فن التفاوض ومهارات الإقناع في العمل
يحتاج العديد من الأشخاص لإتقان مهارات التفاوض والإقناع من أجل التأثير بالآخرين وإقناعهم بشكل عام، وبشكل خاص يحتاج الأشخاص هذه المهارات في حياتهم العملية، حيث أنه عند التقدم لعمل جديد يجب أن يملك الشخص قدرة على التأثير بمدراء العمل وإقناعهم للوصول إلى ما يريد وذلك من خلال ثقته بنفسه بالدرجة الأولى بالإضافة إلى إتقانه لمهارات التفاوض والإقناع للوصول في نهاية المطاف إلى عمل ومرتب مناسبين، فما الفرق بين التفاوض والإقناع وما هي مهارات التفاوض وكيف يمكننا إقناع الأشخاص بما نريد؟
- التفاوض هو الدخول في نقاش معين حول موضوع أو خلاف أو مشكلة ما من أجل تقارب وجهات النظر والوصول إلى اتفاق برضى كل من الطرفين، يتخلل هذا النقاش بعض من التنازلات من أجل الوصول إلى حل مشترك يجمع بين مصالح الطرفين.
- الإقناع هو الدخول في نقاش من أجل الثبات على رأي واحد وجعل الطرف الآخر يعتقد بهذا الرأي ويتبناه من خلال استخدام عدة مهارات تبرز أن هذا الرأي هو الأفضل والاتفاق في نهاية المطاف على رأي أحد الطرفين برضى الطرف الآخر. [2]
يتطلب الوصول إلى مراكز أعلى في العمل معرفة أنواع التفاوض وذلك من أجل ممارسة التفاوض الفعال الذي ينتج عنه تلبية لمصلحة كل الأطراف وهنالك نوعان رئيسيان من أنواع التفاوض سوف نوضح هنا كل منهما: [1]
- التفاوض التوزيعي: في هذا النوع من التفاوض يبحث كل من الطرفين عن مصالحهما بغض النظر عن المصالح المشتركة، بالإضافة إلى عدم تنازل الأطراف للوصول إلى حل مشترك مما يؤدي إلى نوع من خسارة أحد الطرفين في بعض الأحيان، حيث لا يعتبر هذا النوع تفاوض فعال وفي حال تم الوصول إلى حل مشترك لا تكون نتائجه طويلة الأمد، فمثلاً عندما يتم النقاش مع المدير من أجل الحصول على راتب أعلى، تكون الاتفاق غالباً في صالح الموظف وحده أو المدير وحده وبالتالي فالنتيجة سترضي أحد الطرفين فقط، وهذا ما سوف يسبب لاحقاً تكرار الخلاف مرة أخرى.
- التفاوض التكاملي: على عكس التفاوض التوزيعي يكون التفاوض التكاملي أفضل حيث يحاول كل من الطرفين الوصول إلى حل مشترك يرضي كل منهما مع تقديم بعض التنازلات من الطرفين للوصول إلى نتيجة مربحة للطرفين وينتج عن هذا التفاوض العلاقات طويلة الأمد، فمثلاً عند التقدم إلى عمل في هذا النوع من التفاوض يكون هنالك رغبة عند كل من المتقدم للعمل والمدير بنجاح هذا التفاوض وبدء العمل الجديد وغالباً يستمر هذا العمل لفترة طويلة.
أثناء التفاوض الفعال يجب على المتفاوض أن يمتلك عدة مهارات تساعده في التأثير بالطرف الآخر والوصول إلى حل مرضي لجميع الأطراف وسوف نوضح هنا بعض من هذه المهارات: [1،3]
- الاستماع الفعال: من أهم المهارات التي تعطي نتائج إيجابية بالتفاوض الفعال هي حسن الاستماع لرأي الطرف الآخر عند تبادل وجهات النظر، وذلك من أجل فهم جميع الأفكار ومناقشتها بالطريقة المناسبة للتوصل إلى رأي مشترك، بالإضافة إلى أن إتقان هذه المهارة يبني ثقة واحترام متبادل بين الطرفين.
- طرح أسئلة جيدة: من مهارات التفاوض أيضاً في العمل هو معرفة كيف تطرح الاسئلة الجيدة، حيث أنه يجب على طرفي التفاوض أن يقوموا بطرح أسئلة تساعد في فهم وتوضيح غايات كل طرف، فمثلاً عند طرح أسئلة عديدة تستطيع من خلالها فهم متطلبات مدير العمل وهذا التفاهم بدوره يعزز ثقة المدير أيضاً.
- امتلاك مهارات التواصل: عند التقدم إلى أي عمل يجب أن يكون المتقدمين متقنين لمهارات التواصل اللفظي أو الكتابي، بالإضافة إلى أنه يجب أن يطلع المتقدمين على مهارات التواصل النفسي ولغة الجسد من أجل مساعدتهم في التأثير على الطرف الآخر وإقناعه والنجاح في الحصول على العمل.
- تنمية المقايضة الذكية: يجب على المتقدمين لعمل جديد أن يتقنوا مهارة المقايضة التي ترضي الطرف الآخر وتحقق المصلحة المشتركة بالوقت نفسه، حيث أنه يجب مقايضة المدراء بذكاء حتى الوصول في نهاية المطاف إلى الغاية المطلوبة سواء كانت الحصول على عمل أو الحصول على مرتب أعلى وينتج عن هذه المقايضة تحقيق المتطلبات بموافقة من المدير وتحقيق لرغباته أيضاً.
- الأخلاق والتعاون: الأخلاق الفضيلة والقدرة على العمل ضمن مجموعة متعاونة هي أحد المهارات التي يبحث عنها جميع مدراء العمل، لذلك يجب التحلي بروح التعاون عند التقدم لعمل جديد من أجل إرضاء جميع الأطراف والحصول على عمل.
- القدرة على حل المشكلات: أحد المهارات التي تعطي نقاط إيجابية مفضلة عند مدير العمل هي القدرة على حل المشكلات مهما كانت هذه المشكلة، وهذه المهارة تبني ثقة باللاوعي لدى المدير، بالإضافة إلى أنها تجعله يقبل طلبات الطرف الآخر عندما يثق أنه قادر على حل المشكلات التي تواجه العمل.
يوجد عدة مراحل يجب اتباعها بالتدريج خلال التفاوض الفعال للوصول إلى إقناع الطرف الآخر بما يريد هذا الشخص فمثلاً يجب اتباع هذه المراحل من أجل إقناع المدير بطلب ما، وسوف نوضح هنا جميع هذه المراحل: [1]
- المرحلة الأولى التحضير والتخطيط:
نحدد في هذه المرحلة الهدف الذي يجب الوصول إليه في نهاية هذا التفاوض سواء كان الحصول على مكان أفضل في العمل أو الحصول على راتب أعلى ومن المهم أيضاً توقع ما يريده المدير والتحضير للرد على متطلبات المدير والأسئلة التي يمكن أن يطرحها من أجل الوصول إلى إقناعه في نهاية المطاف بالشيء المرغوب. - المرحلة الثانية معرفة القواعد الأساسية للتفاوض:
يجب هنا معرفة القواعد الأساسية للتفاوض مع المدير مثل تجنب المجادلات والمواجهات، بالإضافة إلى مساومة المدير بحسن نية وتقديم العروض له من أجل ضمان مصلحة الطرفين ونجاح هذا التفاوض. - المرحلة الثالثة الإيضاح والتبرير:
في هذه المرحلة يجب توضيح الأسباب الكامنة وراء هذا الطلب والتبرير وإبراز الحجج المنطقية التي تجعل المدير يوافق ويقتنع بتلبية هذه المطالب بإرادته المطلقة. - المرحلة الرابعة المساومة وحل المشكلات:
قد يكون هنالك مشكلة أمام المدير تجعله لا يوافق على تغيير مكان العمل أو رفع المرتب مثلاً، فهنا يجب مواصلة النقاش والمساومة حتى الوصول إلى حل لهذه المشكلة التي تقف عائق أمام تلبية المطالب وتجنب قدر الإمكان الأخطاء الشائعة التي يمكن أن تعرقل المساومة. - المرحلة الخامسة الإغلاق والتنفيذ:
في هذه المرحلة يكون قد تم الاتفاق والتوصل إلى حل مرضي ومقنع للطرفين وملبي لمصالح كلا الطرفين أيضاً، فيتم إغلاق التفاوض والبدء بتنفيذ نتائج هذا النقاش.
إن الحصول على مرتب أعلى في العمل هو طموح يسعى إليه جميع الناس دون استثناء فالجميع يبحث عن الأفضل دائماً، ويحاول العديد من الناس تطوير أنفسهم ومهاراتهم من أجل زيادة مدخولهم لذلك سوف نوضح بعض النصائح من أجل إقناع المدير بإعطاء راتب أعلى: [4،5]
- أن يكون الشخص يستحق الراتب الذي يطلبه: من المهم عند طلب راتب أعلى أن يكون هذا الشخص يستحق المبلغ الذي سوف يتقاضاه وأنه يعمل بما يتناسب مع هذا المبلغ من أجل إقناع المدير بالموافقة على هذه الزيادة.
- التركيز على ما ستحققه هذه الزيادة: يجب التركيز على معرفة أن هذه الزيادة تتطلب من الشخص أن يحسن من مهاراته في العمل لتحقيق نتائج جيدة للمدراء والثقة بالنفس بأنه قادر على إنجاز هذه الأشياء وهذه الثقة تنتقل من خلال لغة الجسد إلى المدير الذي يتم التفاوض معه وهذه الثقة تجعله يقبل ولكن في حال كان هنالك ضعف بالثقة بالنفس ينتقل هذا الشعور إلى المدير أيضاً وقد لا يوافق على هذا الطلب.
- اختر التوقيت المناسب لطلب الزيادة: من أهم النقاط التي تجعل المدير يوافق أو يرفض طلب الزيادة هي اختيار التوقيت المناسب، فلا يجب أن يكون الشخص متطفل يقتحم مكتب المدير ويطلب الزيادة على العكس يجب أن يتعامل بلباقة ولطف بطلب الزيادة من المدير ويختار وقت مناسب خلال جلسات مناقشة العمل الأسبوعية مثلاً.
- معرفة ما ستقول مسبقاً من أجل عدم الارتباك: عندما يتقدم الشخص إلى طلب زيادة من المدير يجب أن يحضر مسبقاً للكلام الذي سيقوله خلال الطلب وذلك من أجل عدم إظهار ارتباك أمام المدير والقدرة على إبراز نقاط القوة جميعها التي تجعل المدير يوافق على الطلب.
- إظهار ما يمكن القيام به مستقبلاً: عند طلب زيادة في الراتب يجب أن يكون الشخص مستعد لتطوير عمله وتحسين مهاراته وإظهار ما يمكن القيام به للمدير من أجل جعله يوافق على هذا الطلب برغبة منه بتحسين واقع العمل.
- حاول أن يكون النقاش إيجابي: يجب إتقان مهارات التواصل عند طلب زيادة في الراتب والتحلي بالصبر ومعرفة كيف يجعل النقاش إيجابياً بعيد عن التوتر أو الخلاف لضمان إقناع المدير بالطلب.
- لا تكن أول من يسمي الراتب: عندما يتقدم شخص بطلب للمدير من أجل زيادة الراتب يجب ألا يطلب منه مبلغاً معيناً حيث يترك حرية القرار للمدير المسؤول، هذا يجعله يقبل الطلب ويمكن أن يزيد المبلغ أكثر من المتوقع في حال شعر أن هنالك فائدة للعمل من خلال تنفيذ هذا المطلب.
- تقبل الرفض: من المهم عندما يتم طلب زيادة في الراتب أن يكون الشخص قد وضع احتمال الفشل في هذه المقابلة مع المدير وذلك من أجل عدم الدخول في صدام مع المدير وتقبل الأمر في حال الرفض.