دراسة تخصص علم النفس دليل الطالب لتخصص علم النفس
الدراسة الجامعية لأي تخصص من العلوم تختلف نوعاً ما عن الاطلاع على هذا التخصص من باب الثقافة العامة وحب المعرفة، حيث يجب أن يتعرف الراغب بدراسة هذا التخصص أو ذلك على مجالات هذا التخصص وفروعه وما الذي يدرسه بالتحديد وما هي أقسامه ومجالات العمل فيه قبل الشروع بدراسته، وذلك بغية تكوين معرفة أعمق وأكثر شمولاً حول هذا التخصص قبل المباشرة فيه وتقدير مدى توافقه مع ميول ورغبات وطموحات واهتمامات الراغب بدراسته، وهنا نقدم تعريفاً مبسطاً وشاملاً حول تخصص علم النفس ومجالاته.
تخصص علم النفس psychology أو علم دراسة السلوك أو علم دراسة الحياة النفسية والعقلية للإنسان والعديد من الأسماء الأخرى، هو العلم الذي يهتم بدراسة الإنسان من حيث دوافعه ومشاعره وعمليات التفكير لديه ووظائفه العقلية بحالتها السوية وغير السوية، كما يفسر تصرفات الإنسان وسلوكياته ورغباته وميوله وعواطفه ومشاعره وانفعالاته، بالإضافة طبعاً لدراسة طرق التأثير على الإنسان ومشاكله النفسية والعقلية من حيث أسبابها وطرق علاجها والتعامل معها، والاضطرابات والأمراض التي تصيب النفس البشرية. [1-2-3]
زيادة المعلومات وكثرة النظريات والآراء العلمية وتشعبها وتعقيدها في أي مجال من العلوم في العصر الحديث وصعوبة أن يتمكن شخص معين من الإلمام بكل ما يتعلق بأحدها، زادت من رغبة وميل المجتمع العلمي نحو الاختصاص، فكل مجال من العلوم أصبح يتفرع لعدة أقسام وفروع لتسهيل دراستها وترك المجال مفتوحاً أمام الدارس ليتمكن من الإلمام والابداع بها، ومن مجالات أو فروع علم النفس: [2-3-4]
- علم النفس العام: وهذا العلم يعتبر الأكثر شمولاً وهو الذي يدرّس غالباً في المراحل الجامعة الأولى أو درجة البكالوريوس، ويدرس فيه الطالب أسس علم النفس ونظرياته وأشهر علمائه ويتعرف على بعض الأمراض النفسية وكيفية علاجها بشكل عام وعلى المدارس النفسية ومذاهبها المختلفة.
- علم النفس التربوي: هنا يكون الاهتمام أكثر فيما يتعلق بنفسية الطالب ووسائل التواصل معه وأفضل طرق التعليم والتعلم وكيفية التعامل مع المراحل العمرية المختلفة للطلاب وشخصية المعلم، بالإضافة طبعاً للنظريات التربوية المختلفة وأهم علماء التربية.
- علم النفس الاجتماعي: يربط علم النفس الاجتماعي بين اختصاص علم النفس العام وبين اختصاص علم الاجتماع، فيدرس مثلاً كيفية تأثير الحالة الاجتماعية على حالة الفرد النفسية وكيف يؤثر الفرد في المجتمع وكيفية التوفيق بينهما لفهم نفسية الفرد في نطاق مجتمع معين وكيفية إنتاج المجتمع انطلاقاً من الفرد.
- علم النفس الجنائي (الإجرامي): يعتبر من الاختصاصات الحديثة في مجال علم النفس والذي يهتم بالقضايا المرتبطة بعلم الجريمة والحالة النفسية للفرد ودوافع ارتكاب الجرائم، بغية مكافحة الجريمة من جهة والمساعدة في كشف ملابسات الجرائم من جهة أخرى.
- علم النفس الإرشادي أو الإرشاد النفسي: وهو من الاختصاصات الأكثر شيوعاً وانتشاراً في مجال علم النفس، والذي يدرس آليات الدعم النفسي ومختلف المشاكل النفسية التي يمكن أن يعاني منها أي فرد وكيفية التعامل معها وإقناع الفرد بأفضل السبل لمواجهة مشاكله وعلاجها، وغالباً ما يرتبط هذا الاختصاص بالمجال التعليمي والتربوي.
- بالإضافة لعلم النفس الصناعي وعلم النفس العسكري وعلم النفس الإداري وعلم النفس الإعلامي وغيرها من التخصصات الدقيقة في تخصص علم النفس العام.
أكثر ما يفكر به الراغب بدراسة تخصص معين هو المجالات المهنية التي يتيح له هذا الاختصاص العمل بها ويجد نفسه وطموحه فيها، فدارس الطب يتوقع أن يصبح طبيباً في أي من الاختصاصات التي تتوافق مع طموحاته ودارس الهندسة أو الأدب أو الاقتصاد أو اللغات دائماً ما يتوقع أن يعمل في مجال يناسب هذا الاختصاص، فما هي مجالات العمل التي يتيحها تخصص علم النفس؟
- العمل في المستشفيات: فالكثير من المرضى يتعرضون لمشاكل نفسية ناتجة عن حالتهم الصحية ومدى خطورتها أو يأسهم من علاجها، ولذا فهم بحاجة للدعم النفسي من قبل مختص لتجاوز هذه المرحلة.
- العمل في مجال العيادات النفسية: علاج الأمراض النفسية غالباً ما يحتاج لطاقم متكامل فالمعالج النفسي لا يستطيع علاج الأسباب العضوية والطبيب النفسي بحاجة لمن يساعده في مجال تقديم الدعم النفسي للمريض من قبل مختص ذو خبرة.
- تدريس مادة علم النفس: يمكن لدارس علم النفس العمل بتدريس هذه المادة في المدارس وخاصة في المرحلة الثانوية، كما يمكنه الحصول على شهادات عليا في مجاله والعمل في مجال التدريس الجامعي لهذه الاختصاص.
- العمل في مستشفيات الأمراض النفسية والعقلية وتأهيل مدمني المخدرات.
- العمل في مجال الإرشاد النفسي: سواء في العيادات النفسية أو مراكز الخدمة الاجتماعية أو المنظمات التنموية يمكن الاستفادة من الخبير النفسي في الكثير من المجالات.
- العمل في الوظائف الحكومية التي تحتاج مثل هذا التخصص: مثل السجون والمدارس والمستشفيات ومؤسسات الرعاية مثل دور رعاية الأيتام أو المسنين.
المقررات والمواد الدراسة التي يتضمنها أي تخصص علمي تعتبر المسألة الأهم التي يجب التعرف عليها قبل الشروع بدراسة هذا الاختصاص أو غيره، فمعرفة هذه المواد والمقررات تمكن الدراس من تقدير مدى توافقها مع توقعاته ورغباته وميوله وبالتالي إذا كان سوف ينجح بها أو سيجد صعوبة في فهمها واجتياز امتحاناتها، وهنا تكمن ضرورة معرفة مقررات اختصاص علم النفس ومواده الدراسية. [2-4-5]
ومن أهم مواد تخصص علم النفس التي قد تختلف في تسميتها أو توزيعها بين بلد وآخر وجامعة وأخرى يمكن:
- مدخل إلى علم النفس
- مبادئ علم النفس
- مدخل إلى علم السلوك
- علم نفس الدوافع والانفعالات
- مشكلات وأمراض نفسية
- أصول ومناهج البحث في علم النفس
- علم نفس النمو
- علم نفس التربية
- الفروق الفردية
- الإرشاد النفسي
- علاقة علم النفس بالعلوم الأخرى
- مدارس علم النفس
- نظريات نفسية
كل مجال له ميزاته العامة التي تنبع من المستوى العلمي والثقافي الذي تقدمه والتي تتشابه فيه تقريباً مع كل المجالات العلمية الأخرى أو معظمها بالإضافة لميزاته الخاصة التي تحتوي فوائد لا يحصل عليها سوى دراس هذا التخصص، ومن فوائد دراسة تخصص علم النفس ما يلي:
- القدرة على فهم عواطف ومشاعر وتصرفات الآخرين والتعامل معها بالطرق الأفضل وإمكانية التأثير عليها إيجابياً والمساعدة فيما يتعلق بهذا الاختصاص.
- تنمية الثقة بالنفس ومهارات التواصل الاجتماعي وتحليل الشخصيات بالنسبة للشخص الدارس، حتى يصبح أكثر قدرة على التعامل مع الآخرين وفهم سلوكهم ودوافعه وبالتالي تقديم الأعذار أو حتى فهم الغايات من وراء هذه السلوكيات.
- تكوين معرفة في أنواع الشخصيات والطرق الأنسب في التعامل مع كل نوع منها، حتى يتمكن الدارس من تكوين شخصية يمكنها التفاعل مع هذه الشخصيات والتقرب منها ونيل إعجابها.
- مساعدة الآخرين والقدرة على تقديم النصيحة والإرشاد سواء كمربي أو كصديق أو في مجال العمل يمكن لدارس علم النفس أن يستفيد من اختصاصه في معظم هذه المجالات ليكون عنصر فعال في المجتمع.
- اكتساب المهارات النفسية مثل القدرة على ضبط العواطف والانفعالات وتوقع ردود الفعل من الآخرين والتعامل مع الأزمات النفسية والعاطفية الشخصية أو تقديم المساعدة للآخرين ممن يعانون من هذه الأزمات.
- العمل في المجالات المتنوعة لتخصص علم النفس مثل الوظائف الحكومية أو المجال التربوي أو التعليمي أو الإرشادي أو عيادات العلاج النفسي أو مؤسسات الرعاية النفسية والاجتماعية.
علم النفس بشكل عام من العلوم النظرية التي يمكن القول أنها ما تزال حديثة نسبياً، بمعنى أنه علم يقوم على الفرضيات العلمية والملاحظات ولا يعتمد بشكل كبير على المنهج التجريبي للتأكد من صحة النتائج، وهذه المسألة فتحت المجال الجدل العلمي واختلاف وجهات النظر بين مؤسسي علم النفس في تفسير الظواهر النفسية المختلفة وفي طريقة النظر إليها، ومن هنا نشأت مدراس علم النفس المختلفة ومنها: [6]
- مدرسة التحليل النفسي: يعتبر الطبيب وعالم النفس الشهير سيغموند فرويد مؤسس مدرسة التحليل النفسي، التي ترى أن الغرائز الفطرية للإنسان هي أهم الدوافع لسلوكياته، حيث ترجع مدرسة التحليل النفسية الغرائز النفسية المرتبطة بالبقاء إلى نوعين (الغريزة الجنسية وهدفها استمرار الحياة – غريزة الموت أو العدوان وهدفها الدفاع عن النفس) وقد قسمت مدرسة التحليل النفسي النفس البشرية إلى ثلاثة أقسام:
- الهو (اللاشعور): والذي يمكن وصفه بأنه مستودع الغرائز الفطرية للإنسان.
- الأنا (الشعور): وهو شخصية الإنسان الفعلية أو الاجتماعية والحد بين الهو والأنا الأعلى.
- الأنا الأعلى (الضمير): ويمكن وصفها بأنها الرقيب على تصرفات الإنسان وسلوكياته والتي تمنع خروج الغرائز من الهو إلى الأنا في المواقف غير المناسبة.
- المدرسة السلوكية: يعتبر عالم النفس الأمريكي جون برودوس واطسون مؤسس المذهب السلوكي في علم النفس أو المدرسة النفسية السلوكية، والتي تقوم نظريتها على استبعاد العوامل الفطرية والغريزية في سلوكيات الإنسان وتركز أكثر على السلوك المكتسب أو المتعلم من المحيط والبيئة والذي يمكن ملاحظته على الشخص.
وعلى ذلك يقوم المنهج التحليلي للمدرسة السلوكية على دراسة سلوك الإنسان من خلال الملاحظة والقياس واجراء الاختبارات والتأكد من النتائج.\
أما بالنسبة للعلاج فتقدم المدرسة السلوكية عدة آليات لتعديل السلوك مثل التحفيز وأساليب الثواب والعقاب وتعليم السلوك. - مدرسة الجشطالت: وتسمى أيضاً المدرسة الشكلية أو الكشتالتية ويعتبر ماكس فريتمر من أهم مؤسسيها، تنظر مدرسة الجشطالت إلى السلوك البشري والنفس البشرية ككل مختلف عن مجموع أجزائه، وبالتالي يجب فهم هذا السلوك في جميع أبعاده بشكل كلي وعدم تقسيم السلوك إلى أجزاء.
- المدرسة البنائية في علم النفس: يعتبر عالم النفس فيلهم فونت مؤسس المدرسة البنائية، ويقوم منهج هذه النظرية على تحليل الوعي البشري والإدراك الحسي بما فيه من مشاعر وعواطف وأفكار إلى عناصر وفهم الرابط بين هذه العناصر التي تشكل البنية النفسية لكل فرد وهذه العناصر هي الأفكار والخبرات والمعتقدات والمشاعر والعواطف والعادات والقناعات.
- المدرسة الوظيفية: يعتبر العالم الأمريكي وليم جيمس مؤسس النظرية أو المدرسة الوظيفية التي ترى بأن الوعي هو ما يميز الجنس البشري عن الكائنات الأخرى، ويميل لدراسة وظيفة هذا الوعي أكثر من دراسة مكوناته أو تركيبه.
تعتبر المدرسة الوظيفية متأثرة جداً بنظرية النشوء والارتقاء الداروينية وهذا ما يفسر ميلها نحو دراسة وظيفة الوعي البشري المتميز عن سائر الكائنات الأخرى.