طرق عقاب الأطفال حسب العمر
العقاب بالضرب، العقاب بالصراخ، العقاب بالحبس، والعقاب بالفلفل! جميعها تعتبر من طرق عقاب الأطفال المرفوضة في عالم تربية الأبناء، والتي اعتاد البعض استخدامها رغم أنها غير فعالة وذات أثر سلبي على الطفل والبيئة العائلية أيضاً! فما هو أفضل طرق عقاب الأطفال دون ضرب أو صراخ؟ وما هي طرق العقاب حسب العمر؟ هل كرسي العقاب أوغرفة العزل هي أفضل عقاب للطفل؟ تأتيكم الإجابة على هذه التساؤلات في هذا المقال.
في الوقت الذي يُعتبر فيه عقاب الأطفال أحد الوسائل التي تغرس الانضباط في الطفل منذ الصغر، وتُساعده على التمييز بين الخطأ والصواب، وتجعله يحسن التصرف أيضاً، علينا أن نحرص على التمييز بين طرق عقاب الأطفال المرفوضة والمسموحة، لذا إليكم أهم قاعدتين في فن عقاب الأطفال:
- تعليم الطفل استراتيجيات الانضباط:
- وضع قواعد ثابتة وحاسمة للسلوكيات، وهذا يعني أن يتوافق جميع أفراد المنزل مع هذه القواعد فلا يمكن للطفل أن يتعلم الانضباط إذا كانت القواعد تتغير دائماً.
- استخدام نفس القواعد لمعاقبة الطفل في كل مرة يسيء التصرف فيها.
- إشعار الطفل كلما فعل سلوكاً سيئاً مع معاقبته إذا لزم الأمر، حتى وإن كان ذلك في الزمان والمكان غير المناسبين.
- تحديد عقوبة تتوافق مع حجم الخطأ، مع الإصرار عليها وتجاهل بكاء ورجاء الطفل.
- تناسب العقوبة مع حجم إساءة التصرف، على سبيل المثال الأخطاء الصغيرة مثل عدم الاحترام أو المخالفات لأول مرة لا تتطلب عقاباً، بل يكفيها التحذير فقط، في حين عدم الاحترام المتعمد أو عنف الطفل مع الآخرين يتطلبان عقوبةً مع الأخذ بعين الاعتبار سن الطفل، وتوضيح سبب العقوبة حتى يدركوا أن تصرفهم خاطئ ولن يتم التسامح معهم.
- إيجابية الوالدين، يُعتبر الوالدان القدوة التي يتعلم من أفعالها الأطفال، وكون الوالدين مهذبين وسعيدين سيلاحظان نتائج حسن تصرفهما بحسن تصرف أطفالهما خاصةً بتقليد ما يفعلانه وما يجتنبان فعله.
- تحديد العقوبات المنصفة للطفل: يختلف نوع العقاب وشكله ومدته باختلاف سبب عقاب الطفل، أو التصرف الذي صدر عنه:
- سحب امتيازات الطفل: يُعتبر سحب الامتيازات أفضل عقاب للأطفال في كثير من الحالات، فعلى سبيل المثال يُعاني الطفل من تحصيل دراسي سيئ بسبب قضاء وقت طويل على ألعاب الفيديو وفي مشاهدة التلفاز، فإن العقاب الأمثل هو تقييد الوقت الذي يقضيه الطفل على هذه الأمور بتأجيلها إلى نهاية الأسبوع فقط أو إلى أن يتم مذاكرته. وفي هذا النوع يجب التنويه إلى أن سحب الامتيازات يقتصر على الكماليات ويُمنع تطبيقه على احتياجات الطفل الأساسية كشعوره بحب والديه والنوم والتغذية.
- أن يصلح الطفل ما أفسده: وتنطبق هذه القاعدة عندما يلحق الطفل الضرر بالممتلكات كأن يرسم على جدران المنزل ويتمثل العقاب بفرض واجب تنظيف ما أفسده بنفسه.
- استخدام طريقة المهلة: عندما يُمنح الطفل مهلة حتى يصحح ما أخطأ القيام بهِ فإنه يستوعب فكرة الخطأ والصواب بشكلٍ أفضل، ورغم أن هذه طريقة سلمية بسيطة إلا أنها قد تكون فعالة مع العديد من الأطفال، وفي حال لم يستجب الطفل لها فالأفضل اختيار طريقة عقاب أخرى.
- التحفيز الذاتي للأطفال: وذلك بتعريف الطفل على العواقب السيئة لتصرفه، ففي بعض الحالات يجب التوقف عن إنقاذ الطفل عندما يسيء التصرف بما يتعارض مع مصلحته الذاتية.
فعلى سبيل المثال عندما يرفض الطفل التوقف عن مشاهدة التلفاز ليتناول الغداء، فإن العقاب يتمثل برفض إعطاء الطفل وجبة الغداء في غير موعدها وبالتالي سيتعلم الطفل أن تناول الطعام يأتي أولاً قبل مشاهدة التلفاز وأن عدم التزامه بهذا القانون المنزلي يعني أنه لن يتناول طعام الغداء لهذا اليوم. - إجبار الطفل على الاعتذار: الاعتذار الاجباري أحد أشكال العقاب التي تروض الطفل وتعلمه احترام الآخرين. فمثلاً إذا تعاون الطفل مع آخرين بتمزيق أوراق أشجار حديقة الجيران فإن تقديمه الاعتذار للجيران أمام الجميع مع إصلاح ما تم اتلافه يُعتبر عقاباً فعالاً جداً.
يجب أن نعلم جيداً بأن عقاب الأطفال ونوعيته تختلف باختلاف عمر الطفل، لذلك إليكم طرق عقاب الأطفال حسب العمر:
- طريقة عقاب الطفل من عمر سنة إلى سنتين:
لابد من معرفة أن الطفل لا يمتلك أي خلفية معرفية عن الصواب والخطأ خلال أول عامين من حياتهِ، فهو خامة جديدة أتت إلى الدنيا، وعلى الوالدين والأشخاص المحيطين بهِ تعريفه بالمهارات المعرفية الحياتية المتنوعة.
والأولى أن تُزال جميع المخاطر من الأماكن التي يتواجد فيها الطفل، مثل الأدوات الحادة والجارحة والقابلة للكسر. بعد ذلك يتم الوقاية من الوقوع بالخطأ عن طريق تعزيز السلوك الإيجابي بالثناء على الطفل وتشجيعه عند قيامه بسلوكٍ حسن، وذلك للفت نظره للقيام بالأمور الصائبة وتحفيزه على ذلك بدلاً من أن يقع بالخطأ، فمثلاً عندما يجمع الطفل ألعابه المنثورة في الصندوق المخصص لها لابد من التصفيق له وتشجيعه وشكره وإخباره بمدى روعة المجهود الذي بذله ومدى جمال تصرفه.
إلى جانب الشرح المبسط للطفل عن الأخطاء التي قد يقع بها، على سبيل المثال إذا أمسك الطفل سكيناً من مطبخ المنزل فإننا نستبدلها بسكين من الألعاب ونشرح له أن سكين المطبخ سيؤذي يديه بينما السكين الخاص به هو جميل ولن يؤذيه لأنهما أصدقاء.
ويُمكن عقاب الطفل في عمر السنتين عن طريق استخدام طريقة العزل: إن العقاب بالعزل طريقة فعالة جداً مع الأطفال بهذا العمر، على أن يتم تطبيقها كالتالي:
في حال كان الطفل يتناول الطعام ويلقي بهِ على الأرض، علينا أن نبعد الطفل عن الطعام ونقوم بتثبيته على كرسي الطعام ليبقى في موقعه لمدة دقيقتين "إبعاد الطفل لإيقاف الفعل أولاً" ، إزالة الضرر الذي تركه الطفل أمام عينيه، مع إعطائهِ التعليمات المباشرة لزرع القواعد المنزلية فيه، مثل "نحن نتناول الطعام، نحن لا نلقي الطعام على الأرض". - طريقة عقاب الطفل من عمر 3 إلى 4 سنوات:
إن عقاب الطفل في هذا العمر يجب أن يكون لحظياً ومباشراً ويجب عدم تأجيله، ولذلك فإن أفضل عقاب للطفل بهذا العمر هو العقاب بالعزل، على أن يتم كالتالي: النزول إلى مستوى طول الطفل مع النظر المباشر إلى عينيه وإخباره بأنه فعل أمراً خاطئاً. وللعقاب لابد أن يجلس معزولاً على كرسي العقاب أو في حجرة العقاب لمدة معينة (من ٣ إلى ٤ دقائق بحسب عمر الطفل بحيث يتم احتساب دقيقة لكل سنة من عمر الطفل)، وبعد انتهاء مدة العقاب يتم إعلام الطفل بأن العقاب انتهى. عقاب الطفل باستخدام كرسي العقاب من أفضل طرق العقاب التي أثبتت فعاليتها دون آثار سلبية على نفسية الطفل. - طريقة عقاب الطفل من عمر 5 إلى 6 سنوات:
في هذا العمر يبدأ التمرد بالظهور على شخصية الطفل، وقد لا يتمكن من التحكم بانفعالاته، وأفضل طريقة للعقاب هي أن يتم توضيح الخطأ الذي ارتكبه الطفل مع إعطائه مهلة لمدة ٢ إلى ٣ دقائق ليعتذر ويصحح خطأه الذي ارتكبه. أو سيتم عقابه بطريقة العزل في غرفة العقاب، أو إلغاء الخطط الترفيهية، أو تخفيض الوقت الترفيهي أمام التلفاز وما إلى ذلك. - طريقة عقاب الأطفال من عمر 7 إلى 10 سنوات:
فضل عقاب للطفل في هذا العمر هو إيقاف ممارسة الأمور التي يحبها الطفل إلى حين تصحيح الخطأ (ينطبق على الكماليات والترفيهيات فقط وليس الأساسيات كالنوم وتناول الوجبات الرئيسية والشعور بالحب)، فمثلاً يُمنع اللعب مع الأصدقاء أو الجيران إلى حين الانتهاء من مذاكرة الدروس، أو تنظيف الأوساخ التي سببها.
مع التركيز على التعزيز مقابل كل تصرف إيجابي يقوم بهِ الطفل، مثل الثناء عليه عند مساعدة الآخرين، أو عند فعل الخير، من أجل بناء ثقة الطفل بنفسه وتحفيز السلوك الإيجابي لديه، علماً بأن التعزيز لا يقتصر على سن محدد بل هو مستحب لجميع الأعمار.
للعقاب حدود فيجب عدم المبالغة به مهما فعل الطفل، لأن هذا العقاب القاسي سيولد عند الطفل عقدة ما ستظهر نتائجها فيما بعد، إليكم طرق عقاب الأطفال المرفوضة والمبالغ بها:
- ضرب الطفل: يُمنع عقاب الطفل بالضرب والتعنيف مهما أساء التصرف، فلهذه الأمور خطورة بالغة تمتد مع الطفل طوال سنوات حياته.
فقد وجد علماء النفس صلة أساسية بين ضرب وتعنيف الأطفال وزيادة معدلات الإصابة بالأمراض العقلية، بل أن الأثر السلبي للضرب والتعنيف في بعض الأحيان لا يقتصر على ذلك بل يمتد إلى تهديد حياة الطفل وإلحاق أضرار مستدامة بهِ، وعلى سبيل المثال هز طفل صغير بعنف من الممكن أن يلحق ضرراً بدماغه مما يعني قتله.
ويعتبر الشعور بالأمان وعدم تعرض الطفل لأي شكل من أشكال الإساءة أو العنف من حقوق الطفل الأساسية. - قطع العاطفة عن الطفل: الشتم، التهديد، السخرية، الإهانة، عزل الطفل عن الآخرين، التجاهل، الإهمال، رفض إظهار الحب والحنان للطفل. كلها من أشكال الاعتداء العاطفي على الطفل، وللأسف تُعد آثار هذه التصرفات الأخطر على الإطلاق فقد تؤدي بالطفل إلى إيذاء نفسهِ والاكتئاب وحتى الانتحار!
- معاقبة الطفل على فضوله العفوي: يجب تجنب معاقبة الطفل عندما يفعل أمراً ما بدافع الفضول العفوي الصادق، مثل الاستفسار حول الجنس، لأن هذا العقاب سيخلق لدى الطفل عقدة الخوف من خوض التجارب الجديدة.
- القسوة الشديدة على الطفل: يجب عدم النسيان أن العقاب وُجد للتوجيه والتأديب وليس لجعل حياة الطفل تعيسة، والقسوة الشديدة على الطفل تخرج الوالدين من الاتجاه بهذا الهدف.
ومن الجدير ذكره أن هذه الطريقة غير فعالة في تأديب الطفل، لأنها ستحرم الطفل من تعلم الانضباط الذاتي. - التسامح المفرط مع الطفل: إن التسامح المفرط مع الأطفال وعدم تطبيق العقاب الصحيح معهم سيؤدي إلى عدم قدرة الطفل على التعامل مع المشاعر السلبية وسيجعله صعب الإرضاء في المستقبل.
متى يتدخل المستشار التربوي في علاج سلوك الطفل؟!
الغضب العنيف، ممارسة السلوك الخطير كالجري في الشارع غير المخصص لذلك، إدمان المخدرات، إدمان الإنترنت، إدمان الجنس، الأمراض العاطفية مثل الاكتئاب، التخريب والتدمير، كلها سلوكيات لا يُمكن حلها بالعقاب، ويوجد غيرها الكثير.
وتتطلب هذه الحالات السلوكية تدخل المستشارين التربويين، وربما النفسيين لعلاجها، فهي خارج سيطرة الوالدين.
وفي النهاية، فإن كيفية عقاب الأطفال تعتمد على عدة عوامل، هي سن الطفل، حجم الخطأ الذي ارتكبه، الظروف التي ارتكب فيها الخطأ، حالة الطفل العقلية والصحية والنفسية، إضافةً إلى استجابته لنوع العقاب.
ولكن الأهم من ذلك هو أن يعرف الوالدان كيف ينظمان حياتهما ويضعان القواعد التي يمكنهما تطبيقها والسير عليها، وأن لا تتعارض آراؤهما حول الخطأ والصواب أمام الطفل.
لقراءة المزيد من الكتب حول تربية الأطفال، وطرق عقاب الأطفال المختلفة تصفحوا هذه اللائحة التي نقترحها لكم:
- كتاب أساليب تربوية في الثواب والعقاب، يحيى محمد نبهان.
- كتاب تربية الطفل فنون ومهارات، ياسر محمود.
- كتاب أطفالنا بين الثواب والعقاب، عبد الرحمن بن حسن محمد.
- كتاب الأطفال المزعجون، مصطفى أبو سعد.
- كتاب البناء النفسي للطفل في البيت والمدرسة، سعد رياض.
- كتاب كيف نؤدب أبناءنا بغير ضرب، محمد نبيل كاظم.