أسباب التأتأة عند الأطفال وتمارين علاج التأتأة والتلعثم
التأتأة والتلعثم بالكلام من الأعراض الشائعة بين الأطفال في سن ما قبل المدرسة، وتتباين حدة التأتأة ومدة استمرار التأتأة عند الطفل بشكل كبير بين طفل وآخر، كما تلعب العديد من العوامل الوراثية والبيئية دوراً في ظهور التأتأة والتلعثم عند الطفل حتى بعد تعلمه الكلام السوي.
نبحث في هذا المقال عن أعراض وأسباب التأتأة عند الأطفال، وأسباب التأتأة عند الطفل بعد الكلام السوي، ومتى يجب أن يقلق الأهل من التأتأة عند الطفل، وطرق علاج التأتأة، إضافة إلى تمارين علاج التأتأة عن الطفل.
التأتأة هي مشكلة في تدفق الكلام الطبيعي، غالباً ما تواجه بعض الأطفال في بداية تعلم الكلام بين السنة الثانية والسنة الخامسة، ومن الشائع أن يختبر الأطفال نوعاً من أنواع التلعثم أو التأتأة بشكل عرضي وطبيعي خلال نموّهم حتى بعد تعلم الكلام السوي بطريقة صحيحة.[1]
وهناك ثلاثة أنواع أساسية للتأتأة عند الأطفال: [2]
- التأتأة النمائية: التأتأة التطورية أو النمائية Developmental stuttering أكثر أنواع التأتأة شيوعاً بين الأطفال، وتظهر التأتأة عند الطفل في هذه الحالة بين السنة الثانية والسنة الخامسة، ويكون السبب وجود فجوة بين مهارات الطفل اللغوية وقدرته على الكلام وبين ما يريد التعبير عنه، حيث تزول التأتأة النمائية مع تقدم الطفل في العمر واكتسابه المزيد من مهارات الكلام واللغة.
- التأتأة العصبية Neurogenic stuttering: لا ترتبط التأتأة العصبية بالعمر بقدر ما ترتبط بأذية في الدماغ والأعصاب نتيجة إصابة ما، ينتج عنها خلل في الإشارات العصبية بين الدماغ والأعصاب والعضلات المسؤولة عن الكلام.
- التأتأة النفسية Psychogenic stuttering: ولا تعتبر التأتأة النفسية من الحالات الشائعة بين الأطفال، حيث تنتج التأتأة أو التلعثم بالكلام بسبب صدمة عاطفية أو مشاكل في التفكير المنطقي.
تختلف أعراض التأتأة من طفل إلى آخر، كما أن التأتأة عند الطفل ذاته قد تختلف من وقت إلى آخر ومن موقف إلى آخر، وعلى الأهل مراجعة الطبيب المختص إذا استمرت التأتأة عند الطفل بشكل مستمر لمدة بين 3 و6 أشهر، وأبرز أعراض التأتأة:
- تكرار الأصوات أو المقاطع أو الكلمات، على سبيل المثال: م م م م ماذا؟.
- إطالة مقطع صوتي أو حرف غالباً في بداية الكلمة مثل: سسسسسامر
- استخدام لازمة في الكلام مثل مم "كنت ألعب مم مع صديقي وسمعت صوتاً مم عالياً".
- التحدث ببطء شديد، أو التوقف لفترات طويلة بين الكلمات والمقاطع.
- التوقف عن الكلام، أو فتح الفم للحديث دون قول شيء.
- الشعور بضيق النفس أو تسرع التنفس عند الحديث.
- رفرفة العين عند الكلام وارتجاف الشفتين.
- زيادة التأتأة والتلعثم بالكلام مع التعب والإجهاد.
- الخوف من الكلام.
لا يعرف الأطباء أسباباً مثبتة للتلعثم والتأتأة عند الأطفال، لكن يعتقدون أن التأتأة قد تكون نتيجة أحد الأسباب التالية: [3,4]
- التلعثم الطبيعي والتأتأة الطبيعية عند الأطفال: والتي غالباً ما تتزامن مع محاولات الطفل الجمع بين الكلمات في جمل طويلة، وعادة ما تظهر بوضوح بعد السنة الثانية من عمر الطفل، وتكون غير مستقرة، حيث يكتسب الطفل الطلاقة في الكلام بشكل تدريجي وقد تعود التأتأة وتختفي دون جهد خاص.
- مشاكل عصبية وفيسيولوجية: قد ينتج التلعثم عند الأطفال نتيجة تأخير في وصول الرسائل العصبية إلى العضلات المسؤولة عن الكلام، حيث يواجه الطفل صعوبة في التنسيق بين الرغبة بالكلام وبين حركة عضلات الفم واللسان، وفي معظم الحالات يتجاوز الأطفال هذه المشكلة مع التقدم في العمر.
- العوامل الوراثية: تلعب العوامل الوراثية دوراً أيضاً بالتأتأة عند الأطفال، حيث يكون الطفل أكثر عرضة للتأتأة والتلعثم إذا كان أحد الوالدين أو الأقارب عانى من التأتأة في صغره، وهذا لا يعني بالضرورة أن الطفل سيعاني من التأتأة العائلية بكل تأكيد.
- نمو الطفل ومشاكل الكلام: حيث يكون الأطفال الذين يعانون من مشاكل بالنمو ومشاكل باكتساب المهارات اللغوية أكثر عرضة للتأتأة والتلعثم بالكلام.
- ومن الجدير بالذكر هنا أن الطفل لا يمكن أن يتعلم التأتأة من طفل آخر يتأتئ أو من شخص كبير يعاني من التلعثم بالكلام، لأن التأتأة ليست سلوكاً يكتسبه الطفل والتلعثم مشكلة خارجة عن إرادة الطفل.
- لا يسبب القلق أو الاكتئاب حالة التأتأة، لكن التلعثم بالكلام قد يكون من أسباب الاكتئاب والإجهاد النفسي خاصة عند الأطفال الأكبر سناً والمراهقين.
- النمط التربوي: حيث يعتقد أن التوقعات المرتفعة من الأهل ومحاولة الضغط على الطفل لتعلم الكلام باكراً والاستجابة لنمط الحياة السريع؛ قد يكون كل ذلك من أسباب التأتأة.
- الصدمة العاطفية: وتعتبر من الحالات النادرة أن تسبب الصدمة العاطفية تأتأة أو تلعثماً بالكلام، وهناك أدلة قليلة تشير إلى وجود رابط بين الاضطرابات العاطفية عند الأطفال وبين التأتأة والتلعثم.
يعاني حوالي 5% من الأطفال من التأتأة أو شكل من أشكال التلعثم بالكلام، وليس من الغريب أن يعاني الأطفال من التأتأة بعد الكلام السوي، ومن المألوف أن يتأرجح الأطفال بين فترات من الطلاقة بالكلام وفترات من التلعثم.[5]
وقد تبدأ التأتأة عند الطفل بعد الكلام السوي بشكل مفاجئ حيث يستيقظ من النوم مع أعراض التأتأة والتلعثم، وقد تزول بشكل مفاجئ، كما قد تظهر أعراض التأتأة بشكل تراكمي وتزول بالتدريج مع التمرين والممارسة.[3]
لكن مع ذلك على الأهل الانتباه جيداً لعلامات التأتأة التي قد تكون مؤشراً على وجود مشكلة ما، وأبرزها:[5]
- وجود صعوبة في حركة عضلات الفم عند الكلام، وبذل الطفل جهداً كبيراً في محاولة تجنب التأتأة.
- استمرار التأتأة بعد الكلام السوي لأكثر من ثلاثة أشهر، في هذه الحالة على الأهل مراجعة الطبيب المختص.
- التلعثم يصبح أكثر تكراراً والتأتأة تكون أكثر وضوحاً مع مرور الوقت.
- التوتر الصوتي الذي يتجلى بارتفاع الصوت المفاجئ أثناء الحديث.
- تجنب المواقف التي تتطلب الكلام.
- إذا كان الطفل ذكراً؛ حيث يتضاعف احتمال التأتأة عند الأطفال الذكور مقارنة بالإناث.
- وجود تاريخ عائلي للتأتأة والتلعثم بالكلام.
- ظهور التأتأة عند الطفل في سن متأخر بعد أربع سنوات.
- وجود اضطرابات أخرى لدى الطفل بالتزامن مع مشكلة التأتأة والتلعثم بالكلام.
في معظم الحالات تختفي التأتأة عند الأطفال من تلقاء نفسها مع بلوغ الطفل سن الخامسة أو في فترة دخوله للمدرسة، فيما قد يستمر التلعثم لدى بعض الأطفال لفترة أطول، وعلى وجه العموم يجب على الأهل مراجعة طبيب الأطفال وأخصائي النطق لاستبعاد أي أسباب صحية وعصبية للتأتأة والتلعثم، كما يجب على الأهل اللجوء للطبيب المختص في حال استمرار التأتأة والتلعثم لفترات طويلة أو استمرار التأتأة بعد سن خمس سنوات وازدياد التلعثم وضوحاً بدلاً من انحساره.
ننصح باللجوء إلى أخصائي النطق لتشخيص حالة التأتأة عند الطفل ووضع برنامج مناسب لعلاج التأتأة، ومن الجدير بالذكر أنه لا يوجد علاج طبي أو دوائي للتلعثم والتأتأة، ويعتمد المعالجون على التدريب لمساعدة الطفل على تجاوز التلعثم والتأتأة، كما تختلف تقنيات ومدة علاج التأتأة من طفل لآخر.[4]
ويمكن للأهل المساهمة في علاج التأتأة عند الأطفال من خلال الأمور التالية:
- هل يجب أن أتحدث مع طفلي عن التأتأة؟ إذا كان الطفل يعرف ما هي مشكلته ويشعر أنه يعاني من التلعثم والتأتأة؛ سيكون من الجيد أن تتحدث مع الطفل بانفتاح وأن تهوّن عليه وتساعده على تجاوز الشعور السلبي تجاه التأتأة، أما إذا كان الطفل لم يدرك بعد المشكلة التي يعاني منها؛ فمن الأفضل ألّا تتطرق إليها قبل الذهاب إلى أخصائي مشاكل النطق والكلام.
- الحد من ضغوط التواصل: من نصائح علاج التأتأة عند الطفل تخفيف ضغط التواصل عليه وتقليل الفرص التي تجعل الطفل يتلعثم في الكلام، مثل طرح أسئلة مغلقة تساعد الطفل على اختصار الإجابة، وعدم التركيز على الكلمات أو الجمل التي يتعثر بها الطفل أو محاولة إجباره على إعادتها.
- تجنب التصحيح والانتقاد: لا تحاول استعجال الطفل، وامنح الطفل الوقت الكافي للتعبير عمّا يريد قوله ولا تحاول مقاطعته أو أن تطلب منه توضيح ما يقوله أو إبطاء سرعة الكلام، فهذه الطريقة في التعامل مع التأتأة عند الأطفال إن لم تكن ضارّة فهي ليست مفيدة.[5]
- لا تحاول إجبار طفلك على التفاعل اللفظي مع الآخرين: بل يجب أن تبحث عن أنشطة تحتاج قدراً أقل من التفاعل اللفظي، كما يجب أن تحافظ على الاتصال البصري مع الطفل وتساعده على إنشاء اتصال قوي بالعيون معك.
- راقب طريقتك بالكلام: حاول أن تكون هادئاً في الحديث مع طفلك وأن يسمع الطفل الكلمات منك بوضوح وهدوء، وحافظ على فواصل بين الجمل تسمح للطفل بإدراك الحدود بين الكلمات والجمل.
- لا تتفاعل بطريقة سلبية مع التأتأة عند طفلك: وتجنب النعوت والأوصاف أو المساومة والرشوة، بل اعتمد الثناء على الكلمات الصحيحة والمحاولات الجادة.[2]
- احرص على توفير بيئة مناسبة للطفل: حاول إبطاء إيقاع الحياة في أسرتك، وإعادة النظر في التوقعات المرتفعة حول نبوغ الطفل، كما يجب أن تحاول التقليل من عوامل الإلهاء مثل التلفاز والموبايل، وجد وقتاً خاصاً لحديث مفتوح وممتع مع الطفل.
- اعمل على تبديد الخوف والقلق عند الطفل: فمشاعر الخوف والقلق عند الطفل من العوامل التي قد تؤثر على علاج التأتأة والتلعثم، لذلك عليك أن تحاول التعامل مع مخاوف الطفل وأن تقلل من القلق أثناء الحديث أو الخوف من الكلام أو التعبير.
- لا تتردد في طلب المساعد من أخصائي النطق، حيث سيقدم لك أخصائي علاج مشاكل النطق مجموعة من التوصيات المهمة والاستراتيجيات الفعالة لعلاج التأتأة عند الطفل.
تعمل تمارين علاج التأتأة عند الأطفال على تدريب عضلات الفك واللسان والتناسق بين الكلام والتنفس، وعادةً ما يتم إجراء هذه التمارين لأول مرة بحضور أخصائي النطق الذي يعلم الأهل كيفية تطبيق تمارين علاج التأتأة في المنزل، ومن أهم هذه التمارين: [6]
- تمرين الأحرف الصوتية: يعتمد هذا التمرين على تدريب الطفل باستخدام الأحرف الصوتية المتحركة بصوت مرتفع وواضح، ويمكن ذلك باستخدام الأحرف اللاتينية (A, U, O, I) ويتم تدريب الطفل على شكل الوجه أثناء نطق هذه الحروف باستخدام المرآة، يمكنك تطبيق هذا التمرين لعلاج التأتأة مرة يومياً.
- تمارين التوقف المؤقت: يعاني الأطفال من مشكلة التوقف المؤقت في أماكن غير مناسبة، ويعمل هذا التمرين على تصحيح أماكن التوقف المؤقت بين الكلمات بدلاً من التوقف داخل الكلمة نفسها، يجب أن يكون الطفل مرتاحاً ومسترخياً، ويجب أن تتم ممارسة تمارين التوقف المؤقت مرة يومياً على الأقل، والأفضل أن يتعامل الطفل مع هذا التمرين وكأنّها لعبة.
- تمرين الفك واللسان: يستهدف هذا التمرين علاج التأتأة من خلال تقوية عضلات الفك واللسان وتدريبها على الحركات المناسبة.
وذلك من خلال فتح الفك لأقصى حد دون ألم، ثم تحريك اللسان إلى الأعلى وإلى الداخل حتى يلامس سقف الحلق دون الشعور بألم، والبقاء على هذه الوضعية قليلاً.
ثم إخراج اللسان وإلى الأسفل وكأن الطفل يحاول لمس ذقنه بلسانه، والثبات على هذه الوضعية قليلاً، يمكن ممارسة هذا التمرين عدة مرات يومياً شريطة أن يكون الطفل مرتاحاً. - تمارين التنفس: تدريب الطفل على التنفس من المعدة يعد أسلوباً فعالاً للحد من التلعثم والتأتأة، لأن جزء من مشاكل التأتأة عند الأطفال نتيجة توتر العضلات وسوء التنسيق بين التنفس والحديث.
- الشرب بالمصاصة: يعتبر الشرب بالمصاصة أو الشلمون من التمرينات المهمة أيضاً لتقوية عضلات اللسان والشفاه والحصول على وضعية مهمة من وضعيات النطق.