جلد الذات وطرق التخلص من لوم الذات المبالغ به
قيمة الذات تأتي من شيء واحد، أن تعتقد أنك إنسان ذو قيمة. هكذا وزن الكاتب الأمريكي وين داير قيمة الذات. طالما كنت تنظر لذاتك بالنظرة المتفائلة، حتمًا ستصبح عظيمًا في نظر نفسك أولًا وفي نظر الآخرين، احترامًا وتقديرًا لك.
ولكن للأسف نجد أن الكثير من الأشخاص يضعون ذواتهم في آخر رفوف القيمة! يحتقرونها ويقللون من شأنها، وربما تصل بهم الحالة إلى التفنن بأشكال التعذيب ولوم الذات وتأنيب الضمير.
في هذا المقال سنتعرف أكثر على مفهوم جلد الذات في علم النفس، والفرق بين جلد الذات ومحاسبة النفس، وأبرز أعراض جلد الذات التي تسيطر على المصاب، ومجموعة من النصائح الفعالة في كيفية علاج جلد الذات وتأنيب الضمير المستمر والتخلص من تأثيره السلبي.
يتشعب مفهوم جلد الذات بمعنيين:
المعنى المادي، وهو إلحاق الضرر بالجسد بغرض اللذة والتمتع.
المعنى المعنوي، وهو الذي يشير إلى لوم الإنسان لنفسه؛ لارتكابه سلوكيات خاطئة.
وله تسميات أخرى منها: تحقير الذات، وإذلال الذات.
جلد الذات، هو أحد أخطر الأمراض النفسية التي قد يعاني منها الشخص، ما يدفعه إلى أن يضخم أخطاءه ويتلذذ بالحديث عنها ويفرح عند جرح نفسه؛ للشعور بالمزيد من الألم والعذاب النفسي، حيث يبدأ بسخط ذاته، ثم يعتاد ويتأقلم على هذا السخط، حتى يصل به الأمر إلى مرحلة الاستمتاع بجلد الذات، وقد يصل لحد العشق لهذا السخط!
جلد الذات: شعور سلبي يظهر في أوقات الهزائم والإحباطات بسبب مناخ الهزيمة حين يخيم على الأجواء. حيث يلوم الشخص ذاته ويوبخ نفسه على أخطائه بشكل مستمر وغير صحي ويعجز عن مسامحة نفسه أو التصالح مع الذات، وتقل النجاحات وتبهت في نظر الشخص، ويتصدر الفشل الساحة، ويبدأ بالتقوقع على نفسه، والانغلاق عن رؤية الأمور بعين الصواب، ودائمًا ما تكون هنالك حجج لتبرير الشعور بالعجز؛ مثل مسايرة الأحداث أو الرضا بالأمر الواقع!
أما محاسبة النفس فهي شعور إيجابي ناضج يتمثل في معرفة مواطن الضعف والقوة بصدق وموضوعية، أي أن يقوم الشخص بتقييم مواطن قوته وضعفه دون تجريح نفسه ودون التلذذ بعذاب روحه. فيجيد قراءة نفسه ومحيطه، وبالتالي لا يخشى من مواجهة التحديات والمغامرات، ويرفض التقوقع والعذاب! ويسير بالتوكل على الله، مع العمل على أسباب النجاح والتخطيط الجيد، وفهم أخطاء الماضي وأسبابها وظروفها والاستفادة منها.
تظهر على الشخص الذي يتلذذ بتأنيب الضمير بشكل سلبي مجموعة من علامات جلد الذات نوردها كالآتي:
- الشعور بالكسل المبالغ والخمول وانعدام الطاقة.
- يعاني مريض جلد الذات من ألم بدني ونفسي، يتزايد يومًا بعد يوم. حتى تبدأ تظهر بعض الأمراض التي لم يعاني منها الشخص من قبل.
- تحميل النفس فوق طاقتها من أمور الدراسة أو الوظيفة، مع تجاهل تام لطبيعته البشرية وتقلبها بين النشاط والفتور، والحماس والخمول، مع حاجتها دومًا للاسترخاء بين فترة وأخرى.
- تقلب المزاج، والميل إلى المزاج السلبي بشكل أكبر.
- الانعزال والاكتئاب والحزن وربما يصل الأمر إلى الإدمان في حالات جلد الذات الشديدة والمرضية.
- من أعراض جلد الذات أنه يطمس بصمة الإبداع ومواجهة الصعاب.
- العجز عن إنشاء علاقات صحية، وفقدان القدرة على التواصل مع الآخرين.
- الأرق والقلق.
- انعدام التركيز.
- اضطراب الكوابيس والخوف الشديد.
إذا أردت التوقف عن القلق والبدء بالحياة، إليك بهذه القاعدة: عدّد نعمك وليس متاعبك. - ديل كارنيجي
- استعن بالله ولا تيأس، إن ذكر الله يزيل المخاوف والأفكار والتصورات السلبية والوساوس، ويطردها من الذهن في الحال، ويعيق تأثيرها على مراكز الانفعال. وكّل أمرك إلى الله ولا تتواكل، وأحسن الظن بالله وتحلى باليقين.
- غير حوارك الداخلي وأوجد توازنًا، فالطريقة التي تتحدث بها مع نفسك تلعب دورًا كبيرًا في نظرتك لذاتك. قف أمام المرآة كل يوم وعبر عن حبك لنفسك؛ تحدث مع نفسك بحب وتعاطف وتقبل وتسامح وإيجابية.
- جلّ من لا يخطئ! عليك أن تقتنع تمامًا أنك لست وحدك، فكل إنسان على كوكب الأرض لديه أخطاؤه وعثراته، وأن الخطأ أمر طبيعي جدًا وسيتكرر معنا في رحلة حياتنا؛ لذا يجب أن نسامح أنفسنا على أخطائنا ونتصالح مع ذواتنا ونتقبل عدم الكمال، مع السعي لأن نكون أفضل.
- الماضي ماضٍ، لا يمكننا تغييره، فما حدث قد حدث، أيقن أن جلد النفس ولوم الذات لن يغيرا شيئًا، كل ما سيفعلانه هو أن يزيدا شعورك سوءًا ويعيداك للخلف خطوات! أنت تحتاج للتقدم إلى الأمام، فلا تنظر للماضي ولا تلم نفسك على الأخطاء، فهذا لن يغير شيئًا!
- الحياة الصحية السليمة ستحفز هرمون السعادة لديك، وستخلصك من المشاعر السلبية. مارس الرياضة يوميًا، وتناول غذاءً صحيًا، واشرب ما يكفي من الماء. رفّه عن نفسك واخرج في رحلات بين أحضان الطبيعية لاستنشاق الهواء النقي، ومارس اليوجا والتأمل. وافعل ما يشعرك بالسعادة ويمنحك مشاعر إيجابية.
- كن فخورًا واعمل بجد، لا تقارن نفسك بالآخرين، فأنت لست شخصية مكررة، واعمل ما تريد وليس ما يقال لك، ومارس الأعمال التي تجعلك مرتاحًا وراضيًا عن نفسك.
- كن إيجابيًا، اعتمد على نفسك واختر علاقات صحية، فشخص واحد سام يمكن أن يدمر كل إحساسك بذاتك، وهنا اختر أشخاصًا إيجابيين من حولك، حتى في محيط العمل، ليكون أساس التعامل الاحترام والكرامة.
يقول الدكتور مصطفى محمود: من أشكال احترام الذات أن تبتعد عن أي شخص لا يقدر قيمتك! - ثق بنفسك لما للثقة بالنفس من دور إيجابي في مواصلة النجاحات بقوة.
- التوبة من الذنوب الكبيرة والصغيرة، فالتوابون يهدفون من خلال شعورهم بالذنب إلى تخليص النفس من آثامها، والعمل الجاد لتطهيرها، من خلال بناء الذات الجديدة والقادرة على العطاء.
- يجب التحلي بالصبر والهدوء في علاج أي مشكلة.
- من الضروري احتواء واهتمام وحب الأسرة لهذا الشخص لأنه يعتبر مريضًا نفسيًا.
- اعلم أن كثرة تأنيب النفس وجلدها يسحب منك الثقة بالنفس.
- يجب عليك أن تتعرف على نقاط ضعفك لتقويمها، ولكن دون أن تحمل نفسك فوق طاقتها.
- ابتعد عن كل ما يؤثر سلبيًا على حياتك سواء كانت عادات أو أماكن أو أشخاصًا أو برامج. اقرأ كتبًا إيجابية في تطوير الذات، واستمع للخطب التحفيزية، وابتعد عن الأغاني الكئيبة وأفلام الدراما الحزينة وروايات الحب ذات النهايات المؤلمة.
- الحديث مع مدرب حياة أو طلب الاستشارة من طبيب نفسي سيساعدك كثيرًا بالتعامل مع المشاعر السلبية والتصالح مع الذات وإعادة شحن الطاقة واستعادة التوازن في حياتك. فلا تتردد بهذه الخطوة أبدًا.
- توقف عن الركض خلف آثار الألم والعذاب، توقف عن لوم ذاتك والتحدث معها بقسوة.
- سامح نفسك وتصالح مع ذاتك وتقبل ما لا يمكن تغييره. التصالح مع الذات هو سبيلك إلى السعادة والنجاح.