معوقات الرضا الوظيفي وحلول مشاكل الرضا الوظيفي
تواجه الإدارة صعوبةً في رصد وقياس معدلات الرضا الوظيفي، ولذلك تلجأ إلى مبدأ "علاج معوقات الرضا الوظيفي" حتى إن كانت نتائج دراسة ومسح الرضا الوظيفي في المؤسسة جيدة، حيث تهتم الإدارة الحكيمة بالعمل دائماً على حل مشاكل الرضا الوظيفي ومواجهة العوائق التي قد تسبب عدم الرضا، حتى إن كان حلّ هذه العوائق لا يقود بنفسه إلى تحقيق الرضا الوظيفي؛ لكن وجودها يحول دون تحقيقه، فما هي معوقات الرضا الوظيفي وكيف يمكن إيجاد الحلول لمشكلات الرضا الوظيفي؟
عوائق الرضا الوظيفي هي العوامل الأساسية التي تقف حاجزاً أمام تحقيق الرضا الوظيفي أو تقود إلى عدم الرضا، ومعوقات الرضا الوظيفية العشرة هي:
- الصراعات الشخصية وكره الإدارة: من أهم معوقات الرضا الوظيفي وجود الصراعات والنزعات الشخصية بين الموظفين أو بين الموظف والإدارة. أشارت دراسة عام 1995 أن النزاعات الشخصية هي الأكثر تأثيراً على الرضا الوظيفي ومعدلات الإنتاج، حيث شكّلت النزاعات الشخصية والتنظيمية وكره الإدارة؛ حواجزاً مهمة أمام تحقيق الرضا الوظيفي وشعور العاملين تجاه عملهم. [1]
- عدم الوضوح: غياب الوضوح والشفافية في بيئة العمل من أهم عوائق الرضا الوظيفي، حيث يعاني الموظفون من سوء فهم السياسيات التنظيمية والقرارات التي تعتمدها الإدارة، كما يفاقم عدم الوضوح من مشاكل التواصل بين الموظفين والإدارة، ما ينعكس بشكل مباشر على مستوى الرضا الوظيفي في المؤسسة.
- غياب التكافؤ: لا يعتقد خبراء الموارد البشرية أن الأجور بالمفهوم العام هي العامل الأهم في الرضا الوظيفي، لكن وجود فجوات كبيرة في الأجور أو المكافآت هو فعلاً من أهم معوقات تحقيق الرضا الوظيفي، ما يعني أن الإنصاف والعدالة في الأجور وتناسبها مع المهام؛ هي العوامل الحاسمة في رضا الموظفين، إضافة إلى العدالة في منح الفرص والإنصاف في تقدير المسؤولية.
- البيروقراطية: تستند البيروقراطية الإدارية إلى القاعدة التي تقول "تسلسل الإجراءات والسيطرة أهم من النتائج" ما يعني أن الالتزام باللوائح والأنظمة مهما كانت معقدةً وغير ملائمة؛ أهم من فاعلية هذه الأنظمة، بالتالي يجب على الموظفين اتباع قواعد غير مرنة بغض النظر عن مدى ملاءمتها أو فاعليتها، كما تقود البيروقراطية إلى عائق مهم من عوائق الرضا الوظيفي وهو الرتابة بالمهمات والملل الوظيفي، وهذا الأسلوب الإداري يقف عائقاً أمام تحقيق الرضا الوظيفي لأنه يحرم الموظفين من المرونة والمساهمة.
- النظرية المتشائمة في الإدارة: تقوم النظرية المتشائمة في الإدارة على تحديد دوافع الموظفين للإنجاز بالمنفعة المباشرة والأنانية والمصلحة الشخصية، ما يقلل من اهتمام الإدارة بالتواصل والمشاركة والتحفيز، وتعمل على تحقيق أقصى منفعة من الموظفين بأقل ما يمكن من التضحيات! وعادةً ما تنتقل عدوى النظرية المتشائمة هذه إلى الموظفين، فينظرون إلى الإدارة بوصفها كيان متوحش يسعى لأخذ أقصى قدر ممكن من جهدهم بأقل مقابل.
- القرارات السيئة للإدارة: في علم الإدارة القرار الجيد ليس فقط ما يحقق مصلحة المؤسسة، بل هو القرار الذي يتم اتخاذه وإعلانه وتنفيذه بطريقة صحيحة، فعندما تقوم الإدارة باتخاذ قرارات مبنية على بيانات ومعلومات دون مشاركة الموظفين، ثم تقوم بتعديل هذه القرارات بشكل متكرر دون فهم تأثيرها على العاملين؛ ذلك يقود إلى شعور الموظفين بالانفصال التام عن الإدارة، ما يحوّلهم إلى آلات تنفّذ الأوامر والقرارات دون التفكير بالمصلحة العامة ودون تقديم أي ملاحظات مفيدة، وهذا التخاذل هو نتيجة طبيعية لانعدام الرضا الوظيفي.
- غياب التوازن بين العمل والحياة: قد يبدو التوازن بين العمل والحياة مسؤولية الموظف، لكن الحقيقة أن سياسات الإدارة تلعب دوراً كبيراً في منح الموظفين الفرصة لتحقيق التوازن بين العمل والحياة، من خلال ساعات العمل المعقولة ونظام الأجور والمكافآت العادل ونظام الإجازات المناسب، ومن البديهي أن غياب التوازن بين العمل والحياة الشخصية للموظفين يعتبر من أهم عوائق الرضا الوظيفي.
- فقدان الاتصال: التواصل من أهم مقومات الرضا الوظيفي، وفقدان التواصل الفعّال بين المستويات الإدارية المختلفة ينعكس بشكل كبير على تقدير الموظفين لقيمتهم في المؤسسة ولمدى توافقهم مع أعمالهم، حيث يعتبر اتساع فجوة الاتصال بين الإدارة والموظف من المشاكل الرئيسية للرضا الوظيفي.
- صعوبة الوصول: المقصود بصعوبة الوصول هو عدم قدرة الموظفين على الوصول إلى المعلومات أو الأدوات اللازمة لأداء مهامهم بالشكل المطلوب، فعندما لا يستطيع الموظف الحصول على بعض المعلومات بسبب البيروقراطية، أو عندما يتم منعه من استخدام بعض الأدوات استجابة للأنظمة بغض النظر عن حاجته لهذه الأدوات وأهميتها لأداء مهامه؛ ذلك ينعكس مباشرةً على رضاه الوظيفي.
- بيئة العمل غير المناسبة: على الرغم من الاهتمام الكبير ببيئة العمل لكنها تصنف في آخر قائمة معوقات الرضا الوظيفي، هذا لا يقلل من تأثير بيئة العمل غير المناسبة -مثل الإضاءة والضجيج والحرارة والأمان- لكنه يعظّم من أهمية العوامل الأخرى لتحقيق الرضا.
اقرأ أكثر على حِلّوها عن مقومات ومبادئ الرضا الوظيفي من خلال النقر على هذا الرابط.
- حل مشكلة النزاعات الشخصية وتأثيرها على الرضا الوظيفي
إدارة النزاع من أهم أهداف إدارة الموظفين، وتبدأ حلول إدارة النزاعات الشخصية من اتخاذ موقف عادل ومنصف حيال هذه النزاعات، ومحاولة التقليل من ربط النزاعات بشكل شخصي بالموظفين، كما يجب أن توفّر الإدارة وسيلة اتصال سريعة مع الموظفين تضمن البحث في حل أي صراع داخل المؤسسة بالسرعة اللازمة، وعادةً ما يكون هناك موظفون يمتلكون الخبرة اللازمة لحل النزاعات بين الموظفين أو مع الإدارة. - حل مشاكل التواصل والشفافية
بما أن التواصل والشفافية من أهم معوقات الرضا الوظيفي؛ يجب على الإدارة أن تعمل على توضيح سياساتها للموظفين بشكل ٍمباشرٍ وكافٍ، هذا لا يعني بشكل من الأشكال الإفصاح عن أسرار الإدارة أو الكشف عن معلومات لا يجب أن يعرفها الموظفون، وإنما منحهم المعلومات المهمة لأداء أعمالهم بشكل جيد، والسماح لهم بالوصول إلى ما يسهّل عليهم المهام ويدفعهم للمشاركة، وذلك يعتمد بشكل كبير على نوعية الاتصال بين الإدارة والموظفين. - حل مشكلة البيروقراطية
البيروقراطية ليست مشكلة في الرضا الوظيفي فقط، بل تؤثر على مجمل عمل المؤسسة وتجعله أكثر تعقيداً لأنها تهدف إلى تكريس سلطة المكاتب المنفصلة نسبياً عن العملية الإنتاجية للمؤسسة، بالتالي تعتمد على وضع القرارات في يد قلة من الأفراد حتى القرارات الإجرائية الصغيرة.
والحل الأفضل لتجنب الوقوع في فخ البيروقراطية وتجنب تأثيره على الرضا الوظيفي؛ أن يمتلك الموظفون سلطة اتخاذ القرار السريع في أماكنهم وضمن مسؤولياتهم، وأن تكون القرارات التي تخرج من المكاتب قد أخذت بعين الاعتبار رضا الموظفين وآرائهم ومدى تناسب هذه القرارات مع المستويات المختلفة، والأهم من هذا كله أن تتمتع الإدارة بالقدر الكافي من المرونة التنظيمية. - حل مشاكل التكافؤ والعدالة
تحقيق التكافؤ والعدالة في أي منظمة أو مؤسسة يبداً من وضع النظام الأساسي أو دستور المؤسسة، حيث تعمل الإدارة الحكيمة على توزيع الأجور بشكل مناسب ومتكافئ، وترك الباب مفتوحاً أمام الموظفين للتقدم والتطور في مكان عملهم وتسلق السلم الوظيفي. - حل مشكلة بيئة العمل غير المناسبة
حل مشكلة الرضا الوظيفي المتعلقة ببيئة العمل يتطلب إجراءات لوجستية على الأرض، مثل إعادة تجهيز مكان العمل بطريقة تراعي شروط التهوية والإضاءة وتخفيف الضوضاء، والاهتمام بشروط السلامة أثناء العمل، إضافة إلى ترتيب مكان العمل بحيث يكون من السهل التنقل بين أقسامه. - حل مشكلة التوازن بين العمل والحياة
التوازن بين العمل والحياة يرتبط ارتباطاً وثيقاً بنظام الأجور وساعات العمل والإجازات، حيث يجب أن تقوم الإدارة بدراسة عميقة لتناسب الأجور مع متطلبات الحياة من جهة، وساعات العمل من جهة أخرى، فإذا كان هدف الإدارة هو الالتزام بالقوانين والحد الأدنى للأجور ودفع أقل قدر من التكاليف؛ سيقود ذلك إلى زيادة عدد ساعات عمل الموظف داخل المؤسسة نفسها أو في أكثر من وظيفة، هذا يعني بطبيعة الحال سخط الموظفين وعدم رضاهم وعدم استعدادهم لتقديم أي نوع من التضحية أو الدفع لأي إنجاز.
على سبيل المثال يبلغ الحد الأدنى القانوني للأجور في بعض الدول 50 دولاراً أمريكياً لموظفي الدرجة الثالثة -العمال بمؤهل ثانوية عامة- فيما يبلغ متوسط إنفاق الفرد على الأساسيات في هذه الدول أكثر من 250 دولاراً أمريكياً في الشهر، هذا يدفع الموظف إلى العمل في عدة وظائف لتأمين ما هو أقل من حاجته الأساسية حتى، وسيضحي بإجازاته السنوية مقابل زيادة الدخل.
حل مشكلة عدم الرضا الوظيفي يجب أن يكون حلّاً متكاملاً يستهدف التخلص من عوائق الرضا الوظيفي من جهة، والعمل على إيجاد عوامل ومقومات تحقيق الرضا الوظيفي من جهة أخرى، ويجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن الكثير من عوائق الرضا الوظيفي قد لا يقود حلّها إلى تحقيق الرضا، لكن وجودها سيمنع ذلك بالضرورة.
7 حلول لمشكلة عدم الرضا الوظيفي
- توضيح الأهداف والاستراتيجية: عندما تقوم الإدارة بتوضيح أهدافها من المهمات أو القرارات وتوضيح استراتيجياتها العامة أو الرؤية الشاملة؛ ذلك يشجع الموظفين على تبني استراتيجية المؤسسة والعمل بإخلاص وجد لتحقيق الأهداف التي تتحول إلى أهداف شخصية لكل موظف، وهذا جزء أساسي من رضا الموظف عن عمله وشعوره بالأهمية والقيمة، فهو يشعر عند تحقيق هدف معين أنه جزء من هذا الإنجاز وليس مجرد أداة.
- التنويع في المهام وتجنب الرتابة: المهام المتكررة والرتيبة تعوق تحقيق الرضا الوظيفي وتخلق حالة من الملل لدى الموظفين، لذلك يجب إتاحة الفرصة أمام الموظفين للتنقل بين المهمات المختلفة وأداء مهمات جديدة، كما تعتبر خطط التطوير والتدريب المهني من أهم عناصر مكافحة عدم الرضا الوظيفي.
- التواصل المستمر والفعّال: من خلال سياسة الباب المفتوح التي تسمح للموظفين بتقديم آرائهم أو اقتراحاتهم أو شكواهم، إضافة إلى الاجتماعات الدورية والضرورية التي تسمح للإدارة بنقل استراتيجيتها العامة وأهدافها للموظفين، والحصول على التغذية الراجعة منهم.
- الابتعاد عن المجاملات والمحسوبيات: يجب أن تكون الإدارة منصفة في التعامل مع جميع الموظفين، فالمحسوبية والوساطة والمجاملات لا تؤثر على معدل الرضا الوظيفي فحسب؛ بل تخلق صراعات ونزاعات شخصية داخل المؤسسة.
- التقدير والاحترام في التعامل: لا يعني تحقيق الرضا الوظيفي إعفاء الموظف من العقوبة أو منحه حرية كاملة في اختيار المهام أو تنفيذ الأوامر، وإنما أن تكون الأوامر مرنة ويتم تقديمها بشكل لائق، وأن تتسم العلاقة بين الموظف والإدارة بالاحترام أولاً حتى عند فرض العقوبات.
- جعل العمل ممتعاً: من أسرار الرضا الوظيفي أن يكون العمل ممتعاً ومحفّزاً، هذا لا علاقة له بطبيعة العمل أو مدى صعوبته، فحتى عمال المناجم يقضون أوقاتاً ممتعة في أكثر ظروف العمل صعوبة!
- الاهتمام الشخصي بالموظفين: المدير الذكي يخلق شعوراً بالاهتمام والرعاية لدى جميع الموظفين، وهذا الجانب يعتمد على التعامل الشخصي مع الموظف، والنظر في ظروفه الخاصة والتعاطف معه، فضلاً عن الاهتمام بالسلامة الشخصية لكل موظف.
نظرياً يعتبر الرضا الوظيفي إيجابياً في كل الأحوال، مع ذلك يمكن رصد بعض سلبيات الرضا الوظيفي النادرة في ثلاثة نقاط أساسية:
- الحفاظ على منطقة الراحة: شعور الرضا الوظيفي قد يخلق حالة من الاطمئنان والاستقرار لدى الموظف تجعله متمسكاً بمنطقة الراحة، هذا يمنعه من المجازفة من جهة، ويجعله أقل قدرة على قبول التغيرات التنظيمية من جهة أخرى، لذلك يجب أن تكون استراتيجيات إدارة مقاومة التغيير جزءاً من دراسة الرضا الوظيفي.
- انخفاض الحوافز الذاتية: في سياق متصل قد يقود الرضا الوظيفي لتقليل حوافز الموظفين الذاتية، وذلك ليس نتيجة مباشرة للرضا الوظيفي، وإنما بسبب سياسة المؤسسة التي تهمل التحفيز كضرورة مستمرة حتى عندما يكون الموظفون راضون عن عملهم.
- صعوبة قياس الرضا الوظيفي: من سلبيات الرضا الوظيفي صعوبة قياسه وعدم دقة مؤشراته، هذا يخلق عقبات جديدة أمام الإدارة وقد يقودها إلى بعض الإجراءات غير الضرورية أو غير المدروسة، منها مثلاً تكثيف الاجتماعات غير الضرورية أو زيادة النفقات غير المدروسة.