الولادة الطبيعية في المنزل بمساعدة الزوج
ربما تستغربين إن سمعت أن بعض النساء يملن لفكرة الولادة الطبيعية في المنزل بدلاً من المستشفى، لعدة أسباب منها بعض التقاليد والمعتقدات الخاصة ببعض المجتمعات، والرغبة في توفير تكاليف الولادة في المستشفى، وبُعد مكان إقامتهن عن أقرب مركز طبي مناسب للولادة مع عدم توفر وسائل النقل. ومن أسباب الولادة المنزلية الأخرى، أن المنزل هو واحة الأمان الخاصة بالمرأة، فهو يشعرها بالطمأنينة والراحة والسيطرة على الأمور، إضافة إلى وجود العائلة حولها، وتأكدها من نظافة المكان والبعد عن الفايروسات وخطر العدوى، خاصة في فترات معينة كجائحة كورونا التي يعيشها العالم هذه الأيام.
ولكن قبل اتخاذ قرار الولادة المنزلية، تحتاج المرأة الحامل وزوجها إلى معرفة شروط الولادة المنزلية ومخاطر الولادة في المنزل وطريقة التعامل مع الولادة في البيت.
وحتى في حالة الولادة الطبيعية في المنزل بمساعدة الزوج والأهل، لا يجب أن تلد المرأة دون وجود طبيب مختص أو قابلة قانونية مؤهلة لمساعدتها على الولادة بطريقة صحيحة وآمنة، إلا في حالة الولادة المفاجئة في البيت قبل حضور القابلة أو نقل الأم إلى المستشفى.
فكيف أتصرف إذا ولدت في البيت؟ وما هي الإسعافات الأولية للولادة الطبيعية؟ وما هي طريقة التوليد المنزلي؟ كل هذه الأسئلة وأكثر، سنجيب عليها في هذا المقال.
هل الولادة في المنزل آمنة؟
يمكن أن يكون موضوع الولادة في المنزل محيراً وجدلياً. حيث تحذر بعض المنظمات المهنية، بما في ذلك الكلية الأمريكية لأطباء النسائية والتوليد (ACOG)، من التوصية بها، ولكنها تؤكد أنه رغم أن المستشفيات ومراكز الولادة هي أكثر الأماكن أماناً للولادة، يجب أن يكون للأمهات خيار الولادة في المنزل، طالما أنهن متطلعات على شروط ومخاطر الولادة في المنزل، وخاصة الخطر المتزايد لوفاة حديثي الولادة.
ومع ذلك، فإن المتخصصين الطبيين الآخرين، مثل الكلية الأمريكية للقابلات (ACNM) يدعمون بقوة الولادة في المنزل ويقولون أنها بديل آمن جداً للولادة في المستشفى.
إلا أن الخبراء من جميع الجهات الطبية يتفقون على وجوب توفر شروط معينة تؤهل المرأة للولادة في المنزل، سنتحدث عنها بالتفصيل لاحقاً، وعدم توفر هذه الشروط قد يعرض حياتها وحياة جنينها للخطر، إضافة إلى وجود سلبيات للولادة خارج المستشفى. فما هي سلبيات ومخاطر الولادة في المنزل؟ [1]
- لن يكون لدى الأم العديد من الخيارات للتحكم في الألم. فإذا رغبت بالحصول على إبرة تخدير مثل (Epidural) أثناء المخاض، لن تتمكن من طلبها في المنزل.
- قد تحتاج الأم إلى نقلها بشكل طارئ إلى المستشفى خلال الولادة. إذا كان هذا هو حملك الأول، فهناك احتمال بنسبة 23% إلى 37% أن تحتاجي إلى النقل إلى المستشفى في منتصف المخاض، وفقاً للكلية الأمريكية لأطباء النسائية والتوليد. وتحدث عمليات النقل لعدة أسباب؛ بما في ذلك تعسر المخاض، وحالة الجنين غير المطمئنة (أو الضائقة الجنينية)، والحاجة إلى تخفيف الآلام، وارتفاع ضغط الدم، والنزيف، وسوء وضع الجنين. في حال حدوث أي من هذه الأعراض، ستحتاجين وقتاً أطول للوصول إلى المستشفى وتلقي الرعاية الطبية اللازمة لك أو لجنينك.
- وفقاً للكلية الأمريكية لأطباء النسائية والتوليد، خطر وفاة الطفل أثناء الولادة أو بعدها في حال الولادة المنزلية، أكثر بمرتين من الولادة في المستشفى، على الرغم من أن المخاطر لا تزال منخفضة (1 إلى 2 من كل 1000).
هل الولادة في المنزل آمنة أكثر في فترة كورونا؟
تؤكد الكلية الأمريكية لأطباء النسائية والتوليد أن المستشفيات ومراكز الولادة لا تزال أكثر الأماكن أماناً للولادة حتى خلال فترة الجائحة العالمية (كوفيد 19). في أبريل، قامت الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP) بتحديث توصياتها بشأن الولادات المنزلية للتأكيد على أنهم يعتقدون أن المراكز الطبية ما زالت أكثر أماناً للأمهات والأطفال. ويتفق غالبية الخبراء على ذلك لنفس الأسباب والمخاطر المذكورة سابقاً. ولا داعي للقلق من خطر إصابتك أو إصابة طفلك بكوفيد 19، فقسم الولادة منفصل عن الأقسام التي تتعامل مع إصابات كورونا، إضافة إلى أن أطباء وممرضات المخاض والولادة في غرفة الطوارئ والأطباء الذين يتعاملون مع المواليد الجدد، لا يتعاملون مع مرضى كوفيد 19. [2]
هل أستطيع الولادة في المنزل؟
يتفق الخبراء على أنه ليس كل امرأة مرشحة جيدة للولادة في المنزل. وفقاً للكلية الأمريكية لأطباء النسائية والتوليد (ACOG)، والكلية الأمريكية للقابلات (ACNM)، بالإضافة إلى الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال (AAP)، قد تكون المرأة مؤهلة للولادة في المنزل إذا كانت حالتها تستوفي الشروط التالية: [1]
- أن يكون الحمل منخفض المخاطر (Low Risk Pregnancy): أي أن تكون المرأة لا تعاني من أي أمراض مثل أمراض القلب أو ارتفاع ضغط الدم، ولم تظهر عليها أي مشاكل أثناء الحمل مثل سكري الحمل وتسمم الحمل وغيرها من التعقيدات، وأن تكون غير معرضة لخطر الولادة المبكرة.
- أن لا تكون قد تعرضت لولادة قيصرية مسبقة، أو أي مضاعفات أثناء الولادات السابقة.
- أن لا تكون المرأة وحدها أثناء الولادة في المنزل، بل يجب أن يرافقها طبيب أو قابلة معتمدة. إذا اخترت قابلة، فيجب أن يكون الطبيب الاستشاري مستعداً وتحت الطلب، ويفضل أن يكون طبيباً مطلعاً على حملك وقد رآك أثناء فترة الحمل، وعمل مع القابلة من قبل.
- أن تتوفر وسيلة نقل تكون جاهزة لنقل المرأة على الفور إلى المستشفى في حال ظهور أي مضاعفات أو تعقيدات خلال الولادة في المنزل أو بعدها.
- أن تكون الولادة في الوقت المناسب، أي بين الأسبوع 37 والأسبوع 41 من الحمل. في حالة الولادة المبكرة يجب اللجوء إلى المستشفى، وكذلك في حالة تأخر الولادة عن موعدها الطبيعي.
- أن يكون الحمل بطفل واحد فقط وليس بتوأم، لأن احتمالية الحاجة لتدخل الطبيب المختص في حالة ولادة التوائم تكون أعلى، كون العملية تكون أكثر تعقيداً في العادة.
- أن يكون الجنين بوضعية مناسبة للولادة الطبيعية، أي أن يكون رأسه متجهاً إلى الأسفل. يحتاج الجنين المقعدي (الذي تكون قدماه أو مؤخرته للأسفل) إلى مساعدة إضافية أثناء الولادة، وقد يحتاج الطبيب للجوء إلى الولادة القيصرية.
- قد تكون الولادة في المنزل خياراً اضطرارياً في حال كانت الولادة مفاجئة وسريعة، ولم يتوفر الوقت الكافي لنقل الأم إلى المستشفى أثناء المخاض. ولذلك، من الضروري أن تطلع الحامل وزوجها على تقنيات الولادة في المنزل، وعليهما معرفة الإجابة على الأسئلة التالية: كيف أتصرف إذا ولدت في البيت أو كيف أتعامل مع الولادة المفاجئة في البيت؟ ما هي الإسعافات الأولية للولادة الطبيعية؟ ما هي أدوات الولادة الطبيعية في المنزل؟ وما هي طريقة التوليد المنزلي؟ ستجدين الإجابات اللازمة في الأقسام التالية.
ما هي لوازم الولادة الطبيعية في المنزل بمساعدة الزوج؟
إذا كنت تفكرين في الولادة في المنزل بمساعدة زوجك، وبالطبع بوجود مساعدة طبية من قبل طبيب مختص أو قابلة قانونية، فعليك الاستعداد مسبقاً وتحضير كل الأدوات اللازمة للولادة الطبيعية. فيما يلي قائمة بالمعدات الأساسية التي ستحتاجين إليها منذ بدء المخاض وحتى ما بعد الولادة: [3]
اللوازم العامة للولادة الطبيعية:
- مناشف
- زجاجة ماء
- زجاجة ماء ساخن أو وسادة تدفئة
- صندوق ثلج
- رقائق الثلج أو مكعبات الثلج
- مشروبات أو عسل
- دلو أو وعاء للتقيؤ (على سبيل الاحتياط)
- ملابس مريحة
- مرآة لمشاهدة الولادة (اختياري)
- فوط نسائية ليلية كبيرة جداً وناعمة
- مناديل ورقية
- صينية متينة (مثل صواني الكعك الكبيرة)
- كيسان كبيران (أحدهما للغسيل والآخر للقمامة)
- توصيلة كهرباء ثلاثية.
- كيس تجميد كبير بسحاب بلاستيكي (للمشيمة)
- دفتر ملاحظات، كاميرا، مشغل موسيقى، مصباح صغير (كلها اختيارية).
ستحضر القابلة معها الأدوات الطبية اللازمة للولادة وأية أدوية أو مسكنات لازمة للأم. لكن من الجيد أن يتوفر لديك ما يلي من باب الاحتياط:
- ميزان حرارة رقمي
- أسيتامينوفين وأيبوبروفين
- دواء لعلاج الغثيان والاستفراغ مثل جرافول (Gravol) أو أي ماركة أخرى.
لوازم السرير أثناء أو بعد الولادة:
- وسائد مبطنة بأكياس بلاستيكية، ومغطاة بأغطية أو أكياس الوسائد
- الطبقة السفلية: ملاءة نظيفة توضع تحتك على السرير (هذه هي الطبقة التي سترتاحين عليها بعد الولادة).
- الطبقة الوسطى: غطاء مقاوم للماء.
- الطبقة العلوية: ملاءة نظيفة، اختاريها قديمة، فقد تتلطخ بالبقع
- مزيل البقع للغسيل
- بطانية إضافية.
لوازم الطفل حديث الولادة (عند الولادة):
- فوط الأطفال حديثي الولادة (حفاضات)
- ملابس للطفل حديث الولادة
- مناشف كبيرة
- بطانيات
- زيت الزيتون (جيد لتنظيف البراز الأسود الذي يخرج من الطفل)
ملاحظة: حتى إذا كنت تخططين للولادة في المنزل، فلا يزال يتعين عليك تحضير حقيبة خاصة للمستشفى، كي تكوني على استعداد في حال الحاجة إلى نقلك بشكل طارئ إلى المستشفى. تأكدي من أن لديك مقعد سيارة للرضع أيضاً.
طريقة التوليد المنزلي في حالة الولادة المفاجئة في البيت
ماذا أفعل في حالة الولادة المفاجئة في البيت أو خارجه؟ كيف أتصرف إذا ولدت في البيت؟ ما هي خطوات الولادة في المنزل دون مساعدة طبية؟ ما هي طريقة التوليد المنزلي بمساعدة الزوج والإسعافات الأولية للولادة الطبيعية؟
في حال فاجأك المخاض السريع عزيزتي الحامل في البيت أو خارجه، قد تضطرين إلى اللجوء إلى الولادة الطبيعية بمساعدة زوجك أو أي شخص قريب متواجد حولك، ورغم أن احتمالية اضطرار الحامل إلى الولادة قبل وصول المساعدة الطبية قليلة الحدوث، إلا أنه من الجيد أن تعرف المرأة وزوجها من باب الاحتياط كيفية التعامل مع الولادة في البيت وخطوات الولادة الطبيعية في المنزل دون مساعدة طبية؛ فإليك عزيزتي الحامل وإليك عزيزي الزوج ما يجب فعله في حالة الولادة المفاجئة في البيت أو خارجه: [4]
- خذ نفساً عميقاً، ولا تشعر بالهلع، وطمئن زوجتك، واطلب منها أن تتنفس بعمق.
- اتصل بالطوارئ، وأخبرهم أن زوجتك على وشك الولادة، وأخبرهم بأي معلومات مهمة عن حالتها الصحية، وأعلمهم بفترات التباعد بين الانقباضات. حدد لهم موقعك بالتفصيل وبوضوح.
- تأكد أن يبقى معك عامل مقسم الطوارئ على الهاتف في حال اضطررت إلى بدء توليد زوجتك بنفسك. أبقه على اطلاع على ما يحصل بالتفصيل كي يرشدك إلى الخطوات السليمة والآمنة خلال الولادة خطوة بخطوة، حتى وصول فريق الطوارئ.
- ضع زوجتك على السرير بوضعية مريحة، أو على أي سطح مريح في حال كانت خارج المنزل، واطلب منها أن تثني ساقيها وترفعهما في وضعية الولادة، وتواصل التنفس بعمق، مع إخراج النفس ببطء، والدفع إلى الخارج.
- اغسل يديك وعقمهما جيداً.
- عندما يصبح رأس الطفل مرئياً، ضع يدك على رأسه وادعمه دون أن تشد الرأس إلى الخارج. ذكر الأم أن تحاول أن تدفع وتلهث أكثر أثناء هذا الجزء للمساعدة في منع التمزق.
- من المهم أن تتأكد من عدم التفاف الحبل السري حول عنق الطفل. لو كان ملتفاً، عليك أن ترفعه بأصابعك برفق فوق رأس الطفل، حتى لا يتعرض للاختناق.
- لا تشد رأس الطفل أو جسمه. دع الطفل وانقباضات المخاض يقومان بالعمل بشكل تلقائي. يمكنك توجيه كتفي الطفل برفق إلى الخارج. وحضر نفسك لاستقبال الطفل بين يديك عند خروجه.
- قم بلف منشفة نظيفة حول الطفل وافرك الطفل برفق لتنظيف السوائل والدم. وربت على ظهره، سيساعد ذلك على تحفيز الطفل حتى يبدأ بالتنفس ويخرج صوته. ربت على أنف الطفل أيضاً برفق للمساعدة في طرد المخاط الزائد والسائل الأمنيوسي.
- ضع الطفل على صدر أمه، كي يلامس جلده جلدها، وقم بتغطيتهما ببطانية جافة.
- لا تقطع أو تشد الحبل السري؛ ستكون الأم والطفل أكثر أماناً دون قطع الحبل. من المحتمل أن تخرج المشيمة خلال الثلاثين دقيقة القادمة. اتركها تخرج وحدها، إن لم تخرج، يمكنك تدليك بطن الأم للمساعدة في ذلك.
- حافظ على دفء وسلامة الأم والطفل حتى تصل الطوارئ.
ختاماً، بعد الاطلاع على شروط ومخاطر الولادة في المنزل وطريقة التوليد المنزلي، نتمنى أن تتمكني عزيزتي الأم وعزيزي الأب من اتخاذ القرار الأنسب للأم والطفل. في حال كان لديك أية أسئلة أو استفسارات، يمكنك طرح سؤالك أو مشكلتك هنا.