة البائع الجوال الذي أنقد امرأة من الغرق مثلاً اسأل طفلك "ماذا كنت ستفعل لو كنت مكانه؟" ثم اسأله "ماذا كنت ستفعل لو كنت مكان المرأة؟" واسأله عن رأيه بتصرف الجار مع المتسول؛ وهكذا، وتذكر أن هذه الأسئلة ستفتح باباً للنقاش وشرح القيم. - لعبة الأضداد الأخلاقية: التعليم من خلال ملاحظة النقيض وتحليله من أهم الأساليب في غرس القيم الأخلاقية لدى الأطفال، إذا أخطأ طفلك يجب أن يفهم لماذا كان تصرفه غير أخلاقي، وما هو التصرف البديل، وكذلك الأمر عندما يلتزم بالقيم الإيجابية يجب أن يعرف أنه تجنّب النقيض السلبي.
- الثناء والمكافأة على السلوك الجيد: الثواب والعقاب هي الاستراتيجية التي يفهم من خلالها الطفل ما هو مرغوب وما هو مرفوض، ووجود عقاب على السلوك الخاطئ دون ثواب على السلوك الصحيح يحرم الطفل من فهم القيم الأخلاقية وأهميتها في الحياة، ويجعله يبحث عن طريقة للهروب من العقاب فقط، لذلك اعمد إلى الثناء على سلوك الطفل الجيد وبث الشعور باعتزازك بهذا السلوك، لكن تذكَّر أن الثواب المبالغ به أو الرشوة تفسد الأطفال.
- ساعدهم على تحمّل مسؤولية الخطأ: بدافع الحب قد نحاول إصلاح أخطاء أطفالنا نيابة عنهم والتخفيف عليهم، لكن هذا ليس جيد دائماً، يجب أن تساعد أطفالك على تحمّل مسؤولية الخطأ من خلال نظام ثواب وعقاب حكيم ومتوازن، لأن جزءاً أساسياً من غرس القيم عند الطفل أن يفهم العاقبة للأفعال والسلوكيات المرفوضة.
- شارك تجاربك الشخصية مع الأطفال: يحب الأطفال أن يستمعوا إلى قصص واقعية من حياة الآباء، سواء القصص التي يثبت فيها الآباء تميّزهم وقوتهم، أو التي يتحدث فيها الآباء عن تعاملهم مع أخطائهم وزلّاتهم.
- اقرأ لطفلك كتاباً: تعتمد قصص الأطفال عموماً على غرس القيم الأخلاقية لدى الطفل من خلال الشخصيات الكرتونية والخيالية، ولذلك تلعب القصص والحكايات والكتب دوراً أساسياً في تنمية شعور الطفل بالقيمة الأخلاقية، فما زال بعضنا يتفحص أنفه عند الكذب بسبب قصة بينوكيو، وما زال البعض بنهض من اليأس عندما يتذكّر قصة الأرنب والسلحفاة!
- الرقابة الأبوية الحكيمة: خاصّةً فيما يتعلق بمشاهدة التلفاز واستخدام الانترنت، حيث يجب أن تكون موجوداً معهم وإلى جانبهم، لكن ليس بهدف صيد خطأ قد يقعون به، بل بهدف تصحيح المفاهيم التي تعرض عليهم، ومساعدتهم على فهم العالم الذي نعيش به، لذلك يجب أن تكون رقيباً حكيماً.
- لا تشجع طفلك على كسر القواعد: لا يكفي أن تكون مثالاً أعلى لطفلك وقدوة صالحة بسلوكك وتصرفاتك، بل يجب أيضاً أن تتجنب تشجيعه على كسر القواعد وتجاوز القيم الأخلاقية.
عندما يعد طفلك صديقه أن يحضر عيد ميلاده يجب أن تساعده على الوفاء بوعده وألّا تحاول إغراءه باستبدال وعده هذا بمشوار إلى الحديقة مثلاً! - تجنّب المحاضرات: أسلوب المحاضرة والتلقين ليس هو الأسلوب الأفضل وليس الأسلوب الذي يحبه الأطفال، وعلى الرغم من ميل معظم الأهل إلى أسلوب إلقاء محاضرة عن الأخلاق؛ إلّا أن الطفل غالباً ما يستفيد من التعليم بالنمذجة والتجربة أكثر بكثير من التعليم بالمحاضرة، لذلك عليك ألّا تكون محاضِراً مملاً.
- تأكد أنّك تتعامل مع الطفل على حسب عمره: كل مرحلة عمرية يمر به الطفل لها خصوصية من حيث تطور وعيه وإدراكه وتطور علاقاته الاجتماعية ونظرته للعالم، لذلك عليك أن تبحث عن الطرق التي تناسب عمر طفلك لتتحدث معه عن الأخلاق والقيم الأخلاقية. وقد لا تضطر لذكر مصطلح "القيم الأخلاقية" أصلاً.
- اهتم بإدراك طفلك للقيم المادية والمالية: العلاقة بين القيم الأخلاقية والقيم المادية علاقة وثيقة، وفي سبيل غرس القيم الأخلاقية الحميدة عند الأطفال لا بد أيضاً من مساعدتهم على فهم المال والملكية والأهداف المادية للإنسان والوسائل المشروعة لتحقيق الغايات المالية، اقرأ مقالنا عن كيف يجب أن يربي الفقراء أبناءهم من خلال النقر على هذا الرابط.
- شارك معه الأعمال التطوعية والخيرية: مشاركة العائلة في الأعمال التطوعية تنمي لدى الطفل وعياً بمجموعة من أهم القيم الأخلاقية الحميدة، كما يمكن أن تساعد الطفل على التبرع بجزء من مدخراته للأعمال الخيرية ولمساعدة الآخرين.
ذكرنا سابقاً أن الهدف الأساسي لغرس القيم الأخلاقية عند الطفل هو مساعدته على الاندماج بمحيطه والشعور بالانتماء ومساعدته أيضاً على تعزيز احترامه لذاته وفهمه لتصرفاته ودوافعه، وإهمال تنمية القيم الأخلاقية المناسبة عند الطفل سينتج عنه بالضرورة اكتساب قيم مهزوزة وسلبية، ويمكن ذكر خمسة أسباب رئيسية تجعلنا نهتم أكثر بتنمية القيم الأخلاقية عند الطفل:[7]
- القيم الأخلاقية هي جزء رئيسي من بناء شخصية الطفل، حيث تساهم التربية الأخلاقية الحكيمة في منح الطفل شخصية متوازنة وقوية، ومنسجمة مع المحيط الاجتماعي.
- البوصلة الأخلاقية التي تنمو لدى الطفل من خلال تعلّمه القيم؛ هي وحدها التي تساعد الطفل على التمييز بين الحق والباطل، وبين ما يجب وما لا يجب، وهي التي تساعده على التحكّم برغباته وغرائزه وتطويعها لتحقيق التكيّف الذاتي والاجتماعي.
- امتلاك قيم أخلاقية واضحة وراسخة يساعد الأطفال على مواجهة المواقف الصعبة والخيارات المعقدة، ويمتد هذا التأثير للقيم الأخلاقية حتى بعد أن يكبر الطفل، وربما يحافظ على قيمه الراسخة في الطفولة مدى الحياة.
- القيم الأخلاقية المتينة والصحيحة تحمي الأطفال من تأثير الأقران وتحميهم من الوقوع في أخطاء كبيرة، لأن القيم الأخلاقية هي الرقيب الذاتي للإنسان الذي يساعده على تجنب الخطأ، ويدفعه للعودة السريعة عن الخطأ حتى وإن تورط.
- القيم الأخلاقية عند الطفل لها دور كبير في تعزيز ثقة الطفل بنفسه لأنه يستند إلى أرض صلبة عندما يتخذ قراراته الصغيرة أو عندما يواجه مواقف صعبة، كما أن القيم الأخلاقية تعزز احترام الطفل لنفسه وتقوي الصورة الذاتية.