سلبيات الزواج المختلط بين الأديان والجنسيات وإيجابياته
لعلك سمعتِ مراراً بمصطلح دخلَ الإعلام العربي بقوة في الأعوام الأخيرة، وهو الزواج المختلط، الذي وإن كان يحدث سابقاً، فإنه لم يكن يحظى بالنقاش الكافي؛ لمحاذير ترتبط بالدين والقيود الاجتماعية، على وجه التحديد.
نحاول في هذا المقال الحديث عن الزواج المختلط بشكل أكثر تفصيلاً، وإن وجدت أن ثمة أسئلة لا تزال تخالجك حول الموضوع، فلا تتردّد بالتواصل معنا.
ما هو الزواج المختلط بين الأديان والجنسيات؟
طرأ مصطلح الزواج المختلط، لا سيما في العالم العربي، في الأعوام الأخيرة، تزامناً مع الدعوات المحلية والعالمية حول ضرورة تقبل الآخر وضرورة الابتعاد عن تنميطه وحشره في قوالب معلّبة.
الزواج المختلط لا يقتصر فقط على الزواج من جنسيات أخرى غير جنسيتك أو ديانة أخرى غير ديانتك، بل يشمل أيضاً الأعراق؛ إذ قد يتزوّج آسيوي من أفريقية وهكذا، وبالتالي يكون العِرق هنا مختلفاً.
الزواج المختلط هو كل زواج من خارج دائرتك التي تتبع لها من حيث العِرق والدين والجنسية، وهو ظاهرة قديمة متجدّدة قِدم البشرية؛ إذ لطالما حفل التاريخ الإنساني بزواجات مختلطة، وإن كانت المجتمعات التي تتسم بالانغلاق والنمطية لطالما رفضته، بالإضافة لاعتبار الدين الذي كثيراً ما يجعل الزواج المختلط في العالم العربي غير محبذّ.
وينطوي الزواج المختلط على إيجابيات كما سلبيات، سنأتي على ذِكرها بالتفصيل في الفقرات اللاحقة.
هل الزواج المختلط خطوة إيجابية؟
يُعد الزواج المختلط حدثاً سعيداً؛ لبرهنته على إمكانية تخطّي الإنسان دوماً القوالب الجاهزة والصور النمطية، حين يقرّر الارتباط بجنسية أو عِرق أو ديانة مختلفة عنه.
للزواج المختلط إيجابيات كثيرة، إليك بعضها:
- يُسهم الزواج المختلط في تعريفك بثقافة أخرى وأوساط جديدة لم تكن مألوفة لديك، ولعل هذه واحدة من أبرز إيجابيات الزواج المختلط.
- يُكسبك الزواج المختلط لغة جديدة وعادات جديدة ومصطلحات جديدة وملابس فلكلورية جديدة وأطعمة جديدة، وبالتالي أنت تتعرّف على عالم جديد بكل مكوّناته.
- سيكون الزواج المختلط، وهذه واحدة من أهم إيجابيات الزواج المختلط، عامل قوة لأبنائك؛ إذ سيحظون على الأغلب بجنسية ثانية، ولغة ثانية، وعادات ثانية، غير تلك التي سيُحسبون عليها من طرف الأب.
- سيبقى عامل التشويق قائماً في الزواج المختلط؛ إذ لن تكف عن اكتشاف الجوانب الجديدة كل حين، لا سيما إن كنت تختلط مع أهل الشريك وعالمه الثقافي وبيئته الأصلية. أنت بهذا تقلّل من احتماليات الملل إلى الحدود الدنيا.
- سيحظى أطفالك في الزواج المختلط بفرص صحية جيدة من حيث الجينات والابتعاد عن الأمراض التي تنشأ من زواج الدوائر الضيقة والمتقاربة، بالإضافة لكون الأطفال من زواجات مختلطة يحظون بقدرات لافتة في مرات كثيرة وبمظهر مميز؛ نتيجة تمازج الجينات المختلفة، ويعزّز هذا ما سيختبرونه لاحقاً من تمازج ثقافيتين.
ما هي عيوب الزواج المختلط؟
بقدر ما ينطوي الزواج المختلط على إيجابيات، فإنه يحفل بسلبيات أو فلنقل تحديات وصعوبات الزواج المختلط؛ نظراً لمعطيات عدة سنتطرق إليها بالتفصيل.
في ما يلي سلبيات وصعوبات وتحديات الزواج المختلط:
- الدين هو التحدي الأكبر في الزواج المختلط، لا سيما حين يكون دين أحد الشريكين رافضاً للزواج من خارج الدائرة. يعدّ الدين واحداً من أبرز تحديات الزواج المختلط وصعوباته.
- رفض العائلة من أهم صعوبات الزواج المختلط؛ ذلك أن كثير من العائلات ترفض فكرة أن يقترن أي من أبنائها أو بناتها ممن هم خارج دائرة العِرق والجنسية والدين.
- من تحديات وصعوبات الزواج المختلط كذلك ما ستعانيه من صور نمطية ستواجهها من عائلتك وعائلة الطرف الآخر، ومن المجتمع الذي تعيشان فيه، ولا تستغرب أنك كثيراً ما ستضطر لسماع تعليقات مستفزة أو استفسارات سمجة حول زواجكما المختلط. في الحقيقة هذه واحدة من أكبر سلبيات الزواج المختلط.
- تباعُد الصفات والخلفيات الثقافية من أهم وأوضح تحديات الزواج المختلط وصعوباته؛ ذلك أنه حين تبدأ عجلة الحياة في الدوران، فإنك ستكتشف أن كثيراً مما أخفته الرومنسية والمشاعر الجياشة من تباعد بينكما، هو موجود؛ ذلك أن كل منكما قد أتى من خلفية ثقافية ودينية وعِرقية مختلفة، بكل ما تحفل به هذه الخلفيات من تجارب. وإن لم يكن الصبر هو الأساس في العلاقة الزوجية وتقديم التنازلات الكثيرة أيضاً، فلربما يكون مصير الزواج المختلط هو الفشل.
- مشاكل الطلاق والحضانة هي من أكثر سلبيات وصعوبات الزواج المختلط شيوعاً؛ ذلك أن كثيراً من حالات الطلاق الناتجة عن الزواج المختلط، تحمل في أتونها معارك ضارية بين الطليقين حول حضانة الأطفال، التي لن يسهل تنازل أي طرف عنها؛ خوفاً من انسلاخ الطفل عنه. وبالتالي، سيكون الأطفال هم الضحية الأبرز في حال فشل الزواج المختلط.
- ثمة من يشكو في حالة الزواج المختلط من واحدة من أكثر الصعوبات شيوعاً وهي الشعور بالانعزال وعدم الانخراط في الوسط الجديد، ويعود هذا في مرات لكون الشريك لم يتعلم لغة شريكه بعد، أو أنه لم يفهم طبيعة العادات والمعتقدات، أو لمجرد كونه يرغب بالاحتفاظ بهويته، فإن هذا كله يخلّف شعوراّ بالانعزال في مرات كثيرة.
- قد يعاني الشريكان في الزواج المختلط من تحدٍّ شائع، بل يعدّه المعظم من أكثر تحديات الزواج المختلط، وهو نبذ المجتمع للزوجين ومن ثم التنمّر على الأطفال الناتجين عن هذا الزواج، كما هو الحال في الزواج المختلط بين ديانتين، على وجه التحديد.
هل يعاني الأبناء بسبب الزواج المختلط؟
بقدر ما تنطوي تجربة الزواج المختلط على نقاط فرادة للأبناء، بقدر ما تحفل هذه التجربة بمواقف مريرة لهؤلاء الأبناء.
يكتسب الأبناء في الزواج المختلط لغتين أو أكثر، ولهجتين أو أكثر، وديانتين في مرات، عدا عن الخلفيات الثقافية المتباينة التي سيشهدها هؤلاء الأطفال، والتي من المفترض بها إسباغ مزيد من التميز عليهم، لكن يحدث في مرات كثيرة، وهذه من سلبيات الزواج المختلط، أن يُتنازَع على حضانة هؤلاء الأبناء في حال الطلاق، وستكون المعركة ضارية في حينها؛ ذلك أن أي من الطرفين يرفض انسلاخ الأبناء عن ثقافته وخلفيته وديانته.
لذا، فإنه لا بد من وضع اعتبار الأبناء في الحسبان منذ الإقدام على تجربة الزواج المختلط؛ ذلك أن كثيراً من الأبناء الناتجين عن هذا الزواج يعانون من الصور النمطية وفي أحيان التنمّر ونبذ المجتمع لهم، وتحديداً في حال كان الزواج المختلط بين ديانتين.
لكن، حتى لا تكون سلبياً، تذكّر كم سيسبغ الزواج المختلط مميزات على أبنائك، كما في الجينات والصحة والقدرات، ولاحقاً اكتساب لغة جديدة ولهجة جديدة وثقافة جديدة، ولربما جواز سفر جديد ومميزات معيشية ورفاهية أفضل.
عليك أن تزن كل حالة بحالتها في الزواج المختلط، حين يكون الحديث عن التحديات والصعوبات، وعلى رأسها موضوع الأبناء.
تعد معارضة الأهل من بين أبرز تحديات الزواج المختلط وأكثرها شيوعاً؛ لتمسّك الأهل بتوجّه ألا يرتبط أي من الأبناء بمن هم من خارج الدائرة المألوفة، لكن يحدث في مرات كثيرة أن يتقبل الأهل هذا الزواج المختلط في وقت لاحق، لا سيما حين تثبت لهم الأيام أن الوضع أفضل مما ظنوا.
لكن، ماذا لو رفض الأهل الزواج المختلط، لسبب أو لآخر؟ وماذا لو لم يمنح الأهل مباركتهم للزواج المختلط؟
في الحقيقة، يجدر بمن سيقدم على الزواج المختلط توقّع هذا، وتوقّع أنه سيخوض حرباً من هذا القبيل؛ لإقناع من حوله وعلى رأسهم الأهل، لكن ثمة احتمالية قائمة بألا يتم القبول. ما يُنصح به في هذه الحالة هو محاولة عدم خسارة الطرفين: الشريك، والأهل على السواء، ويكون هذا من خلال الصبر ومحاولات الإقناع ومحاولات البرهنة على صحة الاختيار. ولا يضير أن تؤخذ ملاحظات الأهل في مرات على محمل الجد، وأن يصار للتفكير بها؛ فقد تنطوي على شيء من الصحة، لكن كثيراً من الصبر والهدوء والنَفِس الطويل سيعوزك في رحلتك إقناع الأهل بالزواج المختلط، وتحديداً إن كانت الجزئية مرتبطة بديانتين مختلفتين.
الآن، وقد بات بين يديك مزيداً من التفاصيل حول الزواج المختلط، فإنه يجدر بك أن تدرس كل حالة بحالتها، وألا تقيس تجارب الآخرين في الزواج المختلط على حالتك أنت؛ إذ قد تملك خصوصية أو تفتقر لشرط، لا ينسحب على حالة الآخرين، وهكذا.
وإن كانت لديك حالة من الزواج المختلط ترغب بالحديث عنها أو الاستشارة حولها، فلا تتردّد في مراسلتنا في موقع حلّوها.