قصص نجاح قصيرة وملهمة وقصص تطوير الذات
في هذه المقالة تقرؤون قصص النجاح وتطوير الذات لأربعة من أبرز الشخصيات العالمية في المئة عام الأخيرة، هذه الشخصيات تعتبر رموزاً في مجالات مختلفة عملت على تطوير الذات بشكل مستمر للوصول إلى الأهداف الشخصية بالنجاح والتميّز وتحقيق الذات، كما قدمت خدمات جليلة للعالم.
أوبرا وينفري Oprah Winfrey نجمة تقديم البرامج الأمريكية والتي أصبحت رقماً صعباً في مجال الإعلام العالمي لها قصة نجاح مؤثرة عملت خلالها على تطوير الذات وتنمية المهارات وتحدي المحبطين وتجاوز الصعوبات فقد بدأت حياتها بشكل مأساوي حيث أنها ولدت عام 1958 في حي فقير لوالد كان يعمل حلاقاً وأم كانت تعمل خادمة في البيوت. تعرضت أوبرا منذ صغرها لحالات اعتداء جنسي وإساءات جنسية من أقارب لها ثم بدأت تعاني من التمييز العنصري تجاهها في الولايات المتحدة الأمريكية بسبب لون بشرتها.
انفصال والدي أوبرا كان محطة صعبة في حياتها ولكنها تحدت الظروف وأكملت دراستها الجماعية في تينيسي بعد حصولها على منحة دراسية بسبب تفوقها الأكاديمي حيث كانت من أوائل الجامعة. [1]
عملت أوبرا في هذه المرحلة كمراسلة في إذاعة راديو حيث قدمت برنامج The People are Talking بعد عدة محاولات للتقديم في إذاعات ومحطات تلفزيونية كانت جميعها تغلق الأبواب في وجه أوبرا بحجة أنها قبيحة ولأسباب عنصرية ترتبط بلون بشرتها والتفرقة العنصرية التي كانت سائدة في الولايات المتحدة. اجتهدت أوبرا في الفرصة التي أتيحت لها من خلال عملها في الراديو لمدة ثماني سنوات وحقق البرنامج انتشاراً ونجاحاً واسعين في كافة أرجاء الولايات المتحدة الأمريكية.
بعدها انتقلت إلى محطة شيكاغو لتقدم برنامجها الصباحي الخاص بها لتبدأ رحلة نجاح أوبرا وينفري على مستوى العالم والتي توجتها ورسختها عبر تقديم برنامجها الخاص The Oprah Winfrey Show الذي كان يبث عبر 125 قناة محلية في الولايات المتحدة الأمريكية والذي تخطت أعداد متابعيه ال 10 مليون متابع.
تعتبر أوبرا اليوم من أغنى الأغنياء في العالم إذ أن ثروتها في حدود المليار دولار ورغم أنه أدمنت على المخدرات في مرحلة من حياتها وعاشت طفولة حزينة وبائسة واضطهاد عرقي في بداية مسيرتها المهنية إلا أنها استطاعت بإصرارها تجاوز جميع تلك العقبات لتصبح مدرسة في الإعلام والبرامج التلفزيونية حيث استضافت في مواسم برنامجها أهم مشاهير العالم من فنانين ورؤساء ورياضيين وغيرهم.
بيل غيتس Bill Gates اسمه الكامل هو ويليام هنري جيتس William Henry Gates وهو أمريكي من أصول إيرلندية، وينسب له الفضل في تأسيس ونجاح شركة مايكروسوفت. عاش بيل غيتس في بيئة أرستوقراطية حيث كان وضع عائلته ميسوراً مادياً وراقياً مجتمعياً وبدأ تعلقه وحبه للكمبيوتر عندما كان في المدرسة حيث قامت المدرسة بشراء جهاز كمبيوتر وكان بيل غيتس شديد الاهتمام بتعلم تفاصيل وكيفية عمل الكمبيوتر وطريقة تركيبه فكان دائم التواجد في مركز الحاسب الآلي في مدرسته ولكن بسبب كثرة استخدام الجهاز فقط تعطل وقامت الشركة المصنعة له بمنع تزويد المدرسة بجهاز آخر.
بعد انتهاء فترة العقوبة قام 4 طلاب من المدرسة هم بيل غيتس، وبول آلان، وريك ويلاند، وكينت إيفانس بتقديم عرض لشركة (CCC) المصنعة للكمبيوتر بأن يقوموا بمساعدتهم في إيجاد أخطاء النظام مقابل منح الشركة لهؤلاء الشبان الأربعة زمناً مجانياً وغير محدود لاستخدام النظام فوافقت الشركة على هذا العرض بسبب يأسهم من إيجاد حلول.
شكّل الشبان الأربعة شركة مبرمجو ليكسايد وأتاحت لهم الفرصة لدراسة برامج النظام، واكتساب خبرة برمجية واسعة في لغات برمجة كانت شائعة في ذلك الوقت إضافة للغة الآلة إضافة لقيامهم بإنتاج بعض برامج الألعاب.
بعد الانتهاء من مرحلة المدرسة أرسل والدا بيل غيتس ابنهم ويليام لدراسة الحقوق في جامعة هارفارد لكنه تفوق في الرياضيات وعلم الحاسوب حيث أنه صمم النسخة الأولى من لغة البيسك مع صديقه بول آلان وقررا تأسيس شركة مايكروسوفت. لم يكمل بيل غيتس دراسته في هارفارد واتجه للعمل في مشروعه الخاصة "مايكروسوفت" حتى وصلت الشركة إلى ما هي عليه في يومنا هذا من ازدهار وانتشار.
بيل غيتس من أغنى أغنياء العالم وأعلن في عام 2008 تنحيه من منصب رئيس مجلس إدارة مايكروسوفت ليصبح مستشاراً تكنولوجياً للشركة ويتفرغ للأعمال الخيرية التي تفيد المجتمعات. [2]
عالم الفيزياء الشهير ستيفن هوكينج Stephen William Hawking الذي تحدى مرضه وجميع الصعوبات التي مر بها وحقق إنجازات عظيمة في علم الفيزياء وتوصل لأهم النظريات الفيزيائية على مر التاريخ. نشأ ستيفن في أسرة متوسطة متعلمة ودرس الطب في جامعة كامبريدج. كان مستوى ستيفن في المرحلة الابتدائية في المدرسة متوسطاً إلى ضعيف حيث أنه لم يتعلم القراءة قبل 8 سنوات إلا أنه كان مهتماً جداً بالتفاصيل وفهم الأمور من حوله فكان يحاول تفكيك الأشياء حوله وإعادة تركيبها مرة أخرى ما كان إشارة تنبيه لأهله بأن الطفل ذكي ونابغة.
تفوق ستيفن في مادة الفيزياء كثيراً وحصل على مرتبة الشرف في الجامعة وصولاً لحصوله على شهادة الدكتوراه في علم الكون.
في عمر الواحد والعشرين بدأت مشاكل صحية تظهر على ستيفن كأن يفقد التوازن ويقع على الأرض دون أي سبب منطقي والذي قام الأطباء بتشخصيه على أنه مرض التصلب الجانبي الضموري المسمى مرض العصبون الحركي. بدأت بعدها حالته الصحية تسوء فبات غير قادر على المشي من دون عكازات وضعفت قدرته على الكتابة والكلام فبات غير قادر على الحديث وإلقاء المحاضرات.
لم يستسلم ستيفن لظرفه الصحي بل أصر على استخدام كل الأدوات المتاحة لتوصيل أفكاره فاستخدم الكرسي الكهربائي واستخدم تقنيات وأساليب بصرية تعويضية ليتم من خلالها إيصال أفكاره للآخرين عندما فقد قدرته على الكلام والكتابة والحركة بشكل كلي.
لستيفن بصمة بارزة ومهمة في الفيزياء فقد أصدر نظرية تتعلق بالنظرية النسبية العامة التي عمل عليها اينشتاين وأثبت أن النجوم السوداء تصدر إشعاعات وله كتب منشورة باسمه وحاز على عدد كبير من الجوائز العلمية القيمة والمهمة. وتوفي ستيفين هوكينج عام 2018 عن عمر يناهز 76 عاماً بعد صراع سنوات مع المرض. [3]
بالفيديو الدكتورة سراء الأنصاري الخبيرة النفسية في موقع حلوها تتحدث إلى قناة العربية عن شخصية العالم الفيزيائي ستيفن هوكينج
نجح جيف بيزوس Jeffrey Preston Bezos صاحب موقع أمازون بعمل ثورة في عالم الانترنت عندما فكر في بيع الكتب عبر الانترنت وأول ما واجهه من صعوبات وتحديات كانت الحاجة للتمويل المالي لبدء المشروع خاصة بأن الموضوع يتعلق بالإنترنت وفي تلك الفترة لم يكن المفهوم واضحاً فكان من الصعب إقناع المستثمرين بدخول مغامرة في عالم الانترنت المجهول لديهم ولدى كثير من الجمهور.
وضع بيزوس قيمة مليون دولار كميزانية لمشروعه ولكنه حصل على مئة ألف دولار من والديه وخمسين ألف دولار أخرى من رجال أعمال اقتنعوا بالاستثمار في مشروع بيزوس. ثم بدأت المشاكل تتسابق نحوه فكان في حيرة وقلق من قبل المؤلفين وأصحاب الكتب بسبب الخشية من السرقة الفكرية والأدبية لمؤلفاتهم وكتبهم ورواياتهم لكن هذه المخاوف تلاشت عندما حقق المشروع نجاحاً مبهراً ومميزاً فأصبح أكبر سوق رقمية في العالم تجاوزت قيمة سلعه 100 مليار دولار سنوياً.
بدأت أمازون بالتوسع فباتت تبيع الملابس والإلكترونيات والسلع الرياضية والكتب ومواد التجميل وغيرها واليوم أمازون من أقوى وأهم شركات التجارة الإلكترونية في العالم، ويعتبر بيزوس أغنى أغنياء العالم.
الغاية من استعراض قصص نجاح بعض الشخصيات هو فهم أهمية تطوير الذات والاجتهاد للوصول لتحقيق الأهداف وهنا يمكننا أن نتفق على مجموعة نقاط:
- باختلاف الظروف والمعيقات فإن التمسّك بالهدف الواضح والإصرار على تحقيقه والسعي وراءه سيجعله واقعاً في يوم من الأيام.
- الأفكار الخلاقة والإبداعية لا قيمة لها إن لم تترجم على أرض الواقع على شكل مخرجات مرئية، لذا التخطيط والإبداع يكملان بعضهما البعض.
- الصبر وتحمل الظروف الصعبة سيصلان بك إلى تنمية مهارات الشخصية وتطوير ذاتك والوصول للحالة التي تشعر عندها بالرضا عن نفسك ومجهود وإنجازاتك.
- لا تضع حداً أو سقفاً لأحلامك واعمل عليها جميعاً لتحولها لواقع ملموس ولا تكترث بالانتقادات السلبية أو التمييز العنصري أو الجندري الذي قد تواجهه.
- الصعاب والمعضلات هي محطات للتزود بالطاقة والقوة والتحدي والإصرار لتجاوزها وبناء خطوات ثابتة نحو تحقيق الأحلام والأهداف الواضحة.