عادات استقبال المولود الجديد في البلاد العربية
عادات استقبال المواليد الجدد من أمتع الأشياء التي تنظمها الأمهات بعناية فائقة ومتعة بتطبيق هذه التقاليد التي تعبّر عن الفرح، وبشكل عام تعد عادات استقبال المواليد الجدد متشابهة إلى حد ما في البلاد العربية، وذلك لأن هذه البلدان تتبع بغالبيتها للدين الإسلامي فهم يتبعون نفس العادات والتقاليد والأفكار، ولكن من جهة أخرى تختلف بعض العادات في كل بلد نتيجة الموروث الثقافي لهذه البلدان، فما هي عادات استقبال المولود الجديد في كل بلد عربي؟ هذا ما سنتعرف عليه في المقال التالي.
عادات استقبال المولود الجديد في مصر متميزة عن باقي البلدان العربية، وذلك لعدة تقاليد متوارثة مازالوا يتبعونها إلى هذا الوقت، ومن هذه العادات نذكر:
- الاحتفال بعد سبع أيام "السبوع": يتبع المصريين عادات متوارثة عن الأجيال القديمة حيث يحتفلون بالطفل بعد مرور سبع أيام على ولادته، وذلك لأن الرقم سبعة له قدسيته الخاصة عند المصريين القدماء لاعتقادهم بوجود سبعة آلهة يحمون الطفل بعد ولادته كل منهم في يوم حتى بلوغ اليوم السابع بعدها يعتبر الطفل محمي من الأمراض والحسد والأرواح الشريرة، حيث أنه في ذلك الوقت كانت الأمراض منتشرة بشكل كبير ونسبة الوفيات بين الأطفال عالية جداً والطفل الذي يبقى على قيد الحياة لحد اليوم السابع يعتبر محمي من قبل الآلهة وهو طفل محظوظ، ومازال المصريين لحد هذا الوقت يحتفلون بالطفل في اليوم السابع.
- دق هاون مصنوع من النحاس: اعتقد المصريين القدماء أن حاسة السمع لا تكتمل عند الطفل إلا في اليوم السابع من عمره، ما يفسر قيامهم بإحداث صوت عالي جداً بالقرب من أذن الطفل في هذا اليوم عن طريق الدق في الهاون النحاسي ومع كل دقة يعطون إيعاز للطفل لتبقى الكلمات التي يسمعها لأول مرة راسخة في خاطره، فمثلاً يطرق الهاون مرة ويقال اسمع كلام والديك وهكذا، وبقيت هذه العادة متبعة إلى هذا اليوم مع فرق بالكلام الذي يقال عند دق الهاون.
- السبع حبوب: من العادات المصرية أيضاً هي وضع صينية تحتوي على سبع أنواع من الحبوب كالأرز والفاصولياء والقمح، توضع الصينية بالقرب من الطفل قبل يوم من الاحتفال ومن ثم ترش هذه الحبوب خلال الاحتفال على الرضيع في فراشه، وهذا يدل على أن الرخاء والخير سوف يرافق الطفل في المستقبل.
- الدوران بالشمع حول الطفل: أحد العادات المصرية التي مازالت متبعة حتى اليوم أيضاً هي إشعال الشموع والدوران بها حول الطفل، وذلك من باب التعبير عن الفرح بالمولود الجديد.
- غربلة الطفل: يوضع الطفل خلال الاحتفال في سرير صغير وفي داخل هذا السرير فتحات صغيرة مثل المنخل، ويوجد أشكال عديدة لهذا المنخل مثل الصدفة الكبيرة التي يوضع الطفل داخلها.
- توزيع هدايا وحلويات: أحد العادات أيضاً هي توزيع الحلويات والهدايا على الأشخاص الذين يحضرون للمباركة بالمولود الجديد.
معظم العادات والتقاليد في بلاد الشام مشتركة والتي تشمل الأردن وسوريا وفلسطين ولبنان، وسوف نوضح هنا بعض التقاليد في استقبال المولود الجديد:
- الريحان والملح: من العادات المنتشرة في بلاد الشام هي خلال حمام الطفل يفرك جسده بشكل لطيف بالريحان والملح، كان يعتقد أن بهذه الطريقة تبقى رائحة الطفل جميلة بشكل دائم، وهذه العادة مازالت تنفذ عند بعض العائلات حتى الآن.
- المغلي: يعتبر المغلي أحد أنواع المشروبات الساخنة التي تصنعها السيدات بعد الولادة، وهي من أهم التقاليد التي تقدم عند الاحتفال بالمولود الجديد في بلاد الشام، وهو عبارة عن غلي كمية معينة من الزنجبيل مع القرفة وجوزة الطيب لفترة طويلة من الوقت وبعدها يصب في فناجين خاصة ويوضع عليه جوز هند والمكسرات مثل الجوز واللوز والفستق الحلبي والكاجو.
- إهداء الذهب (النقوط): أحد العادات المتعارف عليها في بلاد الشام هي إهداء قطعة من الذهب نُقش عليها عبارات دينية مثل ما شاء الله أو آية من آيات القرآن الكريم.
- تقديم الكراوية: تعتبر الكراوية من الأطعمة الخاصة التي تقدم عند الاحتفال بالمولود الجديد، وهي عبارة عن وضع رز مطحون ضمن الماء حتى الغليان مع السكر والكراوية ثم صب المزيج في زبادي خاصة ووضع المكسرات على الطبقة العلوية مثل الجوز واللوز والكاجو وجوز الهند والبندق والصنوبر والفستق الحلبي.
- توزيع الملبس: من طقوس الاحتفال بالمولود الجديد أيضاً هي توزيع الصرر التي تحتوي على الشوكولا والملبس (لوز مغطى بعجينة السكر أو مغطى بطبقة من الشوكولا) ويتم وضعهم ضمن قطعة من التول أو الدانتيل وتلف بشكل جميل وملفت وتقدم للضيوف.
- الكحل: الكحل العربي من أعرق التقاليد التي يتم تطبيقها إلى حد هذا الوقت، ويوضع الكحل العربي داخل عيون الطفل وهذه التقاليد تهدف إلى إعطاء جمال وتألق لعيون الطفل عندما يكبر، بالإضافة إلى أنه يعتقد بفائدته لتقوية النظر عند الطفل.
يوجد عدة سنن نبوية متبعة عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم؛ تقوم بها العائلات العربية الإسلامية بشكل عام وفي السعودية بشكل خاص عند استقبال مولود جديد، وسوف نوضح هنا هذه السنن:
- إقامة الأذان: يقوم المسلمين عادة عند ولادة طفل جديد بقول كلمات الأذان -التأذين- في الأذن اليمنى للطفل، وبعدها يجب قول كلمات الصلاة في الأذن اليسرى، وهذه أحد التقاليد المتوارثة حيث روى أبو رافع عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه عندما بُشر بولادة الحسن ابن فاطمة الزهراء أذّن في أذنه اليمنى وأقام الصلاة في أذنه اليسرى، وذلك من أجل أن يكون أول ما يسمعه المولود هو توحيد الله عز وجل، كما يجب قول أيضاً في الأذن اليمنى "إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم" وتقال هذه الجملة حتى لو كان المولود ذكر.
- تحنيك المولود: من السنن المتبعة أيضاً هي تحنيك المولود الجديد، وتعني هرس القليل من التمر ووضعها على الإصبع بعد تنظيفه ومن ثم تدليك فم الرضيع ولثته وشفتيه بالتمر، ثم يفتح فم الرضيع حتى ينزل بعض من التمر إلى جوف فمه، وذلك تبعاً للحديث النبوي الشريف عن أبي موسى أنه قال" ولد لي غلام فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فسماه إبراهيم، فحنكه بتمرةٍ ودعا له بالبركة"
- حلق شعر رأس الطفل: من العادات المتوارثة التي تطبق أيضاً في السعودية عند ولادة طفل جديد هي حلق شعر رأس الطفل عندما يصبح عمر الطفل أسبوعاً كاملاً ومن ثم يتم وزن الشعر الذي تم حلقه ويتصدق الأبوين بوزن الشعر ذهباً أو فضة، وتم اتباع هذه العادة عندما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم فاطمة الزهراء عليها السلام عندما ولدت ابنها الحسين قائلاً "زني شعر الحسين وتصدقي بوزنه فضة" وبعدها عندما ولدت فاطمة الزهراء ابنها الحسن قال لها الرسول صلى الله عليه وسلم" احلقي شعر رأسه فتصدقي بوزنه من الورق" (الورق هو نفسه الفضة) وقد عامل المسلمون الذهب والفضة بنفس المعاملة حيث أنهم يتصدقون بوزن شعر الطفل ذهباً أو فضة.
- ختان المولود في اليوم السابع: الختان هو ما يعرف بتطهير الطفل في بعض البلدان العربية ويعتبر من السنن أن يتم تطهير الطفل في اليوم السابع من ولادته حصراً، وذلك تبعاً لما قاله البيهقي عن عائشة" أن النبي صلى الله عليه وسلم ختن الحسن والحسين يوم السابع من ولادتهما" وتختلف هذه العادة بين بلد وآخر ويعتبر التطهير سنة مؤكدة للذكور فقط.
- العقيقة عن المولود: العقيقة هي الذبيحة التي تذبح عند ولادة طفل جديد، ويوجد اختلاف في المذاهب على هذه السنة، حيث أن العقيقة سنة مؤكدة تبعاً لأحمد ابن حنبل والإمام الشافعي، وقال الحنفية أن العقيقة عن المولود هي جائزة مباحة فيجوز فعلها ويجوز تركها.
وهنالك أحاديث نبوية شريفة بما يخص العقيقة عن المولود، فأحد هذه الأحاديث قول الرسول صلى الله عليه وسلم" الغلام مرتهن بعقيقته يُذبَح عنه يوم السابع، ويُسمى ويحلق رأسه".
وروي أيضاً "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم عن الغلام شاتان مكافئتان، وعن الجارية شاة".
وهنالك حديث آخر روي عن الرسول" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عَقَّ عن الحسن والحسين كبشاً كبشاً"، وهنالك اختلاف أيضاً بين الفقهاء عن توقيت ذبح الأضحية حيث أنه تبعاً للشافعية والحنابلة يجب أن تنفذ الذبيحة عن المولود لحظة انفصاله عن أمه، أما تبعاً للمالكية والحنفية فيجب الذبح في اليوم السابع من ولادة الطفل حيث أنه لا يجب أن تنفذ العقيقة قبل ذلك الوقت.
هنالك بعض العادات المختلفة والغريبة نوعاً ما التي يقوم بها العرب عند الاحتفال بالمولود الجديد، وتختلف هذه العادات من بلد إلى آخر ومن هذه العادات نذكر:
- إطلاق الزغاريد: في المغرب العربي تقوم النساء تبعاً للعادات القديمة بإطلاق زغرودة واحدة عند ولادة أنثى وثلاث زغاريد عند ولادة ذكر.
- إشعال البخور: يتم تبخير الطفل في المغرب العربي بعد ولادته، وتهدف هذه العادة إلى طرد العين والحسد والأرواح الشريرة عن الطفل وحمايته.
- الحمام المغربي للنفساء: أحد الطقوس المتبعة أيضاً هي ذهاب المرأة بعد الولادة بعدة أيام إلى الحمام المغربي برفقة بعض نساء العائلة، ويستخدم في الحمام بعض النباتات مثل الخزامى الطبية من أجل المساعدة في إعادة الرحم إلى مكانه الطبيعي وبعد الانتهاء من الحمام يمكن لبعض النساء أن يضعون الحنة على اليدين والقدمين.
- تجفيف ملابس الطفل في الظل: من العادات التي يقوم فيها أهل الجزائر هي تجفيف ملابس الطفل الرضيع في الظل، وذلك لاعتقادهم بأن هذه العادة تحمي الطفل من الإرهاق في الشمس مستقبلاً.
- تكحيل عيون الطفل وحاجبيه: يقوم بعض العرب في الجزائر والمغرب بوضع الكحل على حاجبي الطفل وداخل عينيه حيث أنهم يعتقدون بأن الكحل يجعل الطفل ذكياً.
- رمي الحبل السري على طريق المدرسة: أحد العادات الغريبة هي رمي الحبل السري للطفل على طريق المدرسة، وذلك من أجل أن يكبر الطفل على حب العلم كما يعتقدون.
بالتزامن مع تطبيق العادات القديمة هنالك عدة تقاليد حديثة يتم تطبيقها حالياً عند الاحتفال بمولود جديد، وسوف نوضح هنا بعض النصائح لتنظيم حفلات استقبال المولود الجديد:
- تجهيز غرفة استقبال المولود الجديد: يجب تنظيم غرفة المولود الجديد بعناية بحيث تكون ملفتة بالألوان الزاهية التي توضع على سرير الطفل وأوراق الجدران المناسبة للأطفال.
- السوفونيرات: من أهم أنواع الضيافة التي تقدم في الوقت الحالي، وهي عبارة عن أشكال تكون حسب المناسبة فمثلاً في حفل استقبال المولود يمكن أن تكون على شكل طفل صغير أو لعبة أو أي أشكال أخرى لطيفة وتحتوي على شوكولا وحلويات.
- البوالين: تكون البوالين من الأشياء الملفتة التي توضع في غرفة الطفل، ويتم ربطها ببعضها وتنسقها على الجدران على شكل ورود أو رقم واحد دليل على أن الطفل هو الأول في العائلة، كما يختلف لون البالون حسب الطفل إن كان ذكراً أو أنثى.
- تحضير الضيافة قبل حضور الضيوف: من المهم تحضير الضيافة من الطعام والشراب على الطاولات في غرفة الجلوس قبل قدوم الضيوف، وذلك من أجل ترك متسع من الوقت للأم في الترحيب الضيوف والاعتناء بهم.