أنواع أمراض المناعة الذاتية وأعراض أمراض المناعة
جهاز المناعة في الجسم هو المسؤول المباشر عن حماية الجسم من العناصر الغريبة التي قد تدخله وتضر بنظامه الحيوي، وقد تكون هذه العناصر عبار عن جراثيم أو بكتريا أو فيروسات وأشياء أخرى يتعرف عليها جهاز المناعة على أنها جسم غريب من خلال شيفرات أو بصمة وراثية معينة ويدمرها، ولكن في بعض الحالات يحدث خلل في جهاز المناعة يجعله لا يستطيع التميز بين خلايا الجسم الطبيعية وبين الأجسام الغريبة ما يؤدي لمهاجمة هذه الخلايا الطبيعية وتدميرها، وهذه الحلات هي ما تعرف بأمراض المناعة الذاتية.
تختلف أمراض المناعة الذاتية باختلاف خلايا الأعضاء التي يخطئ جهاز المناعة في مهاجمتها، وقد يهاجم نسيج معين من الخلايا في أكثر من عضو، وبالتالي تختلف الأسباب وطرق العلاج وبعض الأعراض، ويمكن لجهاز المناعة أن يهاجم الجهاز الهضمي أو الكلى أو خلايا الدم أو خلايا الجلد، وكل من هذه الحلات ينتج عنها نوع مختلف من أمراض المناعة الذاتية، ومن هذه الأمراض ما يلي: [1-2-3]
- متلازمة غودباستشر: أحد أمراض المناعة الذاتية وهو داء يصيب الغشاء القاعدي للرئتين والكلى ينتج عنه نزيف في الرئتين وفشل كلوي.
من أعراض هذا المرض صعوبات التنفس وسعال يترافق مع دماء، ينتشر غالباً بين الذكور في سن الشباب بسبب عوامل بيئية أو وراثية أو أمراض الجهاز التنفسي، وتلحق الضرر في الأكياس الهوائية في الرئتين ما يسبب نزيف رئوي أو قد تسبب الترشيح في الكلى. - التصلب المتعدد: في هذا المرض يهاجم جهاز المناعة جدار الأعصاب (المايلين) وقد يؤدي لحدوث شلل كامل بالجسم، كونه يعيق أداء الدماغ والجهاز العصبي المركزي ما يؤدي لضعف الاتصال بين الدماغ وأجزاء الجسم الأخرى وقد يسبب تلف تام للأعصاب.
من أعراضه التنميل أو الضعف في الأطراف، آلام في الرقبة تشبه الصدمات الكهربائية، فقدان التوازن أثناء الحركة والمشي، ضعف الرؤية وفقدانها جزئياً أو كلياً في بعض الحالات وشعور بحرقة في العين، وهن وارهاق عام شعور بالدوخة والوخز في كافة أنحاء الجسم، الضعف الجنسي.
تختلف درجة الإصابة بالتصلب المتعدد من شخص لآخر بالإضافة لأن مسار المرض يختلف من حيث الشدة من فترة لأخرى. - وهن العضلات الوخيم: من أمراض المناعة الذاتية حيث يهاجم جسم المناعة نقاط الاتصال بين الأعصاب والعضلات ما يؤدي إلى وهن وضعف وارتخاء في العضلات، تزاد شدة المرض عند ممارسة الأنشطة المتعبة وتتحسن الحالة عند حصول المصاب على الراحة وغالباً ما يصب عضلات العين أو عضلات الوجه والعنق.
- الحمى الرثوية: تحدث هذه الحالة عندما يهاجم جهاز المناعة خلايا صمامات القلب وأكثر ضحايا هذه الحالة من الأطفال، يترافق معها آلام في البلعوم ومشاكل في الأعصاب والمفاصل ما يزيد تشخيصها صعوبة.
غالباً ما يتسبب بالحمى الرثوية جراثيم تسمى المكورات العقدية من أعراضها ضيق الصدر وصعوبة في التنفس وارتفاع حرارة قد تصل لـ 40 درجة مئوية مع آلام في المفاصل وقد تظهر كتل صغيرة تحت الجلد وفي الحلات المتقدمة قد تظهر على المصاب حركات غير إرادية لا يمكنه السيطرة عليها ويحدث طفح جلدي رهيب في الجسم يحتاج العلاج لتدخل طبي فوري بمجرد تشخيص الحالة. - الذئبة الحمراء (الذئبة الحمامية): الذئبة الحمراء من أمراض المناعة الذاتية حيث يتم مهاجمة خلايا الجلد السليمة من قبل جهاز المناعة يؤدي لحصول التهابات في أنسجة الجلد يظهر على شكل طفح جلدي في الوجنتين، ومشاكل جلدية عديدة وخاصة الوجه والعنق والرأس.
- الذئبة الحمراء الجهازية: وهو من أمراض المناعة الذاتية ذات التأثير على عدة أعضاء من أجهزة الجسم حيث تهاجم الخلايا المناعية نسيج معين من الخلايا ويمكن أن تؤثر على الكلى والدماغ والرئتين والدم والطحال والكبد والجلد في آن معاً.
- الداء الرثياني: من أمراض المفاصل حيث يهاجم جهاز المناعة مفاصل الجسم وخاصة اليدين والقدمين وتحديداً مفاصل الأصابع، ويسبب التهاب الأغشية المحيطة بالمفاصل وقد ينتج عنه تدمير لهذه المفاصل وقد تمتد آثاره إلى جهاز التنفس والدوران.
من أهم أعراض الداء الريثاني التهاب وآلام في المفاصل، صعوبة في الحركة عند الاستيقاظ من النوم أو حالات الوقوف بعد الجلوس الطويل، يرافقه ارتفاع في درجة الحرارة، تظهر هذه الأعراض وتختفي بفترات متناوبة وعادة ما يستخدم مع هذا المرض العلاج بالأدوية مثل مضادات الالتهابات ومثبطات نشاط جهاز المناعة ومسكنات الآلام. - داء السكري من النوع الأول: أو داء السكري الشبابي يهاجم الجهاز المناعي الخلايا المنتجة لمادة الأنسولين في البنكرياس ما يسبب الإصابة بداء السكري من النوع الأول بسب ارتفاع نسبة السكري في الدم، والذي يمكن أن ينتج عنه تلف في الأوعية الدموية وأعضاء أخرى مثل القلب والكلى والعينين والأعصاب.
ومن أعراضه الشعور بالعطش والجوع والتبول المتكرر يعتمد العلاج في هذا المرض على السيطرة على نسبة السكر في الدم من خلال أخذ جرعات الأنسولين أو الحميات الغذائية. - التهاب المفاصل الروماتويدي: يهاجم الجهاز المناعي مفاصل الجسم ما ينتج عنه آلام والتهاب المفاصل والاحمرار والتصلب، ما ينتج عنه تضرر للعظام والغضاريف وتآكلها مثل التورم والتيبس.
وقد يؤثر هذا المرض على أجهزة أخرى غير المفاصل مثل العينين والرئتين والقلب والأوعية الدموية تظهر أعراض التهاب المفاصل الروماتويدي وتختفي بشكل متناوب. - التهاب المفاصل الصدفي أو الصدفية: هي حالة تتراكم فيها خلايا الجلد الزائدة ولا تتخلص من الخلايا الميتة أو الضعيفة وهذا يؤدي لظهور بقع حمراء على الجلد بالإضافة لتقشر جلدي بلون أبيض، وتترافق هذه الحالة مع التهاب وألم وتورم وتصلب في المفاصل وهذا ما يسمى التهاب المفاصل الصدفي وهو من أمراض المناعة الذاتية، غالباً ما تظهر أعراضه على الأصابع أو العمود الفقري وتكون هذه الأعراض على شكل نوبات تختفي وتظهر.
- مرض أديسون (القصور الكظري): حيث يكون تأثير خلل جهاز المناعة في هذا المرض على الغدد الكظرية التي تنتج هرمونات الكورتيزول والألدوستيرون والأندروجين، ونقص هرمون الألدوستيرون يؤدي لفقدان الصوديوم في الجسم وزيادة انتاج البوتاسيوم ما يسفر عن ضعف وتعب عام وفقدان الوزن وانخفاض مستوى السكر في الدم.
ومن أعراض المرض أيضاً فقدان الشهية انخفاض ضغط الدم آلام في المفاصل الغثيان والاسهال والتهيج والتقيؤ. - مرض جريفر: بحالة مرض جريفر يهاجم جهاز المناعة الغدة الدرقية ويؤدي لتحفيزها على انتاج كمية أكبر من الهرمونات المسؤولة عن التحكم في استخدام الطاقة في الجسم والمعروفة بعملية التمثيل الغذائي، وتؤدي هذه الحالة إلى فرط النشاط ي الجسم ما يسفر عن أعراض مثل العصبية وسرعة نبضات القلب وعدم القدرة على تحمل الحرارة وفقدان الوزن، وتظهر نتائجه على شكل انتفاخ في العين (جحوظ) أو اعتلال العين، ومن اعراضه تضخم الغدة الدرقية ضعف في الانتصاب عند الذكور وانخفاض الرغبة الجنسية تغيرات في عادات الدورة الشهرية عند النساء.
- متلازمة سجوجرن: هنا يهاجم جهاز المناعة الغدد المسؤولة عن تزيت العينين والفم وترطيبها، ما يؤدي لجفاف العين والفم وانخفاض انتاج اللعاب والدموع ويمكن أن يكون لها آثار على المفاصل والجلد، وتترافق هذه الحالة مع أمراض مناعية أخرى مثل الذئبة الحمراء والتهاب المفاصل الروماتويدي.
- التهاب الغدة الدرقية (هاشيموتو): وهو أيضاً من أمراض المناعة الذاتية الناتج عن مهاجمة جهاز المناعة للغدة الدرقية ولكن على عكس مرض جريفر في التهاب هاشيموتو يتراجع انتاج هرمونات الغدة الدرقية وتصاب بقصور ما يؤدي لتورم الغدة الدرقية يترافق مع زيادة بالوزن وتساقط للشعر والحساسية تجاه البرد والتعب العام في الجسم.
- التهاب الأوعية الدموية المناعي: هو الحالة التي يهاجم فيها الجهاز المناعي جدران الأوعية الدموية ما يؤدي للاتهاب هذه الأوعية وبالتالي تضيق الشرايين والأوردة وتدفق أقل للدم عبرها، وهذه الحالة تؤدي لوصول أقل للدم لأعضاء الجسم ما يسفر عن تضرر الأنسجة والأعضاء، ومن أعراض هذه الحالة الحمى الشديدة الصداع الشعور بالتعب والارهاق بشكل دائم فقدان الوزن انخفاض ضغط الدم تعرق ليلي.
- فقر الدم الخبيث: من أمراض المناعة الذاتية التي تؤدي لنقص في البروتين الذي تصنعه خلايا بطانة المعدة المعروف باسم العامل الداخلي اللازم لامتصاص فيتامين B12 نتيجة قصور انتاج كريات الدم الحمراء المسؤولة عن نقل الأكسجين إلى أعضاء الجسم ومنها المعدة والأمعاء وسوء امتصاص هذا الفيتامين يؤدي لحصول فقر الدم.
ومن أعراض فقر الدم الخبيث الشعور بالتعب الشديد ضيق التنفس ضعف التركيز الاكتئاب عدم التوازن. - مرض الاضطرابات الهضمية المناعي: قد يهاجم جهاز المناعة أعضاء الجهاز الهضمي ما ينتج عنه العديد من الأمراض الهضمية مثل التهاب بطانة جدار الأمعاء أو التهاب القولون التقرحي ولا يستطيع المصابون بهذه الاضطرابات تناول الأغذية التي تحتوي على الغلوتين حيث أن جهاز المناعة سوف يهاجم الجزء من الجهاز الهضمي الذي يحتوي هذه المادة، ومن أعراض الاضطرابات الهضمية المناعية آلام البطن والإسهال وتشنجات الأمعاء تلف الأمعاء الدقيقة فقدان الوزن قرحة الفم آلام المفاصل الطفح الجلدي.
لا تعتبر مسألة الأسباب التي تؤدي لأمراض المناعة الذاتية مسألة محسومة حتى الآن، فيمكن أن تتداخل فيها العديد من العوامل كل منها تؤثر بدرجة وبطريقة معينة تؤدي مع وجود ظروف مواتية لحدوث أحد أمراض المناعة الذاتية بالمحصلة، مع التنويه لأن مسألة الأسباب تبقى في إطار الفرضيات العلمية غير المحسومة ومن هذه العوامل: [1-2-3]
- عوامل بيئية: التلوث البيئي وتعرض الشخص لآثار مواد كيميائية بسبب بيئة العمل أو السكن أو مواد مشعة أو مواد ملوثة، كل هذه العوامل قد تسبب اضطرابات في عمليات الجسم الحيوية ومن ضمنها جهاز المناعة.
- النظام الغذائي: النظام الغذائي غير الصحي له تأثير مباشر على مختلف أعضاء الجسم وأجهزته، ويمكن أن يلحق هذا التأثير الضرر بجهاز المناعة ويسبب خلل في وظائفه، مثل تناول الأطعمة الجاهزة غير الصحية أو الأطعمة المصنعة التي تحتوي على مواد غير طبيعية.
- الاستعداد الوراثي: في بعض الحالات قد تعود أسباب اضطرابات جهاز المناعة لأسباب وراثية مثل انتشار مرض معين في العائلة أو وجود تاريخ عائلي لاضطرابات الجهاز المناعي.
- المخدرات: للمخدرات تأثيرات واسعة على معظم وظائف أجهزة الجسم فهي تنشط بعض هذه الوظائف وتثبط عمل وظائف أخرى، ويتوقع الوسط العلمي أنه قد يكون للمخدرات تأثير على الجهاز المناعي.
- تناول بعض الأدوية: بعض الأدوية قد تسبب أنواع معينة من أمراض المناعة الذاتية مثل المضادات الحيوية وأدوية خفض الضغط قد تسبب مرض الذئبة الحمراء الجهازية، وأدوية أخرى قد تسبب الوهن العضلي.
- أمراض الجهاز المناعي: مثل نقص المناعة البشرية والأمراض المنقولة جنسياً التي تهاجكم جهاز المناعة وتسبب خلل في عملياته.
- التعرض للأشعة فوق بنفسجية: التعرض للأشعة فوق البنفسجية الصادرة عن الشمس كثيراً ما تكون سبب في خلل بعض عمليات جهاز المناعة.
- اللقاحات والتطعيمات الصحية: قد تؤدي اللقاحات التي يتلقاها الأطفال وخاصة في الدول المتقدمة لحدوث نقص في تفاعل جهاز المناعة للطفل مع الكثير من أنواع الجراثيم والبكتريا وبالتالي يسبب هذا خلل في وظائفه.
على الرغم من اختلاف أمراض المناعة الذاتية إلا أن العديد منها قد تتشارك في بعض الأعراض، بالإضافة لأن هذه الأعراض قد تختلف من حيث الدرجة بين شخص وآخر تبعاً لدرجة تأثير المرض أو نتائجه على جسم الشخص المصاب، ومن أعراض أمراض المناعة الذاتية الأكثر انتشاراً:
- التعب والأعياء: مثل الشعور بآلام بالعضلات ووهن عام في الجسم وارهاق وعدم القدرة على الحركة.
- تساقط للشعر: وخاصة بحال الأمراض المناعية التي تهاجم غدد الجسم.
- آلام المفاصل وتورمها: من أكثر الأعراض انتشاراً فمعظم أمراض المناعة الذاتية ترافقها آلام أو التهابات في المفاصل.
- مشاكل جلدية: احمرار وتهيج وطفح جلدي، مثل حالات الذئبة الحمراء أو التهاب المفاصل الصدفي.
- آلام في البطن واضطرابات في جهاز الهضم
- التعرض لحمى متكررة وارتفاع في درجة الحرارة قد تصل لـ 40 درجة مئوية.
- تورم غدي مثل التهاب الغدة الدرقية
- خدر ووخز في الأطراف
معظم المصابين بأمراض المناعة الذاتية يتأخرون في طلب المساعدة الطبيعية نظراً لعدم فهم حالتهم كون أعراض هذه الأمراض يمكن أن تتشابه في كثير من الأحيان مع أمراض أخرى أقل خطورة.
وحتى عند مراجعة الطبيب فتشخيص هذه الأمراض ليس بالأمر الهين، لذلك قد يطلب الأطباء العديد من التحاليل والفحوصات والاختبارات مثل:
- تحليل الدم
- الفحص بالأشعة السينية
- التصوير بالرنين المغناطيسي
- أخذ خزعة في كثير من الحالات
وذلك تبعاً لنوع التأثير الناتج عن مرض المناعة الذاتية، كونه لا يوجد اختبار محدد يشخص هذه الأمراض بشكل نهائي، وإنما يعتمد الأطباء على جمع العوامل والأعراض والنظر بنتائج الاختبارات وتقدير الحالة وفقاً لجميع هذه المعطيات، ويوجد ما يسمى اختبار نواة الأجسام المضادة الذي يحدد وجود خلل في جهاز المناعة ولكن لا يمكنه تشخيص المرض الناتج بشكل دقيق. [1-2-3]
مسألة علاج أمراض المناعة الذاتية لا تشبه علاج أي نوع من الأمراض الأخرى من حيث اتباع خطوات محددة تأتي بنتائج مضمونة، وإنما يرتكز العلاج هنا على إجراءات وقائية من شأنها السيطرة على أسباب تطور هذه الأمراض وإجراءات تخفف من أعراض هذه الأمراض وإجراءات تقلل فاعلية جهاز المناعة، وذلك تبعاً لدرجة خطورة المرض ونتائجه:
- اتباع نظام غذائي صحي: يقوم على الحصول على جميع العناصر الغذائية والابتعاد عن الأطعمة المصنعة.
- تقليل الوزن: فالوزن الزائد كثيراً ما يسبب خلل في معظم أجهزة الجسم ومنها الجهاز المناعي.
- ممارسة التمارين الرياضية: فمن شأن التمارين الرياضية المنتظمة الحفاظ على سلامة أجهزة الجسم الحيوية وتقويتها في مواجهة أي عارض صحي.
- الابتعاد عن الأجواء الملوثة: مثل الأشخاص الذين يعملون في مجال الكيماويات أو يسكنون في بيئات ملوثة.
- علاج الأعراض الناتجة عن هذه الأمراض: من خلال الأدوية أو الحميات أو التدخل الطبي أو مسكنات الألم والمضادات الحيوية.
- أدوية مثبطات المناعة: التي تعمل على تهدئة الاستجابة المناعية المفرطة.