التنمر بين الأصدقاء والتعامل مع الصديق المتنمر
الصداقة الحقيقة علاقةٌ داعمة، تساعد الأفراد على تعزيز الثقة بالنفس والشعور بالأهمية، وكل علاقة لا تؤدي إلى تعزيز شعور الاستحقاق والأهمية هي علاقة سامّة وغير متكافئة، وربما يكون التنمُّر بين الأصدقاء من أهم العلامات لعلاقة الصداقة السامّة والمؤذية، فما هي أشكال وعلامات التنمر بين الأصدقاء؟ وكيف يمكن التعامل مع الصديق المتنمر؟
تعريف التنمر بين الأصدقاء أنه سلوك متعمَّد ومستمر من الإساءة يمارسه الصديق بحق صديقه ولا يمتنع عنه حتى إن لاحظ التأثير السلبي لسلوك التنمر، وغالباً ما يستغل الصديق بعض السمات المتفوّقة لديه للتنمر على صديقه، مثل اللسان السليط أو القوة الجسدية أو الفروق الطبقية والاجتماعية والفروق الفردية.
ومن المهم التمييز بين النزعات الطبيعية التي تدور بين الأصدقاء وقد ينتج عنها بعض الأقوال والأفعال المؤذية، وبين التنمر بوصفه سلوكاً مستقراً في علاقة الصداقة، فالتنمر بين الأصدقاء لا يرتبط بظروف متوترة أو خلافات محددة، بل يكون حالة مستمرة ومتكررة من الإساءة، ترتبط في معظم الأحوال بتفوّق المتنمر على الضحية بشكلٍ من الأشكال.
وعلى الرغم من اعتبار الصداقة من عوامل الحماية من التنمر في المدراس والجامعات وحتى في أماكن العمل؛ تشير بعض الدراسات أن التنمر أكثر انتشاراً بين الأصدقاء مما نعتقد، حيث أشارت دراسة عام 2011 أن 8% من ضحايا التنمر اعتبروا المتنمرين من بين الأصدقاء، و12% من حالات التنمر اتفق فيها الضحية والمتنمر أنهم أصدقاء فعلاً! [1]
- يسخر منك أمام الآخرين ويشجعهم على السخرية منك.
- يذهب بعيداً بالمزاح ولا يحترم حدودك.
- يتحدث عنك في غيابك بطريقة سلبية وربما يستغل معرفته لبعض أسرارك لتشويه صورتك أمام الآخرين.
- التركيز على نقاط التفوّق لدى الصديق المتنمر ومقارنتها دائماً بنقاط الضعف لديك.
- إحباطك بشكل دائم وتغذية شعور النقص والدونية.
- قد يقول لك الحقائق بأسلوب قاسٍ ومؤذٍ ويتذرع بالصراحة.
- يمارس الضغط عليك لفعل أشياء لا تريد فعلها حقاً، ويحاول السيطرة عليك وإظهار هذه السيطرة أمام الآخرين.
- يحاول ابتزازك عاطفياً "لو كنت صديقاً حقيقاً لكنت وافقت على..." أو "إن لم تفعل ذلك لن أكون صديقك بعد الآن".
- يستبعدك بشكل متعمّد من اللقاءات الجماعية أو من مجموعات الدردشة.
- يدعوك بألقاب أو نعوت مزعجة ولا يكف على الرغم من إظهار انزعاجك.
- يستغل نقاط ضعفك ليُضحِك الآخرين عليك، مثل إجراء مكالمات وهمية وتسجيلها.
- قد يصل التنمر بين الأصدقاء إلى التهديد والابتزاز الصريح.
- من علامات الصديق المتنمر أيضاً استغلالك مالياً والحصول منك على منافع مادية من خلال الضغط أو الابتزاز العاطفي أو التهديد.
- على الرغم أن التنمر الجسدي أقل انتشاراً بين الأصدقاء؛ لكن الإساءة الجسدية واردة في علاقة الصداقة من باب المزاح أو حتى من باب التحكم والسيطرة، وغالباً ما يكون الضحية عاجزاً عن الدفاع.
كيف أتعامل مع تنمُّر صديقي؟ الاستمرار في علاقة صداقة غير متكافئة يشير غالباً إلى وجود بعض المشاكل الاجتماعية والنفسية عند ضحايا التنمر، التي تجعلهم عاجزين عن مواجهة التنمر من جهة، وغير قادرين على إنهاء الصداقة -الاعتمادية غالباً- من جهة أخرى، وهناك بعض الخطوات التي تساعد في التعامل مع الصديق المتنمر ومواجهة تنمر الأصدقاء:
- اعترف أنّك ضحية للتنمر: الخطوة الأولى في مواجهة الصديق المتنمر هي الاعتراف أنّك ضحية للتنمر، لا تحاول أن تقلل من الإساءة أو تضع مبررات للتنمر أو تصفه بالـ "المزاح الثقيل" لا أكثر، يجب أن تتفهّم مشاعرك السلبية وتستعد لمواجهة التنمر من الأصدقاء.
- لا تضحك مع المتنمرين: ضحية التنمر قد يحمل جزء من المسؤولية عن استمرار التنمر، لا تضحك على المزاح السمج والتنمر، ولا تكن حيادياً تجاه تنمر الأصدقاء، إذا شاركتهم الضحك على نفسك فأنت تعطيهم إشعاراً بقبول هذا النوع من الإساءة.
- دافع عن نفسك في نفس اللحظة: عندما تتعرض للمضايقة من صديق عليك أن تخبره فوراً أن سلوكه مرفوض وأنّك لا توافق عليه، يجب أن يفهم صديقك ما هي الخطوط الحمراء التي يجب ألّا يتجاوزها، ولن يكون ذلك ممكناً إن لم تخبره أنت.
- تحدث إلى صديقك المتنمر: اطلب من صديقك المتنمر الحديث على انفراد، وأخبره عن مشاعرك تجاه الإساءة حتى وإن كانت عن حسن نيّة، حدد لصديقك بعض الأمثلة والتصرفات التي تزعجك، وحاول أن تستمع إلى رأيه أيضاً وكيف ينظر هو إلى الموضوع.
- استعد لإنهاء العلاقة مع المتنمرين: غالباً ما يكون الحديث الجاد فعّالاً في إيقاف التنمر، وغالباً ما يكون الدفاع عن النفس بشكل مباشر وحاسم رسالةً واضحة للصديق المتنمر، لكن إن لم يستجب صديقك المتنمر للحديث فعليك أن تستعد لإنهاء الصداقة، اقرأ مقالنا عن طرق إنهاء الصداقة من خلال النقر على هذا الرابط.
- طوّر نفسك: من الجوانب الإيجابية للتنمر أنه يكشف عن الجوانب الضعيفة في شخصيتك، ويحدد النقاط سهلة الإثارة والاستفزاز، عليك أن تستفيد من ذلك في ترميم نقاط الضعف واكتساب المزيد من المهارات والخبرات الاجتماعية المناسبة.
- اطلب المساعدة: لا تخجل من طلب المساعدة للتعامل مع الصديق المتنمر، اطلب المساعدة من أشخاص موثوقين ولديهم الخبرة المناسبة، أو اطلب المساعدة من المختصين.
هناك مجموعة من الأسباب والدوافع المميزة للتنمر بين الأصدقاء إلى جانب دوافع التنمر المعروفة بين الغرباء أو الزملاء، ونذكر هنا أبرز خمسة دوافع للصديق المتنمر:
- سمات الشخصية والفروق الفردية: في كل مجموعة أصدقاء يوجد أشخاص أكثر قدرة على قيادة المجموعة والتأثير بها، يعود ذلك إلى السمات الشخصية لهؤلاء الأشخاص وتفوّقهم على باقي الأصدقاء في المجموعة، وغالباً ما يكون هؤلاء الأفراد هم مصدر التنمر في علاقة الصداقة.
حتى في علاقة الصداقة الثنائية سيكون الطرف المتنمر متفوّقاً بشكلٍ من الأشكال على الضحية، متفوقاً بالمهارات الاجتماعية أو القدرة الجسدية أو يكبره بالعمر أو لديه امتيازات اجتماعية...إلخ، والرغبة في استغلال وتثبيت هذا التفوّق قد تجعل من المزاح تنمراً صريحاً. - الحدود الفضفاضة في الصداقة: لا يستطيع جميع الأفراد رسم حدود واضحة لعلاقاتهم الاجتماعية، وفي بعض الحالات قد يكون التنمر نتيجة مباشرة لعدم فهم المتنمرين لحدود الضحية، وقد تكون محاولة رسم الحدود في مراحل متقدم من الصداقة محاولةً صعبة أو مستحيلة.
- الغيرة والتنافسية: يمكن أن نلاحظ الدور الذي تلعبه التنافسية في تغذية التنمر بين الأصدقاء، خصوصاً بين أصدقاء الدراسة في المدارس والجامعات، لذلك نلاحظ أن الطالب المتفوّق والمؤدّب غالباً ما يقع ضحية التنمر للطلاب الأقل تفوّقاً في الدراسة والأوسع تجربة خارج الدراسة.
- السيطرة والتحكم: يميل بعض الأشخاص بطبيعتهم إلى السيطرة والتحكم في العلاقات الاجتماعية، وعندما لا يجدون فرصة للتحكم بالصديق والسيطرة المباشرة عليه قد يلجؤون للتقليل من شأنه من خلال السخرية والمزاح الثقيل وتعمد الإساءة أمام الآخرين.
- أسباب التنمر التقليدية: لا يمكن تجاهل دوافع التنمر التقليدية كأسباب إضافية للتنمر بين الأصدقاء، مثل سعي المتنمرين إلى الشعبية والجماهيرية، وشعور النقص الذي يدفع المتنمر إلى سلوك عدواني مبطّن بالمزاح، إضافةً إلى الاضطرابات الاجتماعية والعاطفية التي يعاني منها المتنمرون والضحايا.
الأصل في علاقة الصداقة أن تؤمِّن الحماية من التنمر في البيئات المختلفة، وعادةً ما ننصح بإنشاء علاقات واسعة وصداقات عميقة لتجنب التعرض للتنمر في بيئة العمل أو الدراسة، لكن هذا يتطلب أن تكون علاقة الصداقة متكافئة ومبنية على أسس صحيحة.
وقد يكون الأذى الذي يسببه تنمر الأصدقاء أعمق وأشد من أذى تنمر الغرباء، حيث يعتبر التنمر من أهم علامات الصداقة السّامة التي تؤثر على الحالة النفسية والأداء بشكل سلبي، كما أن التنمر بين الأصدقاء يؤدي إلى الشعور بالوحدة والعزلة، وقد يقود إلى فقدان الثقة بعلاقة الصداقة والاتجاه إلى الانعزال الاجتماعي.
من الاستشارات التي وصلت إلى مجتمع حِلّوها؛ طالبة في المرحلة الثانوية تقول أنها تعرضت للتنمر من زميلاتها في المدرسة، وبعد عدة مشاكل وخلافات قررت مسامحتهن وأصبحن صديقات، لكنها رغم ذلك لم تستطع نسيان التنمر الذي تعرضت له منهن، وما زالت تشعر بالكره تجاه المتنمرات، وهي تفكر إن كان عليها قطع العلاقة معهن لأنها لا تستطيع نسيان التنمر، أم عليها التمسك بالمسامحة!
اقرأ الاستشارة كاملة وآراء الخبراء والقراء من خلال النقر على هذا الرابط.
استشارة أخرى من شاب يعاني مع سلوك صديقة الذي يكبره بسنتين، يقول أن علاقتهما جيدة إذا كانا وحدهما، وبمجرد وجود شخص ثالث معهما ينقلب سلوك صديقه فيحاول إذلاله أمام الآخرين من خلال انتقاده وإصدار الأوامر والتقليل من شأنه وإهانته، وفي كل مرة يعود ويعتذر، لكن بمجرد أن يكونا مع آخرين يرجع إلى سلوكه المتنمر.
اقرأ الاستشارة كاملة وإجابة الخبراء والقراء من خلال النقر على هذا الرابط.