حكم زواج المتعة وسلبيات زواج المتعة الاجتماعية
تحدثنا في مقالات سابقة عن أنواع الزواج وأهمية الزواج للرجل والمرأة والمجتمع كوحدة مترابطة واليوم في هذه المقالة عن زواج المتعة سنتحدث بشكل موسع حول هذا النوع من الزواج بدءاً من توضيح المقصود بزواج المتعة وحكمه الشرعي والأدلة الشرعية على حكم زواج المتعة. كما سنفرق بين زواج المتعة والزواج الشرعي ونذكر أبرز سلبيات ومساوئ زواج المتعة.
زواج المتعة هو أحد أشكال الزواج التي عرفت منذ أيام الجاهلية أي قبل الإسلام وما زال مستمراً إلى يومنا هذا رغم الحكم الشرعي المتعلق به. يقصد بزواج المتعة هو الزواج الذي يتم فيه الاتفاق بين الرجل والمرأة على عقد القران والزواج بغية الاستمتاع الجسدي وإقامة علاقة جنسية ضمن مسمى الزواج وإطار شرعي ولكنه ينتهي بأجل محدد ومتفق عليه بعد الانتهاء من قضاء المتعة الجنسية المشتركة بين الرجل والمرأة.
يقوم الرجل في حالة زواج المتعة بتوفير مكان لإقامة العلاقة الجنسية بينه وبين المرأة دون توفير مسكن شرعي أو العيش في بيت واحد والتشارك في الحياة إذ أن الهدف من الزواج محدد وواضح للطرفين، وعادة يتم دفع مبلغ من المال للمرأة مقابل موافقتها على هذا الزواج المؤقت الذي يهدف فقط لتحقيق المتعة الجنسية وإقامة العلاقة الزوجية الجنسية بين الرجل والمرأة طيلة سريان عقد الزواج المشروط بتاريخ نهاية متفق عليه بين الطرفين. [1]
من مساوئ زواج المتعة أنه يتعامل مع المرأة فقط من منظور الجنس وتفريغ الشهوة الجنسية دون الاكتراث للجانب الإنساني والاجتماعي والكرامة والحقوق الأخرى التي يكرم الإسلام بها المرأة عندما تتزوج زواجاً شرعياً كامل الأركان والعناصر. والتعامل في موضوع زواج المتعة فيه تبخيس للقيم الجوهرية من تشكيل الأسرة وبناء لبنات المجتمع المتينة.
في بداية الأمر كان زواج المتعة مباحاً خاصة في حالات السفر والغزوات الطويلة التي يقضيها الرجال بعيداً عن زوجاتهم، فكان زواج المتعة خياراً متاحاً لتلبية الاحتياجات الجنسية للرجال أثناء سفرهم ورحلاتهم وغزواتهم الطويلة وهي إحدى العادات التي أبقى عليها الإسلام من عادات الجاهلية وما قبلها. [2]
إلا أن الرسول عليه الصلاة والسلام حسم الأمر في نهاية المطاف وحرّم زواج المتعة باعتباره يخل بشروط الزواج وأهدافه وضوابطه الشرعية حيث يفقد المرأة حقوقها ويتعامل معها كأداة جنسية لتفريغ الشهوات والرغبات الجنسية وقت الحاجة لها فقط.
وبات الحكم الشرعي النهائي لزواج المتعة حرام شرعاً عند أهل السنة والجماعة خاصة بعدما أساء كثير من الأشخاص التعامل مع ظروف ومبررات هذا النوع من الزواج ولكن في بعض المذاهب الإسلامية فإن زواج المتعة يعتبر لديهم مباحاً وحلالاً شرعاً على الرغم من تحريم النبي ﷺ لهذا الزواج ونهيه عنه.
بدأ حكم زواج المتعة بالمباح ووصل للتحريم والنهي عنه لخطورته ولكن التدرج في الحكم الشرعي كان ضرورةً خاصة عندما جاء الإسلام وبدأ يلغي العادات الجاهلية شيئاً فشيئاً. ويوجد عدة دلائل شرعية توضح حرمة زواج المتعة ومنها: [4] [3]
- القرآن الكريم تدرج بتحريم الكثير من السلوكيات والعادات التي كانت شائعة في الجاهلية ليتمكن المسلمون من التأقلم معها والامتناع عنها بشكل تدريجي كتحريم الخمر وتحريم الربا كما تدرج النبي صلى الله عليه وسلم إذ أجاز عند الضرورة زواج المتعة ثم حرم هذا النوع من الزواج. وحسب ما ورد في صحيح مسلم عن سيرة الجهني أنه غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم في فتح مكة، فأذن لهم في متعة النساء. قال: فلم يخرج حتى حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي لفظ من حديثه: "وإن الله حرم ذلك إلى يوم القيامة".
- عن علي رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر.
- وفي حديث عن النبي: "نَهَى عن مُتْعَةِ النِّسَاءِ يَومَ خَيْبَرَ، وعَنْ أكْلِ لُحُومِ الحُمُرِ الإنْسِيَّةِ".
- وعن الربيع بن سبرة الجهني أن أباه حدثه أنه كان مع الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: "يا أيُّها النَّاسُ، إنِّي قدْ كُنْتُ أذِنْتُ لَكُمْ في الاسْتِمْتاعِ مِنَ النِّساءِ، وإنَّ اللَّهَ قدْ حَرَّمَ ذلكَ إلى يَومِ القِيامَةِ، فمَن كانَ عِنْدَهُ منهنَّ شيءٌ فَلْيُخَلِّ سَبِيلَهُ، ولا تَأْخُذُوا ممَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شيئًا".
- عن علي بن أبي طالب أنه سمع ابن عباس يلين في متعة النساء، فقال: "مَهْلًا يا ابْنَ عَبَّاسٍ، فإنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ نَهَى عَنْهَا يَومَ خَيْبَرَ، وَعَنْ لُحُومِ الحُمُرِ الإنْسِيَّةِ".
- قول الله تعالى في القرآن الكريم: "وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا على أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ".
- إفتاء الشيخ يوسف القرضاوي: الزواج في الإسلام عقد متين وميثاق غليظ، يقوم على نية العشرة المؤبدة من الطرفين لتتحقق ثمرته النفسية التي ذكرها القرآن -من السكن النفسي والمودة والرحمة- وغايته النوعية العمرانية من استمرار التناسل وامتداد بقاء النوع الإنساني فقال رب العزة والجلال في سورة النحل: "وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ".
بالطبع هنالك عدة اختلافات وفروقات بين الزواج الشرعي مكتمل الأركان وزواج المتعة، ولتوضيح الفرق بين زواج المتعة والزواج الشرعي إليكم الفروق التالية:
- الزواج الشرعي غير مشروط بمدة معينة لبطلان العقد وانتهائه على عكس زواج المتعة الذي يتم فيه تحديد موعد متفق عليه مسبقاً لإنهاء عقد الزواج وبطلانه والانفصال.
- في الزواج الشرعي يتم حفظ الحقوق كافة للرجل والمرأة كحق الميراث مثلاً فعندما يموت أحد الزوجين المتزوجين زواجاً شرعياً مكتمل الشروط والأركان فإن الطرف الآخر يرثه، على عكس زواج المتعة الذي لا يوجد فيه أي حق من الحقوق بين الشريكين.
- في الزواج الشرعي يكون الانفصال بالطلاق أو اللعان بأشكاله أما في زواج المتعة فلا وجود للطلاق! فالعقد يصبح باطلاً بانتهاء المدة المتفق عليها في عقد زواج المتعة فلا يحدث طلاق أو لعان أو انفصال إلا بانتهاء المدة المتفق عليها.
- في الزواج الشرعي يتكلف الرجل بالنفقة والسكن الشرعي لزوجته أما في زواج المتعة فلا وجود لمسكن شرعي ولا مطالبة بنفقة فهي تسقط في هذا النوع من الزواج.
- من شروط الزواج الشرعي موافقة ولي أمر المرأة ووجود شهود على عقد القران أما في زواج المتعة لا يتطلب موافقة ولي الأمر ولا وجود شهود على عقد القران بين الرجل والمرأة، علماً أن بعض المرجعيات الدينية اشترطت مواقفة الأهل لزواج المتعة.
- في الزواج الشرعي يمكن للرجل أن يتزوج بأربع نساء أما في زواج المتعة فلا عدد محدد ومشروط للنساء اللاتي يمكن للرجل زواجهن زواج متعة.
- لا يشترط الزواج الشرعي أن تكون الزوجة ثيباً أم بكراً، وقد أباحت بعض مذاهب أهل السنة والجماعة زواج الثيب زواجاً صحيحاً بدون موافقة وليها والقاضي الشرعي ولي من لا ولي لها، أما زواج المتعة فيشترط أن تكون الزوجة ثيباً -أي سبق لها الزواج- وإن أباحت بعض المرجعيات زواج البكر زواجاً منقطعاً -المتعة- لكن بشرط عدم الدخول بها قبل مواقفة وليها.
- يتحول زواج المتعة إلى زواج شرعي بشكل تلقائي في حال حمل الزوجة، وتحصل على حقوقها الكاملة كزوجة شرعية.
لزواج المتعة سلبيات وعيوب من أهمها: [5]
- التعامل مع المرأة على أنها أداة جنسية لتفريغ الشهوة والرغبة الجنسية وهذا فيه انتقاص لكرامتها وعزتها وأنوثتها.
- سقوط جميع الحقوق الشرعية للزوجين كالميراث والنفقة والمسكن الشرعي وغيرها من الحقوق الواجبة في الزواج الشرعي.
- ارتفاع معدلات الخيانة والرذيلة بانتشار زواج المتعة واعتباره غطاءً شرعياً للزنا وإقامة العلاقات الجنسية العابرة بين الرجال والنساء.
- اختفاء مفهوم تشكيل الأسرة وبناء مجتمع متماسك ومترابط تجمع أفراده روابط شرعية واضحة ومحكومة بضوابط شرعية وقانونية تحمي حقوق الأفراد.
- مشاكل النسب في حال رفض الزوج الاعتراف بأبوته للطفل خاصة أن هذا الزواج غير مسجل في الدوائر الشرعية والقانونية والمحاكم.
إحدى متابعات موقع حلوها أرسلت لنا تستفسر عن مفهوم زواج المتعة وحكمه الشرعي إذ أنها أرملة وصديقتها تشجعها على خوض تجربة زواج المتعة أو المسيار! وهي لا تعلم معنى أي منهما ولا الفرق بين المتعة والمسيار.
قام خبير تطوير الذات والخبيرة النفسية سراء الأنصاري بإبداء رأيهما بموضوع زواج المتعة إضافة لآراء وإجابات متابعي ومتابعات موقع حلوها. يمكنكم الاطلاع على الموضوع عن طريق هذا الرابط.