كيف أتعامل مع طفلي العنيد؟ ما هي أسباب عناد الطفل؟
يعد عناد الأطفال من أكثر مشاكل الأطفال شيوعاً وانتشاراً، لنجد العديد من الأهالي يشتكون منها، ومن كثرة بكاء أطفالهم: "طفلي عنيد وعصبي!"، وغيرها من الشكاوى. إذا كنت ممن يعانون من مشكلة عناد الأطفال، فلا بد أنك تبحث عن طريقة صحية للتعامل مع طفلك، ولتعرف ذلك فلا بد من التبحّر في أسباب تلك الظاهرة وما يرافقها من ظواهر وأعراض لدى هذا النوع من الأطفال.
تعاني الأمهات كثيراً من مشكلة العناد عند الأطفال في سن مبكرة، لنجد الأم تستنجد: "طفلي عنيد وكثير الحركة! ماذا أفعل؟" أو "طفلي عنيد وعصبي! كيف أتصرف؟".
ولكن السؤال الذي يبقى مطروحاً، ما هو تعريف العناد عند الأطفال؟
العناد عند الأطفال سلوك سلبي، يُظهره الطفل على شكل مقاومة علنية لما يطلبه منه الآخرون. ويعد العناد عند الأطفال في العمر بين سنة إلى ثلاث سنوات ظاهرة طبيعية، ما دامت في حدود المعقول، إلا أنها تصبح مشكلة سلوكية ونفسية مع التقدم في العمر.
فالعناد عند الأطفال يعني رفضهم لكافة طلبات وأوامر من حولهم من الكبار، والإصرار على عدم تلبية رغباتهم.
أشكال عناد الأطفال ثلاثة، وهي:
- المقاومة السلبية، وفي هذه الحالة لا يهتم الطفل بالمطلوب منه.
- التحدي والعناد الظاهر، كأن يقول الطفل: " لن أقوم بذلك".
- نمط العناد الحاقد، وهو أن يقوم الطفل بعكس ما طُلب منه.
لا يمكن أن تأتي ظاهرة كهذه بدون أسباب ودوافع، وقد يكون الأبوان جزءاً من هذه الأسباب، ولعل فهم هذه الأسباب هو الطريق الأقصر للوقوف على حل صحي لهذه الظاهرة. ومن أسباب عناد الأطفال:
- التوقعات الكبيرة من قبل الأهالي لأداء أطفالهم، والتي غالباً ما تكون بعيدة عن الواقع، ولا تتناسب مع قدراتهم وإنجازاتهم، مما يشعر الطفل بالإحباط، وبالتالي تكون النتيجة الرفض والعناد تجاه الأوامر الموجهة إليه، لعدم مقدرته على فعلها.
- تعد الأسرة النواة الأولى لتربية الطفل، ومن هنا فإن سلوك الأبوين وعنادهما يدعم ظاهرة العناد لدى الأطفال.
- اعتماد طريقة لإثبات الذات وفرض الشخصية، وإظهار الاستقلالية، وخاصة ما بين عمر 3 إلى 6 سنوات.
- اتباع الأسلوب الجاف والصارم من قبل الأبوين من خلال كثرة المنع وكثرة التطلب.
- يعد الدلال الزائد للطفل من أسباب تنمية العناد لديه، حيث يصبح الطفل عاجزاً عن فعل أي شيء بمفرده، ويصبح في حاجة مستمرة إلى والديه، مما يثير في نفسه ملكة العناد تجاههما، كوسيلة يدافع بها عن بقائه معهما.
- ينعكس ما يشاهده الطفل من خلال التلفزيون والأجهزة الإلكترونية من مشاهد العناد على شخصية الطفل وتعامله مع من حوله.
- قد يكون عناد الطفل بسبب خلل فسيولوجي، مثل إصابات الدماغ.
ثمة علاقة وثيقة بين عناد الطفل وبكائه، وقد يكون البكاء رد فعل منطقي لاصطدام الطفل العنيد بعناد أحد الوالدين أو كليهما، أو قد يكون نتيجة لفشله في تحقيق مراده الذي سعى إليه بالعناد، كما يمكن أن يكون وسيلة جديدة يجربها إذا لم يحقق له العناد أهدافه ورغباته، فيلجأ إليه إما لتصعيد الموقف، أو لاستعطاف الأهل. ولكن ما هي الطريقة المثلى للتعامل مع هذه المواقف؟
علينا في البداية الوقوف على الأسباب التي جعلت الطفل عنيدا،ً لا يستمع لمن هم حوله، ويرفض الاستجابة لكلام أي منهم، فقد يكون قدوم طفل جديد للعائلة، أو غيرة الطفل من أقرانه، ومهما كان السبب، فعلى الأم التحلي بالصبر، والتعامل مع المشكلة بواقعية من خلال الخطوات التالية:
- التجاهل: يعتبر تجاهل الطفل العنيد كثير البكاء من أكثر الوسائل نجاحاً وفاعلية، لذا عندما يصرخ الطفل ويبكي بشدة، فعلى الأم أن تتجاهله حتى يهدأ، ويتوقف عن الصراخ، ولا تقوم بتوبيخه أو الصراخ عليه.
- امتصاص عناد الطفل وبكائه الشديد من خلال إشغاله بأي شيء آخر، كلعبة محببة لديه، أو برنامج تلفزيوني مفضل، أو تقديم طبق مفضل له.
- الابتعاد عن صيغة الأمر في الحديث مع الطفل، واتباع صيغة لطيفة ولهجة دافئة معه.
- على الأم بوجه الخصوص الجلوس مع طفلها، وشرح الأسلوب الجيد للنقاش، وإفهامه أن عليه الابتعاد عن الصراخ والبكاء ومساعدته على ذلك، وهنا يجب اختيار الوقت المناسب الذي يكون فيه الطفل مرحاً وهادئاً.
- من أهم مسببات العناد عند الأطفال عدم اهتمام الأهل بهم وعدم تقدير أفعالهم، لذا يتوجب على الأهل تشجيع أطفالهم بصورة مستمرة، من خلال تقديم كلمات المدح والثناء عليهم.
- بعد أن يهدأ الطفل، ويتوقف عن البكاء، على الأم أن تطلب من طفلها الذهاب إلى غرفته والتفكير في سبب بكائه ونتائجه، وبهذه الطريقة يبدأ بالإحساس بالمسؤولية.
- محاولة عدم تكليف الطفل بأشغال تفوق قدراته.
تتساءل العديد من الأمهات عن كيفية التعامل مع الطفل العنيد في عمر السنتين، السن التي يبدأ فيها الطفل بالإحساس بذاته وبقدراته، ومن هنا يسعى إلى العناد والإصرار، والرفض القاطع في كافة المواقف، إليك عزيزي القارئ، بعض النقاط التي قد تساعدك في التعامل مع الطفل في هذه الحالة:
- على الأم أن تحاول قدر الإمكان الابتعاد عن أسلوب الصراخ والتهديد في وجه الطفل، حيث إن العناد والرفض سيكون رد فعل طبيعي لديه.
- على الأم دائماً تقديم الخيارات لطفلها، وأن تبرر له سبب رفضها لبعض الأمور بهدوء.
- قد يصعب على الطفل في عمر السنتين أن يترك الأشياء الممنوعة بسهولة، لذا عليك أن تقومي بإلهائه في حالة غضبه بأي شيء آخر.
- على الأم والأب توفير بيئة مناسبة وصحية لنمو الطفل بعيداً عن خلافاتهم أو عناد أحدهما، لئلا ينعكس ذلك على سلوكيات الطفل ويزيد من عناده.
- على الأم تجاهل بعض المخالفات البسيطة للطفل في حال لم تسبب له الضرر، فإذا كان طفلك يرغب في التلوين بأصبعه على كرسي الأكل باللبن بعد انتهائه من وجبته فلِمَ لا؟
- عندما يحتاج الأمر قول كلمة "لا"، فلا تترددي في قولها، ولكن بتعابير بعيدة عن اللهجة الغاضبة.
العديد من الأمهات يعانين من عناد وشغب أطفالهن، هاتان الخصلتان اللتان إذا اجتمعتا خلقتا مأزقاً حقيقياً بالنسبة للأم، فطفلها لا يهدأ لتجد وقتاً في تطبيق ما سبق على سلوكه، أو تصدير بعض القيم من خلال حوارها معه، فكيف ينبغى أن نتعامل مع الطفل العنيد والمشاغب بهدف علاج مشكلة العناد؟
- يجب أن يتفق الأب والأم على صيغة تربوية واضحة في قائمة من الممنوع والمسموح، وحلول متفق عليها للثواب والعقاب
- الأهل الذين يتحلون بالحكمة هم من يستطيعون الموازنة بين الثواب العقاب وبين الحزم واللين ويستطيعون إدراك ما يرغِّب طفلهم ويرهبه.
- يتوجب على الوالدين الابتعاد عن الصراخ كأسلوب في التعامل مع طفلهم، مما يزيد من عناده ورفضه والتعبير عن ذلك بالمشاغبة.
- يتوجب على الأهل التفاهم مع أطفالهم بأسلوب هادئ لمعرفة أسباب العناد لديهم، والعمل على حلها.
- يتوجب على الوالدين اتباع سلوك جيد أمام أطفالهم، فهما القدوة الأولى لهم.
الدكتور طارق الحبيب بروفيسور واستشاري الطب النفسي في كلية الطب والمستشفيات الجامعية في جامعة الملك سعود في الرياض، قدّم عدة نصائح في التعامل مع الطفل العنيد.
إليك عزيزي القارئ نصائح الدكتور طارق حبيب في التعامل مع الطفل العنيد:
- يعتبر الدكتور طارق الحبيب أن السبب الرئيسي في عناد الأطفال هو كثرة تطلب الوالدين.
- يعتبر أيضاً أن المدح من أفضل الأفعال التي يمكن من خلالها تقويم سلوكيات الطفل كافة، لذا على الأهل الحرص على مدح الطفل بصورة متواصلة بالكلمات الإيجابية.
- التجاهل الاختياري: من الطبيعي أن لا يقف الآباء والأمهات على أخطاء أبنائهم الكبيرة والصغيرة، فلا بد من تجاهل بعض أفعال الطفل الصغيرة التي لا تتسبب في ضرر للآخرين.
- يجب على الأهل مساعدة طفلهم على أن يتعلم أن لكل اختيار عواقب، وتربيته على مواجهة هذه العواقب ومعرفة نتائج اختياراته.
- يتوجب على الأهل تشجيع طفلهم على السلوك الجيد من خلال أسلوب المكافآت والمحفزات.
- قد يكون النسيان أحد مسببات السلوكيات الخاطئة لدى الأطفال، لذا على الأهل التذكير الدائم بالسلوكيات الجيدة.
- التحلّي بفن التفاوض والمناقشة مع الطفل من خلال الاستماع إلى آرائه وأفكاره ومناقشته، فهذا لا يضعف من سلطة الآباء، بل يقوي العلاقات بين الآباء والأبناء.
- سحب الامتيازات: وهي من أهم وسائل تشكيل سلوكيات الطفل، فالأطفال دائماً ما يريدون شيئاً ما منك، فلذلك هذه غالباً ما تكون وسيلة جيدة لتقويم سلوك الطفل.
تقع، إذن، على كاهل الوالدين مسؤولية تمرين الطفل على لين الجانب، ومن الواضح أن التأثير الإيجابي في الطفل من خلال كيل المدائح إزاء كل فعل طيب يأتي به الطفل من شأنه أن يقوّم سلوكه، ويدفعه إلى السير في اتجاه هادئ يشكل بيئة خصبة للحوار البنّاء، الذي يبني علاقة طيبة بينه ووالديه، ولكن عليك عزيزي القارئ أن تعمل بالنصائح التي أوردناها، لتصل مع طفلك إلى طريق الخلاص من العناد والشغب.