تأثير التوحد على البالغين وعلاج التوحد عند الكبار
يعرّف اضطراب التوحد بأنه حالة عصبية نمائية تخلق صعوبات في التفاعل والتواصل الاجتماعي مثل صعوبات تفسير لغة الجسد وتعابير الوجه، كما يتميز أيضاً بأنماط سلوكية متكررة مثل ترتيب الأشياء وإعادة ترتيبها، فما هو التوحد؟ وكيف يصيب الكبار؟ وما هي اعراضه؟ وما هي طرق علاجه؟ أسئلة نجيب عليها في هذا المقال.
- ما هو التوحد؟ وهل التوحد يصيب الكبار؟
- أعراض التوحد عند البالغين وتأثير التوحد على الكبار
- تشخيص مرض التوحد لدى البالغين
- التوحد عند الكبار والقدرة على التعلم
- "هل يتزوج المصاب بالتوحد؟" التوحد والزواج وبناء العلاقات
- تأثير التوحد على الصحة الجسدية للبالغين
- أهداف علاج اضطراب التوحد عند الكبار
- العلاج النفسي لاضطراب التوحد عند البالغين
- علاج اضطراب التوحد باستخدام الأدوية
- المصادر و المراجع
التوحد يظهر بشكل أساسي في سن الطفولة المبكرة، وقد تتفاوت أعراض التوحد في المراحل العمرية المختلفة، ذلك يعتمد على درجة الحالة التي يعاني منها المصاب بالتوحد وأساليب العلاج المتبعة معه، وقبل الحديث عن كل ذلك يجب ذكر بعض النقاط عن بداية التوحد في سن الطفولة لننتقل بعد ها للحديث عن اضطراب التوحد عند البالغين.
- التوحد في سن الطفولة: يتعرض الطفل خلال نموه إلى عدة أحداث تطورية مكتسبة هامة يتعلم فيها مجموعة من المهارات مثل مهارات اللغة والتواصل عن طريق الإشارة والتواصل الاجتماعي وبعض الوظائف الفكرية مثل القدرة على حل المشكلات كما أنه يتعلم بعض المهارات الحركية مثل الزحف والمشي والتحكم بالأطراف بشكل أفضل.
هذه المهارات والعمليات تنتج من تطور الدماغ خلال الوقت الذي ينمو الطفل فيه، وفي حال فشل تطور أحد هذه المهارات التي يجب على الطفل أن يتقنها خلال وقت زمني محدد يمكن وصف هذا الفشل باضطراب في التطور العصبي أي تطور الدماغ.
وعندما يكون هذا الفشل بشكل خاص في بعض المهارات مثل التنشئة الاجتماعية والتواصل فإن هذا الفشل يؤدي إلى العزلة والوحدة، ومن هذه الوحدة اشتق أسم المرض التوحد. - مرض التوحد عند الكبار: لا يصيب التوحد الكبار في السن وإنما يستمر معهم منذ الطفولة وهنا يجب أن نميز بين حالات التوحد عند البالغين وهي:
- الحالة الأولى يكون فيها الفرد يعاني من اضطراب التوحد منذ الطفولة ولكن لم تنجح وسائل العلاج التي قام بها أو انه لم يلقَ العلاج المناسب في الطفولة واستمر معه هذا الاضطراب حتى البلوغ.
- الحالة الثانية يكون فيها صاحب اضطراب التوحد يقوم بأداء عالي خلال مرحلة الطفولة ما يتسبب بعدم ظهور اعراض الاضطراب عليه في مرحلة الطفولة وظهورها عند البلوغ بشكل أكبر.
- الحالة الثالثة وهي ظهور بعض الأعراض في سن الطفولة لكن يحدث خطأ أثناء تشخيص اضطراب التوحد ويتم تشخيصه بأمراض مثل نقص الانتباه وفرط الحركة واضطراب الوسواس القهري.
قد يعاني البالغين المصابين باضطراب التوحد صعوبات أخف مقارنة بالأطفال، رغم ذلك لا يوجد تجانس بين المصابين من حيث الأعراض التي تظهر عليهم بسبب تدرج هذا المرض من حالات خفيفة إلى حالات شديدة ودرجات متفاوتة من الإعاقة الذهنية تتراوح من الذكاء الفوق المتوسط إلى أقل من ذلك بكثير، لكن هذه الأعراض تحدث في ثلاثة مجالات رئيسية هي "التفاعلات الاجتماعية، والتواصل اللفظي وغير اللفظي، والسلوكيات المتكررة أو النمطية" [1] والتي تنعكس على حياته فيما يلي: [1,2,3]
- إضرابات في كيفية إدراك البيئة المحيطة: حيث أن مريض التوحد قد يعاني من:
- صعوبات في تنظيم العواطف والاستجابة لها
- كما أنه قد يعاني من نوبات أو انهيار عاطفي له في حال حدوث تغيرات في الروتين أو حدوث شيء غير متوقع حتى أنه قد ينزعج جداً عند القيام بتحريك أو نقل أحد أغراضه أو إعادة ترتيبها، فهو معتاد بشكل كبير على الترتيب واجراء جداول وأنماط يومية صارمة ولا يجوز تغيرها أو تعديلها.
- يتميز مريض التوحد بافتعال الضجيج في الأماكن التي يتوقع فيها الهدوء.
- حواجز التواصل بسبب كيفية معالجة المعلومات ولفظها: حيث يعاني مرضى التوحد من:
- صعوبات في تفسير ما يشعر به الآخرين
- عدم المقدرة على قراءة تعابير الوجه أو لغة الجسد أو الإشارات الاجتماعية المختلفة
- مشاكل في اجراء المحادثات مع الآخرين وعدم المقدرة على متابعة المحادثة واستخدام أنماط الحديث المباشر بطريقة رتيبة ونمطية حيث أنها لا تعبر عن المشاعر العاطفية
- الحديث بشكل كبير عن موضوع أو موضوعين مفضلين فقط، كما يتصف مريض التوحد بصعوبة بناء صداقات حميمة والحفاظ عليها>
- الحاجة للحفاظ على أنماط وطقوس جامدة تتميز بما يلي:
- طقوس متكررة يمكن أن تتداخل مع التفاعلات الاجتماعية ونوعية الحياة
- المشاركة في مجموعة محدودة فقط من الأنشطة
- معرفة عميقة بموضوع محدد مثل الفرق الرياضية والاهتمام الشديد به أو فرع معين من العلوم.
في بعض الأحيان قد يتم تشخيص اضطراب التوحد في وقت متأخر حيث تبدأ الأعراض بالتداخل مع الأنشطة اليومية [3] فلا يوجد اليوم معايير قياسية لتشخيص البالغين المصابين باضطراب التوحد، لكن:
- يقوم الأطباء بتشخيص مرض التوحد من خلال سلسلة من الملاحظات والتفاعلات الشخصية والاختبارات النفسية والعقلية
- إضافة للأخذ بالاعتبار أي من الأعراض قد يعاني منها المريض، حيث يقوم الطبيب أثناء تشخيص المرض بالتركيز على المشاكل التي تتعلق بالتواصل والعواطف والانماط السلوكية ومجموعة من الاهتمامات المختلفة
- كما يركز الأطباء على أنماط السلوك للفرد على مدى كامل حياته وقد يعود الطبيب حتى إلى فترة الطفولة عند تشخيص الحالة بشكل أفضل، والتشخيص الجيد يساعد الأشخاص المحيطين بالمريض لفهم كيفية مساعدته بشكل أكبر. [2]
المقدرة على التعلم تختلف من حالة إلى أخرى بشكل كبير لكن بالمجمل يستطيع من يعاني اضطراب التوحد التعلم مع وجود بعض الخصائص مثل:
- قد يمتلك مرضى اضطراب التوحد مقدرات تعليمية أعلى من نظرائهم بسب قدرتهم على التركيز في مواضيع محددة من العلوم، لكن التركيز الانتقائي قد يكون سبباً في بعض صعوبات التعلم التي يعاني منها الكبار. [4]
- الصعوبات التي يواجها المصابين بالتوحد غالباً ما ترتبط بالحياة اليومية اثناء التعلم مثل الذهاب للجامعة والعودة أو الإقامة في السكن الجامعي والاستقلالية في حياتهم.
- يوجد لدى كثير من الجامعات برامج خاصة للمصابين باضطراب التوحد تساعدهم في الحياة اليومية أثناء التعلم وتأمن لهم حاجاتهم الأساسية.
- أصحاب الأداء العالي من المصابين باضطراب التوحد يستطيعون بالقليل من المساعدة التغلب على جميع العقبات التي قد يوجهونها اثناء العملية التعليمية.
المصاب باضطراب التوحد لا يعاني من مشاكل فيزيولوجية تمنعه إقامة العلاقة الجنسية ولكن تكمن المشكلة في أنه قد يواجه صعوبات ترتبط بطريقة تصرفه وسلوكه مع الشريك وكيفية التواصل بينهما وهذه أهم النقاط التي تحدد إمكانية الزواج: [5]
- درجة إصابة التوحد التي يعاني منها الزوج أو الزوجة، وبالتالي أماكن أو مجالات العجز التي يعاني منها.
- الأعراض المرتبطة بكل حالة بشكل خاص.
- البرامج العلاجية التي يقوم بها المصاب.
- البرامج التعليمية لكيفية التعامل مع المصاب باضطراب التوحد التي يقوم بها الشريك.
- مدى تفهم وتقبل الشريك للشخص المصاب والتفاهم في حياتهما.
المصابين باضطراب التوحد يكونوا معرضين للإصابة بالعديد من المشاكل الصحية مثل: [6]
- الاضطرابات الأيضية مثل مرض السكري.
- الاضطرابات المناعية مثل الحساسية والربو.
- اضطرابات حركية مثل الشلل الدماغي.
- يكون أصحاب اضطراب التوحد أكثر عرضة للإصابة بالسمنة.
- ومن المثير للاهتمام أن المصابين باضطراب التوحد تقل لديهم احتمالية الإصابة بأمراض السرطان.
الحديث عن علاج اضطرابات التوحد لا يعني الشفاء التام وإنما العمل على:[3]
- تحسين المهارات الاجتماعية والقدرة على التنقل بالعالم الخارجي بنجاح للمصاب.
- وتحسين المهارات الوظيفية والمساعدة في إدارة المشاعر بشكل صحيح
- والعمل على تحسين المهارات الشخصية للمصاب.
- وقد يتضمن العلاج معالجة قضايا الأسرة وتقوية العلاقات الأسرية.
- معالجة الأزمات التي تتجنب الأسرة الحديث عنها من أجل تقوية مقدرات العائلة على العيش مع التوحد والتعامل معه على أنه حالة وليس مرض.
تحديد العلاج المناسب يعتمد بشكل كامل على استجابة الفرد لتشخيص مرض التوحد، ويمكن لخطة العلاج أن تتضمن طريقة أو أكثر من نفس الأساليب المستخدمة مع الأطفال وبالتالي فإن العلاج يعتمد على شدة مرض التوحد لدى الشخص البالغ ويتم العلاج عن طريق العلاج النفسي والعلاج بالأدوية. [7]
يواجه العلاج النفسي للبالغين المصابين باضطراب التوحد صعوبات في التواصل لأن العلاج هو عملية اجتماعية بطبيعتها، إضافة إلى التحديات الأخرى مثل التفكير الجامد وصعوبة إكمال الواجبات المنزلية وعدم تحديد العواطف أو فهمها، وتبرز هذه التحديات في تكييف العلاج مع الأفراد المصابين بالتوحد كما يجب أن يأخذ العلاج نهجًا ملموسًا قائمًا على المهارات فمثلاً [7]:
- دمج المعلومات المكتوبة والمرئية.
- التأكيد على تغير وتطوير السلوك.
- شرح قواعد العلاج بدقة للمحيطين بالشخص المصاب بالتوحد.
- استخدام لغة محددة للتواصل مع المصاب ومناسبة له
- إشراك أحد الأشخاص المفضلين من قبل الشخص المصاب في خطوات العلاج.
- ويجب أيضاً تكثيف العلاج للإعاقات الذهنية في حال وجودها، مثل استخدام لغة أبسط مع المواد المرئية وتكرار النقاط الأساسية.
- العلاج السلوكي والمعرفي يساعد في صنع القرارات ومهارات حل المشكلات
- من الهام أيضاً اثناء العلاج معالجة العواطف عن طريق التدريب على تحديد حدة العواطف ووضع علامات لها وتوسيع نطاقها
- وتدريب الإدراك الاجتماعي والذي يساعد الأفراد الذين يعانون من اضطراب التوحد على تفسير الإشارات الاجتماعية والاستجابة لها
- وقد يشمل هذا التدريب برامج الحاسوب والواقع الافتراضي الذي يوفر للمشاركين تفاعلات اجتماعية واقعية في بيئة آمنة ومضبوطة. [1]
- يصف الأطباء أدوية لمريض بالتوحد لتقليل أعراض الاكتئاب أو القلق بشكل عام.
- قد خلصت المبادئ التوجيهية للجمعية البريطانية لعلم الأدوية النفسية إلى أن "الأدلة الحالية لا تدعم الاستخدام الروتيني لأي علاج دوائي للأعراض الأساسية لمرض التوحد."
- يتم التوصية باتخاذ قرارات العلاج على أساس كل حالة على حدة.[7]