كيف أكون مثقفاً في الكلام وطليق اللسان؟
هناك علاقة طردية بين المعرفة وطلاقة اللسان، فازدياد المعرفة والثقافة العامة يساعدك بشكل مذهل على الحديث بشكل طليق والمشاركة بالنقاشات والحوارات بسهولة وراحة، مع ذلك يواجه البعض مشكلة في التعبير عن أنفسهم حتى وإن امتلكوا المعلومات المناسبة والآراء المهمة.
إن كنت تريد أن تصبح مثقفاً في الكلام وطليق اللسان؛ هذا المقال موجّه لك، سنركّز أكثر على طريقة التعبير عن الثقافة في الكلام والنقاش، والأساليب التي تجعلك مثقفاً في مواضيع مناسبة للنقاش والكلام، والأدوات التي تجعلك طليق اللسان.
- لغة الجسد أولاً: عندما تريد تقوية قدرتك على الكلام وطلاقة لسانك يجب أن تفكر أولاً بلغة الجسد، فالكثير من المعلومات والآراء والتحليلات لن تكون مفيدةً إن لم تستطع التعبير عنها بشكل جذّاب ومتوازن، كما أن الارتباك والتوتر ينعكس بشكل مباشر على تركيزك بطرح الأفكار ونقاشها، لذلك يجب أن تبدأ من الاهتمام بعناصر لغة الجسد الأساسية، سلاسة الحركة والتحكم بالصوت والاتصال بالعين، والتعبير عن الثقة من خلال الحركة والصوت دون تصنّع.
- العمل على تقوية الشخصية: قوة الشخصية هي مفتاح طلاقة اللسان، وفي كثير من النقاشات لن تجد فرصة للتعبير عن ثقافتك إن لم تمتلك شخصيةً قويةً وحضوراً مميّزاً، بل أن صاحب الشخصية القوية يستطيع التفوق بالكلام على المثقف أو صاحب المعلومات والمعرفة، لأنه يعرف كيف يسيطر على الكلام بسهولة، فكيف إن اجتمعت فيك الثقافة وقوّة الشخصية!
- زيادة الثقافة العامة باستمرار: لا شكّ أن قوة الشخصية والتحكّم بلغة الجسد أهم الأمور التي تجعلك طليق اللسان، لكن المعلومات هي التي تساعدك على إظهار الثقافة في الكلام، ضع خطّة لزيادة الثقافة العامة باستمرار، واعمل على أخذ الثقافة من مصادر مختلفة، حتى إن لم تكن من محبي القراءة؛ ستجد وسائل كثيرة تمزج بين الترفيه والتثقيف.
- اختيار العبارات المناسبة: لتكون مثقفاً في الكلام والنقاش يجب أن تفكّر جيداً بالعبارات والكلمات التي تقولها، ربما تشعر بالارتباك في البداية عندما تحاول أن تختار العبارة المناسبة قبل قولها، وقد يظهر هذا الارتباك عليك بشكل واضح أمام الآخرين، لكن مع الوقت سيساعدك عقلك الباطن أكثر في انتقاء العبارات المعبّرة والمناسبة.
- الهدوء في الكلام والتعبير: التسرع وفقدان الأعصاب من أكبر الأخطاء التي تجعلك تبدو سطحياً في الكلام أو تجعلك تسيء التعبير عن أفكارك وآرائك، تدرّب على الهدوء والتعبير عن أفكارك دون عصبية أو ارتباك، يحتاج ذلك إلى بعض الجهد؛ لكن الهدوء سيساعدك على أن تكون مثقفاً في الكلام وطليق اللسان، لأن الهدوء يساعدك على التركيز بشكل أفضل ويساهم أيضاً برفع مستوى النقاش.
- المناقشة مع أشخاص مثقفين: لتصبح مثقفاً وطليق اللسان عليك الاستفادة من الحوار والحديث مع أشخاص مثقفين وطلقاء، لن تقلدهم بطبيعة الحال، لكن المشاركة معهم بالنقاش والكلام باستمرار ستمنحك ثقة أكبر بنفسك وقدرة أكبر على إدراك أسرار طلاقة اللسان وإظهار الثقافة في الكلام.
- التدريب على الكلام والنقاش: بعض الأشخاص يمتلكون موهبة خاصة بالكلام والنقاش حتى إن كانت ثقافتهم محدودة، إن لم تكن من أولئك الأشخاص فعليك أن تتدرب، إما أن تتدرب مع شخص مقرب وتحاول أن تناقشه باستمرار حول كتاب أو فيلم أو حتى فكرة، أو أن تدرب مع نفسك في البداية من خلال كتابة محاورة ذاتية تناقش فكرة ما.
- الإصغاء والاستماع: جزء أساسي من الثقافة في الكلام أن تكون مستمعاً جيداً، وأن تعطي الآخر فرصة للتعبير عن رأيه وشرح أفكاره دون مقاطعة أو تسرع في المعارضة، كما أن الإصغاء الجيد سيساعدك على اكتساب المعرفة والمهارة في الكلام.
- لا تتحدث بشيء لا تعرفه: حتى تظهر ثقافتك في الكلام تجنّب الحديث في أمور لا تعرفها أو معلومات لست واثقاً منها، واعترف ببساطة بما لا تعرفه، وأظهر الاهتمام بالتعرف إليه.
- اذكر مصادرك دائماً: واحدة من أهم النصائح لتكون مثقفاً في الكلام أن تعتمد على المصادر الموثوقة، فعندما تذكر فكرة ما لا تحاول أن تنسبها لنفسك، بل اذكر في أي كتاب قرأتها أو ممّن سمعتها، ولا تؤلف معلومات أو تبالغ وتضيف من خيالك لتدعم موقفك أو فكرتك.
- اذكر وجهات نظر مختلفة: أيضاً من الأساليب الفعّالة لتصبح مثقفاً في الكلام الاعتماد على وجهات نظر مختلفة، لا تتبنى وجهة نظر واحدة وتدافع عنها باستماتة، بل حاول أن تجمع معلومات عن وجهات النظر الأخرى، وأن تكون حيادياً في طرحها مع إظهار موقفك منها.
- اعتمد على المقارنة بين الأفكار: في سياقٍ متصل؛ تعتبر المقارنة من أفضل وسائل إظهار الثقافة والمعرفة في الكلام، فإذا كنت تتحدث عن نظريات علم النفس الجنائي ستكون المقارنة بين نظريتين خطوة حكيمة وفعالة، كذلك الأمر عندما تتحدث مع صديق عن الدوافع الإنسانية، سيكون من الحكمة المقارنة بين دوافع الإنسان المعاصر ودوافع الإنسان في العصور السابقة، وغالباً ما تقودك المقارنة إلى حوار شيّق وممتع ومفيد.
- اصنع سلسلة مترابطة من الأفكار: تسلسل الأفكار عنصر بالغ الأهمية لتبدو مثقفاً في الكلام، وأفضل طريقة لبناء تسلسل الأفكار في الحوار هي إعادة التركيب، بمعنى الربط بين الأفكار الجزئية للوصول إلى الصورة الكلية، وتجاوز التفاصيل غير المهمة التي لا تلعب دوراً أساسياً في الفكرة.
- استخدم الأمثلة والشواهد: استعن بثقافتك العامة المتزايدة لاستحضار الأمثلة والشواهد من قصص وأبيات شعر وأمثال وأجزاء من روايات أو أقوال مشهورة للكتاب والأدباء.
- كن فضولياً: الطريق الأفضل لتكون مثقفاً في الكلام أن تكون فضولياً، فعندما تستمع إلى نقاش من النوع الذي يجعلك مذهولاً وغير قادرٍ على المشاركة؛ لا تستسلم لعدم معرفتك، بل ارجع إلى البيت وابدأ بالبحث أكثر عن الموضوع، ثم قيّم ما سمعته من المتحاورين.
- لا تستخف أبداً بمن تحاوره: القاعدة الأخيرة التي تجعلك مثقفاً في الكلام أن تحترم محاورك دائماً ولا تحكم عليه أو على مستوى ثقافته، في كثير من الأحيان يكتم الأشخاص معرفتهم الكبيرة لأنهم لا يعتبرونك ندّاً لهم! لكن عندما تحترمهم وتتجنب الغرور بالكتب التي قرأتها أو التصرف وكأنك العارف بكل شيء؛ ستجد منهم رد فعل مفيد جداً، وستجنِّب نفسك موقفاً محرجاً مع من هم أكثر ثقافة ومعرفة منك، وتذكر قول الشافعي: من ترك قولة "لا أدري" أُصيبت مقاتله!
- الكتب الصغيرة والكتيبات: هل تخشى من الكتب الكبيرة والمجلدات أو الموسوعات؟ هناك الكثير من الكتب الصغيرة والكتيبات وحتى ما يعرف بكتاب الجيب؛ التي تحتوي على كمية كبيرة من المعرفة والمتعة، ستكون بداية ممتازة إن كنت تشعر بالتوتر أمام الكتب الكبيرة.
- البرامج والأفلام الوثائقية: تتميز الأفلام الوثائقية بالتشويق والإمتاع والكثافة، وفي كثير من المواضيع يغنيك فيلم وثائقي مدته ساعة واحدة عن قراءة كتاب من ألف صفحة، لأن المعلومات في الأفلام الوثائقية تكون أكثر كثافة ومدعومة بالصورة والمؤثرات والشهادات الشخصية، كما أن معظم الانتاجات الوثائقية المحترمة تتميز بتغطية الموضوع من وجهات نظر مختلفة.
- الذهاب للسينما والمسرح: مشاهدة الأفلام السينمائية من أهم مصادر الثقافة السهلة، وعلى الرغم أن محتوى الفيلم لن يتغير إن شاهدته في السينما أو في البيت؛ إلّا أن الذهاب إلى السينما يتيح أمامك فرص أكبر للاحتكاك بأشخاص مثقفين، كذلك الأمر بالنسبة للمسرح.
- متابعة قنوات اليوتيوب: نمتلك في العصر الحديث فرصة لم تكن موجودة لدى آبائنا، فقنوات اليوتيوب تمنحك عالماً ثقافياً غنياً ومتبايناً وسهلاً، صحيح أن معظم قنوات اليوتيوب تقدم معرفة مبسّطة، لكن هذه المعرفة هي ما تحتاج إليه لتحقق هدفك، أن تكون مثقفاً في الكلام وطليق اللسان، مع ضرورة الحفاظ على الحذر من المعلومات الخاطئة.
- مجالسة المثقفين: من خلال الذهاب إلى الندوات الثقافية والأدبية والتعرف إلى المثقفين ومشاركتهم بالنقاشات والحوارات الثقافية.
- التعرف لأشخاص جدد: كل شخص جديد في حياتك هو فرصة حقيقية لاكتشاف عالم جديد، وغالباً ما يكون التعرف لأشخاص مختلفين عن بيئتك وثقافتك أكثر تأثيراً عليك.
اقرأ مقالنا عن كيف تصبح مثقفاً وتزيد ثقافتك العامة من خلال النقر على هذا الرابط.
سأتجنب في هذه القائمة الروايات والكتب الأدبية لأنها أقل قدرة في مساعدتك على هدفك -أن تكون مثقفاً في الكلام والنقاش- إليك عشرة كتب تجعلك مثقفاً في الكلام وتمنحك قدراً كبيراً من المعرفة والمعلومات:
- الجمهورية لأفلاطون
على الرغم أن كتاب الجمهورية لأفلاطون من الكتب الفلسفية، لكنه يتميز بالبساطة والسلاسة في طرح الأفكار لأنه يتبع أسلوب المحاورة، يطرح الكتاب واحدة من الأفكار الفلسفية المهمة وهي العدالة، في سبيل تحليل العدالة يقترح أفلاطون إنشاء جمهورية ذات صفات معينة، ستجد الكثير من الأفكار الجديرة بالنقاش في هذا الكتاب، وسيساعدك أيضاً على كسر الرهبة التي تمنعك من قراءة الكتب المشهورة أو المعقدة. - كتاب "خمسون خرافة في علم النفس"
أعتقد أن كتاب "50 خرافة في علم النفس" من أهم الكتب التي تجعلك مثقفاً في الكلام والنقاش، حيث يحتوي الكتاب على تفسيرات علمية للكثير من الاعتقادات الخاطئة عن علم النفس بجانبيه الفيسيولوجي والسيكولوجي، منها مثلاً خرافات انفصام الشخصية التي نراها في الأفلام، وخرافة عودة الذاكرة بضربة على الرأس، وغيرها من المعلومات الشيقة والممتعة، والتي ستجد لها مكاناً في أحاديثك دائماً. - كتاب الأب الغني والأب الفقير
هذا الكتاب الذي ألّفه رجل الأعمال روبرت كيوساكي لن يساعدك فقط على رفع مستواك الثقافي في الكلام، بل قد يكون من الكتب التي تغيّر حياتك وتجعلك تعيد النظر بالطريقة التي تفكر بها بالمال والعمل والمستقبل الشخصي. - كتب السيرة الذاتية
كتب السيرة الذاتية عموماً من أفضل الخيارات لمن يريد أن يصبح مثقفاً في الكلام وطليق اللسان، من جهة تقدم كتب السيرة الذاتية مجموعة كبيرة من المعلومات عن شخصيات مهمة وأحداث استثنائية في العالم وفي مجالات مختلفة، ومن جهة أخرى تجعلك متحفزاً أكثر لتطوير ذاتك لأنها في معظمها قصص نجاح مميزة، جرب مثلاً السيرة الذاتية لستيف جوبز. - كتاب "حيونة الإنسان" لممدوح عدوان
هذا الكتاب أيضاً من الكتب المميزة التي تساعدك على زيادة ثقافتك ومعرفتك بالمواضيع الشائعة في المناقشات والحوارات، يناقش الكتائب بعض الطبائع الإنسانية التي تتفاعل بشكل غير إنساني مع العصر الحديث، يصف الناشر كتاب حيونة الإنسان بالقول: إن عالم القمع -المنظم منه والعشوائي- الذي يعيشه إنسان هذا العصر؛ هو عالمٌ لا يصلح للإنسان ولا لنموّ إنسانيته، بل هو عالم يعمل على "حيونة" الإنسان (أي تحويله إلى حيوان). - كتاب عبر منظار اللغة "لِمَ يبدو العالم مختلفاً بلغات أخرى؟"
هذا الكتاب من إصدارات سلسلة عالم المعرفة، يناقش مفهوم اللغة بحد ذاته، ولماذا تتباين اللغات وتختلف في طريقة تعبيرها عن المسميات نفسها، ومن الصفحات الأولى للكتاب ستنجذب لفهم الأفكار التي يطرحها وستسحرك الأمثلة التي يسوقها. - شيفرة دافنشي لدان براون
وهي الرواية الوحيدة في هذه القائمة، لأنها ليست فقط عملاً أدبياً متقناً؛ بل تعتبر مرجعاً يضم كمية كبيرة من المعلومات والتاريخية والدينية والفنيّة، والأهم من ذلك أن الحبكة في الرواية تجبرك على إنهائها بسرعة والتشوّق لقراءة المزيدة من الروايات والكتب.
اقرأ أيضاً مقالنا عن كيفية البدء بالقراءة للمبتدئين من خلال النقر هنا.