دراسة تخصص الإرشاد النفسي ومستقبله في العمل
يعتبر علم التربية من أشمل العلوم كونه يتضمن عدة تخصصات مهمة ومتنوعة والتي هي (تخصص التربية الخاصة، تخصص علم النفس، تخصص الإرشاد النفسي، تخصص معلم الصف) بالإضافة إلى أنها توفر فرصة عمل في المدارس أو المراكز المتنوعة إما كمعلم أو كمرشد نفسي وفي هذا المقال سوف نتحدث عن تخصص الإرشاد النفسي كأحد التخصصات المهمة في كلية التربية.
يعرف تخصص الإرشاد النفسي ببساطة أنه تقديم المساعدة الإرشادية أو الدعم والتوجيه النفسي للأشخاص الذين يحتاجونه، مثل مساعدة الأشخاص الذي يعانون من مشاكل القلق أو التوتر أو حتى مساعدتهم في التخلص من سلوك معين كالتدخين أو قضم الأظافر.
تخصص الإرشاد النفسي أو التوجيه والإرشاد النفسي لم يصبح علماً مستقلاً إلا في وقت متأخر من القرن الماضي حيث أن موضوعات الإرشاد النفسي وعلم النفس كانت تعتبر جزءً من الفلسفة.
ويمكن القول بأن تخصص الإرشاد النفسي هو التخصص الذي يدرس طرق وأساليب مساعدة الفرد لمواجهة مشكلاته النفسية أو ذات الأثر النفسي أو المصدر النفسي والاجتماعي وحل هذه المشاكل واكتشاف إمكانيات وقدرات وطاقات صاحبها واستثمارها لأبعد حد ممكن، وتقديم الخدمات الإرشادية والتوجيهية المناسبة للفرد وأسرته في مجالات الحياة المختلفة لمساعدته في اتخاذ قراراته وتقرير مصيره، أي يدرس آليات الدعم النفسي. [1]
وبذلك نجد أن تخصص الإرشاد النفسي لا يقوم فقط على مساعدة الأفراد الذين يعانون من المشاكل بل أيضاً يقوم على تقديم الإرشاد والنصح لذويهم وأسرهم لمعرفة انسب الطرق التي يجب أن يتعاملوا بها معهم بما يتناسب مع حالتهم ومشكلاتهم.
يتداخل تخصص الإرشاد النفسي مع غيره من تخصصات كلية التربية حيث نجد مقررات تتعلق بالتربية الخاصة وعلم النفس والتعليم وتقسم هذه المقررات بين مواد نظرية ومواد عملية، ومن أهم هذه المقررات:
- مدخل إلى الإرشاد النفسي
- علم النفس العام
- علم نفس النمو
- علم الاجتماع العام
- علم النفس التربوي
- التعليم ونظرياته
- علم النفس الاجتماعي
- علم النفس الفسيولوجي
- الصحة النفسية
- علم نفس ذوي الاحتياجات
- مشكلات الأطفال والمراهقين
- الإرشاد المهني
- نظريات الشخصية
- علم النفس التنظيمي والصناعي
- الإرشاد المدرسي
- علم الشذوذ النفسي
- نظريات الإرشاد النفسي
- إرشاد المعوقين
- صعوبات التعلم وعلاجها
- إرشاد المتفوقين وأسرهم
- برامج الإرشاد النفسي
- علم النفس الطبي
- علم النفس الصيدلاني
- إرشاد الكبار وذويهم
وبذلك نجد أن الإرشاد النفسي يأخذ من اختصاص علم النفس طرق وأساليب التمييز بين الشخص السوي وغير السوي نفسياً ودرجات ومراحل اضطراب الشخص نفسياً ويأخذ من اختصاص التربية الخاصة كيفية فهم شخصية ومشكلات حالات التربية الخاصة سواء كانت هذه الحالات إعاقة جسدية أو ذهنية أو كانت حالة تفوق وموهبة وذلك من أجل معرفة الطرق المناسبة لتقديم النصح والإرشاد لها أو لذويها.
تخصص الإرشاد النفسي يتداخل بالعديد من جوانبه مع الناحية الإرشادية للطب النفسي ويعود ذلك لكون كليهما يستند على نظريات علم النفس في وسائله العلاجية بالتالي تخصص الطب النفسي أعم وأشمل من الإرشاد النفسي ويتعامل مع حالات أكثر تعقيداً وهنا أبرز الاختلافات: . [2]
- الفرق الأكاديمي: الإرشاد النفسي هو قسم من أقسام التربية أو علم النفس العام وهو في جوهره ومواده الدراسية ومقرراته يعتبر علم نظري، بينا الطب النفسي فهو أحد فروع الطب البشري الذي يختص بمجال العلاج النفسي.
- الأفراد الذين يتم مساعدتهم: تخصص الإرشاد النفسي يدرس طرق التعامل وتوجيه الإفراد الذين يواجهون عقبات حياتية روتينية مثل المعاناة من البدانة او المساعدة في التغلب على المشكلات الزوجية أو مشاكل الطلاب والأطفال أما الطب النفسي يدرس طرق علاج الأشخاص الذين يعانون من مشاكل عقلية ونفسية تصنف كأمراض تحتاج لرعاية طبية خاصة.
- نوع المشكلات التي يتم التعامل معها: المشكلات التي يتعامل معها تخصص الإرشاد النفسي بسيطة وأقل خطورة من المشكلات التي يتعامل معها ويعالجها الطب النفسي حيث أن لإرشاد النفسي مثلاً يتعامل مع مشكلات القلق أو التوتر البسيطة قبل أن تتفاقم وتصبح نوع من الوسواس والذي يدخل ضمن مجال علم النفس.، أما الطب النفسي فيالج الأمراض النفسية مثل الذهان والعصاب أو حالات الإدمان الخطيرة أو الصدمات النفسية العنيفة أو اضطرابات الشخصية.
- طرق وأساليب العلاج: تخصص الإرشاد النفسي يقوم على مساعدة المسترشد (الشخص الذي يطلب المساعدة من المرشد النفسي) في إيجاد الحلول لمشكلاته بنفسه أما الطب النفسي فيقوم على إعادة بناء شخصية المريض وعلاجه واستخدام الطب وعلم النفسي في عملية العلاج ومراحله. [3]
تخصص الإرشاد النفسي قد لا يوفر مجالات عمل متنوعة ولكنه يتيح فرصة عمل كمرشد نفسي في أماكن مختلفة مثل:
- العمل كمرشد نفسي وتربوي في المدارس: عمل المرشد النفسي في المدارس يقوم على تقديم المساعدة والنصح للطلاب الذين يعانون من مشاكل في دراستهم سواء في حفظ المواد الدراسية أو فهمها أو المساعدة في اختيار التخصص الدراسي المناسب، ولا يقتصر دوره على مساعدة الطلاب في المدرسة حيث يمكن أن يساعدهم في تقوية نقاط الضعف النفسية لديهم.
- العمل في مراكز الإصلاح وإعادة التأهيل: حيث يقوم المرشد النفسي في المراكز الإصلاحية وإعادة التأهيل بتقديم الدعم النفسي والمعنوي للأحداث الجانحين الذين ارتكبوا أفعالاً مخالفة للقانون وحكم عليهم بوضعهم في مراكز إصلاحية وذلك بتأهيلهم اجتماعياً ومحاولة تقويم انحرافهم.
- العمل في المؤسسات الاجتماعية التي تعنى بالأيتام أو المعاقين: ويكون دور المرشد النفسي في هذه المؤسسات مساعدة الأيتام أو المعاقين في دعمهم لتسهيل اندماجهم واتصالهم مع المجتمع وكيفية تغلبهم على الإعاقات التي يعانون منها أو التأقلم معها بحيث يمارسون نشاطاتهم الحياتية بشكل طبيعي برغم وجود الإعاقة.
- العمل في المنظمات المعنية بالصحة النفسية: حيث يقوم المرشد النفسي بتقديم الدعم للطلاب في المؤسسات التعليمية التابعة لها وذلك بالتعاقد مع منظمات مثل اليونسكو والعمل في الهيئات التعليمية التابعة لها.
تتعدد أقسام الإرشاد النفسي وتتنوع حسب المجال أو النطاق الذي يطبق فيه وهي كثيرة ويمكن ذكر أهم هذه الأقسام:
- الإرشاد التعليمي: يقوم الإرشاد التعليمي على تقديم المشورة للطلاب لحل المشاكل التي يواجهونها في دراستهم مثل مشكلة صعوبة التركيز والفهم.
- الإرشاد الفردي الاجتماعي: الإرشاد الفردي الاجتماعي هو نوع من الإرشاد الذي يتلقى الفرد من خلاله الدعم والمشورة والمساعدة في العديد من الموضوعات الشخصية مثل القلق والغضب والمشاكل الأسرية والعائلية.
- الإرشاد التنموي: ويكون دور المرشد النفسي في هذا المجال العمل على تطوير وتنمية شخصية الفرد المسترشد عن طريق مساعدته في معرفة ذاته ومقدراته واستثمارها.
- الإرشاد السلوكي: ويكون دور المرشد النفسي هنا تقديم المساعدة للفرد المسترشد للتخلص من سلوك معين غير مرغوب فيه مثل الرهاب والقلق والخوف.
- الإرشاد المهني: يقوم الإرشاد المهني على تقديم المشورة والنصح والتوجيه للفرد لمساعدته على اختيار الوظيفة أو العمل المناسب أوحل مشاكل الوظيفة ووسائل تطويرها.
- الإرشاد الصحي: ودور المرشد النفسي في هذا المجال يكون بتقديم الأدوات والدوافع اللازمة للفرد المسترشد لتحيق أهداف صحية مثل النصائح المتعلقة بإنقاص الوزن والتخلص من السمنة أو تناول طعام صحي أو الإقلاع عن التدخين. [4]
- الإرشاد التنظيمي: إن الإرشاد النفسي لا يقتصر فقط على الأفراد وإنما يمكن للمؤسسات والشركات الاستفادة من دعم ومشورة المرشد النفسي من خلال تقديم النصائح للعاملين في إحدى المؤسسات لتقليل الإجهاد والتوتر الناتج عن العمل وتحسين الروح المعنوية والتعاونية في الشركة.
- الإرشاد الأسري: إن دور المرشد النفسي هنا هو تقديم النصح للزوجين المسترشدين وذلك لتحسين الاتصال بين الزوجين وحل المشكلات وعلاج مشكلات البرود واللامبالاة والملل بين الزوجين. [5]
وبالتالي يمكن القول بأن كل مجال من مجالات الحياة التي تحتاج إلى مساعدة ودعم يمكن أن تكون محلاً للإرشاد النفسي.
يوجد العديد من الصفات والمهارات الشخصية التي تساهم في نجاح عمل المرشد النفسي في حال كان يتمتع بها ومنها ما يلي:
- امتلاك المرشد النفسي مهارات التواصل مع الآخرين: إن توافر مهارات التواصل لدى المرشد النفسي مهم جداً فهذه المهارات هي ما يساعد المسترشد على الشعور أن المرشد النفسي يهتم به ومتعاطف معه وحريص على دعمه ومساعدته وبالتالي الوثوق به. [6]
- المهارات التحليلية: المرشد النفسي يمكن أن يتعامل من أشخاص لا يستطيعون التعبير عن مشكلاتهم بوضوح وبالتالي يجب أن يتحلى المرشد النفسي بمهارات تحليلية حتى يستطيع استشفاف المشكلة التي يعانون منها ومساعدتهم على حلها.
- الشخصية الهادئة: يجب أن يتحلى المرشد النفسي بالهدوء حتى يستطيع التعامل مع حالات الانفعال والاضطراب التي يمكن أن تحدث للمسترشد ضمن الجلسة.
- شدة الملاحظة: يجب أن يكون المرشد النفسي قادراً على ملاحظة التفاصيل الدقيقة لسلوك وطريقة كلام ورد فعل المسترشد وبالتالي القدرة على فهم الحالة ودرجة خطورتها.
- حسن الاستماع: حسن الاستماع من المهارات المهمة التي يجب توافرها في المرشد النفسي فالاستماع يجعل الشخص المسترشد يشعر بأنه يستحق التقدير والاحترام مما يجعله يستجيب بصورة أكثر فعالية للمرشد النفسي وبالتالي يساعد في حل مشكلاته.