تغيير المهنة ومجال العمل والانتقال لوظيفة جديدة
الوظيفة أو المهنة والعمل من النواحي الأكثر أهمية في حياتنا، وربما في بعض الأحيان يكون العمل هو محور حياتنا وأساسها، فالعمل هو مصدر رزقنا وهو ما يحدد مركزنا الاجتماعي والاقتصادي وفي بعض الأحيان مستوانا الثقافي، من هنا جاء شغفنا الدائم في الحصول على أفضل عمل ممكن مادياً واجتماعياً، وفي إطار هذا الشغف نسعى باستمرار للارتقاء في الوظيفة التي نقوم بها ونبحث عن مهنة تتوافق مع طموحاتنا وتلائم رغباتنا، فقد نغير اختصاصنا في العمل أو نغير مجال عملنا كله في بعض الأحيان سعياً لإرضاء هذه الرغبات، ومن هنا نتساءل ما هي أسباب تغيير العمل، ولماذا قد نخاف من هذا التغير، وكيف نقوم بهذه الخطوة؟
العديد من الدوافع قد تجعل الشخص يرغب بتغيير مجال عمله في حال أتيحت له الفرصة بذلك، فالعمل هو مصدر الرزق من جهة، ويعطي قيمة اجتماعية وإنسانية لصاحبه من جهة أخرى، وتأتي أهمية معرفة أسباب ودوافع تغيير العمل للمساعدة في اختيار العمل الجديد، ومن هذه الأسباب: [2]
- الرغبة بأجر أفضل: يعتبر الأجر المادي النقطة الأهم التي يبحث عنها الجميع في أي عمل، فهذا الأجر يجب أو يؤمن له حياة كريمة بالإضافة لتحقيق العديد من الغايات المادية، وإن لم يكن العمل الحالي ذو أجر معقول فمن الطبيعي أن ننتقل إلى ما هو أفضل إذا أتيحت الفرصة.
- الحصول على مهنة محببة: بعض الأشخاص يعملون في مهنة لا يحبونها مضطرين حتى لا يبقوا بدون وظيفة وأجر مادي يعتمدون عليه في تأمين مستلزماتهم، وعندما تتاح لهم الفرصة لإجاد مهنة محببة من قبلهم فهم يفضلون انتهاز الفرصة والانتقال لهذه المهنة.
- العمل بالشهادة الدراسية: قد لا يجد البعض وظيفة باختصاصهم الجامعي بعد التخرج مباشرة، لذا يضطرون للعمل بأي شيء متاح، ولكن يبقى طموح إيجاد مهنة باختصاصهم في خاطرهم وبمجرد أن يجدوا هذه الفرصة غالباً سوف يقومون بانتهازها.
- الرغبة بالمنصب الوظيفي: بعض الوظائف تعتبر ثابتة بطبيعتها ولا مجال فيها للترقي والترفيع، أو يقف الرؤساء عاقاً أمام هذه الغاية، ولكن هذا لا يلغي الرغبة الداخلية لدى أي منا في الترقي الوظيفي وقد نبحث عن عمل جديد لإدراك هذه الغاية.
- تغيير مكان الإقامة: بعض الأشخاص قد يضطرون لتغيير أماكن إقامتهم لأسباب عديدة مثل الزواج أو السفر وأسباب أخرى، وبهذه الحالة يكونون مضطرين بالضرورة للبحث عن عمل جديد في مكان الإقامة الجديد.
- ترك العمل القديم: العوامل التي تسبب ترك العمل القديم لأي شخص كثيرة مثل التقاعد أو توقيف هذا العمل أو أسباب صحية أو عدم التفاهم مع الرؤساء أو عدم القدرة على تحمل ضغوط العمل، وكل هذه الأسباب تدفع الشخص للبحث عن عمل جديد والانتقال له.
- تطوير الوضع المادي والاجتماعي: بعض المهن قد تحقق للشخص مستوى اجتماعي أفضل وأجر مادي أعلى، وجميعنا نطمح لهذا النوع من المهن ونرغب بالانتقال لها إن أمكن ذلك.
تغيير الوظيفة مسألة ليست سهلة وبسيطة أو متاحة للجميع، فقد يواجه هذا القرار العديد من الصعوبات والعراقيل والنتائج السلبية في كثير من الأحيان التي قد يندم الشخص عليها، ولهذا يتخوف معظم الأشخاص من فكرة تغيير مجالهم الوظيفي ويمكن تحديد أسباب هذا الخوف بعدة نقاط:
- عدم إيجاد عمل جديد: العمل هو مصدر الرزق وإذا قام الشخص بترك عمله طمعاً في تحسين وضعه المادي أو الاجتماعي ولم يجد عمل جديد يحقق له هذه الغايات قد لا يستطيع العودة للعمل القديم، وبهذه الحالة سوف يبقى بلا عمل وينقطع مصدر رزقه، وهذا من العوامل التي تخيف الكثيرين من فكرة تغيير العمل.
- الخوف من الفشل في العمل الجديد: عندما تصبح فكرة الانتقال لوظيفة جديدة فكرة جدية وتحتاج لاتخاذ القرار، يشعر أي شخص برهبة تجاه هذا العمل الجديد وإمكانية عدم نجاحه فيه، ما يسبب له الارتباك وصعوبة في اتخاذ القرار خوفاً من هذا الفشل.
- الاعتياد على الروتين: نحن نقضي وقت طويل من أيامنا في مكان العمل، وهذا المكان يحتوي على روتين معين وأشخاص معينين قد نعتاد عليهم وعلى روتين العمل ونشعر أننا نعرف كل فيه ومدركين لكل جوانبه، وفكرة تغيير العمل تعني تغيير هذا الروتين والانتقال لمكان مجهول، وهذه الفكرة أيضاً تسبب الخوف من تغيير العمل.
- عدم وجود خبرة بمهنة أخرى: قد يكون عملنا الحالي هو ما قمنا به لفترة طويلة واكتسبنا به معرفة وخبرة كبيرة حتى أصبحنا ننجزه بدون عناء أو صعوبة، وقد لا نملك في الوقت نفسه أي خبرة أو معرفة بعمل آخر، وفكرة أن نترك ما نعرفه وخبرناه ونبدأ من جديد بتعلم عمل جديد مسألة صعبة وتحتاج إلى تفكير أكثر.
- الخوف من المجهول: ليس بالضرورة أن يكون العمل الجديد يلبي طموحاتنا التي تدفعنا لترك العمل القديم بل ويمكن أن يكون أكثر سوءً، وهذه الفكرة تجعل البعض يخافون من المجهول الذي ينتظرهم في أي مهنة جديدة.
إذاً فكرة تغيير المهنة تحتاج لفهم واضح لدوافع هذا التغيير من جهة والمعوقات التي سوف تواجهه من جهة أخرى، بالإضافة طبعاً لتقدير النتائج التي سوف يصل إليها الشخص بعد تغيير عمله ومقارنتها بالنتائج المرجوة من هذا التغيير، وهنا نوضح متى يجب على الشخص أن يتخذ القرار في تغيير عمله: [4]
- عدم التطور الوظيفي: فالتطور والارتقاء الوظيفي حق للجميع إذا أصبح بوضع يؤهله لذلك، ولكن مع الحذر لفكرة إيجاد بديل جيد قل انهاء العمل القديم.
- ضعف المردود المادي: فإذا كان المردود المادي من العمل أضعف من أن يكفي حاجات الشخص أو أقل من ما يقدمه يصبح البحث عن عمل أفضل حق مشروع وضرورة ملحة.
- الاكتئاب والبؤس الوظيفي: فبعض الأعمال قد تسبب لصاحبها ضغط عصبي جراء عدم الراحة بهذا العمل وهنا يفضل البحث عن عمل أفضل.
- الاستغلال والظلم: يعتبر الاستغلال الوظيفي من أسوء ما قد يتعرض له العامل بأي مهنة، وعندما يزيد الأمر عن المعقول من الأفضل البحث عن عمل آخر.
- عدم الاستقرار الوظيفي: مثل حالات التهديد بترك العمل بأي لحظة أو الضغط من قبل رؤساء العمل.
- وجود فرص أفضل: بعض الفرص قد لا تتكرر وعندما تكون هذه الفرص أكيدة النتائج فلا بد من استغلالها.
- الفشل في العمل الحالي: من الأفضل لأي شخص أن يعمل في المجال الذي ينجح به، ولكن بعد أن يستنفذ جميع الفرص التي لديه ويقوم بكل ما يمكنه القيام به للنجاح.
بعد اتخاذ القرار النهائي بتغيير العمل، يجب البحث عن وظيفة جديدة تتناسب من جهة مع طموحات الشخص ورغباته وتستبعد الأسباب التي جعلته يغير عمله القديم من جهة أخرى، حتى لا يضطر أيضاً بعد فترة للتفكير في ترك هذه المهنة الجديدة: [3]
- الخبرة في العمل الجديد: من الأفضل أن نختار مهنة لدينا خبرة فيها حتى لا نبدأ من الصفر أو مهنة في شهادتنا الجامعية أو عمل نحبه على الأقل ونشعر أنه يمكننا النجاح به.
- المستوى الاجتماعي للعمل الجديد: أيضاً المستوى الاجتماعي للمهنة الجديدة من الأشياء المهمة التي يجب أخذها بالاعتبار إن كانت خبراتنا ومؤهلاتنا تتيح ذلك.
- الأجر المادي للعمل الجديد: يفضل البحث عن عمل جديد يلبي طموحاتنا المادية نوعاً ما، طبعاً دون المبالغة وبما يتناسب مع نوع العمل ومؤهلاتنا.
- الراحة النفسية: الراحة النفسية في العمل أمر ضروري للنجاح به، ومن الأفضل البحث عن عمل نحبه ويؤمن لنا هذه الراحة.
- الاستقرار الوظيفي: حتى لا نكون مضطرين لتغيير عملنا مرة أخرى، من الأفضل إيجاد عمل فيه درجة من الاستقرار.
ليس بالضرورة أن يكون ترك الوظيفة الحالية أو تغيرها مسألة تحدث في إطار خلاف مع المسؤولين فيها أو المديرين، حتى يبقى الشخص على علاقة جيدة معهم ويكون موضع ثقة بالنسبة لهم ولأرباب العمل الجديد، وبعض النصائح التي يجب أخذها بالاعتبار عند تغيير الوظيفة: [1-5]
- ترك انطباع جيد عند أصحاب العمل القديم: من الأفضل أن لا يكون ترك العمل القديم في إطار مشكلة أو خلاف مع أصحابه حتى يبقى الشخص على علاقة جيدة معهم.
- عدم البوح بأسرار العمل القديم: فالبوح بهذه الأسرار يعطي انطباع سيء عن الشخص بشكل عام وخاصة أمام أرباب العمل الجديد.
- تكوين فكرة وخبرة عن العمل الجديد: قبل المباشرة بالعمل الجديد من الأفضل تكوين فكرة عنه بسؤال الزملاء أو اتباع دورة تدريبية أو ورشة عمل حتى يبدأ العمل الجديدة بثقة بالنفس ويتمكن من التعلم بشكل سريع.
- الاستعداد لمقابلة العمل: مقابلات العمل أمر بالغ الأهمية خلال التقديم لأي عمل جديد ويجب الاستعداد لها بشكل جيد فكثيراً ما يقوم عليها القبول في هذا العمل.
- تقديم النفس بطريقة جيدة: يجب أن يقدم الشخص نفسه بطريقة تناسب العمل الجديد مع الحفاظ على كيانه واحترامه، فلا يظهر كشخص مغرور أو غير مهذب، ولا كشخص ضعيف غير واثق بنفسه.
- البدء بنشاط وطاقة: الطريقة التي يبدأ فيها الشخص عمله هي غالياً ما يحدد كيفية استمراره، لهذا من الأفضل البدء بنشاط وحيوية وطاقة.
فكرة السعي لتغيير المهنة أو الوظيفة تعني البحث عن شروط مهنية أفضل، وبالتالي بحال تحقيق هذه الشروط أو جزء منها ينتج عن تغير الوظيفة العديد من الفوائد أو الإيجابيات، ونذكر من هذه الإيجابيات:
- العمل بمهنة مرغوبة: فتغيير العمل غالباً ما يعطي فرصة للاختيار، وهذا كل ما يحتاجه أي شخص للبحث عن مهنة مرغوبة.
- كسر الروتين: فالروتين والملل في العمل يقلل النشاط ويهدر الطاقة، وكسر هذا الروتين في العمل الجديد ينعش هذه الطاقة.
- تعلم خبرات جديدة: أي عمل يعطي خبرات جديدة للإنسان وعلاقات ومعارف جديدة، والانتقال لعمل جديد يوسع هذه الخبرات ودائرة المعارف.
- تحسين الوضع الوظيفي: عندما نبحث عن عمل جديد غالباً سوف نبحث عن ما يحقق لنا وضع وظيفي أفضل، وبالتالي تعد هذه المسألة من إيجابيات تغيير العمل.
- تلبية بعض الطموحات: فإذا كان تغيير العمل برغبة شخصية فسوف نبحث عن العمل الذي يلبي طموحاتنا.
ليس بالضرورة أن يحقق تغير الوظيفة الأهداف المرجوة منه، أو على الأقل قد لا يأتي بالتوقعات المرجوة وتكون النتائج غير مرضية تماماً أو سيئة في بعض الأحيان، فكما يوجد إيجابيات لتغير العمل بحال بلوغ الأهداف المرجوة، بوجد العديد من السلبيات إذا لم تبلغ تلك الأهداف، ومن هذه السلبيات:
- قلة الفرص البديلة: بحال ترك العمل الحالي دون تأمين عمل جديد، يعتبر قلة الفرص البديلة من أخطر ما قد نتعرض له.
- الفشل في العمل الجديد: فإذا لم ننجح بالعمل الجديد سوف نصاب بالإحباط وربما نرغم على ترك العمل ونبقى بلا عمل.
- خيبة الأمل: ليس بالضرورة أن يحقق العمل الجديد دائماً الطموحات المرجوة، وبهذه الحالة سوف نصاب بخيبة أمل واحباط وربما بحالة بؤس وظيفي.
- العمل بشروط أسوأ: بعد أن نترك العمل القديم وخاصة في حال كان بسبب خلاف مع أصحابه، فقد نضطر بعد فترة للقبول بأي عمل حتى لو كانت شروطه أسوء من ناحية الأجر المادي أو نسبة الدوام.
- صعوبة العودة للعمل القديم: خاصة إذا كان ترك هذا العمل بسبب خلافات أو أصحبت علاقتنا سيئة مع رؤسائه.
- قلة الخبرة: حيث أن أي عمل بتطلب خبرات معينة، وعدم امتلاكنا لهذه الخبرات قد يضطرنا للبدء من الصفر في السلم الوظيفي وربما يعرضنا لمواقف محرجة.