صفات صديق السوء وأثر أصدقاء السوء في حياتك
يأتي الاهتمام بنوعية الأصدقاء في حياتنا من الأثر الكبير للصديق على السلوك والشخصية وجودة الحياة، فالصداقات الجيدة تنعكس بشكل مباشر على الاستقرار النفسي والاجتماعي، كذلك تقود الصداقة السّامّة إلى حياة مسمّمة، وفي بعض الحالات قد يكون صديق السوء سبباً في تشويه السمعة وربما كان سبباً في توريط أصدقائه بأمورٍ تصل إلى حد الانحراف السلوكي وارتكاب الجنايات.
ما هي صفات صديق السوء وكيف نميّز رفاق السوء؟ كيف يؤثر أصدقاء السوء علينا؟ وكيف يجب أن نتعامل مع صديق السوء؟ هذه الأسئلة وغيرها نجيب عنها في هذا الموضوع.
تعريف صديق السوء: هو الذي يترك أثراً سلبياً في حياة صديقه بشكلٍ من الأشكال، وصديق السوء ليس مجرد صديقٍ مهملٍ أو أناني أو متقلب الطباع، بل هو الصديق الذي يسبب ضرراً حقيقياً لمن حوله عن قصدٍ أو غير قصد، وقيل في رفيق السوء هو من يدل رفيقه على الفعل السيء ويقوده إليه، فأنت تتعلم من الصديق الصالح أن تكون صالحاً، وتتعلم من الصديق السيء أن تكون سيئاً، ولذلك قالت العرب "الصاحب ساحب" أي يسحب صديقه ليكون على شاكلته.
- العادات السيئة والانحراف: أكثر ما يميز صديق السوء عن الصديق الصالح عاداته السيئة وسلوكه المنحرف، ولا يكتفي صديق السوء بممارسة العادات السيئة؛ بل يسعى جاهداً لجرّ أصدقائه لمشاركته في سلوكه المنحرف، وقد تكون هذه العادات السيئة بدرجة متوسطة الخطورة أو شائعة مثل التدخين والسهر، لكنها قد تشكّل انحرافاً خطيراً أيضاً مثل السرقة وتعاطي المخدرات وغيرها.
- مشهور بالسوء بين الناس: السمعة السيئة من الصفات التي تميّز صديق السوء وتساعدك على اكتشافه مبكراً، فالشخص السيئ أو المنحرف يمتلك غالباً تاريخاً اجتماعياً يجعله منبوذاً ومكروهاً من محيطه الاجتماعي، وقد يمتلك تاريخاً جنائياً أيضاً بالتعدي على الناس!
عند اختيار الصديق يجب الأخذ بالحسبان سمعته بين الناس ونظرة الآخرين إليه، ولا تنخدع بادّعائه البراءة أو لعبه دور الضحية لظلم المجتمع. - الكذب والخداع: الصديق الكاذب لا يمكن أن يكون صديقاً صالحاً، فالكذب من الصفات البارزة لرفاق السوء، وغالباً ما يكون الكذب بالنسبة لصديق السوء وسيلةً لتحقيق غاية ومصلحة، فتجده يكذب عليك وعلى الآخرين، ويستخدم الخديعة والمكر لتحقيق مصالحة أو الستر على مساوئه أمام الآخرين حتى يأخذ منهم ما يريد، وعندما يكون الصدق من مصلحتك في بعض المواقف لن تجد صديق السوء إلى جانبك، فقد يورطك كذبه في الكثير من المشكلات.
- صديق مصلحة: ليس بالضرورة أن يكون صديق السوء منحرفاً أو يمارس عاداتٍ سيئة، لكنه بالتأكيد صديق مصلحة، لا يهمه من الصداقة سوى تحقيق مصالحه الشخصية وإن كان ذلك على حساب أصدقائه وعلى حساب سعادتهم أو حتى مستقبلهم، فصديق السوء لا يضع أي اعتبار للصداقة عندما يتعلق الأمر بمصلحته الشخصية، ولا يكترث باستمرار الصداقة إن انتهت المصلحة.
اقرأ مقالنا عن الصديق المصلحجي وصفات صديق المصلحة من خلال النقر هنا. - لا يؤتمن على شيء: الأمانة واحدة من الصفات الأساسية للصديق الصالح، أما صديق السوء لن تستطيع ائتمانه على أي شيء، فهو لا يحفظ سرّك ولا يصون حرمة بيتك وعائلتك، ولا يحفظ لك جميلاً، لذلك عليك الحذر من إدخال صديق السوء إلى بيتك أو تعريفه بعائلتك أو ترك أسرارك معه.
- الانتهازية والاستغلالية: صديق السوء شخص متسلق يجيد استغلال الفرص وإن تسبب ذلك بالضرر المباشر والمقصود للآخرين، حتى إن لم تكن أنت من ضحاياه إلى الآن؛ يجب أن تأخذ العبرة من تصرفاته وسلوكه مع الآخرين، فهذا النمط من الرفاق يستغل أي فرصة وكل فرصة لتحقيق مصلحة شخصية، وفي بعض الأحيان يستغل الفرصة لأنها متاحة فقط حتى إن لم يكن بحاجة لها، هذا يجعله أيضاً حسوداً يتمنى الشرّ للآخرين وإن لم يكن له في ذلك خير أو منفعة.
- ينجو بنفسه: يتعرض الأصدقاء للكثير من المواقف التي تتطلب وقفةً أخلاقيةً لا يقدر عليها صديق السوء، عندما تتعرض لأي مشكلة سيكون اهتمام صديق السوء أن ينجو بنفسه فقط، بل أنه قد يكون سبباً لوضعك في ورطة أو مشكلة، ثم تجده يهرب ويتخلى عنك.
- ينهى عن الخير ويدعو للشرّ: نمتلك جميعاً صفاتٍ سيئة، والأصل في علاقة الصداقة أن يساعدك الصديق الصالح على علاج صفاتك السيئة والتخلص منها أو على الأقل الاعتراف بها، أما صديق السوء فهو من يمدح أسوأ صفاتك ويجعلها تبدو جيدة وطبيعية بل ويدفعك لتعزيزها والتمسُّك بها، ثم يهاجم صفاتك الجيدة وفطرة الخير داخلك، وينتقد أفعالك الجيدة حتى يدفعك لتركها.
- الصديق الحسود: يختلف الحسد عن الغيرة بشكلٍ جوهري، فالغيرة شعور طبيعي في العلاقات الاجتماعية، نجدها بين الأصدقاء أو حتى بين الأخوة، وتتمثل الغيرة في المنافسة بين شخصين للحصول على شيء ما ورغبة كلّ منهما بالوصول إلى غايته قبل الآخر، لكن الحسد يتضمن أيضاً الرغبة في زوال النعمة عن الآخرين وتجريدهم ممّا لديهم.
فالغيرة قد تدفع الصديق لتقليد صديقه في خياراته وتصرفاته، أما الحسد فيدفع الصديق إلى التدليس والغش لانتزاع النعمة، ويكون الحسود سعيداً بعدم حصول الآخرين على المنفعة حتى إن لم يحصل هو عليها.
اقرأ أيضاً مقالنا عن أسوأ أنواع الأصدقاء والذين يجب أن تفرح لخسارتهم من خلال النقر هنا.
- عدوى الفساد والشرِّ: مصاحبة الفاسد تجعلك فاسداً مثله، وصديق السوء يسعى دائماً لتكون مثله وينقل إليك عدوى الفساد والشرّ، حتى عندما تحاول أن تكون أنت الصديق الصالح المصلح وترغب في إصلاح صديق السوء؛ غالباً ما ينتقل إليك من مساوئه أكثر ممّا ينتقل إليه من محاسنك، ونحن هنا لا نتكلم عن العادات والسلوك فقط، بل عن طريقة التفكير والمبادئ والدوافع التي تقف خلف السلوك والعادات.
- تعلّم العادات السيئة: كل ممنوع مرغوب، ومعظم العادات السيئة والمنحرفة مغرية، فإذا صاحبت صديق السوء سيزيّن لك العادات السيئة ويحاول دفعك إليها أكثر ليحس أنّه ليس وحيداً فيما يفعله، ويجب أن تعلم أن صديق السوء يكره تفوّقك الأخلاقي عليه ويكره سمعتك الطيبة، وسيكون سعيداً في كل مرّة يقنعك بتجريب عادةٍ كنت ترفضها أو تعتبرها منحرفة.
- صديق السوء يورطك في المشاكل: لا يمكن أن تكون العلاقة مع صديق السوء خالية من المشاكل، قد تجد نفسك متهماً بالسرقة فجأة دون أن تعلم، وقد يدق بابك أصحاب حقٍّ لست أنت من سلبه، لكنك صديقه! وفي كثيرٍ من الأحيان قد يخدعك صديق السوء ويستغل اندفاعك كصديق لتدخل في أمورٍ أنت في غنى عنها.
- السمعة السيئة بين الناس: ليست أفعالك فقط ما يبني سمعتك بين الناس، بل أفعال أصدقائك أيضاً، وبمجرد أن يعرف الناس أنك صديق فلان يعرفون أي الناس أنت، فصديق الصالح صالحٌ عند الناس، وصديق الفاسد فاسدٌ عندهم.
- الضرر المباشر: قد تكون أنت نفسك ضحية من ضحايا صديق السوء وسلوكه المنحرف، قد تتعرض للسرقة أو الابتزاز على يد صديقك، وربما غدر بك وألحق الضرر بأهل بيتك، ولا تظن أنك تنجو من صديق السوء لأنه صديقك، فهو لا يقيم اعتباراً للصداقة سوى المصلحة.
التعامل مع صديق السوء يرتبط بالدرجة التي وصل إليها من الفساد والشرّ، ومدى معرفته أيضاً بفساده أو سوء طبعه، وفي بعض الحالات قد تستطيع لعب دورٍ إيجابي في حياة الصديق السيء من خلال النصح والإرشاد والمساعدة، لكن في حالاتٍ أخرى عليك فقط أن تحمي نفسك منه ومن شرّه.
- حدّد العلاقة بشكل حازم: إذا كنت تشك أنّ أحد أصدقائك -أو أصدقائك المحتملين- يمارس سلوكاً منحرفاً أو يمتلك عاداتٍ لا تناسبك؛ عليك أولاً أن تحدد العلاقة معه بشكل صارم، وترسم الحدود بينك وبينه بحيث لا يصل إلى أكثر مما تسمح به أنت، وليس ضرورياً أن تخبره عن السلوك الذي ترفضه أو يجعلك لا ترغب بصداقته، خصوصاً إن كانت العلاقة بينكما في بدايتها، المهم ألّا تترك مجالاً لتطوّر العلاقة وأنت تعرف سلفاً أنه شخص سيء.
- احمي نفسك جيداً: الحماية من الأمور المهمة التي يجب أن تفكر بها في العلاقة مع صديق السوء، بالدرجة الأولى يجب أن تحتفظ بأسرارك بعيداً عنه وأن تتجنب الدخول معه في تفاصيل حياتك العائلية والاجتماعية، ومن الأفضل أن يبقى صديق السوء بعيداً عن بيتك وأسرتك، وبعيداً عن معارفك الذين قد يستغلهم باسمك.
- اقطع الصلة مع صديق السوء: إنهاء العلاقة مع صديق السوء هو الخيار الأفضل في معظم الأحوال، هذا يوفر عليك الكثير من المتاعب والمشاكل، ويقطع الطريق أمام الاحتمالات الخطيرة للصداقة مع شخص منحرف السلوك أو يمتلك صفات سيئة تتفوق على صفاته الإيجابية.
- جرب النصيحة: إذا كنت تهتم لأمر هذا الشخص وتعتقد أن سلوكه السيء أو المنحرف ليس أصيلاً في شخصيته وتربيته، يمكنك أن تبادر بالنصيحة وتحاول إرشاده وثنيه عن السلوك السيء والعادات السيئة، لكن لا تبالغ بالنصح ولا تتعامل مع الأصدقاء بطريقة أبوية وإرشادية، فإذا لم تجد استجابة من صديق السوء من الأفضل أن تهتم بشؤونك الخاصة وتبتعد عنه لحماية نفسك.
- احذر من اتباع الصديق الفاسد: في بعض الحالات قد لا يكون قطع العلاقة مع صديق السوء بشكل نهائي ممكناً، فربما كان جاراً قريباً أو صديقاً من الطفولة أو حتى من الأقارب، وقد تضطر للحفاظ على قدرٍ من التواصل دون أن تجمعكما صداقة عميقة، في كل حال يجب أن تبقى يقظاً وحذراً من الانجرار وراء هذا الشخص في ممارسات منحرفة أو سلوكيات خاطئة.
ليس من السهل أن تجد صديقاً صالحاً، وقد اختلف الناس في تعريفهم للصديق الصالح، فمنهم من يرى الصديق الصالح هو الناصح والمرشد الذي يغريك بتطوير نفسك ومواجهة نقاط ضعفك أو صفاتك السلبية، ومنهم من يرى أن الصديق الصالح هو الذي يكون صادقاً في محبته ومخلصاً لصديقه حتى وإن لم يكن ناصحاً أو مثالاً يحتذى.
إليك أربع نقاط تساعدك على اختيار الصديق الصالح:
- ابحث عن الشخص الصادق: الصدق من الصفات المميزة في الصديق الصالح، ستجد هذا الصدق واضحاً في تعامله معك منذ بداية التعارف، وستعرف فيه الخصال الحميدة التي تتزامن مع الصدق بالضرورة، مثل الأمانة والاستقامة والوفاء، فالكاذب لا يؤتمن، والصدق لا يجتمع مع الخيانة.
- الصديق الصالح شخص عصامي: من الصفات المميزة في الأصدقاء الصالحين أنهم أشخاص عصاميون، لا يقبلون المنافسة غير الشريفة أو خطف الفرص من طريق الآخرين، ويسعون لتحقيق أنفسهم بالجهد والتعب وليس بالاحتيال والاستغلال، حتى في المواقف الصغيرة تجد نفسه عزيزةً ولا يرضى إهانتها.
- السيء مع الآخرين سيكون سيئاً معك: قد تفكر أحياناً بسلوك صديقك معك وتقول "ما دام جيداً معي لا يهمني كيف يتعامل مع الآخرين" لكن الحقيقة أن الشخص السيء مع الآخرين سيكون سيئاً معك في يومٍ من الأيام، فإن كان صديقك يحتال على الآخرين ولم يحتل عليك بعد، يجب أن تستعد لتكون أحد ضحاياه. عندما تختار الصديق الصالح تأكد أنه صالح بذاته ومع الجميع.
- سيكون صوت الضمير في حياتك: جميعنا نمتلك صفات سيئة ونسعى أحياناً لتحقيق غايات غير جيدة، الصديق الصالح يلعب دوراً مهماً في لفت انتباهنا إلى لحظات الضعف التي تتفوق فيها غرائزنا ورغباتنا على أحكام العقل والأخلاق، ويساعدنا على التوقف في الوقت المناسب واستعادة أنفسنا وتغليب صفاتنا الجيدة على السيئة.
أخيراً... تذكر قول أبي الطيب المتنبي: أصاحبُ نَفْسَ المرءِ مِن قبل جسمهِ ... وأعرفها في فعلِهِ والتَكلمِ