أضرار الكوكايين وأعراض إدمان الكوكايين
الكوكايين من المواد التي تسبب إدماناً شديداً وينتج عن تعاطيها أضرار خطيرة على الصحة الجسدية والنفسية، ويعتبر الكوكايين بأشكاله ثاني أنواع المخدرات انتشاراً على مستوى العالم بعد القنب الهندي، كما يعتقد أن مليون ونصف إنسان يجربون تعاطي الكوكايين للمرة الأولى كل شهر.
نحاول في هذا المقال التوعية بتأثير ومفعول الكوكايين، من خلال الإجابة عن بعض الأسئلة المهمة حول ما يفعله الكوكايين في الجسم وكم مدة بقاء الكوكايين ومفعوله، وأضرار الكوكايين على الصحة النفسية والجسدية، وتأثير إدمان الكوكايين على الدماغ والجهاز العصبي، وغيرها من المعلومات المهمة عن إدمان الكوكايين.
الكوكايين Cocaine مادة مخدرة منشطة تسبب درجة مرتفعة من الإدمان، يتم استخراج الكوكايين من أوراق نبات الكوكا وتعتبر أمريكا الجنوبية المصدر الرئيسي للكوكايين في العالم.
والشكل الأكثر شيوعاً للكوكايين هو البودرة البيضاء التي يتم استنشاقها عبر الأنف، إضافة إلى طرق أخرى أقل شيوعاً مثل وضع الكوكايين على اللثة، أو حقن الكوكايين في مجرى الدم، أو حرق الكوكايين واستنشاق الدخان "الكراك".
يلجأ التجار إلى خلط الكوكايين بمواد مخدرة اصطناعية لزيادة الربح، حيث يعتقد أن الكثير من حالات الوفاة بالجرعة الزائدة تنتج فعلياً عن الكوكايين المغشوش والمخلوط بالمواد الأفيونية الصناعية. [1]
ما الذي يحدث للجسم عند تعاطي الكوكايين؟
يتداخل الكوكايين مع العمل الطبيعي لهرمون الدوبامين أو هرمون السعادة، حيث يزيد من كمية الدوبامين في المسارات العصبية المرتبطة بالمكافأة في الدماغ، مسبباً الشعور بالنشوة واليقظة.
في الحالة الطبيعية يتراجع الدوبامين إلى الخلية التي أطلقته وتسمى هذه العملية دورة الدوبامين، فيما يمنع الكوكايين هذه العملية مسبباً تراكماً لكمية كبيرة من الدوبامين في المشابك العصبية، ما ينتج عنه شعور قوي بالسعادة والنشاط.[2]
وتنقسم أعراض إدمان وتعاطي الكوكايين إلى أعراض تظهر على الشخص فور تعاطيه للكوكايين، وأعراض انسحاب الكوكايين، وأعراض طويلة الأمد تظهر على مدمن الكوكايين بشكل شبه مستقر بعد فترة من التعاطي.
أعراض وآثار تعاطي الكوكايين قصيرة المدى: [1,3]
- الشعور بالسعادة المفرطة.
- شعور اليقظة العقلية.
- شعور بالقوة البدنية.
- زيادة الرغبة الجنسية.
- فرط الحساسية للضوء واللمس.
- الاهتياج النفسي والنزق.
- جنون العظمة.
- الهلع والذعر.
- الثرثرة وزيادة الحديث.
- اتساع حدقة العين.
- جفاف الفم.
- ارتفاع حرارة الجسم.
- ارتفاع ضغط الدم.
- تسرع وعدم انتظام ضربات القلب.
- الغثيان.
- تشنج العضلات.
- تظهر أعراض أكثر خطورة في الجرعات الزائدة والكوكايين المغشوش.
أعراض انسحاب الكوكايين من الجسم، وتظهر بعد توقف مفعول الكوكايين:
- تقلبات المزاج.
- القلق والتوتر والحزن.
- الإرهاق.
آثار تعاطي الكوكايين طويلة المدى:[4]
- الآثار الصحية والتي تشمل الأضرار العضوية مثل فقدان حاسة الشم ونزيف الأنف وصعوبات التنفس، وتشمل أيضاً الخلل العصبي في مسارات المكافأة في الدماغ نتيجة التكيف مع الاستجابة للكوكايين، إضافة إلى اضطرابات النوم والأكل، ونتوقف معها بالتفصيل في فقرة قادمة.
- الآثار النفسية لتعاطي الكوكايين وتشمل الأرق ونوبات الهلع والإصابة بالاكتئاب، إضافة إلى الاهتياج والنزق المستمر، وفقدان الاتصال بالواقع والهلوسات السمعية.
- الآثار الاجتماعية للكوكايين، وتتمثل بفقدان الاهتمام بالأسرة والعمل والعلاقات الاجتماعية، وانخفاض الأداء الوظيفي والاجتماعي، والعزلة.
كم يستمر مفعول الكوكايين؟ يعتمد استمرار مفعول الكوكايين في الجسم على الجرعة وعلى طريقة التعاطي، وعلى وجه العموم تظهر آثار الكوكايين فوراً وبسرعة، ويستمر مفعول الكوكايين من بضع دقائق وحتى ساعة.
وينتج عن تعاطي الكوكايين وريدياً أو من خلال التدخين مفعول أقوى وأقصر مقارنة باستنشاق الكوكايين، حيث يستمر مفعول استنشاق الكوكايين حوالي 30 دقيقة، فيما يستمر مفعول الحقن الوريدي حتى 10 دقائق.[1]
كم مدة بقاء الكوكايين في الجسم وإلى متى يظهر في التحاليل؟
يمكن أن يظهر الكوكايين أو آثاره في اختبار الدم أو اللعاب حتى يومين بعد تعاطي آخر جرعة، ويظهر حتى ثلاثة أيام في تحليل البول، لكن إذا كان الشخص مدمن لفترة طويلة ويتعاطى جرعات كبيرة؛ قد تبقى آثار الكوكايين في الجسم لأسبوعين، كما أن الكوكايين يظهر في اختبارات بصيلات الشعر لمدة تمتد بين أشهر وسنوات.[5]
الكوكايين من المواد المسببة للإدمان الشديد، ويعتقد أن خطر الإدمان مرتفع جداً بعد استخدام الكوكايين لمرة واحدة، خاصة أن الكوكايين من المواد المخدرة التي تترك آثاراً قوية وسريعة تبدأ خلال ثوانٍ من التعاطي وتزول خلال ساعة على الأكثر، ما يجعل الشخص يعتقد أن ساعة من النشوة لن تكون سبباً في الإدمان!
الآثار المنبهة والمنشطة للكوكايين تجعل الأشخاص يميلون لتكرار التجربة مرة ثانية، وآلية عمل الكوكايين القائمة على تعطيل تدوير الدوبامين تحدث خللاً في عمل المستقبلات والناقلات العصبية في الجسم ما يسبب الإدمان وزيادة عدد مرات التعاطي وزيادة الجرعة بالتدريج، ويعتقد أن هناك مجموعة من العوامل التي تزيد من خطر إدمان الكوكايين بعد أول مرة، مثل الوضع الاجتماعي والحالة النفسية ودوافع التعاطي.
كما أن أخطار الكوكايين يمكن أن تقع من أول مرة، وقد يسبب تعاطي الكوكايين للمرة الأولى النوبات القلبية وحتى الوفاة في حالات نادرة.[6]
- تلف القلب والأوعية الدموية: يتعرض جهاز الدوران إلى تغيرات شديدة فور تعاطي الكوكايين نتيجة تضيق الأوعية الدموية وارتفاع ضغط الدم وتسرع وعدم انتظام ضربات القلب، ومع تعاطي الكوكايين المستمر يرتفع خطر الإصابة:
- بالجلطات الدموية.
- النوبة القلبة والذبحة الصدرية.
- احتشاء عضلة القلب أو موت عضلة القلب بسبب نقص الأكسجة.
- ارتفاع الضغط المفاجئ.
- السكتة الدماغية.
- اضطراب ضربات القلب المزمن.
- وتعتبر النوبة القلبية السبب الرئيسي للوفاة بين الأشخاص الذين يتعاطون الكوكايين.[7]
- ثقوب الأنف والفم: نتيجة تعاطي الكوكايين عن طريق الاستنشاق يحدث تلف في الأغشية المخاطية للأنف ينتهي بموت الأنسجة الرخوة وانكشاف الغضروف أو الحاجز الغضروفي، وخلال فترة من استمرار استنشاق الكوكايين يحدث ثقب في حاجز الأنف، ما يسبب انهيار هيكل الأنف ومشاكل تنفسية مزمنة، ويمكن في حالات أكثر ندرة أن تحدث ثقوب مشابهة في الحنك.
- أضرار الكوكايين على الجهاز التنفسي: استنشاق الكوكايين يسبب تلفاً بالجهاز التنفسي العلوي كما ذكرنا، فيما يسبب تدخين الكوكايين أضراراً بالغة في الرئة والجدران السنخية والشعريات الدموية التي تنقل الأوكسجين.
ويرفع تعاطي الكوكايين من خطر الإصابة بالأمراض الرؤية الحادة مثل السل والالتهاب الرئوي والربو والسعال المزمن. - أضرار الكوكايين على جهاز الهضم: يترافق تعاطي الكوكايين مع اضطرابات في الشهية واضطرابات في عمل الجهاز الهضمي مثل الإمساك والقيء وحرقة المعدة وألم المعدة؛ تتحول هذه الأعراض إلى مشاكل مزمنة مع الاستمرار بتعاطي الكوكايين، كما يمكن أن يؤدي الكوكايين إلى موت الأنسجة في المعدة والأمعاء نتيجة نقص التروية، ويعاني مدمنو الكوكايين من قرحات المعدة بسبب تغير مستويات الحموضة، إضافة إلى التهابات القولون والأمعاء الغليظة التي قد تسبب الوفاة.
- أضرار الكوكايين على الكبد: يرتبط خطر تعاطي الكوكايين على الكبد بالجرعات الزائدة حيث لا يستطيع الكبد التعامل مع الكمية الكبيرة من السموم المتراكمة، وقد تزول الآثار المؤقتة بعلاج آثار الجرعة الزائدة، لكن الأكثر خطراً هو تلف الكبد الحاد وتلف الكبد المزمن الذي ينتج غالباً عن تكرار الجرعات الزائدة وخلط الكوكايين مع الكحول.
- أضرار الكوكايين على الكلى: تتعرض الكلى للضرر نتيجة ارتفاع الضغط المستمر بسبب تعاطي الكوكايين، كما يعتبر انحلال الربيدات من الأضرار طويلة الأمد للكوكايين والذي يسبب فشلاً في الكلى.
- الكوكايين والأمراض المعدية: يسبب تعاطي الكوكايين ضعفاً في مناعة الجسم، لكن الأكثر شيوعاً أن يتعرض متعاطو الكوكايين لانتقال الأمراض المعدية عبر مشاركة الحقن والعلاقات الجنسية غير الآمنة تحت تأثير المواد المخدرة، مثل انتقال عدوى الإيدز والتهابات الكبد.[7]
يتداخل عمل الكوكايين مباشرة مع عمل الدماغ والجهاز العصبي، ما يسبب خللاً في الإشارات العصبية واستقبال وإطلاق الهرمونات، وهذا السبب الأول للإدمان وزيادة الجرعة بشكل مستمر بعد تعطل حساسية الجسم للدوبامين الطبيعي.
من جهة أخرى يؤدي الكوكايين إلى انقباض في الأوعية الدموية يسبب انخفاض الأوكسجين الذي يصل إلى الدماغ، ما قد يقود إلى تلف في الدماغ، ومن المشاكل والإصابات التي يسببها الكوكايين للدماغ والجهاز العصبي:[7]
- نوبات نقص التروية العابرة Mini-strokes التي تسبب أعراضاً تشبه السكتة الدماغية.
- ضمور الدماغ.
- التهاب الأوعية الدموية في الدماغ.
- النوبات الدماغية Seizure.
- فرط الحرارة.
- تغيرات في عمل الفص الجبهي تضر بالمهارات والقدرات العقلية مثل الفهم وحل المشكلات والذاكرة.
- تغيرات إنتاج وعمل الناقلات العصبية ما يسبب اضطرابات في المزاج.
- تغيرات في الحركة مثل الاهتزاز وضعف العضلات وتغير طريقة المشي.
- شيخوخة الدماغ، حيث يفقد مدمنو الكوكايين ضعفي المادة الرمادية من الدماغ مقارنة بالشخص العادي.[8]
بطبيعة الحال تعتبر أضرار الكوكايين على الصحة النفسية امتداداً لتأثير الكوكايين على عمل الدماغ والأعصاب والهرمونات في الجسم، إلى جانب تأثير الكوكايين على الحياة الاجتماعية للمدمن ما يضاعف الآثار النفسية السلبية.
يعاني مدمنو الكوكايين من الاكتئاب الشديد نتيجة تعطل امتصاص الدوبامين الطبيعي، ما يقودهم إلى رفع الجرعة وعدد مرات التعاطي، ما يسبب ضرراً أكبر في الدماغ والجهاز العصبي ينتج عنه انحرافات مزاجية وعاطفية أكثر خطورة.
كما يعاني مدمنو الكوكايين من حالات ذهاينة وهلوسات سمعية، إضافة إلى جنون العظمة، الأرق، نوبات الهلع، وسيكون الأشخاص الأكثر استعداداً لتطوير الفصام والذهان في خطورة أكبر مع تعاطي الكوكايين.[8]
نظرياً لا تختلف طريقة علاج إدمان الكوكايين عن علاج أنواع الإدمان على المخدرات، والتي تبدأ بإزالة السموم من خلال الإقامة في مصحات العلاج المتخصصة أو في المنزل تحت الرقابة، وتستمر هذه الفترة من أسبوع وحتى ثلاثة شهور، ثم تبدأ المرحلة الثانية وهي العلاج السلوكي والاجتماعي ومقاومة انتكاسة الإدمان، وفي حالة وجود أضرار جسدية مزمنة سيحتاج المريض إلى تلقي العلاج الطبي بالتزامن مع علاج الإدمان، علماً أنه لا يوجد أدوية خاصة لعلاج إدمان الكوكايين، ويتم استخدام الأدوية المساعدة لتخفيف أعراض الانسحاب. راجع مقالنا عن خطوات ومراحل علاج الإدمان على المخدرات من خلال النقر على هذا الرابط.