نفسية الزوجة بعد الخيانة وتأثير الخيانة على المرأة
ليس غريباً أن يكون أحد أسباب خيانة الزوج لزوجته هو عدم تقديره لتبعات هذه الخيانة على نفسية الزوجة، وأحياناً عدم اهتمامه بما قد تشعر به زوجته حين تكتشف الخيانة، وإن كانت الآثار النفسية والصحية التي تعاني منها الزوجة المخدوعة قد أُشبعت وصفاً في الأدب والدراما؛ فإن للعلم أيضاً كلمته في رصد حالة الزوجة النفسية بعد الخيانة وتأثير خيانة الزوج على الزوجة، نستكشف معاً كيف تكون نفسية الزوجة بعد الخيانة، ونتعرف إلى تأثير خيانة الزوج على الصحة العقلية والجسدية للمرأة، ونبحث عن إيجابيات للخيانة الزوجية!
تعتبر صدمة الخيانة من أكثر المواقف التي قد تواجهها الزوجة قسوةً، حتى إن لم تكن العلاقة مع زوجها على أحسن ما يكون، ذلك أن الخيانة تترك أثراً عميقاً في نفسية الزوجة ونظرتها لنفسها وقيمتها الذاتية، ونظرتها لزوجها وللأسرة التي أسّساها معاً، فكيف تكون نفسية المرأة بعد الخيانة؟ [1,2]
- الصدمة بسبب خيانة الزوج: أول مرحلة تمر بها الزوجة بعد اكتشاف الخيانة الزوجية هي الصدمة، حتى وإن كانت تتوقع أن زوجها يخونها أو كانت تتبعه منذ فترة؛ لن يجعل ذلك من صدمة الخيانة أقل ألماً، وتبدأ الصدمة بشعور الانكار "لا يمكن أن يكون هذا حقيقياً" ثم الشعور بالاشمئزاز من الزوج الخائن والرغبة باختفائه أو اختفائها!
- الشعور بخيبة الأمل والخذلان: عندما كان الزواج التزاماً طويل الأمد بين الزوجين؛ فإن الخيانة خيبة أمل كبيرة تصاب بها الزوجة، وهذا ما يفسر الألم الكبير الذي تسببه الخيانة الزوجية وصعوبة استعادة الثقة بالزوج بعد الخيانة.
- الغضب والرغبة بالانتقام: جزء أساسي من الصدمة النفسية للخيانة الزوجية هو الشعور بالغضب والرغبة الشديدة بالانتقام أو طلب الانتقام الإلهي، وعادةً ما تتناقص مشاعر الغضب بعد فترة وقد تتحول لكراهية عميقة في النفس، لكنها أقل عدوانية.
- الاكتئاب والحزن العميق: مرحلة الاكتئاب بعد الخيانة غالباً ما تمر بها الزوجة بعد تجاوز قوة الصدمة، وبعد انخفاض حدة الغضب والاشمئزاز والمشاعر القوية التي تتلو اكتشاف الخيانة، وذلك أن اكتئاب الزوجة بعد الخيانة ينتج عن تفكيرها بأسباب ما تعرضت له وشعورها بالضعف والانكسار.
- التشوّش وعدم القدرة على التفكير: من المشاكل النفسية التي تعاني منها الزوجة بعد الخيانة أيضاً التشوش وفقدان القدرة على التركيز والتفكير أو أداء مهامها الاعتيادية في البيت أو العمل، بعض السيدات يستطعن العودة إلى الكفاءة المعتادة في الأداء الذهني بعد فترة قصير، لكن بعض السيدات قد يعانين من تغيّر جذري بقدرتهن على الأداء في العمل أو الحياة الاجتماعية.
- الشعور بالذنب: من أسوأ المشاعر وأكثرها تأثيراً على نفسية الزوجة بعد الخيانة هو شعورها بالذنب والمسؤولية عن الخيانة، حيث تفكر الزوجة أنها أخطأت بشيءٍ ما جعل زوجها يخونها ويبحث عن امرأة غيرها، وقد يلعب الزوج الخائن دوراً في تغذية هذا الشعور لرمي المسؤولية على الزوجة.
- أسئلة متعبة بعد الخيانة: أيضاً من الأمور التي تتعب نفسية الزوجة بعد الخيانة كثرة الأسئلة التي تسألها لنفسها، وغالباً ما تكون هذه الأسئلة بدون أجوبة وحتى إن وجدت الإجابات لن تكفيها، هذه الأسئلة القهرية ليس الهدف منها إيجاد الإجابة بقدر ما هي تعبير عن دورة الألم التي تشعر بها الزوجة بعد الخيانة؛ ومن هذه الأسئلة مثلاً:
- منذ متى يخونني؟
- هل هذه أول مرة يخونني بها؟!
- هل خانني مع فلانة؟
- هل كان يخونني عندما قال أنه مع أصدقائه في الساحل؟
- هل يعرف أحد أنه يخونني!
- هل كانت هي من بادرت أم هو من أغواها؟
- كم مرة ناما معاً؟
- خيارات مؤلمة بعد الخيانة: تتعب نفسية المرأة بعد الخيانة من كثرة التفكير بالخيارات، فهي تشعر أن الاستمرار مع زوج خائن أمرٌ مستحيل، ثم تفكر أنّها لا تريد الانفصال عنه وتخاف على الأولاد وتخاف من الفضيحة، ثم تعود وتفكر بكرامتها وأنها لا يمكن أن تستمر، وتقول لنفسها ربما نبقى معاً لكن دون أن يكون بيننا كلام حتى! هذه الخيارات المؤلمة جميعها؛ تساهم في تعب نفسية الزوجة بعد الخيانة.
- اهتزاز الصورة الذاتية: تعشر الزوجة بعد تعرضها للخيانة أنّها لم تكن على القدر الكافي من الجمال أو المرح والجاذبية لتجعل زوجها مخلصاً! وتفكر أنها لو كانت أكثر رشاقة أو ربما أكثر ثقافة أو حتى أكثر انفتاحاً ومرحاً لما خانها زوجها، هذه الأفكار تسبب اهتزاز ثقة الزوجة بنفسها وانكسار صورتها الذاتية.
- اهتزاز الصورة الاجتماعية: أيضاً تفكر الزوجة بنظرة المجتمع إليها في حال انفضحت خيانة زوجها لها، وما سيقوله الناس عنها وعن زوجها، وربما تدخلها هذه الأفكار بحالة من الوسواس وتشعر أن كل ناس تعرف ما حصل وتتكلم بالموضوع.
- محاولة الحفاظ على مظهر القوة: من الأمور التي تضغط على نفسية الزوجة بعد الخيانة محاولتها الحفاظ على مظهرها القوي وأنّها قادرة على تجاوز الأمر والتعامل معه، بعض الزوجات لا يبدين أي ردّ فعلن واضح ويحاولن كبت كل المشاعر السلبية وإخفاء انكسارهن بعد اكتشاف الخيانة، والبعض الآخر يحاولن النهوض بأسرع وقت من مرحلة الانهيار والحزن، وعلى الرغم من أهمية هذه المحاولة بالشفاء من ألم الخيانة؛ إلّا أنها قد تترك آثاراً طويلة الأمد على نفسية الزوجة إن لم تجد طرق سليمة لتفريغ العواطف والأفكار السلبية.
- الاجترار النفسي: يمكن تعريف الاجترار في علم النفس أنه العودة إلى التفكير في التجارب المؤلمة كلما اقتربت من الشفاء، بمعنى آخر "نكز الجراح"، وذلك من خلال إعادة استحضار الظروف والعوامل التي أحاطت بالتجربة العاطفية المؤلمة وإعادة تكرار الأسئلة والأفكار المرتبطة بهذه التجربة، وتشير الأبحاث أن النساء أكثير ميلاً من الرجال للاجترار النفسي وأكثر ميلاً لاستحضار الاكتئاب.[3]
- تحفيز الألم الجسدي: عند اكتشاف الخيانة وربما في كل مرة تتذكر فيها الزوجة أنها تعرضت للخيانة؛ قد تشعر بألم جسدي حقيقي، حيث تشير الدراسات أن التجارب المؤلمة عاطفياً تحفّز نفس المناطق في الدماغ التي يحفزها الألم الجسدي عند تعرضنا للحروق مثلاً.[4]
- أعراض الخيانة تشبه أعراض الانسحاب من الإدمان: حيث تشير الدراسات أن التعرض للخيانة قد يترك أعراضاً تشبه أعراض الانسحاب في بداية علاج الإدمان، خاصّةً عندما تجمع الزوجين علاقة حب عميقة، فالحب يغذي نفس مسارات المكافأة في الدماغ التي تغذيها المواد المخدرة، والشعور المفاجئ بانكسار الحب يشبه الانقطاع المفاجئ عن المخدرات!
- الاضطرابات النفسية التي تصاب بها الزوجة بعد الخيانة: تحدثنا عن الاكتئاب والقلق وما يرافقهما من اضطرابات النوم والشهية والاجترار النفسي، وقد تكون الخيانة مسؤولة عن تطوير اضطرابات أكثر تعقيداً لدى الزوجة، منها اضطرابات الشك والغيرة والمرضية والخوف المرضي من الخيانة وجنون الارتياب، واضطراب تشوّه صورة الجسد.
- الانخراط في سلوكيات مؤذية: حيث قد تميل الزوجة المخدوعة إلى بعض السلوكيات الجديدة بعض تعرضها للخيانة والتي قد تكون شديدة التأثير على صحتها الجسدية والنفسية، مثل الامتناع عن تناول الطعام أو الإفراط بممارسة الرياضة، التدخين وتعاطي الكحول والمواد المخدرة، أو حتى الانخراط في علاقات جنسية غير مشروعة وغير آمنة، ويزداد ميل المرأة إلى سلوك إيذاء الذات إذا كانت تعتقد أنها مسؤولة عن خيانة زوجها لها بشكلٍ أو بآخر.[5]
- عدم الاهتمام بالصحة: تشير دراسة أجريت على 312 مشاركاً لرصد تأثير صدمة الخيانة على الصحة الجسدية؛ أن التعرض للخيانة يقود إلى انخفاض التزام الفرد بالعلاج وانخفاض ثقته بالأطباء، وخلصت الدراسة أن صدمة الخيانة ترتبط بشكل واضح بالحالة الصحية السيئة.[6]
لا يمكن القول أن الآثار النفسية للخيانة ستكون ذاتها على الجميع، على الرغم من الاتفاق على الخطوط العريضة، إلّا أن الظروف المحيطة بحدث الخيانة والعوامل الذاتية وطبيعة العلاقة بين الزوجين؛ جميعها تلعب دوراً في شكل ونوع التأثير النفسي على الزوجة بعد اكتشاف الخيانة، ومن وأبرز هذه العوامل:
- ردة فعل الزوج: في البداية قد لا تأبه الزوجة بردة فعل الزوج، وستشعر أنه كاذب بندمه ولا يستحق الرأفة، لكن إظهار الزوج للندم الحقيقي بعد الخيانة يلعب دوراً حاسماً في تقليل آثار الصدمة على الزوجة، اقرأ أكثر عن أثر ندم الزوج بعد الخيانة من خلال النقر على هذا الرابط.
- طبيعة العلاقة بين الزوجين: تتألم الزوجة من الخيانة مهما كانت طبيعة علاقتها بزوجها، لكن عندما تجمعها بزوجها قصة حب وتفاهم، سيكون ألم الخيانة مضاعفاً، وقد لا تدرك الزوجة بسهولة أن للخيانة دوافع لا ترتبط بالضرورة بحب الزوج لزوجته أو رضاه عن حياتهما.
- تكرار الخيانة: الخيانة المتكررة قد تقلل من مشاعر المفاجأة والإنكار والصدمة لدى الزوجة، لكنها تضاعف من الشعور بالذنب والانكسار وانخفاض احترام الذات، وتعمّق الفجوة بين الزوجين على المدى الطويل.
- شخصية الزوجة: شخصية الزوجة أيضاً عامل مهم في ردة فعلها على الخيانة، فالزوجة ذات الشخصية الحساسة قد لا تستطيع تجاوز الصدمة بسهولة وتميل لتحميل نفسها المسؤولية، فيما تكون الزوجة ذات الشخصية القوية أكثر قدرة على مواجهة الزوج وتحميله المسؤولية.
- ظروف الزوجة الاجتماعية: فعندما تكون المرأة قادرة على اتخاذ قرار حرّ دون الخوف من التشرد أو الوصمة الاجتماعية أو ردة فعل أهلها على قرار الانفصال، تكون أكثر قدرة على التعامل مع مشاعرها الحقيقية تجاه خيانة زوجها، فيما تميل المرأة التي تخشى من الوصمة الاجتماعية إلى إيجاد مبررات للخيانة ستسبب لها المزيد من الألم النفسي.
- مَنْ يعرف بأمر الخيانة! أيضاً يؤثر مدى اتساع دائرة العارفين بالخيانة على رد فعل الزوجة وعلى نفسيتها بعد الخيانة، فعندما تكون خيانة الزوج علنية ويعلم بها المحيطون بالأسرة؛ تشعر الزوجة بإهانة مضاعفة.
لا شك أن الأضرار النفسية التي تعاني منها الزوجة بعد الخيانة لا تترك مجالاً واسعاً للحديث عن إيجابيات الخيانة، لكن مع ذلك قد تكون الخيانة الزوجية نقطة فارقة في حياة الزوجة تنقلها نقلة نوعية على مستوى وعيها بذاتها ووعيها بمتطلبات العلاقة الزوجية، وحتى على مستوى خياراتها المستقبلية في حال انفصلت عن زوجها، ومن الإيجابيات المحتملة التي قد تجنيها الزوجة من الخيانة:[7]
- الخيانة قد تحل المشاكل العالقة بين الزوجين: في حال استمر الزواج بعد الخيانة وكانت خيانة الزوج مجرد نزوة؛ قد تصبح حادثة الخيانة نقطة انطلاقة جديدة للعلاقة بين الزوجين، حيث يستفيد الزوجان من هذه التجربة ويحاولان التغلب على مشاكلهما واستعادة حياتهما الهادئة.
- إعادة النظر: تعرُّض الزوجة للخيانة قد يكون أيضاً مفتاحاً لإعادة النظر في الكثير من الأمور المتعلقة بذاتها ونظرتها للحياة، بغض النظر إن كانت ستستمر مع زوجها أم لا، حادثة الخيانة من الحوادث الصادمة التي تتدخل في إعادة بناء الأفكار والعادات وإعادة برمجة العقل الباطن.
- الاهتمام بالذات: حيث تميل المرأة أكثر للاهتمام بذاتها بعد تجاوز تجربة الخيانة الزوجية، وتحاول أن تضع أهدافاً جديدة وتعمل على تحقيقها، وتحاول أن تملأ مواطن الضعف لديها من خلال تطوير ذاتها.
- الانفصال الجيد: في كثير من الزيجات قد يكون الانفصال أفضل بكثير من الاستمرار، ولكن بسبب الاعتياد والخوف من التغيير والخوف من ظلم الشريك أو أفراد الأسرة بقرار الانفصال؛ كل ذلك يؤخر الطلاق ويؤجّله، وقد تكون الخيانة تجربة حاسمة تجعل أحد الزوجين يأخذ قراراً نهائياً بالانفصال، ونحن نتحدث هنا عن حالات الانفصال التي تكون أكثر نفعاً لجميع الأطراف من استمرار الزواج.
- التعرض للخيانة يحسّن مهارات الاختيار: في حال انفصال الزوجة عن زوجها الخائن، فإن التجربة التي مرّت بها تحسّن من مهاراتها في اختيار شريك جديد في المستقبل، بل تحسّن من مهاراتها في التعامل مع الآخرين ورسم ملامح العلاقة وحدودها، لكن هذا ليس شرطاً لازماً ولا تجربة يمكن تعميمها.
في إحدى الاستشارات على موقع حِلّوها لا تشتكي الزوجة من الخيانة الزوجية بحد ذاتها بقدر شعورها بالقهر والغبن لأنها لم تتخذ موقفاً من خيانة زوجها لها وأظهرت أنها تسامحت معه، وهي عالقة بالاجترار النفسي حيث تعيد على نفسها الموقف وتشعر أنها أخطأت بردة فعلها ما جعلها في حالة نفسية صعبة.
اقرأ القصة الكاملة وردود الخبراء والقراء من خلال النقر على هذا الرابط.
في استشارة أخرى وهي غريبة نوعاً ما؛ تقول الزوجة أنها لم تتأثر عندما اكتشفت محادثة عاطفية بين زوجها وفتاة كان يحبها قبل الزواج، بل أنها لا تدري إن كانت تحب زوجها ويحبها فعلاً أم أنهما يعيشان معاً بالمجاملة! وهي في حيرة إن كان يجب أن تواجهه أم لا ضرورة لذلك بما أنها لم تشعر بألم الخيانة أو قسوتها.
راجع القصة الكاملة وآراء الخبراء والقراء من خلال النقر هنا.