أطفال الميتم وواجبات دور رعاية الأيتام

أهداف دار الأيتام ودور جمعيات ومؤسسات رعاية الأيتام، طرق التعامل مع الأيتام، إيجابيات وسلبيات العيش في الميتم، ووضع الأبناء مجهولي النّسب في المياتم
أطفال الميتم وواجبات دور رعاية الأيتام
تابعوا موقع حلوها على منصة اخبار جوجل لقراءة أحدث المقالات

يعتبر التّكافل الاجتماعي والعناية بكافّة أفراد المجتمع وأطيافه مسؤوليّة اجتماعيّة مشتركة ومهمّة للنّهوض بالمجتمعات والدّول وحفظ حقوق أبنائها، ومن الفئات التي سنختار الحديث عنها اليوم هي فئة الأيتام والأبناء في الميتم ودور الرّعاية.

في هذه المقالة عن الأبناء في الميتم سنتحدث عن حياة الأيتام في دور رعاية الأيتام وأنماط الحياة التي يعيشونها وما هو واجب المشرفين ودور الرّعاية والدولة في رعاية الأيتام كما سنتحدث عن مجهولي النسب والتعامل معهم ونضيء على إيجابيات وخاطر وجود الأيتام في الميتم ودار الرعاية.

ما هو نمط الحياة في الميتم؟ مؤهلات السكن والعيش في الميتم؟
تحظى فئة الأيتام والأبناء الذين يعيشون في الميتم باهتمام انسانيّ ومجتمعيّ كبير في معظم دول العالم! فقضاياهم هي من اختصاص الجهات والجمعيات والمؤسسات المعنيّة بالطفولة وحقوق الأطفال ومساندة الأطفال. فالأطفال الأيتام هم أطفال توفيّ والداهم أو أحدهما ولا مكان وملجأ لهم، كما أنّ هنالك أطفالاً هم مجهولو النّسب يسمّون أيضاً مكتومي النّسب أي الأطفال الذين لا تعرف هوية والديهم ولا نسبهم.
يتم وضع هؤلاء الأطفال في دور رعاية خاصّة بهم، تختلف سمات هذه البيوت والمساكن باختلاف الدّول والجمعيّات والمنظّمات القائمة على رعايتهم، كما أنّ سلوك تكفل اليتيم المنتشر في العالم يساهم في تغطية تكاليف حياتهم.

إذا أردنا الحديث عن الميتم أو دار الرّعاية الخاصّ بالأيتام فإنّه في العادة يكون مساحةً من الأرض مخصصةٌ لبناء مساكن متشابهة بالشّكل والخصائص منعاً من شعور الأطفال بالتّمييز بينهم، تحتوي هذه الدّور على غرف نوم خاصّة بالأطفال وعادةً في الدّول المحافظة يتم فصل الأبناء عن البنات عند سنّ البلوغ إذ تكون هناك بيوت مخصّصة للذّكور وبيوت أخرى مخصّصة للإناث.
تسمى السّيدة التي ترعى الأطفال وتعتني بهم "الأمّ البديلة" والتي يتم اختيارها عادة ضمن معايير عالية الدّقة والخصوصيّة لأنّ معظم الأمهات البديلات يعشن في دور الرّعاية لسنوات طويلة فهو ليس عملاً بقدر ما هو نظام حياة تفني الأم البديلة حياتها في سبيل تنشئة الأطفال وتربيتهم في الميتم أو دار الرّعاية.

يظن البعض أن نمط الحياة في دور الرّعاية شديد الصّرامة والحزم ولكنه في معظم المؤسّسات والجمعيات هو نمط بيئي تربوي أقرب للعادي، إذ يلتحق الأطفال بالمدارس مع أطفال آخرين في مدارس عادية حتى لا يشعروا بالدّونية أو يتضخّم لديهم شعور النّقص والحرمان.
كما أن لهم أوقاتاً مخصصةً للّعب وممارسة الهوايات والأنشطة الرّياضية والتّرفيهية المتنوعة ولكن يكون عامل الحرص موجوداً بشكل كبير لأنهم أمانة في أعناق الأمهات البديلات والمسؤولين عن تلك الجمعيات والمؤسّسات التي ترعى شؤونهم.
كنا قد تحدثنا سابقاً في مقال بعنوان:  "تبني الأطفال في الدول العربية" ننصحكم بقراءته

animate

كما ذكرنا أن دور الرّعاية تبنى عادة بنمط البيوت العادية ولكن يتخذون نمطاً موحداً لبناء كافة البيوت في القرية أو المنطقة الخاصّة التّابعة لدار الرّعاية والتي تسمى ميتماً. وتحتوي الدّور على غرف نوم ومطابخ وحمامات وخارج البيوت السكنيّة يوجد عادة مساحة مخصّصة للّعب كمتنزه داخلي ومساحة خاصّة للأنشطة التّفاعلية والتّرفيهية وفي حال إقامة حفلات أو تجمعات للأطفال.
وتختلف القدرة الاستيعابية لكل منزل أو مسكن للأطفال الأيتام تبعاً لعدد الأطفال الذين يندرجون تحت مسؤولية تلك المؤسّسة أو المنظّمة ولكن العدد يكون منطقياً وملائماً لمساحة كل منزل مستقلّ ليجد جميع الأطفال فيه مساحات خاصّة لهم وأماكن للدّراسة ومشاهدة التّلفاز والعيش في جو قريب جداً من البيوت العادية.

مع اختلاف إمكانيات الدّول والمؤسّسات المشرفة على رعاية الأيتام فإن كل تلك الاختلافات وغيرها المتعلّقة بالمحدّدات والأعمار والمساكن وكل العوامل المختلفة، تجمع بينها جميعاً المصلحة العليا للأطفال والعمل الدّؤوب على توفير الأفضل للأطفال الأيتام.
وكما ذكرنا فإن العناية بفئة الأطفال الأيتام هي واجب مجتمعي ومسؤوليّة اجتماعيّة تقع على عاتق جميع أفراد المجتمع، فهؤلاء الأطفال الذين يبصرون الحياة من غير أب وأم فيشعرون بنقص الحنان والعاطفة وعدم وجود مرجع وملجأ لهم كما أن العوز الماديّ يشكّل خطراً يهدّد سلامة وحياة هؤلاء الأطفال. لذا نجد أهمية المراكز والجمعيّات والمؤسّسات والدّولة للعناية بهم.

يجب تكاتف جميع الأفراد والمؤسسات الحقوقيّة والمعنيّة بالأطفال والأيتام والجمعيّات الخيرية لتقديم أفضل عناية وخدمات للأطفال الأيتام، ناهيك عن الأجر والثّواب العظيم والذي يظهر جلياً في قول الرّسول عليه الصّلاة والسّلام: "أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنّة"مشيراً للسّبابة والوسطى!
فأيضاً الأثر الإنساني عند المساهمة في تنشئة طفل ومساعدته في التّغلّب على محن الحياة وعجزه عن إعالة نفسه من خلال تقديم الرّعاية الصّحية والنّفسية والتّربوية والتّعليمية لهم كما العمل على تكفّل مصروفاتهم وتكاليف دراستهم وحياتهم. وهنا سنذكر أبرز أدوار وواجبات المشرفين على دور رعاية الأيتام وتتشارك معهم الدّولة:

  1. دمج الأطفال الأيتام في المجتمع وعدم إشعارهم بالتّمييز بينهم وبين الأطفال الذين يعيشون في كنف والديهم، وذلك يتكون من خلال استقبالهم في المدارس ورياض الأطفال دون تمييز والدّعم النّفسي الدائم.
  2. تحمل الأعباء المعيشية للأيتام من مأكل ومشرب وملبس ومصروف ومصاريف خاصّة بالأنشطة التّرفيهية والتّعليمية ليتمكن الأطفال في الميتم من العيش في بيئة تحفزّه على أن يكون فرداً نافعاً في المجتمع وقادراً على العطاء والنجاح. كما ضمان عدم حاجتهم وعوزهم المادي الذي قد يعرّضهم للاستغلال بكافة أشكاله.
  3. الاهتمام بالجانب التّربوي والنّفسي للأطفال الأيتام، إذ أن فكرة العيش من غير أب وأم تنمي شعوراً بالنّقص والحزن في نفوس الأطفال وخاصّةً عندما يكبرون ويبدأون بملاحظة وجود آباء وأمهات لزملائهم في المدارس والحضانات فيبدأ شعورهم بالنّقص والدّونية، وهنا يكون دور المشرفين والمسؤولين عنهم في تعزيز ثقتهم بأنفسهم ودعمهم نفسياً ومعنوياً والعمل على تربيتهم بالصّورة المثلى على الأخلاق الفاضلة والقيم المجتمعية والدّينية السّويّة.
  4. إشراك الأطفال الأيتام في الأنشطة المجتمعيّة ليشعروا بدورهم وأهمية وجودهم كأفراد في المجتمع لا كفئة مهمّشة أو أقليّة لا أهمية لهم.
  5. تنمية مهارات الطفل الفكريّة والحركيّة واللّفظيّة والمعرفيّة.
  6. تعويض الأطفال الأيتام بالحنان والاهتمام والحبّ الذي يحتاجونه لنموّهم بشكل سليم وصحيّ .

وفي موضوع سابق كنا قد تحدثنا بتفصيل حول طفل التبني وأحكام تبني الأطفال ننصح بالاطلاع على المقال.

بعد أن تحدثنا عن أبرز واجبات دور رعاية الأطفال الأيتام والمشرفين والدولة لضمان حصولهم على حقوقهم التي يجب أن يحصل عليها كافّة الأطفال سنتطرق الآن لجانبين من الحياة والعيش في دور الرّعاية هما الجانب الإيجابي والجانب السلبي، ونبدأ مع الجانب الإيجابي أو المميزات التي تدقمها دور رعاية الأيتام لليتيم:

  • يعيش الأطفال في الميتم أو دار الرّعاية مع أطفال في نفس الجيل والفئة العمريّة تقريباً لذا يكون هنالك اهتمامات مشتركة وعلاقة أسريّة أقرب للحقيقيّة.
  • توفير أماكن النّوم والمأكل والمشرب واللّبس والإعالة الماليّة وتحمل الأعباء والمسؤوليّات الماليّة عن الأطفال في الميتم.
  • العيش في بيئة توفّر مؤهلات الحياة الكريمة للأطفال الأيتام وتقدم لهم الرّعاية التعليمية والنفسية والصحية.
  • تتكفّل دور الرّعاية بمسؤوليّات ومستلزمات الحياة الخاصّة بالأطفال لحين الوصول لعمر 18 عاماً في معظم الجمعيّات والمؤسّسات.
  • حماية الأطفال قانونياً واجتماعياً من أي استغلال.
  • تعليم الأطفال الاعتماد على الذّات في إنجاز مهماتهم والمسؤوليّات التي عليهم وهذا يفيدهم ويحضّرهم للمرحلة القادمة في مواجهة الحياة خارج أسوار الميتم. [1]
  • تعرّض الأيتام للتّنمر والتجريح وهذا قد يحدث من دون قصد مثلاً عندما يتم تسميتهم ونداؤهم بمصطلحات جارحة مثل "أيتام" "يتيم" "لقيط" وغيرها.
  • خطر الاستغلال وتعرّض الأطفال للاعتداء الجسدي بالضّرب من قبل بعض عديمي الرّحمة من المشرفين.
  • خطر تعرض الأطفال الأيتام للتّحرّش الجنسي والاعتداءات الجنسيّة، حيث لا ملجأ آخر للطّفل أو الطّفلة إلّا الميتم والمشرفين عنه، حيث سجّلت بعض الحالات في العالم تمّ فيها الاعتداء جنسيّاً على الأطفال واغتصابهم إضافة لتسجيل حالات تحرّش جنسي ولفظي بهم.
  • مصير الطفل عندما يبلغ 18 عاماً إذ أن بعض الجمعيات والمؤسسات تتكفل برعاية الطفل لحين بلوغه سن الثامنة عشر بعد ذلك يكون اليتيم عرضة للاستغلال حيث لا ملجأ ولا مأوى ولا مصدر دخل له، وخاصّة الفتيات اللواتي يقعن فريسة الاستغلال المادي والجنسي مقابل المال لتوفير مأوى ومصروف لهم. [2]
  • تعرّض بعض الأطفال لسوء التّغذية وسوء التّربية والرّعاية النّفسية والتّعليمية نتيجة تقصير بعض المسؤولين عنهم. [3]
  • نتيجة التّعامل غير الإنساني والخالي من الرأفة والرحمة ببعض الأطفال الأيتام قد تنشأ لديهم اضطرابات نفسيّة وسلوكيّة نتيجة رفض المجتمع لهم وسوء المعاملة معهم وشعورهم بالدّونية والنّقص. [4]
  • مشلكة انعادم الثّقة بالآخرين والمجتمع نتيجة لتعرض بعض الأطفال للتّعنيف والإهمال والتّقصير في تربيتهم والاهتمام لشؤونهم كما تعرّضهم للاعتداءات الجسديّة والجنسيّة واللّفظيّة ما يتسبّب لهم بحالة فقدان الثّقة تجاه أيّ شخص في المجتمع وبالطّبع انعدام ثقتهم بأنفسهم.
  • خطر استغلال بعض الأطفال وسرقة أموالهم والأموال المخصصة لكفالتهم.
  • خطر تجارة البشر وتجارة الأعضاء.

الأطفال الأكثر بؤساً! مكتومو القيد ومجهولو النسب
في سجلّات الأطفال الأيتام يتم وضع كافّة التّفاصيل المتعلقة بذويهم المتوفيّن من الاسم لمعلومات رسميّة حتى أنّ أسماءهم تنسب لأهلهم الحقيقيّين. لكن فئةً مهمّشةً وبائسةً نتيجة ظلم المجتمع وحكمه الجائر عليهم تعاني بشدّة، هي فئة مجهولي النّسب أو من يسمّون بمكتومي القيد ويطلق على هؤلاء الأطفال أيضاً اسم اللقطاء جمع لقيط.
هم الأطفال الذين لا تفاصيل أو معلومات عن هويّة والديهم، عادةً يتمّ وضعهم وهم حديثي الولادة عند المساجد وأبواب الملاجئ كما سمعنا مؤخراً عن حالات عديمة الإنسانية تمّ وضع الأطفال حديثي الولادة فيها في حاويات النّفايات أو على قارعة الطّريق.
يتمّ تسمية هؤلاء الأطفال من قبل مراكز ودور رعاية الأيتام والجمعيّات المختصّة ضمن أنظمة تحدّدها وزارة الدّاخلية الخاصّة بكلّ دولة! وهنالك فئة من مجهولي النّسب هم الأطفال الّذين أنجبوا نتيجة زواج المحارم. 
المشكلة أنّ بعض البلدان تميّزهم حتى في الأرقام الوطنيّة الخاصّة بمواطنيها فيتمّ الإشارة إليهم بوصمة عار والانتقاص منهم والتّعامل معهم بازدراء نتيجة خطأ لا شأن لهم به. فتطالب العديد من الجمعيات الحقوقية بتعديل القوانين التي تميزهم في الرّقم الوطني مثلاً لمنع تعرضهم للهجوم والتّنمر ووصمة العار المجتمعية. 

الأطفال هم أحباب الله وهم زينة الحياة الدنيا، وهم أيضاً الأمل بالمستقبل والغد المشرق الذي يرى الناس فيه أحلامهم تتحقق على أيدي أطفال اليوم. ولا يجب أن تختلف النظرة عندما يكون الطفل يتيماً أو لقيطاً فلا ذنب له أن والديه أو أحدهما قد توفي وهو صغير، أو أنه جاء نتيجة علاقة غير شرعية. بالنهاية هو طفل ويستحق الحياة والتعامل بانسانية ولين معه والعمل على تنشئته على القيم والأخلاق والمثل العليا.
يجب الانتباه عند التعامل مع الأطفال الأيتام وخاصة في الأنشطة الترفيهية التي يسعى المتطوعون خلالها لتقديم الرعاية والتسلية والترفية للأطفال والتي نراها بكثرة في شهر رمضان المبارك في إفطارات الأيتام. وإليكم أبرز النصائح للتعامل مع الأطفال والأبناء الأيتام:

  • رعاية الطفل والاهتمام به والحرص على عدم تعريضه للأذى أو الخطر الجسدي أو النفسي.
  • عدم استغلال حاجة الأطفال الأيتام وعدم وجود ملجأ آمن لهم لأغراض غير سوية.
  • الانتباه عند مناداة الطفل فيمكن مناداته باسمه أو عبارات تحببية لطيفة وعدم مناداته ب "يتيم" "لقيط"...
  • تقديم النصح والإرشاد للأطفال الأيتام بصدق وحسن نية.
  • عدم إحراج الطفل وسؤاله عن تفاصيل حول أصله وأبويه وعائلته.
  • عدم التمييز بين الأطفال، فالأطفال حساسون جداً وخاصة الأيتام لذا يجب تجنب كافة أشكال التمييز والعنصرية معهم.
  • اللين واللطف أثناء التعامل مع الأطفال الأيتام وملاطفتهم حتى عندما يكون الطفل عنيداً.
  • محاولة تقديم الهدايا والألعاب والمستلزمات المدرسية للأطفال بطريقة لا تجريح فيها ولا إهانة.

.تقدم أحد الرّجال بطلب المساعدة من موقع حلوها إذ أخبرنا بأن زوجته أقنعته بكفالة يتيمة وجلبها للعيش معهم ولكن زوجته توفيت فيقول: "أفكر بوضع طفلتي بالتبني في دار الايتام ما الحل؟"
أجابته الدكتورة سناء مصطفى عبده الخبيرة في موقع حِلّوها:
"هل لك أن تدبر لها مربية تتعاون معك في طريقة التعامل مع البنت أو ترسلها عند عائلة أخرى للعناية بها وأنت تدفع لهم، هناك فرق بين ـن تتخلى عنها وبين أن تبقى كفيلها وتدعمها لأنها يتيمة، أما موضوع اعادتها للميتم فهو أمر قد يكون فيه ظلم لها وخاصة بعد أن خرجت لتعيش حياة طبيعية، من الضروري أن تتحدث مع المرشدة الاجتماعية في المدرسة وتنصحك بطريقة لمعالجتها سلوكياً". اقرأ الاستشارة الكاملة من خلال النقر على هذا الرابط.

المراجع